محاولة تبسيط قصيدة النثر

صادق العلي

الحوار المتمدن-العدد: 5398 - 2017 / 1 / 10 - 02:30
المحور: الادب والفن
    

محاولة تبسيط قصيدة النثر
,,,
مدخل :
هذه محاولة لتبسيط ما وضعه اسلافنا من اشتراطات او اليات لقصيدة النثر , ايضا ً هي اجابة على اسئلة جماعية يطرحها البعض بغية الوصول الى قصيدة النثر سواءً كتابتها او تمييزها عن سواها , لن استخدم قصائد او صور شعرية منشورة سابقا ً كي لا تبدو نقدا ً ( وانا لست بناقد ) او تبدو تسويقا ً لكاتبها .
لا احتاج ان اذكر بالمنظرين لقصيدة النثر , سواءً عالميا ً او عربيا ً , ولا مكان نشأتها , او من اجادوا كتابتها غربيا ًبالتحديد , فهذه مهمة الشاعر الباحث , وهي في ذات الوقت اهم اشتراطات قصيدة النثر , الا وهي ان يكون الشاعر عارفا ً متمكنا ً من ادواتها .
سنأخذ بعض الامثلة الشعرية البسيطة , ونسقط عليها التعريفات والاشتراطات والاليات التي نتعرف من خلالها على قصيدة النثر :
مثال 1
جميلة انت كالقمر .
على بساطة هذه الصورة الشعرية والمكررة تاريخيا ً الا انها لا تصلح ان تكون قصيدة النثر او جزء منها لهذه اسباب :
اولا ً :
كاف التشبيه جمدت مخيلة الشاعر , وعطلته عن القرارية ( القرارية تختلف عن التقريرية) , لان شاعر قصيدة النثر يُقرر ولا يُشبه , وعليه لا يجب استخدام ( كاف التشبيه ) نهائيا ً.
ثانيا ً :
تحديد جمال الحبيبة بالقمر , لم يعطي للقارئ فرصة ان يكون جزء من النص !, كيفية مشاركته في القصيدة تكمن في وضع تصوره الخاص لحبيبته , ربما القمر اوغيره , ايضا ً وجود هذا التحديد لن يجعل الصورة الشعرية او القصيدة بشكل عام نصا ً مفتوحا ً , وعليه لا يجب التحديد .
مثال 2
اذا ما لامست اناملك جسدي ...
ستشرق من سباتها شموس .
وينجلي ليل ديجور .
وترتسم ابتسامة على صباحاتي .
بساطة الصورة الشعرية لا تعيبها فهذه قدرة الشاعر , ولكنها لا يمكن ان تكون قصيدة نثر او جزء منها لهذه الاسباب :
اولا ً :
التقريرية الموجودة في هذه الصورة الشعرية تجعلها اقرب الى التقرير الاخباري منها الى قصيدة نثر , لا يجب استخدام ( الاحرف المشبهة بالفعل او ادوات الشرط والجزم وسين المستقبلية ... الخ ) الا للضرورة القصوى , على ان لا تُثقل القصيدة .
ثانيا ً :
استخدام ( واو العطف ) يُثقل القصيدة ويصيبها بالملل , حاول اعادة كتاب الصورة الشعرية بدون ( واو العطف ) , وعليه لا يجب استخدام ( واو العطف ) نهائيا ً .
مثال 3
اتعبدُ في محراب الرب .
واصلي له وادعوه ان يُدخليني جنتك .
مرة اخرى على بساطة هذه الصورة الشعرية , الا انها لا تصلح قصيدة نثر او جزء منها لهذه اسباب :
اولا ً :
لان الشاعر في قصيدة النثر هو نبي يمتلك رؤية وقرار , هو من يُدخل الاخرين في جنته , القداسة يصنعها ويشكلها بحسب فضائه الشعري , لا يجب استحضار قداسات او غيرها .
ثانيا ً :
الاسهاب والاطالة فيها لا يتوافق مع الايجاز الذي يؤكد عليه الجميع , وعليه لا يجب الاطالة في الصورة الشعرية , والايجاز قدر الامكان .
هناك اشاليات الكثيرة التي نسقط فيها بعض الاحيان , بالنسبة لشعراء قصيدة النثر تارة , وللاخرين على اختلافات تقبلهم لها نارة اخرى .
اشكالية 1
شاعر قصيدة النثر لا يبحث عن تصفيق الجمهور او ان يكون شاعرا ً جماهيريا ً ,هو معني بالالتقاطات التي يرصدها او التي تحركه , ايضا ً هي ليست دليل شاعريته , وانما الكيفية التي يتم تقديمها للمتلقي .
اشكالية 2
شاعر قصيدة النثر غير معني بالالقاء , هناك اسماء شعرية مهمة لا تجيد الالقاء او لا تكترث له , لهذا لا يبحث شاعر قصيدة النثر على عدد الحضور وانما على نوع الحضور .
اشكالية 3
قصيدة النثر مقروءة ليست خطابية , بمعنى العمل على ادخال المتلقي للنص , وان يكون جزء منه , هو ان يقرأها بطريقته , ولا يتلقاها على شكل خطبة او عظة .
اشكالية 4
لا يؤمن شاعر قصيدة النثر الحقيقي بما يسمى ( الوحي الشعري ) او ( الالهام ) , بمعنى ان يكون جالسا ً وتسقط عليه قصيدة من السماء او من اي مكان اخر , وما عليه الا تدوينها وتقديمها للجمهور الذي يصفق بقوة له , كونه يتميز عنهم فهو من يأتيه الوحي الشعري دون الجميع .
اشكالية 5
سقوط شاعر قصيدة النثر في التقريرية احياناً , او الترهل الذي يصيب قصيدته من حيث لا يشعر , لذلك يجب على شاعر قصيدة النثر ان يكون كاتب القصيدة ومتلقيها في آن معا ً , لا بأس ان يعيد كتابتها مرة او اكثر لحين قناعته بها .
هذا الايجاز ربما يكون مفتاح معرفي بسيط للبعض الذي يجد في نفسه الرغبة والقدرة على الكتابة قصيدة النثر اوربما التجريب .


صادق العلي

#صادق_العلي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل