النصوص الثانية في الدين الابراهيمي

صادق العلي

الحوار المتمدن-العدد: 5288 - 2016 / 9 / 18 - 21:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

النصوص الثانية في الدين الابراهيمي
,,,
لا يختلف اصحاب الدين الابراهيمي بنسخه الثلاث ( اليهودية والمسيحية والاسلام ) لا يختلفون البتة على حقيقة النص المقدس الاول الذي بين ايديهم ( التوراة - الانجيل - القرآن ) بمعنى تتفق كافة المذاهب والطوائف الاسلامية على ان القرآن محفوظ من قبل الرب الى قيام الساعة وليس هناك من يشكك في صحته , نفس الشيء في المسيحية ومصداقية للانجيل ومريم ام الرب ويسوع المسيح الذي سال دمه على الصليب فداءً للانسان من خطاياه الى الابد , ايضاً في اليهودية كما في الاسلام والمسيحية من حيث اتفاق اليهود على التوراة وعلى موسى وارض الميعاد في فلسطين والاهم من كل ذلك هو الاتفاق على ان الوطن من الفرات الى النيل الذي اعطاه الرب لابناء ابراهيم كما وعده .
من اين يأت الاختلاف في الدين الواحد والجميع متفق على الرب وكتابه ؟
لماذا يبدو هذا الكتاب المقدس الاول بين ايدي المؤمنين به وكأنه اكثر من كتاب ؟
لماذا الذبح والقتل سمة الاديان الابراهيمية وهل يحتاج الرب كل هذه الدماء ؟
كهنة الدين الابراهيمي بنسخه الثلاث طرحوا فكرة خطيرة جداً وهي ان النصوص المقدسة الاولى صعبة الفهم على الانسان البسيط !, لانها تتناول المسائل العقائدية الكبرى والثيولوجيا ايضاً تحمل مفاهيم معقدة فيما يخص الخلق والموت والبعث وكل ما يصعب فهمه وبالتالي يحتاج هذا الانسان البسيط الى من يفسر له كلام الرب وان يكون هناك دائما من يقوم مقام الرب بمعنى اخر لا بد من واسطة بين الانسان وربه ... هكذا تخلت الانسانية عن دورها في البحث وتقصي الحقائق طالما اسلمت امرها ونفسها لهؤلاء الكهنة الذين يعتاشون على الخلافات والاختلافات لذلك يقومون بأشعال الحروب بين الاديان او بين مذاهب الدين الواحد على اساس اختلاف النصوص الثانية والتي هي نصوص الكهنة او تفسيراتهم لما يريده الرب وتستمر الحروب الدينية لعقود وقورن وتحصد الملايين وقد تطول حتى الاديان الاخرى .... اما مهمة النصوص الثالثة في تلك الاديان فهي تجديد الحروب وجعلها اكثر قسورة واطول عمراً .
فما هي النصوص المقدسة في الدين الابراهيمي؟ :
اليهودية :
التوراة : هو النص الاول الذي يتكون من الاسفار الخمسة وقد نزل على موسى كما ورد في سفر التثنية وقد جمعه وكتبه عزرا الكاتب ( يوجد مقام له في مدينة مسيان جنوب العراق ) .
التلمود :هو النص الثاني والاكثر استخداماً وتناولاً وعليه تأسست اغلب الاحزاب اليهودية المتطرفة ويسمى الجزء الاول منه بالمشناة .
الجمارة : هو النص الثالث عندهم وهو الجزء الثاني من التلمود وهو شروح وتبسيط المشناة .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المسيحية :
الانجيل : هو النص المقدس الاول ويتكون من الاناجيل الاربعة .
اعمال الرسل : هو النص المقدس الثاني وفيها بعض تفسيرات الكتاب المقدس وما اوصلته واوصت به بعض الشخصيات والجماعات المسيحية .
اعترافات الاباء : هي الاعترافات او رسائل التي كتبها اباء الكنسية الكبار وتمثل تعاليم مبسطة وما يجب ان يكون عليه الانسان المسيحي وبالتالي هي تأسيس للطوائف المسيحية .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ثالثاً : الاسلام :
القرآن: وهو النص المقدس الاول
السنة النبوية : هو النص المقدس الثاني في الاسلام وهي اقوال وافعال وتفاريره ( موافقات ) النبي محمد وهي من ضمن القوانين الاسلامية عند جميع المسلمين .
المذاهب الاسلامية : هي النصوص الثالثة في الاسلام منها شُكلت عشرات المذاهب والطوائف الاسلامية والتي تعتمد على ما يسمى بالفقه الاسلامي وهو ما يراه الشيوخ والعلماء تلك المذاهب مناسباً للانسان للمسلم كما يريده الله بحسب اعتقادهم .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
نلاحظ التشابه الكبير للفكرة ذاتها وهي ترك النص المقدس الاول جانباً والاعتماد على النصوص الثانية والثالثة التي هي بداية الاخلاف والاختلاف واقناع البسطاء من مريديهم انهم بأمس الحاجة لهؤلاء الكهنة ليفسروا كلام الرب وانهم يحملون على كاهلهم مسؤولية حفظ كلامه وتعاليمه ولا يجب مخالفتهم لان مخالفتهم تعني مخالفة الرب !.
ليس غريباً ان نجد اتباع الكهنة بالملايين وليس غريباً ايضاً ان يضحوا بانفسهم واموالهم من اجل التعاليم الموضوعة وليس غريباً ان يكون متأكد بأن الكاهن اوالقس اوالشيخ هو الاعلم والافضل والاجمل والاقرب الى الرب وليس غريباً ان تقتنع بأن كتابك المقدس الاول يحتاج الى تفسير ولكن الغريب ان يكون تفسيره هو الوحيد الصحيح !... او ان يكون التفسير الذي بين يديه هو بالضبط ما اراده الرب فلماذا الادعاء بأن كلام الرب يحتاج تفسير ؟ انما يجب ان نقول ان كلام الرب يحتاج الى سخص معين ليلقي علينا كلامه وتعاليمه وماهو مطلوب من الانسان .
بقاء الكهنة على ما هم عليه يعني ان الانسانية لن تتخلص من الحروب ومن الدماء لانها ( الحروب الدينية ) لن تتوقف من تلقاء نفسها طالما كانت هناك مؤسسات دينية تقوم على فكرة الصراع ايضاً هناك اناس بعمائم ولحى بأدوات وحركات وثنية يعتاشون على تلك الحروب ... الادهى من كل ذلك ان السياسة اخذت تعلب على فكرة الصراع بين الاديان والمذاهب واخذت تستغل جشع كهنة الاديان لتآجيج الصراعات والحروب ... المرحلة التي نمر بها اكبر دليل على ان رجل الدين والسياسي هما الخطرالاكثر فتكاً بالانسانية وانهما اخطر بكثير من كل الامراض والاوبئة مجتمعة وليس من حلول مطروحة غير التخلص منها .
صادق العلي

#صادق_العلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات