أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - ما انتبه إليه ماو... واستغله الفلول... ولم يفهمه -الثائرون-...















المزيد.....

ما انتبه إليه ماو... واستغله الفلول... ولم يفهمه -الثائرون-...


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5378 - 2016 / 12 / 21 - 23:49
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بقلم: حسين محمود التلاوي
عندما خرجت بعض فئات المصريين في اعتصامات واحتجاجات للمطالبة بإصلاح أوضاعهم المعيشية في أعقاب ثورة يناير 2011، وصمتهم الكثير من الشرائح الثورية بالخيانة، وبأن منظمو هذه الاحتجاجات مدفوعون من فلول الحزب الوطني الديمقراطي؛ حزب النظام المخلوع، ووُصِفت هذه المظاهرات بأنها "مظاهرات فئوية"؛ لأنها كانت ترفع مطالب فئة معينة وليست مطالب جماهيرية عامة. ووصلت الاتهامات إلى حد القول إن هذه المظاهرات عرقلت عجلة الإنتاج والتنمية في البلاد، وإن أصحابها يمثلون رأس حربة موجه إلى قلب الثورة.
هكذا قيل. وليس كل ما يقال صحيحًا للنهاية، ولا خطأ على طول الخط؛ فحقًا كان بعض تلك المظاهرات مدفوعًا من فلول النظام المخلوع، وحقًا كانت ترفع مطالب فئوية، ولكن هل هذا ينفي أحقية مطالبة بعض الفئات الاجتماعية بحقوق سلبت منها في ظل نظام، أسهمت هذه الفئات في خلعه، وبالتالي يصبح من حقها أن تطالب بما لم تكن قادرة على المطالبة به في ظل ذلك النظام؟!
لنعد مرة أخرى إلى تاريخ الثورات التي غيرت الكثير في وجه الكرة الأرضية على كافة المستويات. ولنذهب مباشرة إلى قلب الثورة الحمراء في جمهورية الصين الشعبية لنرى كيف تعامل ماو تسي تونج الأب الروحي لهذه الثورة مع مطالب الجماهير؛ ففي أسلوب تعامله درسًا أغفلته القوى الثورية التي أكرر أنها كانت ثورية بالحس فقط وليس بالتنظيم ولا بالأفكار، واستغله الفلول لضرب الاستقرار في مصر ما بعد ثورة يناير.

الحصن الحديدي...الجماهير
في التقرير الختامي الذي قدمه ماو تسي تونج إلى المؤتمر الوطني الثاني لمندوبي العمال والفلاحين والذي عقد في رويجين من مقاطعة جيانجشي عام 1934، ناقش الزعيم الصيني الراحل نقطة شديدة الأهمية أُخذت فيما بعد لتصبح كراسًا بعنوان "العناية بحياة الجماهير والانتباه لأسلوب العمل". هذه النقطة هي كيفية جعل الجماهير تشارك في الثورة الصينية عن طيب خاطر ومنع استقطاب القوى المعادية للثورة لها.
يقول ماو ملخصا الفكرة: "إن هذه المشاكل المتعلقة بحياة الجماهير كافة يجب إدراجها في جدول أعمالنا، ويجب أن نناقشها ونتخذ القرارات بشأنها، ونطبق هذه القرارات، ونفحص التطبيق. وينبغي كذلك أن نُفهم الجماهير الواسعة أننا نمثل مصالحها، وأن حياتنا وحياتها متشابكتان بصورة وثيقة، وينبغي أن نُفهمها — على أساس هذه القضايا — المهمات التي حددناها، والتي هي أرفع شأنًا، ألا وهي مهمات الحرب الثورية حتى تدعم الثورة وتنشر لواءها في أرجاء البلاد، وتستجيب لنداءاتنا السياسية، وتناضل حتى النهاية من أجل انتصار الثورة".
ويقول معلقا على بناء القوات المعادية للثورة حصونًا: "أهي حقا حصون حديدية؟ انظروا إلى حصون الأباطرة الإقطاعيين وقصورهم خلال آلاف السنين. ألم تكن منيعة متينة؟ بيد أنها تهاوت الواحد تلو الآخر، عندما هبت الجماهير... أيها الرفاق، ما هو الحصن الحديدي الحقيقي؟! إنه الجماهير؛ ملايين الجماهير الذين يؤيدون الثورة بإخلاص وصدق. هؤلاء هم الحصن الحقيقي".
ولكي نفهم ما سبق، نشير إلى أن ماو في تلك الكلمة كان ينتقد بعض أعضاء الحزب الشيوعي في مدينة تينجتشو الذين صبوا كل اهتمامهم على توسيع الجيش وتجنيد فرق النقل دون الاهتمام بقضايا الجماهير الحقيقية مثل نقص الملح في السوق لأن الرأسماليين احتكروه، وهو ما جعل مندوبي هذه المدينة المجلس التمثيلي للعمال والفلاحين يرفضون الحضور لعدم حل مشكلات مدينتهم، مشيرًا إلى أن العكس هو الصحيح في مدينة تشانج كانج التي أقبل أهلها على الانضمام إلى جيش الحزب الشيوعي لاهتمام قادة الحزب فيها بحل مشكلات المواطنين مثل تقديم الإيواء لمن لا مأوى لهم.

ماذا جرى؟!
لم يتهم ماو هذه الجماهير بأنها عملية للإقطاع، ولم يرد على لسانه بأي حال من الأحوال أي اتهام لهذه الجماهير؛ لأن الواقع يقول إن الجماهير إذا لم تشعر بثمار الثورة، فلن تستطيع مواصلة المسيرة، والمبرر شديد السهولة وهو: لماذا؟! ما الذي يجعل هذه الجماهير تؤيد الحزب الشيوعي وتقف في وجه الإقطاع، طالما عجز الحزب عن توفير الحد الأدنى من المعيشة الذي كان متوافرًا أيام الإقطاع؟!
كذلك، تفهم ماو أن الثورة المضادة الممثلة في الرأسماليين تحاول عرقلة الثورة الحمراء بتعكير حياة الجماهير باختلاق أزمات اقتصادية مثل حجب الملح عن الأسواق؛ مما يدفع الجماهير إلى "الثورة على الثورة"، والمشاركة في الثورة المضادة. ولم ينظر بازدراء إلى المواطنين الذين ينأون عن اجتماعات الحزب الشيوعي؛ لأنه تفهم حاجة هؤلاء الناس إلى توفير الطعام والاحتياجات الأساسية لأسرهم.
كذلك، كان الشيوعيون في الصين يدركون أن توافر هذه السلع الأساسية مرهون بتوجيه الضربات إلى الإقطاعيين، وتولي مقدرات الأمور في المناطق التي يسيطرون عليها من الإقطاعيين؛ فليس من المتخيل أن يذهب الشيوعيون إلى النبلاء ليطلبوا منهم توفير الأرز للجماهير حتى ترضى الجماهير بالانضمام إلى الشيوعيين في قتالهم ضد الإقطاع. هذا أمر يتجاوز نطاق العقل. ولكننا في مصر فعلناه بكل أسف! كيف ذلك؟!

ما فعله الثوار...!!
أبقت القوى الثورية على كافة أذرع النظام المخلوع الاقتصادية، وسعت إلى تحكيم القانون العام في إجراء المحاكمات بهدف محاكمة الفاسدين، ووضع اليد على ثرواتهم للاستفادة بها داخليًّا دون التنبه إلى أنهم بفعلهم هذا كمن يلعب كرة القدم بقواعد كرة السلة؛ حيث طبقوا النظام العام في الحالة الثورية، وبالتالي كانت النتائج شديدة البطء. ولم يقتصر هذا على المحاكمات بل شمل كذلك كل جوانب العمل في البلاد؛ حيث سرت القوانين كما هي دون تغيير؛ أي أن القوى الثورية كانت تلعب في مناخ ملائم تمامًا لقوى النظام المخلوع؛ لأن هذه القوى هي من وضع أسس هذا المناخ، وهم أدرى به وأكثر قدرة على اللعب في ظله.
وقد كان.
لم تغير القوى الثورية أي شيء مما كان قائمًا أيام النظام المخلوع، وحتى الدستور لم يتغير؛ حيث أصرت القوى الإسلامية على ترقيعه؛ فجاء مثل الخرقة البالية في نموذج دال على حال الأداء الثوري ككل.
وعندما وجد المواطن أن الأمور لم تتغير عما كان عليه أيام المخلوع سوى في ارتفاع الأسعار، وفقدان الأمن، بدأ يخرج في "مظاهرات فئوية" لتعوضه القوى الثورية بشيء يسير مما فقده بسب الاضطراب الذي صاحب ثورة يناير وتلاها. ولكن الاتهام كان جاهزًا؛ فالمواطن مدفوع من "الفلول" لكي يعرقل مسيرة الثورة في تناسٍ كامل لأن من عرقة مسيرة الثورة هي القوى الثورية نفسها التي حاولت القيام بإصلاحات كبيرة؛ فلم تنلها، وأغفلت الإصلاحات الصغيرة التي كانت من الأهمية بمكان في إيجاد مرتكز شعبي تنطلق منه الممارسة الثورية الحقيقية في محاسبة قوى النظام المخلوع ورسم سياسة واضحة للبلاد تبدأ بتطبيق أسس العدالة الاجتماعية.
لم يحدث هذا، وانطلق الإخوان المسلمون في البلاد ساعين وراء إصلاحات تهدف إلى تمكين الجماعة دون الالتفات إلى حاجة المواطنين؛ حيث حسبوا أن البلاد قد صارت "عزبة المرشد"، بينما انغمس الليبراليون في إحصاء أخطاء الإخوان، وتاه اليسار وسط جعجعة حمدين صباحي وتباهيه بنسبة الـ20% التي حصل عليها في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، فيما راح النظام المخلوع يتربص إلى أن حانت الفرصة في حراك 30 يونيو، وكان ما كان بالإطاحة بالإخوان المسلمين وبدء حملة تشويه الثورة.

أختم بما قاله ماو ملخصًا الأمور كلها: "إذا عنينا بهذه المشاكل وحللناها، وسددنا حاجات الجماهير، فإننا سنصبح إذن منظمين لحياة الجماهير، ولسوف تلتف هذه الجماهير بالفعل حولنا، وتدعمنا بحرارة".
لم يتلفت الثوار المصريون إلى حاجات الجماهير، واهتموا بقضايا شديدة العمومية ولا تمس الحالة الآنية للمواطن، فلم يصبحوا منظمين لحياة الجماهير، وانفضت الجماهير من حولهم، ودعمت الثورة المضادة بكل حرارة!!




#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلب، السويس، ستالينجراد... كفاح المدن... وصمود الإنسان
- في التناقض... والحالة المصرية...
- ما انتبه إليه لينين... ولم يره المصريون...
- سُباعيَّة شديدة القِصَر (2)
- حرب الأمير (قصة كاملة)
- المصري في عيد العمال... أرقام، وذكريات من الأدغال!!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسا ...
- عن رأسمالية الدولة... وعبد الناصر... و-تعاون- الطبقات...
- سباعيَّة شديدة القِصَر
- زكريا القاضي في -وا أقصاه-... أنشودة للبساطة...
- ثورة يوليو... افتراءات وما يشبه الردود...
- يا بلادنا لا تنامي... ولكن من سيتبرع للوقوف بالصف الأمامي؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ستخانوف هرقل ال ...
- أوسيتيا... أوكرانيا... سوريا... الروس يعودون، والسيسي يربح.. ...
- مواقف من الحياة بألوان الكلمات...
- عن الإسكندرية... هل لا يزال ترابها زعفرانًا؟!
- لحظات قصصية أو قصص لحظية...
- عشرية شديدة القِصَر
- الطِّيبَة... عن أسوان نتكلم...
- أمير المستنقعات (قصة كاملة)


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - ما انتبه إليه ماو... واستغله الفلول... ولم يفهمه -الثائرون-...