أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين محمود التلاوي - المصري في عيد العمال... أرقام، وذكريات من الأدغال!!















المزيد.....

المصري في عيد العمال... أرقام، وذكريات من الأدغال!!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5157 - 2016 / 5 / 9 - 21:27
المحور: حقوق الانسان
    


ربما يبدو العنوان غريبًا أو مثيرًا للاستهجان بالنظر إلى عدم وجود أية علاقة بين عيد العمال وبين الأدغال، ناهيك عن عدم توضيح ما يشير إليه تعبير "المصري" في العنوان. ولكن كما قيل في المثل القديم، إذا عُرف السبب، بطل العجب. وفي الأسطر التالية، سوف نحاول تقديم توضيح عابر شديد البساطة — وربما السطحية — لأحوال العامل المصري، من خلال تحديد ماهية تعبير "المصري"، والعلاقة بين عيد العمال والأدغال، وهي العلاقة التي تحمل من المفارقة ما يدمي القلب على الحال التي وصل إليها العمال في مصر، وكذلك في العالم العربي عمومًا.

المصري... وعيد العمال
يحتفل العالم سنويًّا باليوم العالمي للعمال في الأول من مايو، وهو اليوم المعروف في مصر بـ"عيد العمال" ويكون إجازة رسمية تعطل فيها المصالح والهيئات الحكومية والقطاع الخاص. وتعتبر الإجازة أحد طرفي العلاقة بين المصريين وبين عيد العمال. والطرف الآخر هو "المنحة" التي كان يرصدها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في عيد العمال؛ حيث كانت الأمور تمشي في مسار لا يتغير بأن يلقي "مبارك" خطابًا يستعرض فيه أحوال الدولة وأبرز القضايا الخارجية، وبعدها يصيح أحد الحضور مطالبًا الرئيس بتحديد منحة عيد العمال صائحًا بالقول المشهور: "المنحة يا ريس"؛ فيأمر الرئيس بتقديم منحة بمبلغ معين، وترتفع الأسعار إثر ذلك!!
استمر الحال هكذا في الاحتفال باليوم العالمي للعمال في مصر إلى أن قرر "مبارك" وقف هذه المسرحية الهزلية بأخرى أكثر هزلًا منها، وهي تثبيت المنحة بمبلغ معلوم كل عام. ولكن العامل المصري تضرر؛ لأن المنحة كانت تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بقدر المنحة. ولكن رغم ثبات المنحة، لم تثبت الأسعار، واستمرت في الارتفاع!!
هذا مضمون العلاقة بين المواطن المصري و"عيد العمال"؛ الإجازة والمنحة... وارتفاع الأسعار!!

ذكريات الأدغال...!
لكن "المصري" الذي نعنيه في العنوان ليس المواطن المصري، فهو عامل القطاع الخاص المصري. إلا أننا يتعين علينا أن نعرج قليلًا على الخريطة لنصل إلى إفريقيا، ثم نستقل آلة الزمن لنصل إلى فترة الاكتشافات الاستعمارية في القارة. لماذا؟! لنطالع أحوال القوى العاملة من البشر والحيوانات في تلك الفترة الزمنية، ونرى كيفية معاملة الشركات الغربية للقوى العاملة البشرية والفارق بين هذه المعاملة وبين معاملة تلك الشركات للقوى العاملة الحيوانية!!
استنادًا إلى كتاب "كل شيء عن الأدغال"، وهو العدد 23 من سلسلة "كل شيء عن" الصادرة عن دار المعارف، نحصل على معلومات بشأن القوى العاملة من الأفيال، وكيفية معاملة الشركات الغربية لها؛ فنرى في صفحة 80 هذا المقتطف: "وللشركة التي تقوم بتأجير هذه الحيوانات العاملة (الأفيال) نظم صارمة للعمل على صالحها؛ فمثلا يجب ألا يعمل الفيل في الصباح الممطر، ويجب أن يعود كل حيوان إلى مسكنه في الساعة الواحدة ظهرًا؛ لكي يكون لديه وقت كاف للغداء والراحة والاستحمام". نفهم من هذا المتقطف أن الفيل لا يعمل إلا للساعة الواحدة، ولا يعمل في الأيام المطيرة، ولا اعتراض على ذلك؛ فلكل كائن حي احتياجاته، ويتعين على من يوظف هذا الكائن أن يبذل أقصى ما في وسعه للحفاظ على حياة هذا الكائن... أو هكذا المفترض...!!
ما الداعي لهذا التذييل الساخر؟! لنعد إلى الكتاب نفسه، ولكن بين صفحتي 74 و75؛ حيث يقدم الكتاب مجموعة من المعلومات عن أول خط سكك حديدية بني في الكونغو، وانتهى بناؤه عام 1898؛ فيقول الكتاب: "ويحكي المعمرون في الكونغو أن بناء الخط الضيق الذي يبلغ 360 كيلومترًا "225 ميلًا" تكلف حياة أحد المواطنين لكل فلنكة".
الفيل حياته مكفولة وفق قوانين الشركة التي يعمل بها، بينما المواطنون تزهق أرواحهم مقابل كل فلنكة من فلنكات خط السكك الحديدية....!!

مصري القطاع الخاص
ما علاقة المواطن المصري العامل في القطاع الخاص بهذه المقتطفات؟! لنذهب إلى مجموعة من الأرقام التي توضح أن الفيل الأفريقي أفضل حالًا في ظروف عمله من الإنسان المصري. نقلًا عن موقع أخبار مصر الحكومي، تذكر وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أظهر "ارتفاع" متوسط أجر العامل في السنة بشركات القطاع الخاص الاستثماري بنسبة 7.9% خلال عام 2013 ليبلغ 25.7 ألف جنيه مقابل 23.8 ألف جنيه خلال عام 2012.
فإذا وضعنا في الاعتبار أن اليورو يساوي الآن 10.16 جنيهًا مصريًّا، فهمنا من هذا أن متوسط أجرة العامل في القطاع الخاص المصري في الساعة الواحدة 0.8 يورو (ثمانية أعشار اليورو). هذا بعد أن ارتفع...!! قد يبدو هذا الرقم مثيرًا للتعجب، ولكنه سوف يصبح مثيرًا للذهول والمرارة، إذا وضعناه بجوار الأرقام التالية.
وفقًا لتقرير المكتب الفيدرالي الألماني للإحصائيات عن متوسط أجر ساعات الأيدي العاملة في القطاع الخاص في دول الاتحاد الأوروبي عام 2012، تصدرت السويد قائمة دول الاتحاد الأوروبي من حيث الأعلى أجرا لساعات العمل في القطاعات الخاصة، حيث يصل أجر العامل إلى 90.41 يورو (تسعون يورو ونصف تقريبًا)، بينما تذيلت بلغاريا القائمة لحصول العامل هناك على 3,70 يورو (أربعة يوروهات إلا الربع تقريبًا). وهذه البيانات بحسب تقرير لجريدة الكومبس الصادرة بالعربية في السويد.
تعني الأرقام السابقة أن العامل المصري يقبع في منزلة أقل من ذيل الاتحاد الأوروبي...!! بل أقل كثيرًا من الذيل؛ لأن العامل المصري لا يتمتع بالمميزات الأوروبية التي يتمتع بها العامل البلغاري...!!
هل تذكرون الفيل الأفريقي وظروف عمله في ظل الشركات الغربية؟!

لا فائدة من الحديث عن الأوضاع السيئة للعامل المصري؛ لأنها في النهاية جزء من منظومة شاملة أكثر ترديًا تهدد بالانهيار الكامل ليس للدولة؛ فهذه تضمن بقاءها الأجهزةُ الأمنية والسيادية، ولكنها تهدد بالانهيار الكامل لمفهوم "المصري" بكل ما يعنيه من ميراث حضاري، وكفاح معاصر.
ما الحل؟!
لا حل سوى بالثورة الشاملة على كافة الأوضاع السلبية والخطأ في مصر. ولكن في ظل هذا الانسحاق المعيشي للمواطن، أنَّى له أن يفكر في الإقدام على الفعل الثوري؟! إذن، إلى حين حدوث مستجد حقيقي، تبقى الثورة هي "الفريضة الغائبة".



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسا ...
- عن رأسمالية الدولة... وعبد الناصر... و-تعاون- الطبقات...
- سباعيَّة شديدة القِصَر
- زكريا القاضي في -وا أقصاه-... أنشودة للبساطة...
- ثورة يوليو... افتراءات وما يشبه الردود...
- يا بلادنا لا تنامي... ولكن من سيتبرع للوقوف بالصف الأمامي؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ستخانوف هرقل ال ...
- أوسيتيا... أوكرانيا... سوريا... الروس يعودون، والسيسي يربح.. ...
- مواقف من الحياة بألوان الكلمات...
- عن الإسكندرية... هل لا يزال ترابها زعفرانًا؟!
- لحظات قصصية أو قصص لحظية...
- عشرية شديدة القِصَر
- الطِّيبَة... عن أسوان نتكلم...
- أمير المستنقعات (قصة كاملة)
- أزمة الفيفا... السبب فلسطين؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- 15 مايو... عيد الاستقلال... من سمع بالنكبة؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- نوادر جحا... انتصار ل-العادي-؟! أم حيلة دفاعية؟!
- داعش باليرموك... لا أمل...


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين محمود التلاوي - المصري في عيد العمال... أرقام، وذكريات من الأدغال!!