أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسين محمود التلاوي - روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة (2)















المزيد.....

روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة (2)


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 22:13
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


في هذا المقال، أستكمل ما كنت قد بدأته من سرد شديد الاختصار لوقائع الثورة البلشفية التي قادت إلى تأسيس الاتحاد السوفيتي في محاولة للتعرف على كيفية حدوث الثورة، وخلفيات هذه الثورة، والتقلبات المختلفة التي مرت بها، بهدف الوصول إلى رؤى تساعدنا في قراءة الوضع العربي القائم بعد ثورات الربيع العربي.
وفي هذه الحلقة، سوف نتناول، في إطلالة سريعة، الواقع السياسي في روسيا القيصرية من حيث صلاحيات القيصر، والقوى المناوئة له، والأدوات التي استخدمها كل منهما في صراعه مع الآخر.

القيصر... والمعارضة...
كانت الصلاحيات المتاحة في يد قيصر روسيا تجعله المالك الوحيد والحصري للبلاد، والمتصرف الوحيد في شئونها؛ فلا يوجد من يراجع قراراته، ولا يوجد من يفرض رقابة على تطبيق ما اتخذ من هذه القرارات، ولا سبيل أمام المعارضين لهذه القرارات إلا الإرسال لسجون سيبيريا مثلما حدث مع الكثير من رموز الثورة الشيوعية؛ فلم يكن هناك مجلس نواب، ولم تكن هناك صحافة حرة، وكان الوزراء يعينون من البطانة القريبة من القيصر.
ومن الأدوات التي استند عليها القيصر لضمان بقائه في السلطة وقمع كل معارضة تأتي العصا الأمنية؛ حيث كان الجهاز الأمني — مثلما هو الحال في كل الديكتاتوريات عبر التاريخ — هو الوسيلة الرئيسية لإخراس صوت المعارضة. وتشير المصادر التاريخية إلى أن الشرطة الروسية قمعت حوالي 1500 مظاهرة في الفترة ما بين 1883 إلى 1903؛ أي حوالي 20 سنة.
وتوضح الرسالة التي بعث بها الكاتب الروسي الأشهر "ليو تولستوي" للقيصر "نيكولاس الثاني" عام 1902 حجم التنفذ الأمني في المجتمع الروسي؛ فيقول الكاتب إن حوالي ثلث المواطنين تحت المراقبة، فيما امتلأت السجون بالمعارضين، بينما أخذت قوات الأمن النظامية والسرية في التنامي، وباتت العناصر الأمنية المسلحة على أهبة الاستعداد دومًا لإطلاق النار على المتظاهرين المعارضين. ولا يوجد أي تعبير أبلغ مما ورد في هذه الرسالة عن الواقع السياسي الذي كان سائدًا في روسيا القيصرية.
هذا عن القيصر؟!
فماذا عن المعارضة؟!
كانت المعارضة تنقسم إلى قسمين رئيسيين وهما الليبراليون والاشتراكيون. وقد ظهر الليبراليون في مطلع القرن العشرين، وكانوا يهدفون إلى إقامة ملكية دستورية على غرار الملكية البريطانية؛ بحيث لم يكونوا يقولون بالتخلص من القيصر، ولكن بتحديد صلاحياته. وكان من أبرز قادة الليبراليين "بول مليوكوف" والذي كان أستاذًا جامعيًّا، و" فيكتور جوتشكوف" الذي كان رجل أعمال. وكان أغلب أعضاء هذا التيار من أستاذة الجامعات والتجار.
أما الاشتراكيون، فقد انقسموا ما بين الحزب الاشتراكي الثوري، وحزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وكان هذا الحزب الأخير هو الأبرز، وكان يهدف إلى الإطاحة بالقيصر ونظامه ككل، وتأسيس حكومة تتكون من الفلاحين والعمال، وكان لا يمانع في استخدام العنف للتغيير، ومن أبرز قياداته كان "فيكتور تشيرنوف". لكن في النهاية انقسم هذا الحزب على نفسه إلى جناحين رئيسيين، كان الجناح الأول منهما يسمى المناشفة أو الأقلية، وكان يدعو إلى ثورة عمالية عندما تصل روسيا إلى حالة من الرأسمالية الصناعية الكاملة، وعندها يتحول الفلاحين إلى عمال، وبالتالي يمكن تشكيل حكم البروليتاريا. وكان هذا الجناح بقيادة "يوليوس مارتوف"، وكان يعمل في إطار النقابات العمالية.
الجناح الثاني هو الأهم في الساحة السياسية الروسية القيصرية؛ لأنه سيصبح فيما بعد القوة الحاكمة في الاتحاد السوفيتي السابق. كان هذا الجناح يطلق عليه اسم البلاشفة أو الأغلبية، وكان يقوده "فلاديمير لينين"، وكان يرى أن العمل من خلال النقابات طريق طويل، وأن الحل يكمن في تشكيل طليعة ثورية حتى قبل الوصول إلى الرأسمالية الصناعية؛ بحيث تسيطر هذه الطليعة على السلطة وتبدأ في تأسيس نظام الحكم الاشتراكي وصولًا بعد ذلك إلى الحالة الشيوعية الكاملة.
وترجع تسمية البلاشفة والمناشفة إلى الاستفتاء الذي أجري بعد أن خرج أنصار "مارتوف" احتجاجًا على آراء "لينين" وأنصاره؛ فأجري استفتاء فاز فيه أنصار "لينين"، وبالتالي صار اسمهم البلاشفة أي الأغلبية.

الحرب مع اليابان... كيف أصبح القيصر على شفا الخسارة؟!
جاءت الحرب مع اليابان مثل القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للنظام القيصري. كيف ذلك؟! طالبت اليابان في عام 1904 بالسيادة على إقليم منشوريا في الصين، ولكن القيصر رفض ذلك؛ لأن ذلك كان معناه حرمان الروس من واحد من ممرات المواصلات الأساسية إلى الشرق؛ فهاجمت اليابان ميناء بورت آرثر في 9 فبراير 1904، وحطمت مجموعة من السفن الحربية الروسية.
جاء الرد الروسي سريعًا بإعلان الحرب، وقد كان القيصر مطمئنًا إلى الانتصار بالنظر إلى كبر حجم الجيش الامبراطوري، بيد أن الأمور لم تسر وفق هواه؛ لأن الجيش الروسي كان ضعيف العدة، وكان يقاتل في أقصى الشرق، الأمر الذي كان يعطل وصول الإمدادات. وفي وسط ذلك، كانت معاناة الشعب الروسي تتفاقم؛ حيث خصص الشعب الكثير من جهده الإنتاجي للمجهود الحربي؛ حيث كانت كل المصانع تعمل في خدمة المجهود الحربي، وكان الفلاحون يبيعون المحاصيل وفق أسعار اقتصاد الحرب، كما أن المحاصيل لم تكن تذهب إلى المدن، ولكنها كانت تذهب إلى الجنود في الجبهة.
في نهاية الأمر، خسر الروس الحرب بعد تدمير اليابانيين للأسطول الإمبراطوري في معركة تسوشيما يومي 14 و15 مايو من عام 1905، وانتهت الحرب رسميًّا بتوقيع معاهدة سلام بين الطرفين في 23 أغسطس عام 1905 في إعلان رسمي لهزيمة القيصر.

الأحد الدامي
استغلت المعارضة هذه الأزمة، وبدأت في العمل على تأليب المواطنين سعيًا وراء المزيد من الإصلاحات، وقادت هذه التحركات في آخر الأمر إلى أحداث الأحد الدامي.
بدأت أحداث الأحد الدامي عندما قاد القس جابون — الذي يقال إنه كان يتعامل مع الشرطة السرية القيصرية — مسيرة إلى القصر الشتوي في سان بطرسبرج انطلاقًا من أحياء العمال، وكانت مطالبها عمالية بالأساس تتمثل في تحسين ظروف العمل، ووضع حد أدنى للأجور، وخفض عدد ساعات العمل إلى 8 ساعات يوميًّا (يرجى مراجعة مطالب الثورة المصرية عام 2011 والتي لا تزال يطالب بها لمصريون في عام 2015 أي بعد حوالي 110 عام من مسيرة القس "جابون"!!!). فماذا كان رد قوات الأمن؟!
فتحت قوات الأمن النار على المواطنين، الأمر الذي أسفر عن مجزرة حقيقية تقول أقل التقديرات المحايدة إن ضحاياها كانوا حوالي 200 قتيل وأكثر من 800 جريح في دقائق، بينما تقول المصادر إن القتلى كانوا لا يزيدون عن 96، فيما أشارت المعارضة إلى أن القتلى حوالي 4 آلاف، ولكن أيا ما كانت الأرقام الدقيقة، يبقى الشاهد وهو أن قمع المظاهرة كان الأكثر دموية في تاريخ قمع المظاهرات في روسيا، بخاصة أن قائدها كان من المقربين للنظام القيصري، ولو بشكل سري، إلى جانب أنه رجل دين في المقام الأول، وكان القيصر الروسي يحترم رجال الدين باعتبارهم من بين الأدوات الضرورية لتهدئة الجموع الساخطة عن الأوضاع المتردية في البلاد.
دخلت البلاد في حالة من الإضراب؛ فكان أول إضراب في التاريخ الحديث، وبدأ المزارعون أيضًا في التوقف عن بيع المحاصيل للدولة، وبدا أن الأمور على وشك الانفلات من يد القيصر، ولم يعد أمامه إلا حلان؛ الأول أن يفرض الأحكام العسكرية، لكن رئيس وزرائه آنذاك "سيرجي ويتي" حذره من هذا الخيار؛ لأن القوات الأساسية لا تزال في الجبهة الشرقية، كما أن حالة الجيش المعنوية شديدة الانخفاض، وبالتالي سيكون من الصعب الاعتماد على القوات المسلحة لحفظ الأمن في البلاد في ظل الأحكام العسكرية.
أما الخيار الثاني الذي لجأ إليه القيصر فعلًا فكان الانصياع لمطالب المعارضة، التي كانت تتمثل بشكل عام في إنشاء مجلس نواب يحد من قدرة القيصر على إصدار القوانين، وإتاحة حرية التعبير، وإصدار قانون ينظم عمل الصحافة، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية، وحرية إقامة التجمعات العامة.
استبشر الروس خيرًا بهذه القرارات، لدرجة أن "بول مليوكوف" دخل في مفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة في ظل تلك الأجواء الجديدةـ، التي لم يقصد منها القيصر إلا أن يكسب الوقت لحين وصول قواته من الشرق؛ لأنه بمجرد أن استقرت الأوضاع تراجع عن الكثير من الوعود، ومن بينها حرية الصحافة؛ حيث وُضِع بالفعل قانون للصحافة، وتوقفت الرقابة على المطبوعات، ولكنه اشترط لافتتاح جريدة أن تحصل على ترخيص؛ فإذا تجاوزت الصحيفة الخطوط الحمراء، يسحب منها الترخيص!!
كل هذه الإجراءات فتحت المسألة الروسية أمام كافة الاحتمالات، وكان الاحتمال الأبرز والأكثر قابلية للاحتمال هو العمل المسلح من جانب المعارضة لإسقاط النظام القيصري. ماذا جرى؟! لا يزال أمامنا الكثير لكتابته واستخلاصه في هذا المجال. إنها الثورة البلشفية!



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 15 مايو... عيد الاستقلال... من سمع بالنكبة؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- نوادر جحا... انتصار ل-العادي-؟! أم حيلة دفاعية؟!
- داعش باليرموك... لا أمل...
- عاصفة الحزم... الكثير من الأمور والغبار...
- آتشيبي وأشياؤه... طبول أفريقيا تقرع مجددًا...
- عن الأشياء الصغيرة التي تتوه في الزحام...
- في الإلحاد...
- انتحار
- المصري وحيرة الجن... أشر أريد بأهل مصر؟!
- أصداء
- كلمات
- من أورويل إلى أبو زيد... حرب تبوير العقول...
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (3)
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (2)
- إلى أين قادتني القطة؟؟!! (1)
- ليرحل الطاغية... حملة -تطهير- لإسقاط الفساد من حكم مصر...
- شيكاجو الأسواني... -أنا فقط-...
- تنظيم الدولة الإسلامية... ملاحظات فقط
- لصوص


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسين محمود التلاوي - روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة (2)