أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - لصوص















المزيد.....

لصوص


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 17:39
المحور: الادب والفن
    


عندما جلسنا نقتسم الغنائم سويا كان كل ما فكرت فيه هو أنه لن تحدث أية اشتباكات بيننا هذه المرة فكل ما سرقناه كان ثلاث قطع متساوية من الذهب هى كل ما عثرنا عليه فى خزانة المنزل "داميان" الجواهرجى كنا نظن أن الحصيلة ستكون أكبر من ذلك ولكنه كان حريص فلم يكن يترك سوى القليل جدًا من المجوهرات فى منزله وهو حقيقة عرفناها بعد أن خرجنا من المنزل!!
فى المرة السابقة بعد أن سرقنا خزانة محل البقالة الشهير فى ذلك الميدان الرئيسى بالمدينة التى نقيم فيها أشهرنا المطاوى فى وجه بعضنا البعض بعد أن اختلفنا على تقسيم مائة جنيه زادت عن الأنصبة الثلاثة التى قسمنا إليها الأموال التى سرقناها. كل منا رأى أنه أحق بهذه المائة جنيه لأنه بذل مجهودًا كبيرًا فى هذه السرقة. قلت إنه يمكننا أن نقسمها إلى ثلاثة أجزاء بحيث يأخذ كل منا ثلاثة جنيها. فتجدد الخلاف على الجنيهات العشرية التى تبقت بعد أن حصل كل منا على ثلاثين جنيها فاقترض على زميلى أن تبقى المائة جنيه هذه تامة على أن نضعها فى صندوق تكاليف العمليات.
إن احتجنا أقنعة مثلا أو مطاوى أو سلم أو أى شىء. راقت الفكرة لهما وفعلا بدأتا فى تنفيذها ووضعنا صندوقا خشبيًا أسفل البوتاجاز فى الشقة التى يعيش فيها وبذلك انتهت المشاركة.
ولكن عندما عدنا تبخرت كل أحلام الهدوء من ذهنى لماذا؟! لأننا بعد أن وزنا القطع الثلاثة وجدنا أن فيها واحدة يزيد وزنها عن القطعتين الأخريين بجرامين ونصف! وكان من الصعب تقسيم القطعة، وكان الأصعب أن يتم بيعها الآن لأنه أوصافها لابد أنها ستكون فوق مكتب مأمور قسم المنطقة قبل عصر اليوم لأننا قمنا بالسرقة فجرًا وهذه فترة لا تتيح لنا التصرف فى الذهب قبل انتشار أوصافه.
كنا غاية فى الإرهاق وبالتالى قررنا النوم وحل المشكلة بعد أن نستيقظ ونتناول أى طعام نستطيع التحصل عليه من أى مكان. وبالفعل وضعنا الذهب فى صندوق التكاليف وأوى كل منها إلى فراشه.
استيقظت أن حاسبا أننى أول من استيقظ لكننى نظرت إلى فراش "ق" الخالى وأدركت أنه استيقظ قبلى. نهضت من الفراش وناديت عليه فلم يرد فقلت لعله فى دورة المياه لكننى وجدتها خالية. فكرت فى أنه ربما ذهب لشراء طعام وهو الأمر الذى أكده لى خلو الثلاجة من أى شىء يؤكل.
هنا كان "س" زميلنا الثالث قد استيقظ أيضًا وسألنى عن "ق" فقلت له إنه ذهب لإحضاء طعام فنظر إلى الساعة فوجدها الخامسة عصرًا فقال إنه سيعود لنومه حتى يأتى "ق". فقلت له إننى أيضًا سأفعل ذلك.
فهذا وطال فى النوم ثم استيقظت على صوت "س" وهو يصيح "يا ابن الحرامية" فانتفضت من الفراش وذهبت إليه فى المطبخ فوجدته جالسا بجوار البوتاجاز وقد أمسك بصندوق التكاليف وكان فارغا فى يده وهو يواصل الصياح قائلاً: "سرقنا "ق"! سرقنا اين ال.... وهرب بالذهب! سقط قلبى فى قدمى فقلت له: "إزاى؟! من اللى قال لك؟!"
كان النوم لا يزال يسيطر علىّ ولم أستوعب الموقف بعد فقال لى "س": "الساعة دلوقت حداشر ونص بالليل والواد ابن ال... خرج من قبل خمسة العصر. كل ده بيصيب أكل؟!". ولمعت عيناه فجأة بالشر وأخرج من جيبه مطواة وقام من مكانه وهو يقول فى شراسة معروفة عنه: "تكونش إنت وهو موالسين عليا؟! لا! دانا أقطعكم حتت!".
كان الموقف سخيفا وغير متوقع ولكننى لم أرفع مطواتى عليه وقلت له فى عصبية: "طيب لو احنا عايزين نغدر بيك؟، فضلت أنا فى الشقة ليه؟! مش كنا مشينا مع بعض ولا حتى خلصنا عليك".
فكر للحظات ثم هز رأسه فى عدم اقتناع وقال: مش عارف! بس بالتأكيد فيه سر!.
قلت له: "طيب نستنى شوية كمان يمكن يكون جراله حاجة!".
وفكرت لحظة ثم قلت: "انزل أدور عليه!".
أطلق "س" ضحكة ساخرة وقال: "إنت فاكرنى كروديا؟!
أسيبك تنزل وتخلعوا مع بعض بالسرقة وأقعد أنا زى المقطف كده! لا ياروح أمك! نص ساعة كمان نستناه فيها ولو مجاش يبقى اتشاهد على عمرك!".
لم أرد وقلت لننتظر ولاستعد لمواجهة القادمة مع "1" لأننى بدأت أؤمن أن "ق" لن يعود. وذهبنا إلى الصالة وجلسنا حول المائدة الكبيرة فى وسط الصالة ورحنا ننتظر. وكلما كانت تتلاقى نظراتنا. كنت ازداد يقينًا من أن "س" سوف يقتلنى. أعنى يحاول قتلى.
واستمرت بنا الحال هكذا حوالى ساعة إلا ربع حتى فُتِح باب الشقة فجأة وبرزو "ق" باسمًا وقال لما رآنا نجلس فى انتظاره: "أما البت "سعاد" دى طلعت حتة صح يعنى..."، ولكن الابتسام والضحك ماتا فوق وجهه ليفسحا المجال أمام نظرة رعب وعدم فهم تولدت عندما لمح المطواة فى يد "ق" ونظرة التحفز فى عينيه. وبعد ثوان صاح قائلاً: "اتفقوا عليا يا ولاد الكلب؟!"
ثم دون أية محاولة للفهم، اخرج من جيبه مسدسًا ثم أطلق النار على "ق".
حاولت إنقاذ الموقف فقفزت فوق يد "س" وهو يطلق النار فأصابتنى أنا الرصاصة فى صدرى وهنا لم أشعر بشىء بعد ذلك.
استيقظت لأحد نفسى فى فراش إحدى المستشفيات كما أدركت عندما رأيت الحوائط البيضاء والفراش الأبيض. وفهمت كذلك أننى مقبوض علىّ عندما لمحت العسكرى واقفا أمام باب الحجرة الذى كان قد فتح فى هذه اللحظة لتدخل منه ممرضة فى عمر أمى تقريبا. رحمك الله يا أمى لو كنت أطعتك وابتعدت عن طريق السوء لما وصلت إلى مكانى هذا.
جاءتنى الممرضة وقالت لى بصوت هادئ: ارفع يدك رفعتها بشكل آلى فأخرجت من جيبها أمبولاً أفرغتها فى محقن كان بجيبها أيضًا وحقنتنى به. لم أتأوه؛ فالجسد الذى اعتاد تلقى الطعنات لن يأبه بمحقن تافه.
سألتها عن المكان؛ فقالت بصوت خفيض لئلا يسرعها الشرطى: دى عملة تعملوها؟! اتسرقوا وبعدين تقتلوا بعض؟! ليه يا بنى كده؟! "فعدت أسألها عن المكان وعن زميلى" فقالت: "دى مستشفى الدمرداش. والاثنين زمايلك واحد فى الانعاش عنده تمزق فى الكبد وواخد عيارين فى كتفه وفخذه. والتانى تعيش أنت!"
لم أسألها عن المزيد.
لابد أنها ابتعدت عندما رأت الذهول فى عينى.
لابد أنها ستخبر أبناءها بقصتى هذه على عشاء دافئ فى هذا البرد.
البرد...
ما هذا البرد الذى أشعر به؟!
يكاد الصقيع يقتلنى...
من منهما الذى مات؟!
وما مصير المال والذهب؟!
لابد أن أعرف... سأنزل من فوق هذا الفراش اللعين.. اشعر بالدوار الشديد.
اللعنة.. يا له من ألم.. من الذى وضع هذا القضيب الحديدى قائمًا هكذا أمام السرير...
وهل هذا السائل الأحمر المتدفق أرضا ينزل من صدرى أنا بعد أن اخترق القضيب؟!
يبدو أن الجسد الذى اعتاد طعنات المطاوى لا يزال عاجزا أمام القضبان الحديدية...
لِمَ لَمْ يأت هذا الشرطى؟!
اللعنة عليك يا أحمق... إنى أموت.
ظلام.
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعايش في المنطقة العربية... المستحيل بعينه...!
- من يوميات إنسان...
- يوم القبض... مسرحية من مشهد واحد
- قمقم...!!
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (5)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (4)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (3)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (2)
- الأحواز... ما الأحواز؟؟!! (1)
- 30 يونيو... كنت هناك... وهناك أيضًا...
- هكذا قال لي أبي...
- فلينزع الحجاب... هل حقا الحجاب مرارة؟!
- -وَدِّينِي لماما-
- العرب والمسئولية الأخلاقية عن الفعل... وتداعياته
- الهزيمة كان اسمها فاطمة... عن الإنسان الرخيص
- البطولة... هل نحن في عصر الإنسان -العادي-!؟
- هو لص... وهم كلاب... فماذا عنها؟!
- العقل إذ يستقيل... ثم يحيل
- عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!
- عزازيل... الشيطان يكمن في هيبا


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - لصوص