أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!














المزيد.....

عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4378 - 2014 / 2 / 27 - 07:56
المحور: الادب والفن
    


من بين الأفعال التي تلازم المرأة فعل الولادة؛ فهو فعل لا يستطيع القيام به الرجال، وبالتالي بات من لوازم المرأة. وبما أن الفعل يأتي بدلالاته، يمكننا القول إن لفعل الولادة دلالة تتمثل في أن المرأة هي مانحة الحياة وحاضنتها والسبب الرئيسي في نمائها. هل يمكن القول بغير ذلك؟!
لكن فعل ولادة الحياة هذا لا يتوقف عند ولادة الإنسان؛ بل إنه يمضي قدمًا ليصل إلى حد ولادة الحياة نفسها بأحداثها وتفاصيلها، وهذه الولادة تُعرف في عوالم الأدب والثقافة باسم الحكي. الحياة حكاية، والأنثى أم الحياة. لذا، فهي أم الحكاية؛ بل هي الحكاية نفسها، والحاكية أيضًا؛ ألم تكن شهرزاد — أشهر حاكية في التاريخ الإنساني — أنثى؟! تمنح المرأة إذن الميلاد للإنسان، وتمنحه كذلك حكايته.

ميلاد الحكاية
قلنا في الفقرة التقديمية إن الولادة فعل يلازم المرأة؛ فهي تتلقى من الرجل نصيبًا وتعطي من عندها نصيبًا، وتقدم الإطار الحاوي ليتشكل الجنين، وتقدم الاحتضان، وفي النهاية، تمنح الميلاد. من زاوية ما، يمكننا النظر إلى الحكاية على أنها فعل تخليقي، يتلقى فيه الحاكي وقائع معينة من الحياة، يقوم هو بإضافة لمسته الخيالية الساحرة عليها، ويعطيها الإطار الحاوي، ويطورها، وفي النهاية، يرويها على آذان السامعين. فإذا كانت المرأة تجيد فعل الولادة ومنح الحياة بامتياز، أفلا تكون أجدر على الحكاية من غيرها؟!
الإجابة على هذا السؤال بلا تردد هي: بلا تكون أجدر من غيرها. ولم تكذب المرأة خبرًا؛ فكما قلنا إن الشرقي القديم لم يجد خيرًا من شهرزاد ليجعلها الحاكية والراوية. كذلك تتولى الأمهات دور قص الحكايات على الأطفال قبل النوم لمساعدتهم في نيل نوم هانئ. وفي عالم الأدب، نجد أن الكاتبة البريطانية "جيه كي رولنج" كتبت حكايات هاري بوتر التي أبهرت العالم بأسلوبها متعدد المستويات.
من الذي يمكنه أن يجادل في أن الحكي هو فعل أنثوي بامتياز؟!

شهرزاد... منح الحياة، وحمايتها!
ربما لا يزال هناك من يجادل في أن الحكي فعل أنثوي. حسنًا، لنعد إلى نموذج شهرزاد التي جعلها الشرقي القديم راوية أشهر حكايات شعبية في التراث الإنساني وهي "ألف ليلة وليلة". مَن منّا لا يعرف حكايات ألف ليلة وليلة؟! إنها تلك الحكايات الشهيرة التي أنقذت حياة مئات الفتيات اللواتي كن يقتلن يوميًّا على يد الملك شهريار انتقامًا لشرفه الذي أهدرته زوجة له فأقسم أن يقتل كل ليلة امرأة بعد أن يدخل بها.
ثم جاءت شهرزاد.
جاءت بحكاياتها التي جعلته يبقي عليها حتى تكمل له الحكايات التي كانت تتوقف عند الفجر؛ فيضطر للإبقاء على الحاكية حتى تتم الحكاية، إلى أن تزوجها، وبات ملكًا يحكم بالعدل.
لم تمنح شهرزاد بالحكي الحياة للشخوص في حكاياتها؛ بل إنها منحت بنات جنسها الحياة، بأن حمتهن من سيف مسرور سياف شهريار ومتخصص قطع رقاب الفتيات. وما يوازي ذلك في الأهمية أيضًا أن شهرزاد منحت الحياة لقلب الملك؛ فخرج من دائرة الانتقام الدموية الجهنمية وبات ملكًا يحكم بالعدل، فعمت الحياة في أرجاء المملكة بعدما كانت مملكة الخوف، لتصبح مملكة العدل.
إنه الحكي... بل لنقل: إنها الأنثى الحاكية!

حليم... المرأة من الحاكية إلى الحكاية!
ومن زاوية أخرى، في أغنية الهوى هوايا للراحل "عبد الحليم حافظ"، يقول الشاعر "عبد الرحمن الأبنودي": "ندخل كتب الحكاوي... واروي سنينك غناوي". حتى في اللحظة التي يلعب فيها الرجل دور الحاكي والراوي، تكون المرأة هي الحكاية؛ لأن حياتها و"سنينها" هي التي سوف تكون متن ونسيج الحكاية التي سيحكيها الراوي.
كذلك يمكن القول دون قدر كبير من الخطأ، إن في المرأة غموضًا، يستثير قلب الرجل وعقله ليسبر غور هذا الغموض؛ بما يمنحه لذة الاكتشاف. والحكاية البارعة هي تلك التي تتضمن خيالًا، وإثارة، وتشويقًا، وفي مقدمة مسلسل "ألف وليلة وليلة" من إنتاج الثمانينات، تقول الكلمات "إوعي يا صبية تقفلي الستار". إذن، المرأة حكاية هي نفسها بغموضها وتشويقها، والوصية المقدمة إلى شهرزاد هي ألا "تقفل الستار"، وهو ما نجحت شهرزاد فيه بامتياز؛ لأن الإبقاء على الستار مفتوحًا يعني أن الحكاية تتضمن الخيال والتشويق ولذة الاكتشاف، وهو ما تتمتع به المرأة في غموضها بأن تدفع الرجل إلى البحث في الغموض وتذوق لذة الاكتشاف؛ فلا غرابة في أن تجيد سرد الحكاية لأنهما — المرأة والحكاية الناجحة — لهما السمات نفسها من تشويق وغموض وإثارة!
وفي أغنية أخرى لـ"حليم" وهي "نبتدي منين الحكاية؟!"، يقول الشاعر "محمد حمزة" في مفتتح الأغنية: "لو حكينا يا حبيبي، نبتدي منين الحكاية؟!". إذن، كذلك حتى عندما يكون الرواية رجلًا، تكون المرأة شريكة في الحكي، وجزءً من الحكاية، ومستمعة لها أيضًا!
لا عجب في أن نقول إذن: إن المرأة سر الحكاية.
ولا عجب أيضًا في أن نطالب الكل بالاستماع — بمن فيهم أصحاب الشوارب!! — عندما تحكي الأنثى؛ فبعد أن منحتهم الحياة، راحت تمنح حكايتنا الحياة، بأن ترويها لنا.
حقًا هناك من النساء من لا يجدن الحكي؛ حيث يفتقدن الخيال، بل قد يخنقن الحكاية نفسها، حتى إن كانت في ذروة نجاحها، وبل لا يؤمنّ ربما بالحكي، ويتمادين ليخرسنَ الحاكي.
لكن تبقى هذه النوعية قِلة.
وتبقى الحكاية أنثى، والحاكية أنثى...
والمستمعون من العالمين جميعًا...
نصمتْ إذن... واحكي يا شهرزاد!



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزازيل... الشيطان يكمن في هيبا
- العزلة سبيلًا للحرية... والحفاظ على الهوية!!
- يسقط حكم العسكر... ما حكم العسكر؟!
- المأزق الراهن... كيف صرنا إلى ما صرنا إليه؟!
- بين كنفاني وموريس... التوثيق الروائي والزيف الوثائقي!!
- جيل النكسة وإحباطات الشباب... الحل العكاشي!!
- التاريخ... بين ابن خلدون وسان سيمون
- بعد حبس الفتيات وإقرار مسودة الدستور... الشارع هو الحل!!
- وسط البلد من جديد... حكايات المصريين
- إلى مصر مع التحية... هل عاد المد الثوري؟!
- أبو بلال... التغربية أو ربما الشتات... هل من فارق؟!
- محاكمة مرسي... مرسي فقط؟!
- موشح أيها الساقي... عن التصوف والإبداع وأشياء أخرى!!
- إنهم يفقروننا... فما الخلاص؟!
- شبرا وعبد الباسط وبرج الكنيسة... ومصر...!
- ملاحظات على فكر سان سيمون (3)... المجتمع المثالي
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (4) كيف أخفق رجال ...
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (3) الطبقة الوسطى. ...
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (2) كيف حُشِدَ الش ...
- الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (1) كيف حُشِدَ الش ...


المزيد.....




- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!