أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - مواقف من الحياة بألوان الكلمات...














المزيد.....

مواقف من الحياة بألوان الكلمات...


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 08:42
المحور: الادب والفن
    


كان يشعر بالعطش الشديد...
عطش جعل لسانه يقترب في جفافه من الأحجار.
ولكن لما لم يكن معه ماء، كان يتعين عليه أن يواصل المسير إلى أن يصل إلى أقرب مكان يستطيع فيه الحصول على شربة ماء يخفف بها من جفاف لسانه الذي بدأ يشعر به يتجاوز مرحلة الجفاف ليصل إلى مرحلة الاحتراق.
حاول في مسيره أن يتلافى أشعة الشمس الحارقة التي تحالفت مع ضغط العمل الأسطوري الذي انهال عليه اليوم ليدفعا به إلى حافة فقدان الوعي أو العقل أيهما أقرب للضياع.
لم يجد مسجدا بالجوار، ولم يجد أيًّا من أكشاك بيع المواد الغذائية الخفيفة، بل إنه لم يجد بوابًا يجلس أمام واحدة من العمارات التي ملأت الفضاء من حوله. وفجأة، وجد نفسه وقد امتلأت بالكراهية لهذه العمارات... ربما لأنه لم يستطيع أن يحصل منها على شربة ماء ولا حتى على ظل يقيه حرارة الشمس...
اللعنة، ما فائدة تلك العمارات إذن؟!
وبينما كان يسير، اصطدمت يده اليمنى بسراوله، وشعر بملمس هاتفه المحمول الذي وضعه في الجيب الأيمن من السروال، ودون أن يفكر مرتين، أخرج الهاتف، وبحث عن رقمها واتصل به، وعندما مس صوتها الناعم مسامعه، وهي ترحب به، شعر بنسمة نديَّة تداعب وجهه، لكنه لم يستطع أن يقول شيئًا لجفاف لسانه. ولما طال صمته، قالت له:
"خير... فيه إيه؟ مالك؟".
فأجابها بلسان رطب: "لا ولا حاجة... كنت بس عطشان ومش لاقي مية، فقلت أسمع صوتك".
******
شعرت بالضيق الشديد من إجراءات مديرتها في العمل ضدها. كانت تشعر بأنها تتعمد إهانتها والإقلال من شأنها أمام زملائها بل والضيوف كذلك؛ فانصرفت وهي في أسوإ حال ممكنة.
لم تقل شيئًا، ولم تعترض بأية وسيلة على ما فعله، ولكنها انصرفت في هدوء شديد، وكأن شيئًا لم يكن. وعندما وصلت إلى منزلها، ألقت برأسها على الوسادة، وانخرطت في بكاء عميق، لم يخرجه منها سوى صوت هاتفها المحمول.
كانت النغمة المميزة له؛ فأسرعت إلى الهاتف، وسألته عن أحواله، قبل أن تنفجر صارخة، وهي تلومه؛ لأنه ترك بعض الطعام خارج الثلاجة في مثل هذا الجو الحار فتلف. وارتفع صوتها أكثر فأكثر، وهي تلومه؛ لأنه نسي أن يفرغ صندوق القمامة.
في البداية، لم يحر جوابًا، وانتظر إلى أن انتهت من صراخها؛ فسألها بكل بساطة وهدوء: "هو فيه حد زعلّك في الشغل؟!".
******
لم يدر لماذا خالجه هذا الإحساس بأنها تشعر بالملل.
راوده إحساسه هذا، وهو يجلس أمامها في شرفة منزلهما عند الغروب. لم يدر ماذا يفعل أمام هذا الشعور غير المفهوم. وأمام صمتها. حاول أن يستخلص منها أي شيء، لكن كلامها لم يشر إلى أي شيء؛ فازدادت حيرته.
وبعد فترة من الصمت، نهض من مجلسه، واتجه ناحيتها، ثم أمسك يدها اليسرى بيده اليمنى، وراحا يرتقيان حتى وصلا إلى إحدى السحابات التي اختلط لونها الفضي بألوان الشمس الغاربة؛ فجلسا فوقها، وهما يتطلعان بعضهما إلى بعض في صمت وقد اعتلت وجهيهما بسمتان صافيتان تخفيان خلفهما ضحكات مكتومة ظهرت في التماعات العيون، قبل أن يضم يده على قطعة من السحابة، ويلقيها فجأةً في وجهها مطلقًا العنان لضحكاته.
فلم يكن منها إلا أن فعلت مثله، ثم راحا يتقاذفان بقطع السحاب، وهما يطاردان بعضهما البعض فوق السحابة الي أخذت تسير بهما متمهلة بفعل النسائم التي أحدثتها مطاردتهما المرحة وضحكاتهما الهانئة التي ملأت الفضاء، وتألقت لها النجوم البازغة.
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الإسكندرية... هل لا يزال ترابها زعفرانًا؟!
- لحظات قصصية أو قصص لحظية...
- عشرية شديدة القِصَر
- الطِّيبَة... عن أسوان نتكلم...
- أمير المستنقعات (قصة كاملة)
- أزمة الفيفا... السبب فلسطين؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- 15 مايو... عيد الاستقلال... من سمع بالنكبة؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- نوادر جحا... انتصار ل-العادي-؟! أم حيلة دفاعية؟!
- داعش باليرموك... لا أمل...
- عاصفة الحزم... الكثير من الأمور والغبار...
- آتشيبي وأشياؤه... طبول أفريقيا تقرع مجددًا...
- عن الأشياء الصغيرة التي تتوه في الزحام...
- في الإلحاد...
- انتحار
- المصري وحيرة الجن... أشر أريد بأهل مصر؟!
- أصداء
- كلمات
- من أورويل إلى أبو زيد... حرب تبوير العقول...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - مواقف من الحياة بألوان الكلمات...