أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسين محمود التلاوي - روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسائية السوفييتية (4)















المزيد.....

روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسائية السوفييتية (4)


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 13:33
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


سوف يكون من مكرور القول الحديث عن الدور الذي لعبته المرأة في الاتحاد السوفييتي، والمكانة التي تبوأتها في ظل تلك الدولة كانت إحدى القوتين العظميين في العالم طيلة ما يقرب من القرن الكامل. ولكن في إطار متابعتنا غير المتصلة — كما سبق أن قلت — للثورة السوفييتية، سوف نتناول مجموعة من الشخصيات النسائية اللواتي مثلن رموزًا للانطلاقة النسائية في القطاعات العمالية السوفييتية. وسبب التناول هنا هو أن هذه الشخصيات غير معروفة لغير المتخصصين، وبالتالي سيكون من المفيد التعريف بها هنا.
ويأتي إلقاء الضوء على هذه المجموعة من الشخصيات النسائية العمالية السوفييتية في سياق سعينا لإلقاء الضوء على الشخصيات التي لعبت دورًا بارزًا في إقامة الصرح السوفييتي، ولكن لم تسلط عليها الأضواء لا من قريب ولا من بعيد؛ بحيث لا يعرفها إلا الباحث المتفحص في الشأن السوفييتي، بما يجعلها بعيدة عن متناول القارئ العادي أو حتى القارئ الراغب في المزيد من الاطلاع والمعرفة شبه المتخصصة.

جونوبوبليفا
تمثل "إليزافيتا جونوبوبليفا" أحد أبرز التجليات النسائية للحركة الستخانوفية، وهي الحركة التي تأسست — كما أوضحنا في المقال السابق — لتحفيز العمال على إنجاز المزيد وكان رائدها، والذي سميت الحركة باسمه، هو "آلكسي ستخانوف" الذي استطاع استخراج 102 طنًا من الفحم في وردية عمل واحدة. فماذا فعلت "جونوبوبليفا"؟!
تشير المصادر التاريخية إلى أن تلك السيدة التي كانت في الخمسينات من عمرها استطاعت في عام 1936 أن تحقق رقمًا قياسيًّا في عملها وهو الغزل بالأنوال غير الآلية؛ حيث استطاعت أن تدير 30 نولًا غير آلي في وقت واحد، رغم أنها كانت قبل الثورة الشيوعية نصف متعلمة أو بالأحرى نصف أمية. كوفئت "جونوبوبليفا" على ما فعلته بأن صارت مديرة للمصنع الذي حققت فيه هذا الرقم القياسي، وهو مصنع كيروف للأنوال في مدينة إيفانوفو التي تقع الآن في روسيا.
ولكن هناك نقطة يتعين الإشارة إليها، وهي أن بعض المصادر الغربية تشير إلى أن "جونوبوبليفا" واجهت بعض المصاعب في عملها كمديرة للمصنع بسبب بعض التعقيدات البيروقراطية.

فينوجرادوفا
يحمل لنا التاريخ السوفييتي اسميْ فتاتين ينتهي كل منهما بلقب فينوجرادوفا حققتا أرقامًا قياسية في مجال الأنوال أيضًا مثلهما في ذلك مثل "جونوبوبليفا"، إلا أن أرقام هاتين الفتاتين كان في مجال الأنوال الآلية. ماذا حدث؟ باتت "إيفدوكيا فينوجرادوفا" و"ماريا فينوجرادوفا" العاملتان في مغزل نوجين ببلدة فيتشوجا — التي تقع حاليًّا في روسيا — أول من يشغل 100 نول آلي في وقت واحد. ولم يمض وقت طويل، حتى طورت كل منهما أدواتها لتصل إلى تشغيل 140 نولًا آليًّا.
وتقول المصادر مثل كتاب "الصناعات الخفيفة في الاتحاد السوفييتي" Light Industries of U. S. S. R. أن هذا التفوق لم يأت من فراغ، ولكنه كان بناء على جهد قامت به الفتاتان في دراسة الجوانب الفنية لعملهما. ولم تتوقف أرقامهما عند هذا الحد؛ حيث وصل الأمر في عام 1938 إلى أن شغلت كل منهما 285 نولًا آليًّا في وقت واحد.
لم يقف الشعب السوفييتي موقف المتفرج من هذه الأرقام التي راحت تتحقق على يد الفتاتين؛ فأولى ثقته لهما ولغيرهما من النساء والرجال الذين حققوا أرقامًا قياسية في العمل كل في مجاله؛ فانتخب السوفييت "إيفدوكيا فينوجرادوفا" لعضوية مجلس السوفييت الأعلى، وهو أعلى سلطة تشريعية في الاتحاد السوفييتي السابق، فيما انتخبوا "ماريا فينوجرادوفا" لعضوية مجلس السوفييت الأعلى لجمهورية روسيا الاشتراكية الفيدرالية.

مايخورا عبد الرحمنوفا
لم تقتصر الإنجازات النسوية السوفييتية على النساء المقيمات في الجمهورية الروسية، بل قدمت القوميات الأخرى نماذج براقة للمرأة العاملة، ومن بين تلك النماذج التي ظهرت في القوميات الأخرى تأتي "مايخورا عبد الرحمنوفا"؛ تلك المرأة الأوزبكية التي لم تكن قد رأت أية آلة قبل العام 1934، وهو العام الذي شهد التحاقها بمدرسة ستالين التدريبية لأنوال الغزل، وهي المدرسة التي سوف نأتي على ذكرها فيما بعد.
حققت "مايخورا" إنجازًا حقيقيًّا بعيدًا عن أية تعبيرات مبالغة؛ حيث استطاعت في غضون عام واحد أن تعمل على آلة غزل دوارة، وخلال شهر من عملها استطاعت تشغيل آلتين معًا. وبعد شهر إضافي، استطاعت تشغيل 3 آلات من هذه النوعية، قبل أن يتطور أداؤها لتصل إلى تشغيل 5 آلات بالتزامن. ومثلما كان الحال مع "إيفدوكيا فينوجرادوفا" و"ماريا فينوجرادوفا"، انتخب السوفييت "مايخورا عبد الرحمنوفا" لمجلس السوفييت الأعلى.

المدارس الصناعية
لم تكن لهذه النماذج النسوية والأخرى الذكورية لتسطع في سماء الاتحاد السوفييتي لولا التدريب، وبلفظ أكثر تحديدًا لولا التدريب الممنهج. ويشير "نيكولاي سميتانين" في كتابه "من يدير الصناعة السوفييتية" Who -dir-ect Soviet Industries إلى أن المصانع في الاتحاد السوفييتي كانت في ذاتها أداة تدريب؛ حيث كان يلتحق بها العامل نصف الماهر من أجل اكتساب المهارة التي تجعله يستحق لقب العامل الماهر. ويشير مؤلف الكتاب إلى أن مصنع سكوروخود الذي كان يعمل فيه كان يضم 17 ألف عامل، يتلقى عشرات الآلاف منهم دورات تدريبية في مجالات عملهم.
كذلك كانت هناك المدارس الفنية التأهيلية التي كانت تقدم التدريب التقني للمواطنين السوفييت الراغبين في الانضمام إلى صفوف العمال، وكانت مدرسة ستالين التي تعلمت فيها "مايخورا" واحدة من تلك المدارس التي غطت ربوع الاتحاد السوفييتي، وأسهمت في بناء قوته العاملة.
وكان للنساء نصيب كبير في هذه النهضة العمالية، وتشير الإحصاءات إلى أنه في عام 1937، كان عدد النساء العاملات في صناعة غزل القطن في مدينة إيفانوفو يقارب الـ300 امرأة موزعة بين 3 مديرات، و12 مديرة ورشة، و53 مهندسة، وغير ذلك من الوظائف الأخرى. وتأتي هذه الأرقام في سياق من النهضة التي شهدتها المرأة في ظل الثورة الشيوعية التي منحت المرأة الكثير من الحقوق؛ فـ"لم يكن هناك فرع في الحكومة أو في القطاع الصناعي أو الثقافي في الاتحاد السوفييتي اليوم لا تشارك فيه النساء"، على حسب ما جاء في كتاب "من يدير الصناعة السوفييتية. ويطابق هذا الواقع العملي ما قاله "فلاديمير لينين في رسالته "إلى المرأة العاملة" عام 1920: "نحن نريد أن تصير المرأة العاملة مساوية للرجل العامل ليس فقط أمام القانون بل في الواقع المُعاش. ولتحقيق هذا يجب أن تحتل المرأة مكانة أكبر في إدارة الشركات المؤممة وإدارة الدولة"، بما يجعل هذا الواقع العملي تطبيقًا للحلم النظري الذي عبر عنه "لينين" بكلماته تلك.

كانت هذه أبرز النماذج غير المعروفة للمرأة السوفييتية التي ساهمت في بناء المجد السوفييتي العمالي، وفي صناعة الاتحاد السوفييتي كقوة عظمى عالمية. وعن عمد لم أشر في كلامي إلى الرموز المعروفة مثل "فلانتينا تريشكوفا" أول رائدة فضاء سوفييتية، وغيرها من الرموز النسوية في مختلف المجالات؛ لأن المقصد كان التركيز على النساء اللواتي لم يذكرهن التاريخ بما يجعلهن معروفات لغير المتخصصين، رغم الدور البارز الذي لعبنه في رفع الراية العمالية السوفييتية.
في الحلقة التالية بإذن الله، سوف نعود إلى مجريات الثورة البلشفية ذاتها بعد تلك الوقفة مع أبرز الرموز "الخفية" في الحقبة السوفييتية.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رأسمالية الدولة... وعبد الناصر... و-تعاون- الطبقات...
- سباعيَّة شديدة القِصَر
- زكريا القاضي في -وا أقصاه-... أنشودة للبساطة...
- ثورة يوليو... افتراءات وما يشبه الردود...
- يا بلادنا لا تنامي... ولكن من سيتبرع للوقوف بالصف الأمامي؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ستخانوف هرقل ال ...
- أوسيتيا... أوكرانيا... سوريا... الروس يعودون، والسيسي يربح.. ...
- مواقف من الحياة بألوان الكلمات...
- عن الإسكندرية... هل لا يزال ترابها زعفرانًا؟!
- لحظات قصصية أو قصص لحظية...
- عشرية شديدة القِصَر
- الطِّيبَة... عن أسوان نتكلم...
- أمير المستنقعات (قصة كاملة)
- أزمة الفيفا... السبب فلسطين؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- 15 مايو... عيد الاستقلال... من سمع بالنكبة؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ما قبل الثورة ( ...
- نوادر جحا... انتصار ل-العادي-؟! أم حيلة دفاعية؟!
- داعش باليرموك... لا أمل...
- عاصفة الحزم... الكثير من الأمور والغبار...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسين محمود التلاوي - روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسائية السوفييتية (4)