أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - حلب، السويس، ستالينجراد... كفاح المدن... وصمود الإنسان















المزيد.....

حلب، السويس، ستالينجراد... كفاح المدن... وصمود الإنسان


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5377 - 2016 / 12 / 20 - 20:44
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بقلم: حسين محمود التلاوي
لا أعتقد أنه بإمكان أي إنسان أن يزعم قدرته على إبعاد المشاهد المؤلمة التي تنقلها شاشات التلفزيون والصور والمقاطع المصورة التي تكتظ بها الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لما يجري في حلب عن ذاكرته حتى في أكثر لحظاته استرخاءً وهدوءً؛ فالأوضاع في تلك المدينة التي لُقِّبت يومًا بـ"الشهباء" وصلت إلى مستويات شبه قياسية من التدمير والوحشية، والحديث هنا لا يستثني أي من أطراف الصراع الدائر في سوريا من المسئولية عن ذلك الجرح الجديد في جبين الإنسانية.
لكن الواقع يقول إن الجراح التي أثخنت جسد المدينة حتى كادت تركعها ليست بجديدة في التاريخ الإنساني؛ فهناك الكثير من الحكايات عن مدن شهدت من الفظائع ما يفوق بآلاف المرات ما يجري في حلب، ولكن لأن الوسائط الإعلامية تنقل إلينا ما يجري في تلك المدينة السورية العتيدة فيخيل إلينا أنها النهاية، وأنه لا إمكانية أمام الإنسانية لتهبط إلى مستوى أحقر وأدنأ مما وصلت إليه في حلب. ليس هذا محاولة للتهوين مما يجري في حلب، ولكنه محاولة لاستقصاء ولو بشكل مختصر حكايات مدن مرت بفظائع وانتهاكات ربما تجاوزت ما يجري في حلب، وربما قلت عنه بكثير، ولكن المعاناة كانت موجودة، وفي النهاية تلاشت، وبقيت المدينة.

ستالينجراد... من حرب البرق إلى حرب الفئران
في الحرب العالمية الثانية، أراد الزعيم النازي "أدولف هتلر" إخضاع الاتحاد السوفييتي؛ فأمر بشن حملة عسكرية اجتاحت أجزاء كبيرة من الغرب السوفييتي إلى أن وصل إلى نهر الفولجا وتحديدًا إلى مدينة ستالينجراد التي شهدت واحدة من أشرس المعارك في الحرب العالمية الثانية، وربما في التاريخ الإنساني المعاصر؛ تلك المعارك التي تركت المدينة حطامًا تقريبًا؛ فهل تلاشت ستالينجراد من الخريطة الإنسانية؟!
واقع الأمر يقول كلا، وتسرد لنا المصادر التاريخية العديد من الحكايات عن صمود المدينة التي لقى ما يقرب من ألف إنسان فيها حتفهم في أقل من 3 أيام، ودمرت العديد من أحيائها بشكل كامل؛ أي بنسبة 100%، ودارت فيها المعارك من بيت إلى بيت؛ فلم يكن قتال شوارع، وإنما كان قتالًا منزليًّا...!
انقض النازيون على المدينة بأسلوب حرب البرق الخاطفة الصاعقة، والذي يترك العدو في حالة من الصدمة والذهول، وهو الأسلوب الذي طبقه الأمريكيون فيما بعد في غزوهم للعراق تحت مسمى "الصدمة والرعب"، وقد أفلح الأسلوب النازي في إخضاع حوالي نصف العالم. لكن الأمر اختلف عند مدينة ستالينجراد؛ فقد تحولت "حرب البرق" إلى "حرب فئران" على حد التعبير الذي شاع في أوساط الجنود الألمان. كيف ذلك؟!
كان القتال عنيفًا، واستبسل السوفييت في الدفاع عن المدينة التي تحمل اسم زعيمهم "جوزيف ستالين" والتي استعادت الآن اسمها القديم وهو فولجوجراد، واضطر الألمان إلى الدخول في مواجهات مع المقاتلين السوفييت بين أطلال المباني التي خلفها القصف الألماني العنيف للمدينة، وكذلك كان القتال يستعر في المباني نفسها لدرجة أن البالوعات قد استخدمت في القتال بالتسلل منها لخطوط العدو لمفاجأة جنوده، ما جعل الألمان يطلقون عليها حرب الفئران؛ لأنهم لم يكونوا معتادين على مثل هذا النوع من الحروب؛ لأن المدن التي اجتاحوها لم تكن تصمد أمام كثافتهم العددية والنيرانية... لكن ستالينجراد صمدت أمام هذا الهجوم، وصدته، وبقيت لدرجة أن الإذاعة الألمانية أعلنت أن "ستالينجراد هزمت الشعب الألماني"....!!

السويس... التي عادت أحسن مما كانت...
بقفزة ليست كبيرة في الزمان، ولكنها واسعة للغاية في الزمان، نصل إلى السويس في عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، والذي شنته فرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني على مصر لوأد التجربة التحررية التنموية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر استغلالًا لتأميم القيادة السياسية المصرية لقناة السويس في محاولة لاسترجاع السيادة الوطنية على مقدرات وموارد البلاد حشدًا لتمويل المشروعات التنموية وفي مقدمتها بناء السد العالي الذي رفض الغرب والمؤسسات الدولية غربية القيادة تمويل بنائه.
يمكن بقليل من المجهود البحث عن إنجازات المقاومة الشعبية في حرب السويس عام 1956، سواءً في مدينة بورسعيد أو في مدينة السويس ذاتها، ولن يكن من المفيد إعادة سردها، ولكن ربما يكون من المناسب التركيز على ما جرى في مدينة السويس في حرب رمضان/أكتوبر بعد ذلك بــ17 عامًا. ولكن سواءً كان ذلك في حرب السويس أو حرب رمضان، فإن المقاومة الشعبية في السويس وبورسعيد استطاعت أن تسجل اسمها في التاريخ المصري بحروف من نور ليصبح صمود المقاومة عيدا للنصر في مصر يُحتفل به في 23 ديسمبر
حاول الصهاينة احتلال المدينة، ولكنهم عجزوا، وقد بدأت المواجهات بين القوات الصهيونية وبين قوات المقاومة الشعبية بأكمنة داخل المدينة نفسها لدرجة أن أحدها كان في مخبأ بين سينما الرويال وسينما مصر؛ عندما استطاع عدد من أفراد المقاومة الشعبية من بينهم "إبراهيم سليمان" و"محمد سرحان" التصدي للدبابات الصهيونية بقذائف الآر بي جي. وعندما علم المواطنون بالمواجهات، أسرعوا إلى موقع الاشتباك، وهاجموا الدبابات الصهيونية مما أسفر عن مقتل 20 من أصل 24 من قادة الدبابات الصهيونية، وذلك وفق شهادات صهيونية. وفي المجمل، خسر الصهاينة 80 قتيلًا وأصيب لهم 120 جنديًّا. كذلك هناك ذلك الحصار الصهيوني الذي استمر السويس لمدة 101 يومًا؛ فأسقط فيه المصريون طائرات الفانتوم الصهيونية...!!
إذا حاولنا الحديث عن كفاح السويس، والانتهاكات الصهيونية التي تعرضت لها، ومن قبلها الانتهاكات البريطانية والفرنسية، فمن الممكن أن نفرد مجلدات لهذا الحديث دون أن تكفي؛ فهذا الكفاح كان مشرفًا بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ. وفي كل الأحوال، فإن هذا المقال ليس كتابَا للتاريخ أو مرجعًا علميًّا. ولكن في النهاية، عادت السويس بأفضل مما كانت مثلما غنى الراحل محمد حمام في أغنية "يا بيوت السويس" للشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، والتي يتعهد فيها السويسي لمدينته بأنه سوف يبنيها لتقوم من ركامها إلى أن "تعودي أحسن من يوم ما كنتي... يا بيوت السويس".

كثيرة هي الأمثلة على المدن التي عانت ثم قامت من الرماد مرة أخرى لتعود بأفضل مما كانت، ويحفل التاريخ بغير ذلك من الأمثلة مثل درسدن الألمانية التي سوتها طائرات الحلفاء بالأرض في الحرب العالمية الثانية؛ فهل تعجز حلب عن تكرار الأمر؟!
ناموس الحياة يقول إن حلب سوف تعود الشهباء مرة أخرى هي وسائر المدن السورية في نموذج جديد لمدن عادت أفضل مما كانت... نموذج يقول إنه مهما علت موجات المد، أو انتشرت نيران الحقد والطغيان والجهل، فإن حلب عائدة كرمز لكفاح المدن... وصمود الإنسان.
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التناقض... والحالة المصرية...
- ما انتبه إليه لينين... ولم يره المصريون...
- سُباعيَّة شديدة القِصَر (2)
- حرب الأمير (قصة كاملة)
- المصري في عيد العمال... أرقام، وذكريات من الأدغال!!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... الماكينات النسا ...
- عن رأسمالية الدولة... وعبد الناصر... و-تعاون- الطبقات...
- سباعيَّة شديدة القِصَر
- زكريا القاضي في -وا أقصاه-... أنشودة للبساطة...
- ثورة يوليو... افتراءات وما يشبه الردود...
- يا بلادنا لا تنامي... ولكن من سيتبرع للوقوف بالصف الأمامي؟!
- روسيا والثورة الشيوعية... سرد تأملي مختصر... ستخانوف هرقل ال ...
- أوسيتيا... أوكرانيا... سوريا... الروس يعودون، والسيسي يربح.. ...
- مواقف من الحياة بألوان الكلمات...
- عن الإسكندرية... هل لا يزال ترابها زعفرانًا؟!
- لحظات قصصية أو قصص لحظية...
- عشرية شديدة القِصَر
- الطِّيبَة... عن أسوان نتكلم...
- أمير المستنقعات (قصة كاملة)
- أزمة الفيفا... السبب فلسطين؟!


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - حلب، السويس، ستالينجراد... كفاح المدن... وصمود الإنسان