|
قريباً ... تحرير الموصل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 14:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا يمكِن أن نُطلق على الحَدَث الذي تجري التحضيرات لهُ على قَدَمٍ وساق ، في منطقتِنا ؟ هل أن ( تحرير ) الموصل ، صِفةٌ مُناسِبة ؟ هل هي عملية تهدفُ إلى القضاء على داعِش في العراق ؟ هل هي هّبةٌ دولية وأقليمية ، من أجل تخليص أهالي الموصل من ظُلم وجرائم ما يُسّمى الدولة الإسلامية ؟ أم هل هو صِراعٌ دولي وأقليمي ، على النفوذ والمصالح ؟ هل ان ذلك ، مُجّرَد تتويج للولاية الثانية لباراك أوباما ، ودعاية لمُرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ؟ * لا أدري لماذا أشعُر ، بأن ذهاب رئيس الوزراء العراقي " حيدر العبادي " إلى الولايات المتحدة ، البارحة الإثنين 19/9/2016 ، لا يشبهُ ( زيارات ) رُؤساء دول أو حكومات البلدان الأخرى .. فهو في إعتقادي [ إستدعاءٌ ] أكثرُ من كونهِ دَعوة . وحتى ذهاب مسؤولي أقليم كردستان ، إلى دُول الجوار ، هي أقرَب إلى الإستدعاء ، وليس زيارة ندٍ لِند . أشعرُ بالأسى ، بإعتباري عراقِياً ومن ثُم كردستانياً ، لأن رُؤساء بلدي ، يُعامَلون هكذا ... لكنهُ واقعٌ ينبغي الإعتراف به . * الولايات المتحدة الأمريكية ، تلعبُ دَور المايسترو في هذه الجَوقة ، التي تعزف على آلامنا ومصائبنا . صحيحٌ أنهُ مايسترو أحمق ومُتعالٍ وبلا أخلاق ، لكنهُ على أية حال قَويٌ كِفايةً ، بحيث يهابه الجميع . هذه الجوقة المُجرِمة بقيادة أمريكا ، ومُشاركة عازفين أنذال ، دّمروا البُنية التحتية والفوقية ، لبلدي العراق ، وسوريا وليبيا واليمن ، والحبلُ على الجّرار . * هذهِ الجوقة السافِلة بزعامة الولايات المتحدة ، عزفتْ لحناً نشازاً ، على نوتة الطائفية ، صّفقَ لهُ الأذناب الحمقى في إيران والسعودية وتركيا وملحقاتهم ، وهّللوا لهذه الفُرصة الذهبية ، لإجترار الخلافات التأريخية ، وإدامة الصراع ... حتى التدمير الكامل لهذه المنطقة ! . * حتى روسيا ... تقوم بدورٍ يشبه دَور الولايات المتحدة بصورةٍ مُصّغَرة ، فهاهي تُصادِق النظام الإيراني المُجرم الرجعي ، وتُدافِع بإستماتة عن دكتاتورٍ أرعن مثل بشار الأسَد ، بل وتعمل على إستمالة السلطان أردوغان وتحّثهُ للتخلي عن الناتو والإلتحاق بالجبهة الشرقية ! . * قالتْ تركيا في البداية ، أنها أرسلتْ " بضع مئات من قواتها " مع بعض الدبابات والمدفعية ، إلى بعشيقة في أطراف الموصل ، من أجل مُحاربة داعش والدفاع عن مصالح تركيا . لكن الواقع انها منذ حوالي السنة من تواجدها ، لم تطلق رصاصة واحدة على داعِش ، بل هنالك مُؤشرات ، بأن وجودهم كان جسراً لعبور قيادات وعناصر داعش من تركيا الى الموصل وبالعكس . وان عدد هذه القوات ليس بضع مئاتٍ فقط ، بل انهم الآن يتجاوزون العشرة آلاف ! ... أنهُ جيشٌ مُدّجَج بالسلاح ، وليس مُجّرد قطعات بسيطة . * حزب العمال الكردستاني PKK ، قامَ مشكوراً في الأيام الأولى بعد كارثة سنجار في 3/8/2014 ، بإنقاذ الكثيرين من الإيزيديين وتخليصهم من الوقوع في أيدي عصابات داعش . بل ان مُقاتليهم ، قاوموا داعش ، ببسالة وقّدموا شُهداء ، في عديدٍ من المواقع والمناسبات . مسؤولي ال PKK صّرحوا حينها ، أنهم سوف ينسحبون بعد إستتباب الوضع . لكن حتى بعد تحرير مركز سنجار نهاية العام الماضي ، لم ينسحب حزب العمال عملياً ... صحيح ان معظم مقاتليهم الأساسيين ، إنسحبوا إلى أماكن أخرى ، لكنهم قبل ذلك شّكلوا تنظيمات مُسّلحة من أبناء وبنات أهالي المنطقة من الإيزيديين ! . ومقاتلو حزب العمال PKK متواجدون أيضا في منطقة مخمور " للدفاع عن المُخّيِم القديم الموجود هناك " ، وبالطبع متواجدون بكثافة في معقلهم الرئيسي في جبال قنديل ، بل أنهم أرسلوا مفارز إلى منطقة طوزخورماتو أيضاً ، مُؤخَرا . يُلّمِح مسؤولو ال PKK إلى أنهم مُستعدون للمُشارَكة في " تحرير الموصل " ! * من الطبيعي ان البيشمركة ، وبعد إنتكاسة 3/8/2014 في سنجار ومحيطها ، وإنتكاسة 9/8 وما بعدها في سهل نينوى وبعدها جلولاء ... إستردوا رباطة جأشهم سريعا ، وبِمُساندة قوات التحالف الدولي ولا سيما طيرانهم الحربي ، والحصول على سلاحٍ وعتاد ، إستطاعوا إيقاف داعش عن التمدُد أكثر ، بل وتحرير العديد من المناطق أيضاً . وقدموا أكثر من 1600 شهيد وحوالي العشرة آلاف جريح . ان البيشمركة بدفاعهم المستميت على طول جبهةٍ تمتد ألف كيلومتر ، ضد داعش منذ سنتَين ولحد اليوم ، يجدون أن من حقهم أن يكون لهم دَورٌ أساسي في تحرير الموصل ، و " جَني ثِمار ما بعد التحرير " ! . * تُركيا لم تكتفِ بإرسال قواتها إلى بعشيقة ، بل ضغطتْ في سبيل تشكيل ما يُسّمى " الحَشد الوطني " ، وهي ميليشيات " سُنِية " من عَرب الموصل بصورةٍ رئيسية ، وساهمتْ في تدريبها وتسليحها أيضاً ، وهي بقيادة محافظ نينوى السابق " أثيل النجيفي " ، الذي يقول بأن " قواته " يجب ان يكون لها الدور الأبرز في عملية تحرير الموصل ! . * لا أدري هل ان المرجعية الشيعية " تورطتْ " بدعوتها الى الجهاد الكفائي وتشكيل ( الحشد الشعبي ) ، بعد إحتلال الموصل من قِبَل داعش ، وإنهيار الجيش والشرطة في كل من نينوى وصلاح الدين والأنبار ؟ .. وكيف يجوز أن تتورط " المرجعية " الرشيدة ؟ أم هل فعلتْ ذلك عن سبق إصرار ؟ .. عموماً ، ومن الناحية العملية ، فأن الحشد الشعبي ، أصبحَ جيشاً رديفاً للجيش الحكومي الرسمي ، بل أن قائده " هادي العامري " وأحد أبرز قياداته " مهدي المهندس " ، صّرحا علناً ، بأن الحشد الشعبي الآن [ أقوى ] من الجيش العراقي !! . ساهمَ الحشد الشعبي في تحرير الأنبار ومدنها من قبضة داعش ، ولعب دوراً رئيسياً في تحرير العديد من مُدن قضاء طوزخورماتو وكذلك مدن صلاح الدين .. ويقول قُواد الحشد الشعبي المدعوم من الحكومة في بغداد والمدعوم بقّوة من إيران أيضاً ، بأن لا أحد يستطيع منعهُ من المُشاركة الفعالة في تحرير الموصل ! . علما ان هنالك مساعٍ حثيثة من أجل دمج الحشد الشعبي بقضه وقضيضه في الجيش والشرطة الحكوميتَين ، من خلال تشريع قانون في البرلمان " وبهذا سيصبح الجيش نفسه ذو نَفَسٍ طائفي مقيت " ! . * " الحشد الوطني " السُني ، المدعوم من تركيا ومن الحزب الديمقراطي الكردستاني ، يقول بأنه لن يقبل ان يُشارِك " الحشد الشعبي " الشيعي ، في تحرير الموصل . الحشد الشعبي ، يرُد ، بأن لا أحد يستطيع منعه من فعل ذلك ! . * رغم إنتشار " خبراء ومستشارين وضباط مخابرات " أمريكان في أقليم كردستان وكذلك في القيارة وبغداد وسد الموصل وتكريت وغيرها من المناطِق ، ورغم الغطاء الجوي الأمريكي الحاسم .. فأن هادي العامري قائد الحشد الشعبي ، يتبجح ، بأنه لن يقبل أن تُشارِك أية [ قوات برِية أجنبية ] في عملية تحرير الموصل ، وأن الحشد الشعبي سيقف بوجه أي قوة أجنبية برية ، تفعل ذلك . حسناً ، هنالك هذه القوات البرية " الأجنبية " التي من المزمع إشتراكها في التحرير : القوات التركية المتواجدة في بعشيقة / القوات الأمريكية المنتشرة في مناطق عديدة في محيط الموصل / القوات الإيرانية العاملة تحت يافطة الحشد الشعبي وميليشيات أخرى / قوات حزب العمال الكردستاني . فكيف سيتم منع هؤلاء جميعاً ؟ هل ستنشب حربٌ متعددة الأطراف ، بين [ المُحرِرين ] أنفسهم ، على أعتاب المدينة ؟ * هل بَقِي أحد من قيادات داعش المهمة في الموصل ، حقاً ؟ أم أنهم إنتقلوا بِحُرية إلى الرقة في سوريا أو حتى إلى تُركيا ؟ هل ستقاوِم داعش بشراسة وتدافع عن أكبر مُدنها ؟ أم ستتخلى عنها ب ( إتفاق جنتلمان غير مُعلَن ) بينها وبين أسيادها الأمريكان والأتراك والسعوديين ، كما جرى في عمليات ( تحرير ؟ ) سنجار وجرابلس وغيرها ؟ حيث كانت هذه المُدن خالية تماماً من عناصر داعش ، قبل دخول القوات " المحرِرة " . * الآلاف من المنضمين والمؤيدين لداعش في الموصل ، طيلة السنتَين الماضيتَين ، يجري الآن حلق ذقونهم وتزويدهم بملابس " مدنية " ، وتهيئتهم بإعتبارهم [[ مُعتدلين ]] وسيكون لهم دَورٌ بارز وحيوي ، في إدارة المحافظة بعد عملية التحرير . وسوف يُلّمَعون ويُعتَبَرون ضحايا ، وتُناط بهم مناصب مهمة ، وتجري رعايتهم من قِبَل أردوغان وأثيل النجيفي وشركاءهم . .......................... إحتلال الموصل ، لم تكن عملية إحتلال تقليدية ، بينَ قوات داعِش مُهاجِمة من جهة وبين قوات حكومية مُدافِعة .. ولم تَجرِ أية معارك " فعلية " ، بل كانتْ إستلام وتسليم . تحرير الموصل ، لن يكون عملية تقليدية أيضاً ، على الأغلب . كُل الحِكاية .. ان داعش قامتْ بنُزهة خلال سنتين ونصف السنة ، في هذه المنطقة ، وسوف ترحل بعد إنتهاء مهمتها . وسوف تُزّيِن صور [ أبطال التحرير الكُثُر ] واجهات الأخبار ووسائل الإعلام . تنويه : حصلتْ بعض الخسائِر ( البسيطة جداً ) : جينوسايد الإيزيديين المُريع في سنجار / مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء في الموصل ومحيطها / إستشهاد الآلاف من البيشمركة والضباط والجنود ومقاتلي جبل سنجار وجبل بعشيقة وبحزاني وطوزخورماتو وغيرها / تشريد الملايين من الهاربين من جحيم داعش وجحيم الميليشيات الطائفية / تدمير الإقتصاد عامةً وتحطيم النسيج الإجتماعي / خسائر مئات المليارات من الدولارات / تدمير الإثار التأريخية / حرمان أجيال من التعليم والصحة والعيش الكريم / إرجاع العراق عموماً والموصل خصوصاً ، عقوداً كثيرة الى الوراء ، في كافة المجالات . عدا هذه " الخسائِر البسيطة " ... فأن كُل شئ على ما يرام ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إختلالٌ مُخزٍ في توزيع الثَروة
-
مصيرُ آلاف - الخديجات - في أعناقكُم
-
بين الواقِع والطموح
-
قَد تكون صحيحة
-
أردوغان .. الجيش وجرابلُس
-
- حَبيب ألْبي -
-
كبابٌ إيراني
-
الملف الكردي في مباحثات بوتين / أردوغان
-
بوتين .. والعَولمة المتوحِشة
-
هل ثّمة أمل ؟
-
كافكا .. وأشياء أخرى
-
غِطاء القِدْر
-
خُدَيدا
-
الوشائِج التي تجمعنا
-
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
المزيد.....
-
الأردن.. جدل حول بدء تنفيذ نص قانوني يمنع حبس المَدين
-
إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد -مقر خاتم الأنبياء- في غارات
...
-
ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرا
...
-
ألمانيا.. السوري المشتبه به بهجوم بيليفيلد عضو في -داعش-
-
بزشكيان يؤيد منطقة خالية من الأسلحة النووية بما يشمل إسرائيل
...
-
نيوزويك: هل كان قصف ترامب مواقع إيران النووية فكرة صائبة؟
-
مقتل 17 جنديا في شمال نيجيريا إثر هجوم جديد على قواعد تابعة
...
-
زيمبابوي تحطم الرقم القياسي بمبيعات التبغ لعام 2025 بأكثر من
...
-
إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
-
الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلا
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|