|
أردوغان .. الجيش وجرابلُس
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5266 - 2016 / 8 / 26 - 15:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رُبّما بسبب الترسُبات القديمة والتراكمات السابقة ، الناتجة عن قرون عديدة ، من الإحتلال العثماني لبلادي ، وحُكمهم المُتخلِف المُستبِد ... فأنني لا أحبُ الجيش التُركي والجندرمة التُركية ... ورغم أنني شخصياً ، لم أرضخ لسطوتهم ، إلا أن تناقُل أخبارهم من جيلٍ إلى جيل ، إضافةً إلى قراءتي المتمعنة للتأريخ ، وّلَد عندي قناعةً ، بأن السُلطة التركية ، متمثلة بالجيش والجندرمة ، هي عنوانٌ للقساوةِ والبداوةِ والعُنصرية والعنجهية الفارغة . هذا هو رأيي كعراقي أولاً وككردي ثانياً ... ورُبما هنالك الكثيرون يُشاطرونني الرأي . ..................... لكن بالنسبة للأتراك أنفُسهم ، فأن الجيش الجديد الذي رعاهُ كمال أتاتورك ، وحافظَ على ما تبقى من الكرامة الوطنية ، بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الاولى ، لهُ مكانةٌ عالية وتقديرٌ كبير . وبغض النظر ، عن آرائي الشخصية بالجيش التركي ومسؤوليته عن مقتل عشرات الآلاف من الكُرد في تركيا وكذلك التنكيل بالمُعارضة اليسارية .. فأن المؤسسة العسكرية تلك ، طالما كانتْ تحمي " علمانية " الدولة . صحيح ان الضباط الكبار ، كان عندهم دوماً إمتيازات إستثنائية ولا سيما أبان الحروب والمعارِك ، وصحيحٌ أيضاً ، ان الجيش كان هو الحاكم الفعلي للبلد طيلة عقود ، ويقوم بالإنقلابات حين يرى ذلك ضرورياً ، لإدامة سيطرته ... لكن الإستقرار " النسبي " للبلد ، والدخول المُبكِر لحلف الأطلسي ، والتفّوِق على الجار اللدود ، اليونان ، في كافة المجالات .. وحتى إحتلال جزء من قبرص قبل أكثر من أربعين سنة والإحتفاظ به ... كُل ذلك ، يُحسَب للمؤسسة العسكرية . بذل أردوغان جهوداً حثيثة ، لإضعاف سيطرة الجيش على مقاليد الأمور ، بل سعى إلى تغيير بعض فقرات الدستور في ذلك الإتجاه ، وخلال السنوات العشر الماضية ، قّدمَ العديد من كِبار الضُباط الى المٌحاكمة بتُهم الإشتراك في المؤامرات أو الفساد . لكن المحاولة الإنقلابية الفاشلة في تموز 2016 ، كانتْ المناسبة ، ليسَ فقط لتقليم أظافِر الجيش وكسر أنيابه ، بل لإهانتهِ علناً ، وتمريغ كرامته في الوحل أمامَ الكاميرات ! . لم يكُن منظر الضُباط الكبار ، وهُم يُجَرجَرون مِنْ قِبَل عناصر الشرطة المدنية ، مُسِراً للكثير من الأتراك التقليديين . ولا أخبار هروب ضباط ومراتب في الجيش إلى اليونان وغيرها من الدول ، مُفرِحاً لعموم الأتراك . .................... بلدة " جرابلس " الملاصقة لمدينة قامشلي ، تبعد عن الحدود التركية ( شَمرة عصا ) لا غير . ولقد اُحتٌلَت من قِبَل داعش قبل أكثر من سنة . ولو أرادتْ تركيا الأردوغانية ، ان تمنع داعش في حينها ، فأنَ ذلك لم يكُن صعباً على الإطلاق بكُل المقاييس . لكن ثبت للقاصي والداني ، تواطُؤ وتعاطُف ودعم النظام التركي ، لداعِش .. فجرابلس كانتْ من المحطات المُهمة لعبور " المجاهدين " القادمين من أنحاء العالم الى سوريا والعراق، ومَمراً لإيصال " المُساعدات " الخليجية ، تلك المساعدات المميتة التي قتلت مئات اللآلاف من السوريين والعراقيين . والآن .. كَم كانَ إخراج مسرحية ( تحرير ) جرابلس ، سخيفاً وبليداً وساذجاً ؟ فما يُسّمى " جيش سوريا الحُر " الذين هُم مُجرَد مُرتزقة أوباش يهربون عند أول مُجابَهة .. جيش سوريا الحُر هذا ( حّرَرَ ) جرابلس من داعِش ، خلال بضع ساعاتٍ فقط ! . بدعمٍ من الدبابات والمدفعية والقوات الخاصة التركية . أنهُ أيها السادة : تسليمٌ وإستلام . كما سّلمتْ تركيا وجبهة النصرة ، جرابلس إلى زملاءهم من داعش ، قبل أكثر من سنة .. فاليوم إنتهى دَور داعش ، فسّلموا الأمانة إلى تركيا وعملاءها . وما قصف الطائرات والدبابات وبعض التفجيرات هنا وهناك ، غير ذّر الرماد في العيون . .................... إلى جانب .. قطع الطريق على " قوات سوريا الديمقراطية " ومنعهم من الوصول الى جرابلس والباب وحرمانهم من الإتصال بعفرين ... فأن أردوغان ، يُحاوِل إعادة كسب ثِقة الجيش التركي ، ومُغازلة الجنرالات الذين اُهينتْ كرامتهم مُؤخَراً . لكن إذا تمادى أردوغان وعبرتْ قواته مدينة جرابلس وإقتربتْ من حلب ... فسيكون بذلك قد غاصَ فعلاً في مُستنقعٍ ، لن يخرج منهُ مُعافى مُطلَقاً . إيران تُحارِب في سوريا بالوكالة ، من خلال حزب الله وميليشيات شيعية أخرى ... أمريكا تُحارِب من خلال الطائرات والخبراء وقوات سوريا الديمقراطية وفصائل أخرى ... روسيا تُحارِب من خلال الطائرات والخبراء ودعمها ورعايتها للنظام السوري ... السعودية ودول الخليج ، من خلال دعمها المتنوع للجماعات المتطرفة وداعِش ... لكن كُل هؤلاء ، لم تدخل جيوشهم " رسمياً " في أرض سوريا ... عدا الجيش التركي الذي دخلت دباباته الى جرابلس قبل يومَين . رغم مُؤشرات تواطؤٍ دولي وقبولٍ ضمني من أمريكا وروسيا والغرب عموماً ، بالخطوة التركية .. فأن هنالك مُؤشرات أيضاً بتوريط تركيا بالوحل السوري اللزج ، كما تورطت السعودية بالمستنقع اليمني الذي لاتعرف كيف تخرج منه .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- حَبيب ألْبي -
-
كبابٌ إيراني
-
الملف الكردي في مباحثات بوتين / أردوغان
-
بوتين .. والعَولمة المتوحِشة
-
هل ثّمة أمل ؟
-
كافكا .. وأشياء أخرى
-
غِطاء القِدْر
-
خُدَيدا
-
الوشائِج التي تجمعنا
-
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
-
كما هو ظاهِر .. كما هو حاصِل
-
بعض ملامِح الوضع في الأقليم
-
إتجاهات الرِياح
-
مُصارَعة إستعراضية
-
لن نغرَق
المزيد.....
-
قمة ترامب - شكلا ومضمونا، كل شيء مقابل لاشيء
-
سوريا: فيديو متداول لـ-انشقاق قوات من قسد وانضمامها إلى العش
...
-
-لا يمكن رشوة بوتين لإنهاء الحرب-- مقال رأي في التلغراف
-
جدل متصاعد حول التمييز.. دعوات في فرنسا لمقاطعة المنتجعات ال
...
-
رجال الإطفاء يصارعون النيران للسيطرة على حرائق الغابات المست
...
-
مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدل
...
-
جعجع يؤكد دعم المؤسسات ويعتبر تصريحات قاسم تهديدا للبنان
-
الليثيوم.. المعدن الحيوي يشعل سباقا عالميا في عصر الطاقة الم
...
-
صحف عالمية: الطفولة تختفي بغزة وأطفالها يخضعون لجراحات دون ت
...
-
“نظرتُ خلفي ولم أرَ أحدًا”.. ناج من فيضان مفاجئ يصف مصرع حوا
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|