|
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 02:59
المحور:
كتابات ساخرة
شاءت الظروف والحظ الحسن ، أن أزور أوربا للمرة الثالثة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ، المرتَين السابقتَين في الشتاء ، وهذه المرة في عّز الصيف ، أدناهُ بعض الملاحظات والإنطباعات : * منذ أن قررتُ أن أكتب بإنتظام ، قبل حوالي التسعة سنوات ، لم يسبق لي الإنقطاع عن الكتابة لمدة تتجاوز العشرة أيام . إلا في هذه الفترة ، حيث مضى أكثر من خمسة عشر يوماً على كتابة آخر مقالٍ لي ، أي منذ وصولي إلى برلين . ولقد تجولتُ في ألمانيا والنرويج والسويد والتشيك . وإكتشفتُ أن " أجواء " هذه الأماكن ، لاتُساعِد على الكتابة ، و " مناخ " هذه الأصقاع ، لا يُشّجع على الإبداع ! . * قد لا يُؤيدني البعض على الطرح أعلاه ، ورُبما يعترض آخرون . ولكن سيداتي سادتي ، ولكي أكون صريحاً معكم ، فأنني وأمثالي ، هُنا في الأقليم وفي العراق عموماً ، دَفَعَتْنا الضغوطات للكتابة ، أجْبرَتْنا اللاعدالة المُفرِطة ،على الخَوض في الشأن العام ، جّرَنا فَساد السُلطة وأحزابها ، على الإنتقاد والوقوف بوجهها ، شّجعنا إنغماس أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة المتنفذة ، في الخزعبلات والغيبيات والنفاق والمتاجرة بالدين والمذهب ، على فَضحِها وإدانتِها . أرْغمَتْنا الأحزاب القومية بفروعها العربية والكردية وحتى التركمانية ، بتوجهاتها الضيقة الأُفُق ونهجها الإنعزالي ، على مناوئتها . ولكن ومنذ وصولي إلى برلين في مقتبل تموز ولغاية مغادرتي البارحة ، كنتُ في عالمٍ آخَر ، ليسُ لهُ عِلاقة ببلدي ، لا من قريبٍ ولا من بعيد . فكُل موقفٍ وكُل لحظة ، تقودني إلى ذاك الفِعل المُؤلِم ، إلى : المُقارَنة اللعينة ! . بحيثُ بُتُ أكره المُقارَنة كُرهاَ . * اليومُ قُلتُ لأختي الكبيرة ، الحجّية ، التي جاءتْ لتزورني بمناسبة عودتي من سفرة العلاج والإستجمام : .. ليستْ هنالك عَدالة ، في المناخ ، ففي 13/7/2016 ، كنتُ في بلدة ( إلفيروم ) التي تبعد حوالي المئتي كيلومتر عن أوسلو ، حيث هطلتْ أمطار غزيرة مصحوبة بالحالوب ، وكانت درجة الحرارة 15 درجة مئوية . في نفس الوقت الذي كانتْ درجة الحرارة في دهوك 46 درجة وفوق الخمسين في بغداد والجنوب . قاطَعتْني الحجّية قائلة : لا تكفر يا أخي ، فتلك مشيئة الله وهذهِ إرادَته !! . * عصر يوم الثلاثاء 26/7 كُنا جالسين في ( تْريبتاور بارك ) ، تلك الحديقة الكبيرة وسط برلين ، تحت شجرةٍ عملاقة وارفة الظل ، على ضفاف النهر . كُنّا عشرة ذكور ، كُلهم عراقيون كُرد من حاملي الجنسية الألمانية ، عَداي أنا . على بُعد أمتار مّنا ، كانت الفتيات بمعية أصدقائهن ، يفترشن الأرض الخضراء بِكُل عفويةٍ وحُرية ، وحسناوات بالمايوهات يمخرنَ عباب النهر على زلاجاتٍ صغيرة ، وهُنّ يلّوِحنَ لنا بأكفهنَ الجميلة .. أمضَينا ساعاتٍ في إحتساء الخمور مع الجاجيك والفستق والجلفراي ، تخللتْها مقاطع رائعة من العزف على الناي والكمان . حتى حين كان الحديث يدور بين الفينة والفينة ، عن القامشلي وعن الأوضاع الصعبة في الأقليم وعن دياربكر .. فأنهُ كانَ باهتاً وغير حقيقي ومُفتعلاً ... وسطَ ذاك الجَو الخّلاب والجمال الآسِر ! . لا أظنُ ان الكُرد العراقيين ( الذين رأيتهم هناك على الأقل ) ، المنغمسين بهمومهم البرلينية اليومية ، يُقدمون شيئاً لقضايا الأقليم والعراق عموماً ، غير " التعاطُف المعنوي " . وأنا نفسي ، إندمجتُ مع الطقس الرائع والطبيعةِ الساحرة والجمال الباهِر .. بحيث إبتعدتُ عن الكتابةِ لعدة أسابيع .. ألَم أقُل لكم ، بأن الأحوال هُنا في أوربا ، لا تُساعِد على الكتابة ؟! ................. مثل " المُجترات " ... سأحاول إسترجاع بعض ما إختزنَتْهُ ذاكرتي الأوروبية ، في الأيام القادمة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
-
كما هو ظاهِر .. كما هو حاصِل
-
بعض ملامِح الوضع في الأقليم
-
إتجاهات الرِياح
-
مُصارَعة إستعراضية
-
لن نغرَق
-
سوء فِهم
-
رواتب مُتأخِرة
-
لا تُعانِق الخَوَنة
-
ليسَ إلا
-
الشريعة .. وقَضم الأظافِر
-
مُلاحظات أولية حول إتفاقية كوران / الإتحاد
-
- شعبان تحت الصِفر -
-
جّبار أبو العَرَق
-
بُندقية جدّي
-
مرآة السُلطة
المزيد.....
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|