أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام صادق - سبعُ قصص قصيرة















المزيد.....

سبعُ قصص قصيرة


سلام صادق

الحوار المتمدن-العدد: 5288 - 2016 / 9 / 18 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


في مدينة غريبة، شوارعها ضيقةٌ طويلة نصف مضاءة، التقيتُ الصديق الشاعر عين. نون، وكان يبحث عن سكن يقضي فيه ليلته تلك وكان هذا همّي أيضا. فاتفقنا على البحث سوية ونحن ننوء بحمل حقائبنا الثقيلة.
عثرنا على فندق شاهق بين بيوت واطئة تمتد لمسافات بعيدة، قضينا فيه ليلتنا،
وفي الصباح احتج عين.نون لضيق الأسرّة في الفندق
خرجنا نبحث عن فندق بديل بأسرّة واسعة
انحرفت بنا سيارة الأجرة عن جسر فخم مزين بلافتات وبالونات أعياد ملونة وهوت في الماء
وبينما كانت السيارة تذهب باتجاه الأعماق كانت تخلف وراءها فقاعات من الهواء هائلة
كانت احداها قد احتوتنا
رحنا نضحك ربما فرحا بنجاتنا
قال لي عين. نون الآن اصبح بامكانك ممارسة هوايتك المفضلة بصيد الأسماك
وبامكاني كتابة قصيدة عن هذه الرحلة القصيرة نحو الأعماق
لكننا حين تلفتنا حولنا ادركنا بحدّة غياب قائد الرحلة فقد بقي خارج الفقاعة، فانخرطنا في البكاء
لم نصطد سمكاً ولم نكتب شعرا .

***

لأول مرّةٍ في حياتي، المرأة التي تستلقي أرِقة جنبي قالت لي بانني كنت اضحك بصخب في حلمي
قلت لها اكيد بان هنالك خطأ ما
قالت : كيف؟
قلت : لم اكن اضحك
قالت : كيف؟
قلت حلمي وانا اعرفهُ افضل من اي انسان آخر، فقد كنت عاريا اطارد الفراشات في مرج أخضر مكسو بالورود، ولي جسد صبي بساقين نحيفتين قد تثيران الضحك لسواي، لكنني كنت اشعر فيهما قوة هائلة تستطيع ايقاف القطار الزاعق الخاطف الذي يشق المرج يوميا عدة مرات
وبينما كنت احادثها احسست كانني خرجت للتو من ذلك الحلم فأضفت
واذا كان ماتقولينه صحيحا، بانني كنت اقهقه بصوت عال في حلمي فسأرضخ لوعيك ويقظتك واقول : نعم ربما كنت اضحك، لكنني لا اعرف لِمَ كنت اضحك، أمن سوريالية حلمي أم نحافة ساقيَّ، ام من قوتي الخارقة الفائضة عن الحاجة، فحتى احلامنا تتركنا في حيرة من امرنا، عندها التفتُّ ناحيتها ووجدت نفسي مجبرا على التوقف عن متابعة الحلم، فقد غطت في نوم عميق وتركتني يقظاَ.

***

البارحة استيقظت مبكرا، وقبل ان اتناول فطوري كالمعتاد، غادرتُ البيت ورحت اسيرُ بلا هدف، او ربما كنت كأنني ذاهب الى مركز شرطة لانجاز بعض الوثائق التي تتعلق بوجودي القسري في هذه المدينة الراقدة حضن الفراغ.
جميع السقوف التي مررت بها كانت واطئة اكثر مما كانت عليه ماعدا سقف الغابة البعيد
رحتُ اغذ السير فقد اصبح هو هدفي،
حاولت الركض مرات عدة لكن محاولاتي باءت بالفشل في الوصول الى صف الاشجار الشاهقة المتقدمة، كان قلبي ينبض بسرعة فائقة ولهاثي يتقطع وصوت صدى ينبعث من الغابة هاتفا، لن تستطع، لن تستطع
ولاثبات وجودي في مثل هذه المواقف المحرجة، احسستُ جسدي كله يتكور في فمي على شكل صرخة :
آه من الكذب والدجل يا ظلال الهباء
وصلت بصعوبة بالغة احد اطراف الغابة المنفتح على مرج شاسع ، خطوت خطوات بسيطة فصادفني او ل ما صادفني وخفف عني رجلُ في مدخل الطريق الضيقة الى قلب الغابة، يعزف على كيتاره ويبكي وحيداً.
افترشت الارض بمحاذاته
جعلت من نفسي صحبته دون سابق انذار
طلب مني الغناء
قلت له لا اجيد ذلك، الصراخ اقرب الى هواياتي
وان شئت فانني اجيد البكاء مثلك او ربما العويل
فجأة وبدون سابق تخطيط حدّقنا في عيون بعضنا، نزّت دمعة حارة من مقلتي، فعل هو كذلك، وانخرطنا سوية في البكاء
فراح الكيتار يئن ويشاركنا حفل الغرباء
البكاء موهبة عظمى غابت عنها الاخطاء
البكاء غناء.

***

لااحد يعرف من هي غيري، وماذا تشكل بالنسبة لي،غيري، لكن الكل يعرف بانها تحبني وتحب البكاء كثيرا على كتفي، خاصة حين تطول ليالي الشتاء ، ومذ كانت صغيرة كانت تتبعني مثل ظلي اداعب ظفائرها واشتري لها شعر البنات والان وبعد أن كبرت وتغربت مثلي تجلس منزوية، تستمع إلى الموسيقى وتقرأ في كتاب اسود الغلاف تخفي عنوانه عني وتبكي، فقد رحلت امها مبكرا، ومن حق الأطفال الكبار أن يغضبوا أيضا وينفجروا بالبكاء مع أول محاولة للتربيت على اكتافهم فقد فاتهم منه الكثير.
الآن الآن اوشك النص على نهايته ومازالت تجلس على حافة السرير بكامل ملابسها وتبكي، رغم أنها لم تعد طفلة بعد مرارة كل هذا البكاء لكنني مازلت استمع من البعيد إلى أنفاسها تتقطع، تعلو وتهبط وهي تكتب رسالة إلى أمها الميتة.

***

على مضض كنت قد تنازلت عن قطتي لصديق وعدني بالعناية بها لأنني كنت قد تزوجت حديثا وزوجتي تكره القطط
قالت لن ادخل البيت طالما فيه قطة.
لم تكن تعرف بأنني حينما اتخلى عن قطتي انصياعا لرغبتها فسوف تعبث الجرذان برسائل حبها القديمة المكدسة في صندوق متاكل في بيت ريفي على طرف غابة
لكنها وبعد عشر سنوات وحين قررنا الانفصال عن بعضنا أخذت معها الصندوق المتاكل بما يحويه وابقتني مع الجرذان وحيدا دون قطتي
كانت الجرذان تعبث في صندوق الرسائل، تقرض حافات المضاريف الوردية وتخربش كل قلب مرسوم بالاحمر وتاكل رؤوس السهام المدببة..
ماذا أفعل لجرذان تعتاش على الحب
غير أن ارمي بها في نيران جهنم من السموم تحرق احشائها بعد ان اكلت ألوان الحب ولم تترك سوى عفن الكراهية.
ملاحظة..هناك مقطع مكمل لهذا النص كتبته علئ ورقة منفصلة وتركته علئ طاولة المطبخ بينما كنت اعد الطعام لنفسي ولم اعثر عليه بعد أن انتهيت من تناول الطعام.
***
من على حطام سفينة متآكلة تغرق، انتشلتني كفّ الله الضخمة المتشققة، بعد ان طرح معوله جانباً، معوله الذي كان يشقق به الصخور، ليفتح لكائناته مسالك الحياة ودروبها الوعرة كما علمنا شيوخ القرية .
انتشلتني كف الله ووضعتني بعناية فائقة على رصيف لشارعٍ مقدس اعرفهُ فيما مضى
الرصيف يعج بالناس وبالجنود المدججين بالسلاح والذين اصطفوا خلال ثوانٍ على طول الرصيف بشكل عفوي وبانتظام تام.
تمالكت شجاعتي وسألت الواقف جنبي فاجابني بان السيد في الطريق الى هنا
ولم افهم شيئا، فقد حدقّتُ في الوجوه من حولي ولم اجد عبيداً في سلاسل او قيود، وفي تلك اللحظات رانَ صمت ثقيل على المكان، بينما كان السيد يصافح الكل وهو يبتسم ابتسامته العريضة المعروفة للوجوه المنهكة المتعبة.
وحين جاء دوري، مد يدهُ لمصافحتي، فاحسستُ بان كفّهُ ناعمة ككف طفل بل ان لها ملمس الحرير، فتذكرتُ كف الله الخشنة التي انقذتني من الغرق.
وتنحيت جانباً، فسحت المجال لاسرى الوهم يتسللون لماء طاغٍ يقودهم الى تيه يسلمون فيه قيادهم لهذا الرجل
عندذاك هل ستنقذهم كف الله من الغرق أيضاً؟؟

***

سألني جاري ذو السمنة المفرطة وهو يجر انفاسه بصعوبة بالغة، جاري هذا المولع بتربية الحيوانات، قطط، كلاب، افاعي، اسماك،
لا اظنكَ تخاف من شيء الآن وانت الذي عاصرت وعايشتَ كل هذه المصائب، مِمَ تخاف الآن؟؟
وكان منهمكا بالتربيت على راس كلبه الضخم والمخيف
فقلت له لا اخاف شيئا، الموت لايخيفني بقدر خوفي من الحياة !
غادرني الى داخل بيته مقهقهاً، وعاد بكيس نايلون شفاف مليء بعلب الادوية وضعه على الطاولة المستديرة امامي قائلا : هل تحب ان تشاركني وجبة الظهيرة؟
قلت له شكرا، فلدي منها مايكفيني وهي ماتجعلني اخاف الحياة فبدونها ارى ان الموت اجمل من حياة زائفة معها.



#سلام_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر ناجي رحيم : شقيق العزلة وعزيز بودلير غير الممتعض
- حلاوة شباط السوداء
- في ثقافة الاعتراف والاعتذار : اعترافات السيرة الذاتية
- عشاؤهم الاخير
- بالدمعِ صعوداًَ حتى نضوب السَحاب
- أمطاري خائفةٌ والقِداحُ خجول
- الظلام في نهاية السُلّم
- أبرأ منك ِ وانتمي اليكِ
- ليس بعيداً يرسو قاربُ العبيد
- منفىً آخر
- طيورٌ عمياء في بلادٍ بيضاء / أو رجال الزمهرير
- دفقة دم في جسد اليسار
- إمرأة بمبعدةٍ كما غيمة تذرف نفسها
- تعداد للسكان وليس للطوائف والقوميات والاديان
- القصة وما فيها
- هشاشة الدهشة /2 شعائر القرمطي الأخير
- هناك حيث الطفولة فردوس القصيدة المَفقود المُستعاد
- التكتم على العدد الحقيقي للضحايا
- الفارسُ المصاب ُ في كاحلهِ
- طائرُ الحرف المسماري مقتولاً يغرد


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام صادق - سبعُ قصص قصيرة