سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1406 - 2005 / 12 / 21 - 10:50
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
عملـية التصويت الأخيرة المسمّــاة " انتخاباتٍ " ، كانت مثـل سابقتَــيها ، ذاتَ سقــفٍ حدّدهُ صدّام حسين ؛ أقصدُ من هذا أن مضطهَــدي العهد السابق ، في الطائفة والعِــرْق ، هم الذين فرضوا أنفسَـهم على الحالة ، بوسائل شــتّـى ، لا يمكن حصرُها ، لكنْ لا يمكنُ أيضاً إدراجُها في تنويعات التطبيق الديمقراطي ؛ فالأحزاب الدينية والعِــرقية مـمنوعة من العمل السياسي ، إطلاقاً ، في سائر البلدان العريقة في الممارسة الديمقراطية ، بينما الجماعات التي فرضت نفسَها فرضاً في التصويت الأخير كانت من تلك التي تُـمْــنَعُ مثيلاتُها في المجتمعات الديمقراطية كما أسلفتُ .
نحن إذاً ، نعيشُ وننشط ونتناهش ، في فضاء صدّام حسين ، غيرِ الديمقراطيّ : لم نغادرْه ، وإنْ غادرَنا .
وأعتقدُ أن لهذا سبباً واضحاً فريداً .
فهذه الأحزاب الدينية والعِـرقية ، لا تملكُ من الحيثيّــة السياسية والأخلاقية غيرَ ما يتّـصلُ بالماضي .
وهي عاجزةٌ ، ضمناً ، وبنيوياً ، عن أن تكون في الحاضر أو المستقبل ، أي أنها عاجزةٌ عن فكِّ ارتباطِها بالسقف الذي وضعه صدام حسين ، كما أنها عاجزةٌ عن تقديم نفسِـها بصورة تنافسيّــةٍ حرّةٍ لفرط ما أثقلت به جسدَها ، من صفقاتٍ وارتشاءٍ وفسادٍ ومعاوَنةِ محتلٍ ، ومن قتلٍ و دَهْـمٍ وتعذيبٍ واستيلاءٍ على ممتلكات .
وحين أُتيحتْ لها فرصةُ التحكُّمِ بالبلاد والعباد كشّــرتْ عن أنيابٍ أقسى من أنياب المستعمِـر نفسِـه.
وهيَ لم تُعْـنَ حتى قليلاً بما قالت إنها منذورةٌ له :
فلا كردستان استقلّتْ ( وهذا ما سُجِنْتُ من أجْله ) …
ولا الأرضُ مُلِئَتْ عدلاً بعد أن مُلِئَتْ جَوراً ( وهذا ما قُتِلَ وسُجِنَ من أجله الآلافُ المؤلَّــفة ) …
لكنّ إدامـةَ السيطرةِ الاستعمارية على العراق ، تشترطُ إدامةَ استخدامِ الجماعاتِ المتعاونة ، حتى لو كان ذلك منافياً التقاليدَ الديمقراطية في المتروبول ذاتِــه .
وإلى أن تتغيّـر الخارطة السياسية ، فتولد أحزابٌ وطنيةٌ ليست دينيةً أو عِــرقيةً … سنظل محكومينَ بطرفَي الكمّـاشةِ : الاحتلال وأعوانه .
لندن 20/12/2005
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟