|
هارولد بِنْتَر والعراق
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 11:48
المحور:
الادب والفن
هارولد بنتر ، المولود ، عام 1930 بلندن ، والحائز هذا العام على جائزة نوبل ، هو الأكثر تدفُّقاً وحضوراً في حركة " الموجة الجديدة " من المسرحيين الذين منحوا المسرح البريطاني حياةً جديدةً في الخمسينيات وأوائل الستينيات ، وهو الآن كما تقول التايمس " أفضل مسرحيٍّ حيٍّ لدينا " . شرعتُ البارحة أُترجِم إحدى مسرحياته ، من غير ذوات الفصل الواحد ، الشهيرة التي قرأتُها في وقتٍ مبكِّــرٍ جداً … المسرحية هي " خيانة" ، Betrayal ، وهي أقربُ إلى مسرح اللامعقول ، لكنّ ما يشدُّها إلى الأرض ملموسٌ ، مريرٌ ، مُـكنّـىً عنه ، لا مُـصـرَّحٌ به … شأن أعماله الأخرى . مرهَفٌ هو بِـنتَـر ، لكنْ كإرهاف حدّ السيف . هذا العامَ ، كان مقرراً أن أقف معه ، في الساحة العامة ، متكلماً في اجتماعٍ جماهيريّ ضدّ الحرب ، لكني لم أستطع الحضورَ ، لسببٍ لا أتذكّــره الآن . على أي حالٍ … أبعثُ ، تهنئةً صريحةً ، من القلب ، إلى هارولد بنتر ، الفنان ، والمناضل ، والمدافع عن الشعب العراقيّ ، في محنته التي هي ليست كالمِـحَـن . أبعثُ بتهنئتي التي يشاركني فيها الكثير من العراقيين ، إليه ، لمناسبة فوزه بجائزة نوبل . وأقول له : شكراً لكل كلمة حقٍّ نطقتَ بها ! * كلمة هارولد بنتر في حفل تسلُّمه جائزة وِلْـفْـرِدْ أُوِين 18 آذار 2005
إنه لَشرَفٌ حقيقيٌّ . ولفرد أوين كان شاعراً عظيماً . لقد دوّنَ مأساةَ الحرب ورعبَها وتعاستها ، كما لم يفعل شاعرٌ آخر . لكننا لم نتعلّـم شيئاً . إذ بعد حوالي مائة عامٍ من وفاته صار العالم أكثر وحشيةً وقسوةً وظُـلماً . لكن قيل لنا إن " العالم الحرّ " ( ممثَّلاً بالولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ) مختلفٌ عن بقية العالم ، لأن ما نفعله مقدّرٌ ومقرَّرٌ أخلاقياً من لَـدُنِ من يدْعى الله . قد يجد أناسٌ صعوبةً في فهم ذلك ، لكن أسامة بن لادِن يجد الأمرَ سهلاً . كيف كان يمكن لأفرد أوين أن يرى احتلال العراق ؟ عمل شُقاةٍ ؟ عملاً صارخاً من إرهاب الدولة يزدري ازدراءً كاملاً بمفهوم القانون الدولي … إنه إجراءٌ عسكريٌّ متعمَّـدٌ ، مبنيٌّ على سلسلة أكاذيب وأكاذيب ، واستغلالٍ شنيعٍ لوسائل الإعلام ، وبالتالي للجمهور . إنه إجراءٌ يُقصَـدُ منه توطيد السيطرة العسكرية والإقتصادية الأميركية في الشرق الأوسط ، بالحجّة الأخيرة ( فقد سقطت كل الحجج الأخرى ) : التحرير . إنه تأكيدٌ هائلٌ على القوة العسكرية المتسببة في مقتل وجرح الآلاف والآلاف من الناس الأبرياء . حصيلةٌ مستقلّـةٌ ، وموضوعيةٌ تماماً ، للقتلى المدنيين ، ظهرت في " لانسَيتْ " ، تقدر القتلى بمائة ألفٍ . لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غير معنيّـتَين بإحصاء القتلى العراقيين . وكما قال الجنرال تومي فرانكس (من القيادة المركزية الأميركية ) : " نحن لا نُحصي أجسادَ القتلى " . لقد جئنا بالتعذيب ، والقنابل العنقودية ، واليورانيوم المنضّب ، وما لا يحصى من القتل العشوائي ، والتعاسة ، وإذلال الشعب العراقي ، وسـمَّـينا ذلك " جلب الحرية والديمقراطية إلى الشرق الأوسط " . لكن ، كما يعلم الجميع ، لم نُستقبَـل بالزهور المتوقَّـعة . بل لقد أطـلَـقْــنا مقاومةً شديدةً لا هوادةَ فيها ، وفـوضى عارمةً . قد تتساءل الآنَ : وماذا عن الانتخابات العراقية ؟ لقد أجاب الرئيس بوش بنفسه عن هذا السؤال ، أمس ، حين قال : " لا يمكن أن نتقبّـل أن تكون هناك انتخابات ديمقراطية حرةٌ في بلدٍ تحت الاحتلال الأجنبيّ " . كان عليّ أن أقرأ هذا التصريحَ مرتَينِ لأعرف أنه كان يتكلم عن لبنان وسوريا . ماذا يرى بوش وبلَـير ، حين ينظرانِ إلى صورتَـيهما في الـمرآةِ ؟ أعتقدُ أن وِلفرِد أوين سيشاركنا شعورَنا بالاحتقار والاشمئزاز والعار والرغبة في التقيّــؤ ، من أقوال وأفعال الحكومتين الأميركية والبريطانية . * قصيدة القنابل
لم يعُد لدينا المزيد من كلماتٍ تقال كلُّ ما تبقّـى ، القنابل التي تنفجر خارجةً من رؤوسنا . كل ماتبقّـى ، القنابل التي تمتصُّ ما تبقّـى من دمنا . كل ما تبقّـى ، القنابل التي تصقل جماجمَ الموتى . هارولد بنتر
ترجمة وإعداد : سـعدي يوسـف
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المِنْتَفْجِي … رئيساً
-
جَبْلة
-
تنويعٌ على سؤالِ رئيسِ أساقفةِ كانتربَري
-
أبو حفصة الجعفري راحلٌ مثلَ كلبٍ أجرب
-
رسالةٌ أخيرةٌ من الأخضر بن يوسف
-
أبو حفصة الجعفري والأدباء
-
نيو أورليانز
-
بعد قراءة روايةٍ عن القرن التاسع عشر
-
من ساحة الجمهورية إلى الطُرُق الأربعة
-
- الدستور- وغبارُه
-
عَوّامَةُ النِّيل
-
نَـدُقُّ الصّــنجَ العــالي
-
هــادي الـعَــلَــويّ
-
مَـن يَـخــطو سَــبْــعـاً ؟
-
عــدَن 1986 … إلخ
-
الــتَـفَـكُّـرُ في الـنّـصْــرِ
-
كونشيرتو للبيــانو والكْلارِيْـنَتْ
-
قصيدةُ مَـــديحٍ
-
في ثـقــافة التــحريــر - الشأنُ الثـقـافيّ في بـلدٍ محتـلٍّ
-
أبْــلَــهُ الـحَـيّ
المزيد.....
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
-
بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|