سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1369 - 2005 / 11 / 5 - 11:38
المحور:
الادب والفن
بينَ مُـقامـي ( أعـني بَـيـتي في القرية ) ، والـبَــرِّيّــةِ ، رَسْــمُ ســياجٍ خـشـبٍ .
كان سياجاً ينهشُــهُ السُّـــرْخُـسُ والـطُّـحْـلُبُ والـمطرُ الدائمُ . أحياناً يبــدو أخضرَ .
أحياناً يبــدو بُـنِّـياً . يتحوَّلُ أزرقَ في الأحلامِ . وأسْــوَدَ في الكابوسِ . وأبيضَ حينَ تضيقُ الدنيا .
( الملحوظةُ ) : أقصدُ فِعلاً ، وبلا أيِّ مُراوَغَةٍ أو أوهامٍ ، أو أيّ تقاليدَ لنا في التعبيرِ ، سِــياجاً فِعْـلِـيّاً .
كلَّ صباحٍ يدنو منــي . يوماً في سِــيماءِ غزالٍ . يوماً مع ثعلبِ فجــرٍ . لكنْ … أبداً في هيأةِ
طيرٍ . منذُ الرابعةِ ، الفجرَ ، يناديني باسمٍ من أســماءِ الطيرِ : أَفِــقْ يا غافِــلُ ! وافتَحْ عينَيكَ !
أَلَــمْ تهجِسْ هذا الكونَ ؟ ألَــمْ تتحسَّــسْ نبضَ الدَّوحِ ؟ أَلَــمْ تَـسْـتَفْ ضَوعاً سِـرِّيّـاً ؟
سَــرِّحْ طَــرْفَكَ بِضْعَ ثوانٍ … أَوَلَـمْ تتخاطَفْ في الـبُــعْـدِ مياهُ بُحيرةِ قارونَ ؟ ألَـمْ تَــرَ
قافـلةً لِــمَـغارِبَــةٍ ماضِـينَ إلى الكـنْـزِ ؟ فكيفَ تقـولُ ، إذاً ، إنك أَعْــلَـمُ بالسِّحـرِ
من السّــاحرِ ؟ لا !
لاتقلِبْ سُــحْـنَتَـكَ ! السُّـحْــنةُ ليستْ كالسُّــتْـرةِ … والـمنـزِلُ ليسَ الـمَسْــكنَ .
أنتَ تُراوِغُ نفْـسَكَ !
هل تســمعُـني ؟ هذي الجدرانُ الأربعةُ القرمــيدُ … أتحسـَـبُها عازلةً ؟ هي أوهَى من نسْــجِ
عناكبَ في رأســـي . هل تعْـلَـمُ أن فتى الفِتيانِ هو القادرُ أن يَعـبُـرَني قَــفْزاً كي يدخلَ فـي
الـبَــرِّيَّــةِ ؟ هل أبصرتَ البـرْقَ الآنَ ؟ غريبٌ ! هل سُــمِـلَتْ عيناكَ ؟ وهذا الرعدُ ... ألَــمْ
تســمعْــهُ ؟ غريبٌ ! هل وُقِــرَتْ أُذُناكَ ؟
تراوِغُ نفسَكَ !
أرجوكَ ، اســمَـعْني …
أنا لستُ ســياجاً لـلـبَــرِّيّــةِ ؛
أنا رَسْــمُ ســياجٍ في الـبَــرِّيّـةِ ...
أمّــا أنتَ … فَـمَـنْ أنت ؟
لندن 21/5/2005
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟