|
التّعميم كظاهرةٍ مدمرّةٍ في العلاقات الإنسانيّة( علاقات الحبّ مثلاً)
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 15:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لابدّ في البداية من طرح السّؤال التّالي : هل التّعميم هو فلسفةٌ علميّةٌ صائبةٌ أم أنّها فلسفةٌ مضلّلةٌ ؟ ممالاشكّ فيه أنّ العلماء بغالبيّتهم يجنحون إلى إكتشاف القانونٍ العام الذي يوصّف سيرورة الوجود من حيث وجوده كوجودٍ قائم بسبب علّةٍ ما ( الله مثلاً) له بدايةٌ وربّما ليس له نهايةٌ وربّما لا إنّ فكرة العلّة الأولى المسبّبة للوجود لاتزال شغل العقل البشريّ الشّاغل بسبب إستحكام قانون السّببيّة في الفكر الإنسانيّ ولمّا يزل هذا الإستحكام قائماّ وبقوّةٍ مثيرةٍ للدهشة بعد أن أثبتت الفيزياء من خلال المنطق الرّياضي الصّارم أن هذا الوجود يمتدّ إلى اللانهاية وغير المحدودة لأنّ الطّبيعة لا تقبل الفراغ وبالتّالي لايستطيع عاقلٌ في الكون أن يقول أين هي حدود الكون المادّي لأنّه بالتّأكيد لايوجد في الوجود الفراغ العدم بمعناه الفيزيائي إذاً علينا أن نلاحظ أنّ فكرة التّعميم هي من حيث المبدأ تعبيرٌ عن قلق العقل المؤمن الذي لايرضى بأقلّ من وجود خالقٍ لهذا الوجود وهنا أنا أستخدم مفردة الوجود بدلاً من مفردة الكون لأنّ مفردة الوجود هي الأشمل فمفردة الكون أصلها من فعل كان وهذا الفعل ناقصٌ كما نعلم ولا يفيد الإكتمال بمعنى أنّ الكون هو وجودٌ ناقصٌ مما يلغي فكرة أنّ الوجود هو مانراه وما لانراه نستنج ممّ سبق أنّ فكرة التّعيم هي فكرةٌ أصيلةٌ في الفكر الإنسانيّ سببه عمق فكرة الله في اللاوعي الجمعي لجماهير المؤمنين والذين كثير من العملاء ينتمون إليهم ماالذي يفعله التّميم فينا على صعيد العلاقات الإنسانيّة ؟ لنلاحظ مثلاً قول الغالبيّة منّا وكما قال إبن خلدون : العرب ليسوا بناة عمرانٍ وحضارة ٍ بل هم مدّمرون لكلّ بنيةٍ عمرانيّة حضاريّة وأنا هنا سأفسّر سبب قول إبن خلدون هذا على أنّه مستقىً من ظاهرة عدم الإستقرار في الأرض الذي يتغلغل عميقاً في اللاوعي الجمعي للبدو الرّحل ,ولكن هل هذا صحيحٌ بالمطلق ؟ بكل تأكيدٍ لا .لأنّ الوقع يقول غير هذا مع أنّ فكرة البداوة ماتزال عميقة الجذور في لاوعي الكثيرين من الأعراب أو كقولنا مثلً كلّ الرّجال خونة لنسائهم أو لحبيباتهم أو لعشيقاتهم . أو كقولنا كلّ الّنساء ماكراتٌ يتمنّعن وهنّ راغبات دعونا نأخذ التّميم الأخير : كلّ النّساء يتمنّعن وهن راغبات . أليس هذا التّيم هو أحد الأسباب الأكثر جوهريّةً لتبرير وضع المرأة في سجنٍ يسمّى بيتاً أسواءٌ كان بيت أهلها أو بيت زوجها ؟ أليس هذا التّعميم هو في العمق وراء عدم تعليم المرأة وإطلاقها إلى فضاء الحياة مغردةً كما هو الرّجل ؟أليس هو السّبب الأكثر تجذّراً في عدم الثّقة يالأنثى أكانت إبنةً أو أختاً أو زوجة ؟ وهنا لابدّ أن نأتي إلى الفكرة الأهمّ وهي عدم نجاح الزّيجات والتّي يستمّر أغلبها على مضضٍ من الطّرفين إنّ تكرار هذا القول كلّما كان متعلّقاً الأمر بالمرأة أي أنّها ماكرةٌ تتمنّع وهي راغبةٌ سيكون بمثابة التّغذية الرّاجعة التي تعزّز الفكرة وتزيدها تجذّراً في اللاوعي مما يجعل تصرّفات الرّجل مع أنثاه تصرفات السّجان مع سجينه وأياً كان الحبّ الذي تكنّه الزّوجة لزوجها لابدّ وأن يأتي الوقت الذي تجد نفسها فيها فيه وهي تحت ضغط تضييق الخناق عليهافي موقع الخائنة فعلًا لاقولاً مع أوّل معجبٍ يطرق باب قلبها في زمنٍ ما في مكانٍ ما هنا تردني حالة حوارٍ كان لي مع صديقةٍ حول هذا الموضوع فسألتها هل خنت زوجك ؟ فأجابت إجابةً كانت صادمةً لي .أجابت لأنّ كلّ الرّجال خونةٌ ولا يؤتمنون فقد خنته مرةً لأنّني متأكدةٌ أنّه سيخونني وبذلك نكون قد تعادلنا واحدةٌ بواحدة المرأة تعمّم أنّ الرّجال كلّهم خونةٌ لذلك لايمكن لها أن تثق بزوجها _ بحبيبها وتبدأ أيضاً غيرتها من أيّة كلمةٍ يمكن لزوجها أن يتكلّمها مع أيّة أنثى سواها وستبدأ بطريقة لاوعيةٍ تتصرف على أساس أنّه يخونها وستبدأ بكرهه مهما كان حبّها له في البداية ممّا تقدم نجد أنّ ظاهرة التّعميم هي ظاهرةٌ مدمرّة للعلاقات الأسريّة وإن إستمرت ظاهريّاً إنّ رجلاً ما سيخون مع كلّ أنثى توافقه ليس من باب حبّه للتنويع وهذا أمرّ عميق الجذور في اللاوعي الذّكوري والأنثوي على حدٍّ سواء فقط ولكن ليثبت لنفسه أيضاً أنّ فكرته عن الأنثى صحيحة وهي : كلّ أنثى تتمنّع وهي راغبة إنّ أخطر سلوكيّات البشريّة هي تلك التي نمارسها ولو كانت خاطئةً لنثبت لأنفسنا أنّ فكرةً ما زرعت في لاوعينا هي فكرةٌ صائبة _أحبّها حبّاً يشبه العبادة وتحت تأثير إيمانها المطلق بأنّ كلّ الرجال خونةً بدأت بملاحقته من ناحيّة وصوبٍ وبدأت تتصّرف بطريقةٍ تثير غيرته العمياء حتى بات يشكّ في إخلاصها له وبدأ الشّك القاتل ينهش قبله حتى كان يومٌ إفترقا فيه وكان إفترقاً هو أشبه بالموت لكليهما هل علينا أن نعمّم ؟ تقول لنا فيزياء الكمّ أنّ الوجود بأكمله هو حالة إهتزازٍ مستمرّةٌ لكل مكوّنٍ فيه من الكوارك الجسيم الأصغر إلى الآن وحتى الجسم الأسود الأخطر إلى الآن . فإذا كان كلّ شيء ٍ يهتزّ مطلِقاً موجته الخاصّة به والتي لاتطابقها أية موجةٍ أخرى في الوجود فمن أين لنا الحقّ في أن نعمّم ؟
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من نحن؟2+3
-
من نحن؟ -2
-
من نحن ؟
-
زليخة
-
آية القطع هل تقبل تفسيراً مغايراً ؟
-
لكِ
-
وهم الديمقراطيُة ونفاق السياسيين
-
سقوط الحتميّة أم سقوط الوعي الكليّ ؟
-
مبدأ القياس كمبدأ مضلّل في الفكرالبشري
-
المبادىء الجليّة حقائقٌ أم أوهام ؟
-
نظريّة الإنفجار الكبير هل هي سمٌّ يدسه الدين في عسل العلم ؟
-
المهّم......
-
أوباما في الفخ السوري
-
تفاوض أم حوار
-
لماذا سورية ؟
-
المسألة السورية
-
عبثية السؤال والفرض الخاطىء
-
المسلمون والمعرفة العلمية
-
كلاب بافلوف
-
العلاقة الجدلية بين الفكر والمادة
المزيد.....
-
حروب العالم تدفع شركات الأسلحة لتحقيق أرباح قياسية: 632 مليا
...
-
-ساعة الموت-.. تطبيق هاتفي مدعوم بالذكاء الاصطناعي -يطلعك عل
...
-
التقارب مع إيران.. هل -تحول- موقف ولي العهد السعودي؟
-
بهدف -محدد-.. إسرائيل تتابع ما يجري في سوريا عن كثب
-
طلبة من العراق يطورون منظومة لشحن السيارات الكهربائية
-
العالم العربي يتغير إلى درجة يصعب التعرف عليه - الغارديان
-
في بيان مشترك.. واشنطن وباريس ولندن وبرلين يدعون إلى -خفض ال
...
-
اليونان تنفي نقل أنظمة الدفاع الجوي -إس-300- أو -باتريوت- إل
...
-
-الشاباك- يكشف طرقا تستخدمها إيران للتجسس الإلكتروني على شخص
...
-
الجيش العراقي يحرك قطعات مدرعة لتأمين حدوده مع سوريا والأردن
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|