|
مبدأ القياس كمبدأ مضلّل في الفكرالبشري
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 23:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مما لاشك فيه أنّ الإنسان المولع منذ باكورة تفتح وعيه على نفسه وعلى الطبيعة والكون اللذين يعيش فيهما سعى جاهداً إلى فهم مايجري في الكون والطبيعة في محاولةٍ منه أعتبرها يائسة للكشف عن غايات ٍ عميقةٍ في نفسه هدفها معرفة الغاية من الخلق هذا كلّه علّ نفسه تطمئن إلى سلوكٍ إجتماعيٍّ دون آخر غلّفه بستارٍ جذّابٍ كما يظن أسماه الأخلاق ومن أحد أهم ّ المبادىء التي يعتبرها عامة ولاتحتاج إلى دليلٍ على صحة منطقها والتي أخذ في سعيه الدؤوب نحوفهم آليّة الخلق والغاية منه كان : مبدأ القياس الذي إبتدأ مع أرسطو القائل بالفلسفة العضوانيّة والتي ووفقاً لهذا المبدأ قاس الكون على الإنسان نفسه فشبه الكون بكائن حيٍّ عملاق يعمل وتعمل أجزاؤه المختلفة بالطريقة ذاتها التي يعمل الإنسان وجسده ولأنه إنسانٌ واعٍ يجب أن تكون له أهدافه في الحياة فإنّه يجب على الكون أن تكون أهدافٌ في سيرورة وجوده وكما أنّ الإنسان وهذا الذي لم يفهمهأو يعيه أرسطو في حينها وُجدَ نتيجة ً لعمليّة تطورٍ على إمتداد ملايين السنين آمن بأنّه هذا الإنسان نفسه مخلوقٌ وبالتالي هذا الكون الذي على شاكلته مخلوقٌ أيضاً وكلا المخلوقين لابد لما من خالقٍ حدّد غاياتٍ عميقةٍ ومبهمة يكتنفها الغموض الشديد لعمليّة الخلق هذه وماعلى العقل البشري سوى العمل على الكشف عن هذه الغايات ويخطىء من يظنّ أنّ الفلسفة العضوانية لأرسطو لم تزل سائدةً ومهيمنة على عقول العلماء والمفكرين إلى يومنا هذا حتى بعد ظهور نظريّتي النسبية والكمّ هذه الأخيرة التي طرحت مفهوم الإحتمال ( بمعناه العبثي )والذي رأى فيه الفلاسفة معنى حريّة الإرادة والتي تعاكس ماقالت به قوانين نيوتن من حتميّة ولكنهما يفضيان في نهاية الأمر إلى إقرار الفكرة الأساس التي يريودن التأكيد على صحتها علميّاً والتي هي : وجود الّله لكن (وهنا تكمن المشكلة العصية على الهضم )الّله في تأويل كلتي النظريتين ليس نفسه ففي فيزياء نيوتن هو الّله الديكتاتور الذي خلق وقدّر - وقد رأى البعض نصيراً لهذا الّله في نظريّة النسبيّة على إعتبار أن الماضي والحاضر والمستقبل هي قضايا نسبيّة وبشكلٍ أصيل في صلب هذه النظريّة-بدقّةٍ متناهية ٍ مسيرة الكون الذي ما إن نعرف قوانين حركته بأكملها حتى نعرف كل شيءٍ عنه في الماضي والحاضر والمسستقبل أمّا في فيزياء الكمّ فالّله هو الحرّمانح الإرادة الحرّة لمخلوقاته كلها وذلك إنطلاقاً من تأويل قانون الإحتمال من حيث كونه قانون يعبّر في مضمونه الفلسفي الأبعد والأعمق عن حريّة الإختيار وكما نلاحظ فإنّ الفرق واضحٌ وجلي بين صورتي هذين الإلهين فالأول : هو على صورة خالق ديكتاتور شاء وأراد كل شيءٍ بدقة تامّة ولم يترك للإنسان إلاّ فرصة الكشف عما يريد من قوانين سيرورة الخلق وغايته أمّا الثاني : فهو على صورة خالقٍ ديمقراطيٍّ أعطى شارة البدء للكون بأن إبدأ بالعمل وترك له حريّة العمل وفق مبدأ حريّة الإختيار وبالتالي حريّة الإرادة هنا وبكل بساطة يستطيع المتابع لحركة وتطور أدواة الإنتاج وعلاقات الإنتاج والتي كان إنعكاساً دياليكتياً لها تطور الفكر السياسي عبر التاريخ كيف أنّ تطوّر المفاهيم السياسيّة في أساليب الحكم من حكم إقطاعي وملكي مطلقين إلى حكم ديمقراطي ترافق وبشكلٍ قلّ نظيره مه تطوّر العلوم وخاصّةً الفيزياء عبر نظرياتها الممتدة من أرسطو إلى ماكس بلانك وعبر هذا التطوّر لم يشذّ العلماء والفلاسفة لحظةً واحدة أو في موقعٍ واحدٍ عن قياس الكون وطريقة عمله على العقل البشري بمعنى أنّ مبدأ القياس الذي مازال سائداً وضاغطاً على منهج العقل البشري في التفكير بلا رحمةٍ أو شفقةٍ إذ يبدو في ظاهره مبدأً صلباً ولكني أره هشّاً في مضمونه يكون إستخدامه أمراً جيداً في مكان ولكنّه مضلّل جدّاً في أمكنةٍ أخرى في الرياضيات مثلاً عملية القياس عملية لابد منها وخصوصاً في الهندسة كأن نقيس شكل قطعة أرضٍ على مايماثلها من شكلٍ هندسيٍ وذلك عبر عمليّة تجريدٍ بسيطة تساعد على الإستفادة من الهندسة على أرض الواقع كما أننا يمكن أن نقيس مفهوم لانهائيّة الكون ولامحدوديّته على مفهوم اللانهاية واللامحدوديّة كتعبيرين رياضيين أيّ أننا نستطيع إستخدام مبدأ القياس في العلوم غير ذات الصلة بالكائنات الحيّة حيث أن المشكلة الكبرى تتبدى لنا في إستخدامنا لمبدأ القياس في حالة العلوم ذات الصلة بالأحياء أو في العلوم التي تتنطح للمقايسة بين الأحياء والجمادات كما في حالة الفلسفة العضوانية لأرسطو فمثلاً يستخدم مبدأ القياس في العلوم الدينية بشكلٍ واسعٍ بهدف تكريس عبودية الإنسان وعقله لما سبق من أفكارٍ وسلوكياتٍكما حدث ومازال يحدث في الإسلام على وجه التحديد وذلك بهدف إستمرار ضحّ الحياة في سلوكيّات المسلمين الأوائل (محمد وأصحابه )والتسي تضمن إستمرار السيطرة على المسلمين المتأخرين زمنيّاً والشواهد هنا كثيرةٌ جداً ليس أولها زواج محمد من عائشة الصغيرة السنّ وليس آخرها عبر التمسك بالقديم ومصادرة قدرة العقل على التفكير بالمستحدث إن إستخدام القياس بما يخص السلوك البشري أو بما يخص الفلسفة العضوانيّة هو مضلّل لأبعد الحدود وذلك بسبب عدم تطابق المعطيات الزمكانيّة والبيئيّة والذاتيّة والموضوعيّة بشكلٍ كاملٍ مابين المُقاس والمُقاس عليه كما أنه لايجوز أن يستخدم وخصوصاً في القضاء للأسباب الآنفة الذكر وهذا يقودنا إلى السؤال المهمّ والخطير في آن : هل هناك سلوكيّات بشريّة يريدها الّله مطلقة في صحتها وثباتها أم أنّها نسبيّة تختلف بين مجتمعٍ وآخر مثلاً تُعتبر الفتاة عاهرة في الشرق إن تخلت عن غشاء بكارتها مع رجلٍ تحبّه خارج مؤسسة الزواج التي يدعمها بسندٍ قويٍّ الشرع القائم على أسس ٍعقائديّة تختلف من دينٍ لآخر في وقت تُعبر الفتاة في الغرب إنسانة معقّدة ومريضة نفسيّاً وغير مرغوبة إن هي لم تستطع إيجاد رجلٍ تحبه أو ترغب أن تتخلى عن غشاء بكارتها معه فعلى أيّ السلوكين سيحاسب هذا الّله الذي يؤمن الشرقيون والغربيون الفتاتين الشرقيّة والغربيّة ؟ هنا يكون من الظلم بل ومن الإجحاف بحق كلتي الفتاتين أن يتم القياس إحداهما على الأخرى من الناحية الأخلاقيّة ولأن صورة الّله المثال الكامل في أذهان الناس الكامل في كل شيءٍ فإن مبدأ الإحتمال الذي أقرّته بعد تبنيه فيزياء الكمّ وجد فيه الفلاسفة والعلماء المؤمنون إن ظاهراً أو باطناً أنّه يمثل ويقرّ بوضوح لابس فيه بمبدأ حريّة الإختيار التي وهبها هذا الكائن الكامل لمخلوقاته من البشر وسائر الموجودات فهناك من الفلاسفة من قال بأن الإلكترون في حركته حول النواة يمتلك إرادة حرّة في إختيار هذا السلوك من عدمه وكمثال هو ماقاله الفيلسوف برنارد بافنك : إن ذرة الهيدروجين هي ظاهرة عقليّة وهي ناتجة عن القوى الروحيّة إن الإختيار الحرّ للفعل الأول والذي لاتحدده الفيزياء لاوجود له في الواقع إلاّ كجزء من خطّة أوهيئة شاملة بحيث أن الشكل الأرقى يمتص الشكل المتخلف ليصنع منه تركيباً اعلى . إن المدقّق برويّة وعمق في مبدأ الإحتمال وفلسفته العميقة يجد أنّه لايشير إلى أكثر من حالة عبثٍ في ظل الغياب التام والنهائي لكمال المعرفة أكانت بشريّة أو غير بشريّة كما حسمت ذلك علاقة الإرتياب لهايزنبرغ وهنا لابد من القول أنه من غير المعقول أن نقول أن الإلكترون في حركته حول النواة هو كائن حر يتصرف بوعي من يسير في طريقه في الحياة من بني البشر إن البحث عن غاية محددة لخلق هذا الكون هي أشبه بالبحث عن معرفة غاية الشمس من إرسال أشعة ضوءها إلى الأرض بشكل خاص ولك إعتماداً على مبدأ القياس بأن نقيسها على شخص ينير طريقه بمصباحٍ كهربائيٍ والخطورة الأكبر تتمثل في إستخدامه في عملية قياس السلوك الإنساني أو الكوني على سلوك كائنٍ مجهولٍ أسميناه الّله
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المبادىء الجليّة حقائقٌ أم أوهام ؟
-
نظريّة الإنفجار الكبير هل هي سمٌّ يدسه الدين في عسل العلم ؟
-
المهّم......
-
أوباما في الفخ السوري
-
تفاوض أم حوار
-
لماذا سورية ؟
-
المسألة السورية
-
عبثية السؤال والفرض الخاطىء
-
المسلمون والمعرفة العلمية
-
كلاب بافلوف
-
العلاقة الجدلية بين الفكر والمادة
-
أنا مدين للحوار المتمدن بالشكر
-
بالعقل عُرف الله أم بالعقل إنتفى؟
-
لغة الرياضيات ولغة السياسة
-
أمام الله وجهاً لوجه
-
هل علينا تفسير العالم أم فهمه والعمل على تغيير؟
-
همسة لأجل المرأة في عيد الأم
-
الإيمان ب(الله) :حقيقة موضوعية أم وهم ضروري؟ إهداء إلى الكات
...
-
المعرفة واليأس
-
هل تبوح لنا الطبيعة بسرها؟
المزيد.....
-
السيد الحوثي: الشعب الفلسطيني لم يستثر اليهود عند وصولهم لفل
...
-
السيد الحوثي: العدو الاسرائيلي يسعى لمسخ الهوية الدينية للام
...
-
ماذا تقول الأقليات الدينية وما مخاوفهم بعد سقوط نظام الأسد ف
...
-
حرس الثورة الاسلامية: الشبكة كانت مرتبطة بمجاميع ضد الثورة ب
...
-
فيديو.. رئيس المخابرات التركية في الجامع الأموي
-
حرس الثورة الاسلامية في مدينة قزوين يفكك شبكة معادية للثورة
...
-
مصر.. قرار بشأن جماعة الإخوان المسلمين و15 عضوا فيها
-
أبو مازن يفتتح المبنى الجديد لسفارة دولة فلسطين لدى الفاتيكا
...
-
“خلي أطفالك يبسطوا” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
“يـا لـولـو فيه نـونـو الجديدة ” استقبل فورا تردد قناة طيور
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|