سيرَة أُخرى 25

دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5129 - 2016 / 4 / 10 - 07:13
المحور: الادب والفن
    

1
الدفلى البريّ، نبات ذو أزهار رائعة وأوراق دائمة الخضرة. إنه ينمو بكثرة في مراكش، سواءً بالحدائق العامة أو الخاصة. هذا مع العلم، بأنّ العامّة يعتبرونه نباتاً خطراً يُسبّب العته والجنون لمن يتذوّقه. النوع الآخر من الدفلى، الإفرنجيّ، منتشرٌ في شمال أوروبا كونه يتحمل البرد والصقيع. في حديقة منزلي الأول، ثمّة في " أوبسالا " السويدية، كنتُ قد غرستُ على مراحل زمنية متقاربة ثلاثَ شتلاتٍ من الدفلى بألوان الفوشيا والروز والأبيض. ذات يوم، كنتُ أدخن الأركيلة ( الشيشة ) في حديقتي. أزهار الدفلى الفاتنة، جعلت نظري يتعلّق بها لوهلةٍ غير قصيرة. فلما قمتُ، متجهاً إلى داخل الشقة، إذا بالدوار يصيبني حتى كدتُ أسقط أرضاً. في يوم آخر، وكنتُ إذاك قد انتقلت إلى شقة في قلب المدينة تقع بالطابق الرابع، حصل معي شيئ مُشابه. إذ رأيتني أندمجُ بمنظر الدفلى، فيما كنتُ جالساً على البلكون أقرأ في كتاب. على غرّة، شعرتُ بأنّ البلكون يتحرك بقوة ويبدو كأنه سيهوي إلى أسفل.

2
اليوم، خلال الرحلة في الطائرة من مراكش إلى ستوكهولم، كان جاري شاباً ثلاثينياً من أريتريا. وكأغلب أبناء موطنه في المهجر، كان الجارُ لطيفاً وطيّباً. أخبرني بأنه يعمل منتدباً لشركة خليوي سويدية، هناك في مدينة طنجة. الجار الآخر، وكان عراقياً في سنّ التقاعد، دخل على الخط بحديث المؤامرة. ارتحنا منه عندما أخذها غفوة. إلا أن رائحة معدته، المنتنة، دفعتني للهروب إلى التواليت. عندما بدأت الطائرة بالهبوط، نبّه المضيف صاحبنا " أبا مؤامرة " إلى ضرورة إغلاق الخليوي. فلما عاد المضيفُ، وجد الرجلَ قد فتح الخليوي مجدداً.

3
ثلاثة أشهر، لم أتذوق فيها النبيذ. خلال الرحلة بالطائرة، الممتدة لخمس ساعات، أتيتُ على نصف لتر من نبيذ " ريوخا " الإسباني. وعلى سيرة النبيذ، أستعيدُ ذكرى من ربيع عام 2003. إذاك، كنا ثلاثة أصدقاء في الطريق من ستوكهولم إلى القاهرة لحضور حلقة بحث أدبية. طائرة آير فرانس، كانت تقدّم الوجبات مجاناً بما فيه المشروب. من ناحيتنا، اكتفينا بأقداح صغيرة من النبيذ الفرنسي. جيراننا، كانوا أفارقة ( لأن الطائرة كانت ستُكمل طريقها إلى دولتهم ). فيما كنا نتجرّع النبيذ على مهل، راح كلّ من هؤلاء يحتسي قدحَ الويسكي بأثر أخيه. عدد من جماعتهم، غادروا مقاعدهم وحضروا إلى معيّتنا كي يشاركوا في حفلة الشرب. قبل أن تحط الطائرة في عاصمة أبي الهول، كان أولئك الأصحاب قد تعتعهم السّكر. فبدأوا بالتمايل يمنة ويسرة، يغنون ويقهقهون، فيما كانوا بالطريق إلى مقاعدهم

#دلور_ميقري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات