|
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.....6
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 11:39
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
5) مسؤولية الأحزاب السياسية التي لا تقل أهمية عن مسؤولية الطبقة الحاكمة، و مسؤولية أجهزة الدولة، عندما يتعلق الأمر بالإخلال بالأمن العام. فهي إما أن تكون حاكمة، و بالتالي: فمسؤولية الطبقة الحاكمة، و مسؤولية أجهزة الدولة، هي مسؤوليتها، لأن قرارات الإخلال بالأمن العام الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، تكون صادرة عنها بطريقة مباشرة، أو أن هذه الأحزاب السياسية، توجد خارج الحكم. و بالتالي: فهي إما أن تكون مؤيدة لما تمارسه الطبقة الحاكمة، و أجهزة الدولة، من إخلال بالأمن العام، فتتحمل نفس مسؤوليتها، بذلك الإخلال، و إما أن تكون صامتة، لا تؤيد، و لا تعارض، فتتحمل مسؤولية الصمت، الذي يجعل الطبقة الحاكمة، و أجهزة الدولة تتماديان في الإخلال بالأمن العام. و إما أن تكون معارضة معارضة رسمية، فتتحمل نفس مسؤولية عدم قيادة الجماهير الشعبية المتضررة، من ذلك الإخلال، لمقاومة الإخلال بالأمن العام، الذي تمارسه الطبقة الحاكمة، و أجهزة الدولة. وفي الحدود الدنيا، فإن الأحزاب السياسية المعارضة، تتحمل مسؤولية عدم توعية الجماهير الشعبية بخطورة الإخلال بالأمن العام على مستقبلها، مهما كانت الجهة التي تمارس ذلك الإخلال.
و يتمظهر إخلال الأحزاب السياسية بالأمن العام في :
القبول بعدم إقرار دستور ديمقراطي، أو عدم المطالبة به، أو عدم تعبئة الجماهير الشعبية الكادحة، من أجل المطالبة به، و فرضه، على أرض الواقع. فالقبول بعدم وجود دستور ديمقراطي متلائم مع المواثيق الدولية، لا يعني إلا حرمان الجماهير الشعبية من حقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و من الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و فرض قوانين غير متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و خاصة تلك المتعلقة بانتخاب المؤسسات المحلية، و الإقليمية، و الجهوية، و الوطنية، التي تقوم بمهمة التشريع، و التنفيذ، على جميع المستويات، و في مختلف المجالات، مما يجعل الدستور غير الديمقراطي يقف ووراء امتداد الإخلال بالأمن العام إلى جميع مناحي الحياة.
القبول بقوانين انتخابية، أو السكوت عنها، أو عدم تعبئة الجماهير الكادحة للمطالبة بإلغائها، إذا كانت تلك القوانين لا تحمل ضمانات إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، من بدايتها إلى نهايتها. و القبول بتلك القوانين يعتبر إخلالا بالأمن العام، أو مساهمة فيه، بشكل، أو بآخر، نظرا لما يترتب عن تلك القوانين من تزوير لارادة الجماهير الكادحة، جملة، و تفصيلا. و بالتالي فإن مصيرها يصير في يد أناس لا يمثلونها، و لا يسعون إلى خدمة مصالحها، بقدر ما يحرصون على تحقيق، و خدمة مصالح الجهات التي وقفت وراء وصولهم إلى المؤسسات، بطريقة غير ديمقراطية، لا يمكن وصفها إلا بالإخلال بالأمن العام، الذي تتحمل، في إشاعته، و استمراره، الأحزاب السياسية مسؤولية كبيرة.
القبول بإجراء انتخابات غير حرة، و غير نزيهة، عن طريق عدم الحرص على أن تكون تحت إشراف هيأة مستقلة، تقوم بوضع لوائح انتخابية حقيقية. و تطبيق قوانين انتخابية، بضمانات كافية، لإجراء انتخابات حرة، و نزيهة، لإفراز مجالس محلية، و إقليمية، و جهوية، و وطنية، تكون في خدمة المواطنين، و الضرب على أيدي المتلاعبين بالانتخابات، و الساعين إلى إفسادها، مهما كان مستواهم، و مهما كانت المسؤولية التي يتحملونها، و كيفما كان الحزب الذي ينتمون إليه. إلا أنه بدل العمل على إيجاد هيئة مستقلة، تشرف على إجراء الانتخابات، و تحرص على حماية الأمن الانتخابي، يتم اللجوء إلى الإخلال بالأمن الانتخابي، عن طريق اعتماد لوائح انتخابية فاسدة، و السماح باستغلال النفوذ لصالح هذه الجهة، أو تلك، و إطلاق يد أصحاب الأموال، لشراء الضمائر، و قتل النزاهة، و اغتيال احترام إرادة المواطنين، في الاختيار الحر، و النزيه.
عدم اللجوء إلى تفعيل المؤسسات الجماعية، التي تصير وسيلة، و إطارا لتسلق الأعضاء الجماعيين البورجوازي، على حساب خدمة مصالح المواطنين الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و الإدارية. فعدم تفعيل هذه المؤسسات الجماعية، ليس إلا إخلالا يالأمن العام، لأن المواطنين سيفقدون، بسبب قيام المؤسسات الجماعية بدورها الكامل، الاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي. ويرجع افتقاد الاستقرار إلى العقلية التي تحكم الأعضاء الجماعيين، تجاه المؤسسات الجماعية، لأنهم لا ينظرون إليها على أنها أداة، و وسيلةن لتطوير الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، بقدر ما ينظرون إليها، على أنها وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة للأعضاء الجماعيين، و خاصة أولئك الذين يتحملون المسؤولية في المكاتب الجماعية. و لذلك كانت المؤسسات الجماعية، و لازالت، تشبه مؤسسة الدولة، أو هي جزء منها، تخضع لإرادة الطبقة المسيطرة على السلطة. فالطبقة المسيطرة على مكاتب المؤسسات الجماعية، تحولها إلى أداة لتكريس سيطرتها الطبقية، عن طريق تسخيرها لخدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و حرمان سائر الكادحين من الخدمات الضرورية لاستقرار أمنهم. و لذلك نجد أن الغاية من تزوير المؤسسات الجماعية، تتحدد في الحرص على جعل المؤسسات الجماعية، في خدمة الطبقة المسيطرة، و في خدمة حلفائها الذين يقبلون بذلك التزوير. الأمر الذي يجعل تزوير إرادة الشعب، هي المدخل لكل إخلال بالأمن العام. و هو ما يعني أن حماية الأمن العام، في المؤسسات الجماعية، و بواسطتها، تقتضي إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، أي بضمان سيادة الديمقراطية الحقيقية، من الشعب و إلى الشعب، و من أجل وضع حد للإخلال بالأمن العام في المؤسسات الجماعية.
و دور الأحزاب السياسية في الإخلال بالأمن العام يتجسد، أيضا، في عدم تفعيل مؤسسة البرلمان، في الاتجاه الذي يخدم مصلحة الشعب، بجميع طبقاته الاجتماعية، و خاصة الطبقات الكادحة، و هو ما يعني أن المؤسسة التشريعية تعمل على شرعنة الإخلال بالأمن العام، الذي يصبح مطبقا من خلال القوانين الصادرة عن مؤسسة البرلمان. و المفروض، أن تسعى الأحزاب السياسية، التي تدعي إخلاصها للجماهير الشعبية الكادحة، و بإخلاص، إلى تفعيل مؤسسة البرلمان، في أفق إعادة النظر في جميع القوانين المتبعة، و العمل على ملاءمتها مع المواثيق الدولية بحقوق الإنسان. إلا أن انسياق الأحزاب المتواجدة في البرلمان، وراء مخططات الطبقة الحاكمة، القاضية بتوظيف المؤسسة التشريعية لخدمة مصالح هذه الطبقة، و من يسبح في فلكها، يعتبر مساهمة منها في الإخلال بالأمن العام، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، التي تفقد حريتها، و حقها في الديمقراطية الحقة، و في تحقيق العدالة الاجتماعية. وهو عمل يقتضي اعتبار تلك الأحزاب معادية للجماهير الشعبية، بقبولها بالتواجد في المؤسسة البرلمانية، الناتجة عن انتخابات مزورة، جملة، و تفصيلا، لتحقيق أغلبية برلمانية، تكون في خدمة الطبقة الحاكمة، و تفرز حكومة تقوم بممارسة السلطة التي تريدها. و هو ما يجب النضال من اجل فضحه، و تعريته، باعتباره إخلالا بالأمن العام للجماهير الشعبية الكادحة، و النضال من اجل برلمان يكون في خدمة الجماهير، و تحقيقا لأمنها الاقتصادي، والاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي. و تتكون من أغلبيته حكومة، تعمل على حماية أمن الجماهير الشعبية، في مختلف المجالات، و في جميع مناحي الحياة.
أما دور الأحزاب السياسية في الحكومة فيتخذ مستويين :
المستوى الأول: هو المساهمة في تحمل مسؤوليات الحكومة، التي تقوم بتطبيق القوانين، و تنفيذ التعليمات، التي تكرس الإخلال بالأمن العام.
و المستوى الثاني: هو التواجد في المعارضة الرسمية، التي تأكل الغلة، و تسب الملة، كما يقولون.
و في الحالتين معا، فالأحزاب السياسية تلعب دورا أساسيا، و مركزيا، و من خلال تحمل المسؤوليات الحكومية، في ممارسة الإخلال بالأمن الاقتصادي للمواطنين، عن طريق اللجوء إلى رفع الضرائب المباشرة، و غير المباشرة ، و تكريس خوصصة القطاع العام، الذي تم بناؤه من عرق الشعب الكادح، و الزيادة في الأسعار، و تجميد الأجور، و الإخلال بالأمن الاجتماعي، عن طريق فرض الحرمان من التعليم، لقطاع عريض من المجتمع، و الحرمان من السكن الصالح، و من العمل، و غير ذلك من الخدمات الاجتماعية، الضرورية لحياة الناس، و الإخلال بالأمن الثقافي، عن طريق دعم ثقافة التهريج، على حساب تهميش الثقافية الجادة، و انعدام دعم المكونات الثقافية، العاملة على نشر القيم الإيجابية، و النبيلة، في المجتمع، و الإخلال بالأمن المدني، عن طريق فرض التمييز بين الجنسين في المعاملة اليومية، و على المستوى القانوني، و عن طريق فرض عدم مساواة الناس أمام القانون، بسبب الانتماء العرقي، أو الطبقي، أو الحزبي، و بسبب المواقف السياسية، بالإضافة إلى فرض الإخلال بالأمن السياسي، المتجسد في فرض دستور غير ديمقراطي، و إجراء انتخابات غير حرة، و غير نزيهة، لإفراز مجالس محلية، و إقليمية، و جهوية، و وطنية، على المقاس.
و بهذه المستويات من الإخلال بالأمن العام، تكون الأحزاب السياسية متورطة في إقرار دستور غير ديمقراطي، و وضع قوانين انتخابية، بدون ضمانات، لإجراء انتخابات حرة، و نزيهة، و تزوير الانتخابات، و عدم تفعيل المؤسسات الجماعية، في اتجاه خدمة مصالح المواطنين، بالإضافة إلى عدم تفعيل مؤسسة البرلمان، في الاتجاه الصحيح، و استغلال المسؤوليات الحكومية لتكريس كافة أشكال الإخلال.
و بذلك نجد أن مسؤولية الإخلال بالأمن العام هي مسؤولية قانونية، و مسؤولية الدولة، و مسؤولية النقابات، و الجمعيات الثقافية، و التربوية، و الترفيهية، و التنموية، و مسؤولية الأحزاب السياسية: أي أنها مسؤولية جماعية، بل إنها تكاد تكون مسؤولية مجتمعية، عندما يصير أفراد المجتمع قابلين بذلك الإخلال، و ممارسين له. و هذه المسؤولية الجماعية، و المجتمعية، تقتضي من الجميع، إعادة النظر في كل الممارسات، و كل المسلكيات القانونية، و الرسمية و النقابيةن و الجمعويةن و الحزبية، من اجل إعادة الاعتبار لحماية الأمن العام.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....2
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....1
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
في المجتمع المغربيدور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطا
...
-
دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع الم
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
المزيد.....
-
زاخاروفا تندد بنبش قبور الجنود السوفييت في أوكرانيا (صور)
-
سُحُب الغضب الاجتماعي تتجمع لمواجهة الإفقار والتجويع
-
-كان في حالة غضب-.. أول تعليق من نجل عبد الناصر على حديثه ال
...
-
تركيا: اعتقال المئات من المتظاهرين في إسطنبول خلال مسيرة بمن
...
-
فيديو – مواجهات بين الشرطة الفرنسية ومتظاهرين بمناسبة عيد ال
...
-
كلمة الرفيق رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس ال
...
-
تظاهرة فاتح ماي 2025 بالدار البيضاء (الكونفدرالية الديمقراطي
...
-
الشيوعي العراقي: نطالب بالتمسك بقرار المحكمة الاتحاديّة وضما
...
-
مولدوفا.. مسيرة للمعارضة ضد حكومة ساندو
-
معا من اجل انهاء كل اشكال الاستغلال والتهميش والتمييز
المزيد.....
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
-
قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|