أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - النص القاتل أم العقل القتيل















المزيد.....

النص القاتل أم العقل القتيل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 21:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النص القاتل أم العقل القتيل

واحدة من إشكاليات الدين مع العقل البشري هي طريقة الأخير في قراءته الخاصة بالنص الديني ,وما تجر هذه القراءة من بناء شكل المنظومة التعبدية ومخرجاتها ورسمها وفقا للطريقة التي يتعامل معها العقل كما يتعامل مع واقعه الحولي , الدين مثلا يفترض أن التعامل مع النص لا بد له أن يحرز خصوصية من ذات النص كونه محكم ومسند برؤية كمالية ,وأيضا ومن ذات الموضوع الذي هو الدين بأعتباره عقل كامل .
فلا يمكن مثلا معاملة النص الديني على أنه رواية أو نص شعرية أو نظرية علمية بشرية تتداخل فيها الذوقية البشرية أو الحقيقة المادية مثلا , في النص الإبداعي مثلا يحاول المبدع أن يستثير القيم الجمالة في ذهن المتلقي من خلال جمالية الصورة التي يطرحها أو من خلال جمالية البناء اللغوي ,الإبداع الأدبي هنا مرهون بالحسية المجردة وأساس ثم الأنتقال لصناعة الفكرة , النص الديني يفترق عن ذلك بتقديمه الفكرة على الجمالية لطبيعة النص وتوجهاته الخاصة .
العقل من جهته أيضا يتعامل مع النص على أنه خاضع طبيعي لنظامه العملي ويتفاعل معه على أنه مجرد فكرة عليها أن يهضمها ويبسطها في نظامه الفرد السلوكي لو أطبقت يقينيته بدرجة ما على ما في النص من مؤديات سلوكية ,وكأي نقل أخر أو منتج فكري أخر قد يتعامل العقل مع النص الديني فلا يستوجب أصلا أن يفرد خصوصية خاصة للنص أيا كان مصدره , لأنه أصل وظيفته هو تعقل النصوص مهما كان شكلها أو منطقها حتى الحركات الحسية يتعامل معها بنفس الأسلوب .
البعض يحاول الدفاع عن العقل الإنساني حين يتعامل مع النص الديني على أنه نص معرفي خالص لا علاقة له بالمنشئ وليس له حدود خارجة عن البناء الذي جاء فيه , أولا بأعتباره خبرا أو معرفة مجردة على العقل أن يعاملها وفق اللمعيار المعرفي الطبيعي بعيدا عن مفاهيم القداسة والمثالية المفرطة ’لأنه وببساطة خطاب موجه له ومن حيث أن المنشئ أو الناص واجب عليه المعرفة بكيفية عمل النظام العقلي وطبيعته عليه أن يتوقع هذا الحال دون تحميل العقل أكثر مما يحتمل .
تأكيدا على ذلك يمنح العقليون أنصار هذا الرأي أحتراما لمنطق العقل ويقدمون مخرجاته ونتائج القراءة العقلية على ما في النص من قصديات أرادها الدين أو لمح إليها من خلال فهم مجمل للرسالة , العقليون أيضا لا يحملون النص مشقة وعناء غير طبيعي كي يظهر ما في دواخل النص من توجهات خارج البناء أو خارج دلالات البناء بأعتبار أن الناص هو من أختار طريقة البناء وأودع فيها ما يريد , فليس من العدل أن نمضي خارج هذه الإرادة أو نفترض ما يريده وغير ما صرح به .
المنطق في ظاهره يحمل شيئا من المعقولية وله مبرر ممكن الأخذ به لولا أن وظيفة العقل الأساسية ليست فقط النظر الفوقي والتفاعل مع النص خارجا وإلا كيف يمكنه التعرف والوصول إلى حقيقة النص من هذا التسطيح والتبسيط في قضية القراءة , حتى في المجال الإبداعي البشري المبدع يستثير العقل ليبحث عن مكمن الجمال وأستخراج الصورة الأكثر تعبيرا عنه روحه , هنا العقل مكلف بالغوص في النصوص والبحث عن أعمق نقطة فيه ومن ثم أستخراج أبعد هدف يمكنه الوصول له من البناء طالما أن البناء اللفظي قادر على أن يفتح أبوابه للمزيد .
هنا نشير إلى أن بعض النصوص يمكنها إغراق العقل في مجاهيلها لأنه نص ثري وقادر على طرح المزيد من الأفكار كلما تعمقنا به , على عكس بعض النصوص الجامدة التي لا تنطق إلا ما في الصورة التي يجسدها البناء فقط , النص الديني في الحقيقية يقودنا إلى بوابات كثيرة , وهنا وقع البعض من الكهنوت في خطأ الأختيار حيث ذهب يفتح أبواب جهنم عليه وعلى من يتبع قراءته بدل أن يحاول جاهدا الوصول إلى النعيم الرحموي في النص .
الرأي الأخر والذي هو قريب من النقيضين يقول أن النص هو مجرد فكرة قد تكون غنية في أعماقها وقد تكون فقيرة وحسب ما يريد الناص , وبالتالي فالمشكلة تكمن أولا ف النص حين يكون غنيا يقع بيد عقل لا يستطيع الذهاب بعيدا في قراءاته لذا يقف عند أول صورة وكأنها هي النهاية الحتمية وبالتالي يبقى النص متفجرا أو ينتظر حركة ما ليتفجر في وجه القاري أو أن تكون الحالة معاكسة عندما يكون النص ضعيفا وفقيرا ويتدخل العقل المركب لتحميله مما ليس فيه والنتيجة أيضا تكون كارثية , المهم في هذه المدرسة أنها تفصل بين النص والناص وتعتبر أن الأول تنتهي علاقته بالثاني بمجرد الانفصال بينهما والوصول للعقل البشري .
هذا الرأي فصل بين النص والناص وأعتبر النص الديني مثلا فكرة طرحها الدين وعلى العقل البشري أن يبحر بها للوصول إلى أخر نقطة ممكنة البلوغ , ولكن دون أن يكون الدين حاضرا في كل قراءة بمعنى أن القارئ سواء أكان متدين أو غير متدين بالفرض أنهما يبلغا نتائج متقاربة في بحثهما عما في النص من أهداف وغايات ,هذا الفصل يمنح النص حرية ويمنح العقل مساحة أكبر للبحث في كل ما يقع تحت نظامه العملي من أفكار أو رؤى تستوجب التدبر غير أنه جرد العقل من خصيصة الانحياز لغائية الدين وقصدياته من وضع النص والتي تتميز دائما بهدفية الخير والأحسنية .
هنا يثار سؤال مهم في ظل هذه المقدمة هل ما يتسلح به الكهنوت المقاتل هو جحيم النص أم جحيم العقل ؟, أو كليهما حين يكون العقل أما متباسط للحد الذي يرى في النص مجرد بناء خال من عمق وذي بعد واحد لا يمكن أن يرى فيه أكثر من أنطباع أو توضيح وتفسير لا يتجاوز الشكلية البنائية فقط , أو أن يكون عقل الكاهن مركب للحد الذي يجعل من نص فقير وبسيط ومحدد عالم مركب وممتد على أفق واسع حتى يصعب السيطرة عليه من خلال منح النص مخرجات قلقى تقود إلى أفتراضات متعددة تتبعها بالضرورة نتائج مختلفة , هنا يتحول العقل المسالم إلى عقل شرير تدميري ينسف النص وإرادة الناص منه .
أنا كناقد وقارئ للنص لا يستوجب مني أن أتهم النص بـأي سوء سواء أكان نصا غنيا أو نصا فقيرا يدور في فلك فكرة الناص ويعبر عنها هنا بالضرورة , العقل الطبيعي السوي المحكوم بالمنطق عليه أن يربط المواضيع بمقدماتها وبيئتها وما حولها وأهدافها أي أن ينظر لها كوحدة متشابكة ولكنها في النهاية تعبر عن رؤية حقيقية , فلكل من الناص والقارئ حقيقته الخاصة التي قد تتشابه وتصل لحد التطابق وقد تتناقض ولكن في القراءة تبقى حقيقة النص بهذه الشكلية العامة التي أشرنا لها مالكا لحقيقته الخاصة ورابط بين حقيقة الناص وحقيقة القارئ لتشكل في النهاية رؤية وخطاب متوازي في طول النص وفي عرضه ليبلور حقيقة جديدة هي حقيقة النتيجة من القراءة بشروطها وعالمها .
وهنا نسجل أن هذه الحقائق لا يمكنها أن تكون واحدة أبدا لأن تراكيبها مختلفة قد تتشابه في نسق أو قد تقترب من بعضها في نمطية خاصة بالنص لكنها لا تشكل رؤية مشتركة واحدة بالمطلق ,وعليه فتعدد القراءات حقيقة لا تنكر ولكن لا يجب أن يكون هذا التعدد مصدر خلاف ولا يفرض نموذج منها على أنها الغاية التي لا يدركها الآخرون , فلكل قراءة أرتباط بالزمن والمكان والحال الذاتي وقد لا تتوفر لها أسباب الصوابية حتى لو كانت في طرق أستحصالها قد حرصت على التجرد والحيادية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبادة الدين صورة من الوهم
- مقدمة في مفهوم العقل الجمعي
- التحالف والوطني وخيارات المستقبل السياسي
- علم الأجتماع وظاهرة العنف والسلام
- القوارير .... قصيدة الشعراء التي لا تموت
- هل نحن أحرار بما يكفي لهضم الديمقراطية ؟.ح1
- البحث العلمي ومستقبل الدين كفكر .
- الأعراب ... هل فاتكم الدرس
- التربية الأخلاقية في المجتمع الياباني ...
- الشريعة والقانون
- فكرة الدين وظاهرة التدين
- ولد الإنسان عاقلا
- لماذا نتدين ؟ . ح6
- لماذا نتدين ؟ . ح5
- لماذا نتدين ؟ . ح4
- لماذا نتدين ؟ . ح3
- لماذا نتدين ؟ . ح2
- نيالاو حسن أيول .... وجع الحب عندما يكون جنوبي .
- لماذا نتدين ؟ . ح1
- التخطيط الإستراتيجي الأمريكي ووهم العدوان .


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - النص القاتل أم العقل القتيل