أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ولد الإنسان عاقلا














المزيد.....

ولد الإنسان عاقلا


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5077 - 2016 / 2 / 17 - 03:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ولد الإنسان عاقلا حين صار متحسسا لوجوده وشروط حفظ الوجود ومتسلحا بمجموعة من القواعد الفطرية والغريزية التي ستقوده نحو عالم المعرفة والوجود ,ومن خلال ملاحظة التجربة وتكرارها وتثبيت النتائج على أنها محصلته التي ستتراكم لتكون صورة أولية قد تنجح في الإجابة على بعض تساؤلاته المتطورة والمستحدثة مع تقادم الزمن صارت معرفة تتطور إلى يقينيات مستقره في عقله , أولا تداول أدوات السؤال (كيف ولماذا وإلى أين ومتى) هذه المجموعة من التساؤلات الكونية هي التي تبلورت مشروع فكري ذاتي أولا .
قاده فيما بعد إلى البحث عن إجابات محددة ومختلفة بحسب من التجربة ومن التأمل والحدس ,حتى نضجت لديه فكرة أولية شبه متيقن منها أن وجوده مرتبط بعوالم خارج الإدراك الحسي وربما لا يمكن أن تكون إلا كذلك ,وأحيانا ساهم الوعي الذاتي لديه بأن ينسب الأشياء لمسميات فائقة البعد والتغييب ليقنع نفسه ويعذرها من التقصير في البحث عن كل الأسئلة التي تتوالى عليه كلما تأمل وجوده وهذا الكون الواسع .
في الشق الأول سيكون سؤالنا لماذا لإنسان ولد عاقلا متحسسا للوجود وقد أثبت العلم أن السلالات القديمة مما يعتبر سلف الإنسان العالي لم تكن عاقلة ,بالمعنى الذي يجعلها (ناطقة ومعرفية ذات وعي متطور) , قادرة مثلا أن يقودها الوعي لابتكار الحرف مثلا والنغمة الصوتية التي تماثل الحرف المكتوب في الدالة وتعبر عنه كما نجد هذا حاصلا بصورة ملحوظة بالعشرين الف سنة الأخيرة من حياة الكوكب .
الحقيقة أن كل السلالات التي سبقت الإنسان الحاضر برغم قرب التشابه الجيني بينها وبين سلالات من حيوانات أقل رقيا في التطور وقياسا مع الإنسان تكاد تكون الصلة الجينية لا تشير قطعا ويقينا إلى إنحدار هذا الكائن الناطق المتعقل الحساس من تلك السلالات ,لا المتطورة ولا المتحولة لحقيقة جدا بسيطة أن تأريخ هذا الكائن العاقل الإنسان على وجه الكرة الأرضية في أحسن الأحوال لا يتجاوز الأربعين ألف سنة إن لم يكن أقل من ذلك بكثير ,ومع هذه الفترة الزمنية القصيرة جدا أنتج ما لم يستطيع مجموع تلك السلالات جميعا بخمسين مليون سنه أو أكثر أو أقل من أنتاج جزء بسيط من أوليات ما أنتجه هذا الكائن ,من النار للعجلة للمسكن للكتابة للقانون والدين ونظم للعلاقات الأسرية المنظمة .
أدرك الإنسان المسمى بني آدم أنه واحد من أحد أطراف ثلاثية التشكيل ,هذه المنظومة محكومة بالترابط والتشارك ولا يمكن الفصل فيما بينها أو عزل أحد أطرافها لا بناء على افتراض ولا حتى بناء على برهان جاد ,العلاقة الثلاثية تجمعه مع الوجود الحولي أولا وما يثيره من أسئلة وملاحظات وحاجات وتغيرات وحتى قوانين , وبالتالي لكي يربط وجوده هذا مع الوجود الكلي لا بد من فكرة أو رؤية تبرر وتفسر وتعلل وتجيب على كل شيء .
بدأ جادا في بناءها من تجربته الذاتية أولا وما أثرت عليه قيم الوجود وقوانين الحضور والغياب والمعرفة والجهل ,هنا أبتكر صيغة ما من خلال شبكة من التصورات الحسية والتي عقلها لاحقا ومن ثم أمن بها وخضع لها ولمنطقها وحاول أن ينشر هذه الرؤية متمسكا بتجربته ومستمتعا بانجازه فدان لها ,فصار الدين أو ما جسده من سلوك على أنه (دين) والذي أبتكره جوابا وتعليلا وتفسيرا وحضورا إيمانا هو الركن الثالث من هذه الحقيقة ,التي كلما أراد أن يتجاوزها وجد نفسه مشدودا لشيء ما يذكره أن الوجود منظومة قوانين مرتبطة بقواعد ,منها ما هو محسوس ومنها ما هو ليس بالإمكان تفسيره أو تعليله لأنه لم يتوصل لها بعد لا بالبرهان ولا بالفرض المتسق مع منطق الوجود إلى حل .
هذا التعقلن لم يولد نتيجة تأمل فكري ولا جاء بمحفزات خارجية فوقية أو غيبية دفعته لذلك إلا في مراحل متأخرة وعلى شكل إدعاءات تمتع بنوع من عالم القدسية والتبجيل , إنما وجوده هو من أوجد لديه إحساس كرد فعل لما كان يحاط به من عوامل الخوف والقلق والفضول أحيانا ,لذا حتى في المجتمعات المتطورة اليوم كلما إزدادت هذه العوامل المحفزة كل أجتاحنا نوع متشدد من التدين , تشدد بمعنى الحرص على الإنغماس بعالم البحث عن أجوبة أو التأمل بوجود منقذ وموجه خارجي لا يمكن حتى تجاهله لسبب ما .
الخلاف المحتدم اليوم بين من يظن أن الوعي المتولد إنما هو صنيع الواقع وإشكالاته ومتقدم عليه ,ورأي أخر يذهب عكس الأتجاه ويقول لولا وجود العقل لما أستجاب وعي الإنسان للواقع وإشكالاته , الحقيقة أن الوعي ليس منتج فردي تخصص بتشكيله وتكوينه عامل واحد , ولا يمكن الزعم بأن العقل هو المبادر الأول في أكتشاف علة الواقع وأسباب القلق منه ,الحقيقة أنها عملية تداخل وتركيب متبادل مثالية في جانب منها وواقعية في جانب أخر ,حيت يكون الواقع قاسيا على الفرد الأجتماعي يستجيب العقل بقوة , وحيت يكون العقل نشطا فوق العادة يكتشف ما خلف الواقع .
لا يمكننا الجزم تماما إن الإنسان المعاصر المنتصب القامة والذي يمكنه النطق ويصنع ويراكم المعرفة بمسمى اليوم (أبن آدم) كان خاليا من أسس معرفية قادرة بالقوة واللزوم أن تتيح للعقل أن يخوض تجربته ,مستعينا بما الواقع ذاته من ظواهر تستفزه وتدعه يسأل ليجيب أو يسأل ليكرر السؤال في كل مرة ويخوض بتجارب أو يسجل ملاحظات يحكم بالأخر على ما شاهد أو سمع أو عرف من ظواهر الواقع ,صحيح أننا لا نملك سجل بالتطورات اليومية والتاريخية لرحلة العقل في الوجود , ولكن يكفي أننا نلاحظ ذات النمطية التي أعانته أول مرة تتكرر بأشكال مختلفة وبصور قد تكون محددة لنستنتج أنه كان عاقلا بالفعل , عاقلا بالتكوين , عاقلا بالطبع لا تطبعا .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نتدين ؟ . ح6
- لماذا نتدين ؟ . ح5
- لماذا نتدين ؟ . ح4
- لماذا نتدين ؟ . ح3
- لماذا نتدين ؟ . ح2
- نيالاو حسن أيول .... وجع الحب عندما يكون جنوبي .
- لماذا نتدين ؟ . ح1
- التخطيط الإستراتيجي الأمريكي ووهم العدوان .
- مكابداتي .....
- العراق المدني وقراءات المشهد السياسي
- متى نفهم الله ؟.
- مقدمة في التغيير السياسي في العراق
- المدنيون وقراءة فكر الإسلام السياسي
- تقنيات التسلط ووسائلها
- مستقبل العمل المدني وضمان الديمقراطية
- لماذا تأخر العراق وتقدم الأخرون
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية 3
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية ح2
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية
- دعوى لاستخدام الحياة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ولد الإنسان عاقلا