أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله جاسم ريكاني - هل فقدت انقرة بوصلتها السياسية؟















المزيد.....

هل فقدت انقرة بوصلتها السياسية؟


عبدالله جاسم ريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 19:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل فقدت انقرة بوصلتها السياسية؟

هنري باركي- مجلة الشؤون الخارجية الامريكية. ترجمة: د. عبدالله جاسم ريكاني- برلمان كوردستان

شباط، 2016

قبل بضعة أعوام فقط، كانت سياسة تركيا الخارجية حديث المجالس في المنطقة و خاصةَ عندما تبنت الشعار البراق" صفر مشاكل " مع الجيران، هادفةً الى تحسين علاقاتها مع جاراتها من دول المنطقة و ابراز دورها بشكل تدريجي كواحدة من القوى الرئيسية في المنطقة. لقد كانت نموذجاً في تعزيز قوتها الناعمة عن طريق اجراء الاصلاحات الديموقراطية و الاقتصادية في الداخل متزامنةَ مع دبلوماسية فطِنة في الخارج جعلت من انقرة وسيطاً جيداً لحل مشاكل المنطقة العسيرة.

ولكن، هذه الدبلوماسية تعاني من تخبط كبير في هذه الايام، لا بل و اصبحت ضحية لإرتدادات ما يسمى بالربيع العربي و خاصة في سوريا؛ و من الغطرسة و الحسابات السياسية الخاطئة في الداخل و الخارج التركي، و غدت علاقاتها مع كل جيرانها " بإستثناء اقليم كوردستان"،سيئة و فاقدة للمصداقية. كما ان التوترات و المشاحنات بينها و بين امريكا و دول الاتحاد الاروبي و روسيا قد زادت بشدة. و اذا كانت قد بقي هناك اي تأثير او مصدر قوة لانقرة اليوم، فإنه يعود الى اهمية موقعها الجيوبوليتيكي ليس إلاً، و الذي يعطيها ميزة قربها من سوريا و دورها في تخفيف عبء اللاجئين.

إذن كيف اُحبطت اوفشلت الطموحات الدولية لتركيا؟ انه سؤال ذو عدة اجوبة:أوهام داء العظمة للرئيس اردوغان، رغبته في تحويل نظلم الحكم البرلماني في تركيا الى نظام رئاسي على مقاسه هو، وانهيار عملية السلام مع الكورد كواحدة من مضاعفات الازمة السورية، كل هذه الاسباب مجتمعةً ساهمت في تدمير السياسة الخارجية التركية التي كان يعوًل عليها يوماً ما.

تركيا و الربيع العربي:

حتى قبل الربيع العربي، برزت هناك اعراض تشير الى تعثر السياسة الخارجية التركية. في عام 2009، و بعد سبعة سنوات من الدور المحافظ الذي لعبته، كانت الانجازات التي حققتها تركيا، ملفتة للنظر. نمو اقتصادي سريع، تحويل اسطنبول الى محور عالمي، تعزيز الديموقراطية التركية، و تدجين المؤسسة العسكرية القوية، تمكن حزب العدالة و التنمية من تحقيق الفوز تلو الاخر في الانتخابات التركية بعد ان اعجب الشعب التركي بإنجازاته. و لكن و بعد ان تمكن الرئيس أردوغان من تعزيز موقعه في الداخل التركي و خاصةً بعد انتخابات عام 2007، تحول تدريجياً ليصبح "هاوي مشاكل". حيث بداً اولاً بمسرحية استعراضية مع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2009، عندما تهجم على سياسة اسرائيل في غزة و تسبب في انهيار العلاقات بين الطرفين، كما انها احدثت انقسامات حادة في العالم العربي بعد ان ارتفعت شعبية اردوغان و تركيا بشكل كبير بين العرب و تدفق الملايين من العرب اليها بغرض السياحة و البحث عن الفرص الاستثمارية فيها. و أعقب ذلك، قرار منطمة تركية قريبة من حزب العدالة و التنمية، ارسال سفينة مساعدات الى غزة و تحدي الحصار الاسرائيلي عليها. و لقد أدت النتائج الكارثية لهذه الخطوة التركية الى انهيار العلاقات كاملة بين الدولتين بعد ان تم قنل تسعة من الاتراك العاملين على السفينة من جراء انزال عسكري اسرائيلي على السفينة. و مع بروز الربيع العربي، قرر الاتراك و الامريكان العمل معاً بشكل قريب و ظهر هذا جلياً في تنسيق اقوالهما و افعالهما في الاطاحة بالرئيس المصري محمد حسني مبارك و في تزويد الجيش السوري الحر بالاسلحة و المعدات. كما انها أبرزت نفسها في شخص السيد اردوغان و حزبه، كموديل للتزاوج الناجح بين الاسلام و الديموقراطية في المنطقة.

في أوائل عام 2010، وصف الرئيس أوباما تركيا "بالدولة الاسلامية الديموقراطية العظيمة و نموذج مهم جداً للدول الاسلامية الاخرى في المنطقة". و في عام 2012، وصف أوباما السيد أردوغان كواحد من خمسة قادة كبار في العالم تربطهم به علاقة وثيقة.

و لكن تركيا ارادت ان تكون اكثر من موديل للمنطقة. الانتفاضات في مصر و تونس و سوريا و التي سيطرت عليها أخيراً حركة الاخوان المسلمين و التي ترتبط بعلاقة قوية مع قادة حزب العدالة و التنمية الاردوغاني، وفًرت لأنقرة دوراً نشطاً كونها الحليف الاقليمي الاكبر لهذه الحركة.
في أعقاب الربيع العربي، تصورت القيادة التركية بأنها من الممكن ان تصبح القوة القيادية الرائدة للمنطقة، كما صرًح بذلك وزير الخارجية التركي آنذاك احمد داود اوغلو عندما قال: ان تركيا ستقود رياح التغيير التي تهب على الشرق الاوسط ليس بصفتها كصديقة للعرب، بل كدولة تتولى عملية تنسيق و تنظيم حركة التغيير و النظام الجديد في المنطقة. لقد وصلت اللحظة التي تنتظرها تركيا و لكنها لم تدم طويلاً لان السيد اوغلو الذي كان يعوٍل على النظام الجديد تحدث بعدئذٍ عن انتكاسة الديموقراطية عندما تم إسقاط حكومة الاخوان المسلمين في مصر من قبل المظاهرات الشعبية العارمة و المدعومة من قبل الجيش المصري و التي أدَت الى تدهور حاد في العلاقات بين اردوغان و النظام الجديد في مصر.أما في سوريا، فقد أدت المقاومة العنيدة لنظام بشار الاسد في وجه الانتفاضة المسلحة التي هبَت ضده و المدعومة بقوة من قبل تركيا، الى انقلاب اهداف السياسة الخارجية التركية.

كيف غير الوضع في سوريا كل شئ:

قبل انتفاضة عام 2011، كان ينظر الى سوريا كنموذج ناجح لسياسة "الصفر مشاكل" الخارجية لتركيا. بعد وصول حزب العدالة و التنمية الى السلطة بفترة وجيزة، تمكن رجل سوريا القوي بشار الاسد و أردوغان في إقامة علاقة قوية تكاد تكون شخصية بينهما. كما و دعًم اردوغان بدأ محادثات غير مباشرة بين اسرائيل و سوريا و مضى قدماً في دعم حزب البعث السوري على الرغم من معارضة الامم المتحدة و امريكا و فرنسا و التي كانت تضغط على سوريا لسحب قواتها من لبنان.
عندما بدأت المظاهرات السلمية في سوريا، حاول اردوغان في البداية منع بشار الاسد من الاستسلام لنفس المصير الذي آل اليه القادة في مصر و تونس و نصح الاسد في البدء بإجراء اصلاحات ليس من الضروري ان تكون جذرية و لكن جهوده ذهبت بدون فائدة تذكر. و عندما بدأ الاسد بسحق الانتفاضة عسكرياً، إنقلب عليه صديقه و حليفه القديم.
هناك عدة عوامل ساهمت في قرار اردوغان هذا: الغضب من عدم انصياع الاسد الى نصيحته، الادراك بأن الاسد سوف ينهار في كل الاحوال، اعتقاده بأنه بإستطاعته تشكيل النظام السوري الجديد حسب هواه، و أخيراً، التصعيد الدراماتيكي للعنف الذي حدث في شهر رمضان المبارك في 2011، و الذي فسًره اردوغان بانه موجه ضد المتظاهرين السنة في سوريا. عندها، بدأ اردوغان ينادي بإسقاط نظام الاسد و أعلن للعامة بأن نظام الاسد الدكتاتور سيسقط خلال بضعة اشهر. و بعدها بفترة قليلة، صرًح في ايلول 2012، بأنه سيذهب ليصلي في جامع دمشق الأموي مع إخوته المتظاهرين السوريين. ولكن الاسد لم يسقط بتلك السهولة. كما ان التباين بين رغبات اردوغان في رؤية نظام الاسد و قد حل محله نظام موالي له من الائتلاف السني و بين حقيقة العناد و الصمود الذي أبداه الاسد في الامساك بالسلطة، كانت بمثابة خيبة أمل كبرى لأردوغان و أجبرته على المضي قدماً في سياسة التصرف لوحده و بإنفراد و معزل عن المجتمع الدولي، و حدث شرخ كبير بينه و بين امريكا عندما أعرب اردوغان عن خيبة أمله من سياسة الرئيس اوباما و رفضه الدخول في المعمعة السورية على الرغم من عدد الضحايا الكبير جداً و الذين قتلوا على أيدي قوات النظام.

كما ان القطيعة بين اردوغان و النظام كانت نقطة البداية لتبني تركيا، سياسة طائفية داعمة للطائفة السنية و التي أصبحت تتوضح اكثر و اكثر بمرور الوقت. لقد أدت سياسة اردوغان في السماح لآلاف المقاتلين الاجانب في عبور حدودها و الانضمام الى قوات المعارضة السورية، الى زيادة التطرف بين المجموعات المسلحة و الى زيادة التوتر بين انقرة و امريكا و اوروبا. كانت الحكومة التركية تعرف ان معظم هؤلاء المقاتلين سينضمون الى الجماعات الجهادية مثل النصرة و غيرها و مع هذا سمحت لهم بالعبور لان المقاتلين المحليين المعتدلين فشلوا في الاطاحة بنظام الاسد. الجماعات الجهادية كانت متمرسة اكثر في القتال و مستعدة اكثر للموت في سبيل القضية و كان يعتقد ان بإمكانها اكمال المهمة التي فشلت فيها المجموعات السورية المسلحة الاخرى
ثم بدأت النتائج غير المقصودة و غير المتوقعة من جراء تجمع عشرات الالاف من هؤلاء المقاتلين الاجانب على الارض السورية في الظهور. العديد من هؤلاء المقاتلين إنجذبوا الى الدولة الاسلامية و كونوا منها القوة التي نعرفها اليوم.
في عام 2013، و خلال زيارة لواشنطن، شدًد الرئيس الامريكي اوباما على أردوغان طالباً منه التوقف عن دعم الجهاديين و خاصة جبهة النصرة و منع عبورها خلال الحدود التركية. و لكن في ذلك الوقت كانت البنية التحتية للجهاديين في تركيا قد تحققت و بدأت تربك المسؤولين الامنيين الاتراك ولحد اليوم. لقد كانت الدولة الاسلامية المستفيد الاكبر من الحدود التركية الرخوة و سهلة العبور. و كانت البنية التحتية التي تأسست في تركيا بالأصل لدعم الجهاديين، قد اصبحت قاعدة ارتكاز لضرب المدن التركية نفسها، ابتداءاً ب دياربكر، سروج، انقرة، و أخيراً اسطنبول. التفجيرات الثلاثة الاولية استهدفت الكورد و اليساريين الترك تاركةً وراءها 135 قتيلاً، و التفجير الاخير استهدف منطقة سياحية في اسطنبول مخلفاً وراءه 11 قتيلاً من السواح الالمان. كما ان الدولة الاسلامية تمكنت من اعدام المعارضين السوريين لها في داخل تركيا نفسها متمعةً بالحصانة التي وفرتها لهم تركيا.

القضية الكوردية:

لقد كان تعاظم قوة الكورد في سوريا أحد أهم النتائج المباشرة لتدهور الوضع الامني و السياسي و الفوضى في سوريا. لقد تمكن الكورد المحرومين من حقوقهم و المضطهدين على ايدي كافة الانظمة التي تعاقبت على حكم سوريا، من الاستفادة من تشرذم الدولة السورية في السيطرة على المناطق التي يشكلون فيها الاغلبية السكانية. ثم وجدوا لهم حليفاً قوياً في امريكا: عندما تمكنت الدولة الاسلامية من التقدم لاحتلال مدينة كوباني الكوردية في اكتوبر 2014، قامت القوة الجوية الامريكية بقصف هذه المجاميع الجهادية و تاسيس علاقة قوية و غير اعتيادية مع الكورد الذين أثبتوا انهم من اهم القوى العسكرية على الارض السورية التي تمكنت من طرد الدولة الاسلامية من الاراضي التي إحتلتها.
و لكن هذا الحلف المتنامي مع الكورد جاء على حساب تركيا. الحركة الكوردية المسيطرة على الارض في سوريا (حزب الاتحاد الديموقراطي)، هو حليف ان لم يكن منظمة تابعة لحزب العمال الكوردستاني و متمرسة على القتال بشكل جيد. لقد قالت واشنطن بوضوح انها تميز بينها و بين حزب العمال على الرغم من العلاقة الوثيقة بينهما. من الناحية القانونية، يعتبر حزب العمال على قائمة المنظمات الارهابية الامريكية و لكن القائمة هذه لا تشمل حزب الاتحاد الديموقراطي الكوردي و قد استلم الحزب دعماً عسكرياً من امريكا ضد الدولة الاسلامية. و مع تعمق العلاقة بين الطرفين الامريكي و الكوردي، و لإرضاء تركيا، لم يدعُ الامريكان حزب الاتحاد الديموقراطي للمشاركة في مباحثات جنيف حول الازمة السورية.
لقد كان الانتصار الكوردي في كوباني بمثابة الضربة القاضية لعملية السلام التي كانت تجري بين تركيا و الكورد. و لقد وجه اردوغان أشد الانتقادات للتدخل الامريكي في كوباني و اعتبر هو و حزبه الكورد أشد خطراً عليها من الدولة الاسلامية. في شباط، 2015، أنكر اردوغان الاتفاقية التي ابرمها مساعدوه مع حزب الشعوب الديوقراطي و حزب العمال. الوثائق التي سربت حديثاُ، تشير الى النقطة المفصلية كانت خوفه من ان يستنسخ الكورد في سوريا، تجربة الكورد في العراق و خلق منطة حكم ذاتي شبه مستقلة على الحدود الجنوبية لتركيا.

في الصيف الماضي، نشبت الحرب ثانيةً بين تركيا و جزب العمال الكورستاني للثأر من حزب العمال. منذ انتخابات حزيران الماضي، تم قتل 256 رجل امن تركي و الضحايا بين صفوف حزب العمال اكيد أكثر. التدمير الي طال المدن الكوردية مثل الجزيرة و دياربكر و سيلوبي من جراء فتح نار الدبابات عليها و على الشباب اليافعين من مقاتلي حزب العمال الذي قرروا مقاومة الشرطة و العسكر التركي كان كارثياً. لقد ادرك اردوغان ان سيطرة الكورد على كوباني تمثل نقطة الفصل للحظوظ الكوردية و مستقبلهم في المنطقة، و كان عليه ان يختار بين احد أمرين لا ثالث لهما، إما ان يتعاون مع الكورد أو يقمع الكورد، و لقد إختار الخيار الثاني. وعندما تمكن الكورد من تقويض موقع اردوغان على الصعيد المحلي و الدولي، وجد الرئيس التركي أيديه مشدودة أكثر في سوريا عندما تدخل الروس في سوريا لدعم الاسد. و بحركة غبية، قامت المقاتلات التركية في نوفمبر 2015، بإسقاط قاذفة تركية كانت قد خرقت الاجواء التركية لعدة ثوان فقط. لقد كلف هذا العمل تركيا، خسائر كبيرة اقتصادياً و سياسياً و عسكرياُ من جراء انتقام الرئيس الروسي بوتين. لقد أخطأ اردوغان في الحكم و اختبار بوتين، لان اسقاط الطائرة نجم عن خيبات الامل و الاحباط الذي اصاب اردوغان من جراء فشلة المتكرر في سوريا و النجاحات التي حققها الروس و الايرانيون في تعزيز الجيش السوري ضد حلفاء تركيا في سوريا.
كما ان تأثيرات الحرب الاهلية في سوريا وضعت تركيا في موقع خلاف مع ايران ايضاً. منذ بداية الحرب في سوريا و حتى نهاية عام 2015، عندما تدخل الروس بشكل مباشر و توضح دور جيش القدس الايراني، اتفقت كل من تركيا و ايران على ان لا يتفقوا حول هذا الموضوع بالذات. ان العلاقات الاقتصادية المتشعبة بين ايران و حكومة اردوغان و بضمنها عمليات بيع واسعة و كبيرة للذهب، والاعتماد التركي على الغاز الايراني، وحاجة ايران الى عملة صعبة اجنبية حصلت عليها من هذه الصادرات ساعدت الدولتين على تجنب الدخول في صراع علني.
السيد اردوغان لم يتخلى عن حلمه في ان يكون ذا نفوذ قوي في المنطقة، و قد اعلنت تركيا بأنها ستقيم قاعدة عسكرية في قطرو ستبدأ بتدريبات عسكرية في الصومال. يمتاز الرئيس اردوغان بأنه يستطيع تغيير مواقفه و سياساته في لمح البصر كما حدث مؤخراً عندما بدأ بضخ الحرارة في علاقاته مع اسرائيل. التقارب مع اسرائيل يفتح احتمالاً قوياً في تأسيس و مد انابيب الغاز من شرق المتوسط الى تركيا عبر قبرص.

ما هي الخطوة التالية لأردوغان:

يواجه اردوغان ثلاثة تحديات متشابكة. انه يسعى بلا هوادة و تعب لتغيير الدستور التركي و حصر كافة الصلاحيات التنفيذية في منصب الرئاسة تمكنه من قيادة تركيا غير مقيدة بدستور؛ النزاع المتصاعد و المتزايد مع الكورد يهدد بإنفصال الكورد عن الدولة التركية؛ والتدهور الملحوظ في الوضع السوري تنذر ليس فقط في تهييج الصراع مع الكورد في الداخل التركي، وإنما الى اضعاف علاقة تركيا مع امريكا لان واشنطن مستمرة في تعزيز علاقاتها مع الكورد في سوريا.
قد يتمكن اردوغان من تحقيق بعض احلامه مثل تغيير نوع الحكم الى النوع الرئاسي، و لكن الثمن سيكون انقسامات اكبر و اوسع بين اطياف المجتمع التركي و بين تركيا و حلفائها التقليديين. السيد اردوغان واثق من ان رؤيته الخاصة لحل المشكلة الكوردية ستنجح و هو يعتمد في هذه النظرة الى إمكانية انقلاب الكورد على حزب العمال الكوردستاني. و لكن و في الوقت ذاته، فإن المعاناة التي يتجرعها الكورد في المدن الكوردية الكبيرة في تركيا، ستكون لها تأثير دائمي و مزمن على المجتمع الكوردي.

بالنسبة للوضع في سوريا، هنالك تناقض و تباعد واضح في الاولويات بين كل من تركيا و امريكا و اوروبا. بالنسبة لحلفاء تركيا الاوروبيين، الاولوية هي الحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية، بينما بالنسبة لانقرة، هو اسقاط نظام بشار الاسد و منع حصول الكورد على منطقة حكم ذاتي في سوريا. ان استمرار المحنة الكوردية في الداخل التركي سيدفع انقرة اكثر للابتعاد عن حلفائها فيما يتعلق بسوريا.
جوهر المسألة هي ان سياسة تركيا الخارجية الحالية لا تتمحور حول دولة تركيا و انما حول السيد اردوغان نفسه. التخبط السياسي في داخل تركيا و خارجها هو سيد الموقف حالياً، حيث بدأ الرئيس في اتخاذ سلسلة من السياسات غير الليبرالية في الداخل من شأنها ان تهمش المؤسسات القائمة و اعادة ترتيبها حسب مقاسه. ان وجود الرئيس الطاغي و موقعه غير القابل للتحدي يعني ان السياسة الخارجية التركية هي نتيجة لوجهات نظره، نزواته و افضلياته. ليس هناك من يستطيع ان يتحداه. النهج المؤسساتي الذي اعتمد في بدايات حكمه لتركيا، تم التخلي عنها و استعيض عنها بمكرمات الرئيس، و هذا ما يفسر الانتكاسات او الصعود و الهبوط في السياسة الخارجية التركية.




#عبدالله_جاسم_ريكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحديات التي تواجه حكومة اقليم كوردستان
- تركيا لم تعد أمة واحدة: الاستقطاب المجتمعي في عهد أردوغان
- هل يتجه اقليم كوردستان نحو الافلاس؟
- جناية اردوغان على التعليم في تركيا
- بناء الدولة في اقليم كوردستان-العراق
- حرب المدن، مرحلة جديدة في الصراع التركي-الكوردي
- كيف نجح اقليم كوردستان في سياسته الخارجية
- تخبط السياسة التركية تجاه القضية الكوردية
- تركيا و المعضلة اليمنية
- داعش ليست منظمة ارهابية- الجزء الثاني
- هوس السيد اردوغان بنظرية المؤامرة و عقدة اليهود
- هل يمكن تكرار نموذج هزيمة الدولة الاسلامية في كوباني في مكان ...
- النصر الكوردي في كوباني، هزيمة لداعش وحدها أم لِأحلام السلطا ...
- هل سيصبح 2015 عام الكورد الاكبر
- هل ستصبح اوروبا قارة اسلامية
- الصراع الكوردي-الكوردي في شمال كوردستان
- السلطان الاُلعوبان و فرص حل المعضلة الكوردية
- الايدز الداعشي: فقدان المناعة الدينية المكتسبة
- هل اصيب السيد أردوغان بمرض (الكوبانوفرينيا)؟
- هل استخدمت دولة الخلافة الاسلامية السلاح الكيمياوي في كوباني ...


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله جاسم ريكاني - هل فقدت انقرة بوصلتها السياسية؟