أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟














المزيد.....

هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 07:15
المحور: سيرة ذاتية
    


ألا توجد وسيلة لاسترداد ذلك الطفل الذي كان يزرع مسافة الطريق اياباً وذهاباً إنطلاقاً من المساكن الشعبية الواقعة خلف قسم شرطة إمبابة وحتى منطقة الكيت كات بمحاذاة الطريق المجاور للنيل من جهة المباني والمحلات لالتقاط ماتيسر من أغطية زجاجات الكازوزة على تنوعاتها كثروة ضرورية يحلم دوما باقتناء المزيد منها وتعظيمها والإبقاء عليها قيد الإستخدام دائماً ؟

هذا غطاء زجاجة (البيبسي كولا) بلوني جانبيه الأحمر والأزرق البهيجين ،
وهذا غطاء زجاجة (اسبيرو اسباتيس) برسمة العنكبوتة الخضراء اللامعة ،
وهذا غطاء زجاجة ( سيدار ) أو كما كنا ننطقها ( صيدر)
ثم هذا غطاء ( سيكو ) برتقال بمربعه الذي تتوسطه البرتقالة
وذاك أيضاً غطاء زجاجة البيرة ( ستيلا) بنجمته الخماسية الزرقاء البراقة الجميلة

ذلك الولد الذي هو أنا
و تلك ثروتي التي سأتمكن من صنع أشياء عزيزة بها
بالضبط إذا ماتكون لدى أربعة وعشرون غطاء فهذا كاف لكي أقوم بدق مسمار في منتصف كل غطاء وعمل ثقب وهكذا أقوم بلضم الأربعة والعشرين غطاء في ( أستيك) صغير وأقوم بربطه بأحكام على هيئة طوق مستدير بدقة ليصلح كإطار لتلك السيارة التي سأمتلكها بعد قليل
وياحبذا لو كانوا إثنين وثلاثين غطاءً بالتمام والكمال لكان ذلك الطوق الذي يصبح أفضل إحكاماً واستدارة فيكون أقرب من القرص إلى الحلقة و أكثر اصطفافاً واتساقاً وجمالاً
كنت أجهز سيخاً حديدياً بسمك مليمتران تقريباً وبطول مايقترب من المتر الواحد وأقوم بثني وتطويع طرفه كمقبض لقائد السيارة أو الجرار ،

وفي حال توفر كل هذا فلم يبق إذن سوى أن أذهب إلى طنط أم ميمي التي كانت تحيك لنا ثياب جميع أفراد الأسرة صيفاً وشتاءً فساتين قطيفة وجلاليب وبيجامات لإخوتي البنات أو بيجامات مقلمة بإزار غالقة للرقبة لي ولأبي أو جلاليب نوم أبي الكاستور ذات العروة الجانبية على شريط الرقبة ومعها طاقية من نفس القماش مازلت أتذكر رائحة القماش الجديد وهي تعمل فيه مقصها وماكينة خياطتها وأنا أطلب منها أن تعطيني ( البكرة) الخشبية التي تتخلف عن نفاذ خيوط الحياكة المختلفة

أقوم بغرس وإدخال تلك البكرة بعناية ومهارة في طوق أغطية الكازوزة التي أعددتها كما سبق بحيث تلتبس تماماً بها أو بمعنى أدق يحدث التطبيع والاندماج الكامل بينهما فتنتج عنهما عجلة فلا يتبقي سوى أن أدخل طرف السيخ الحديدي ذو المقبض في ثقب البكرة ثم ثني وتطويع وتطبيع طرفه الداخل في البكرة ومن ثم إحكامه جيداً
لتصبح لدى أفضل عربة في العالم أو كما كان يسميها أقاربي الريفيون عندما أزورهم متباهياً بها ( فريرة بضم الفاء وتشديد الراء الأولى ) ويالها من بهجة عندما أجرى بها إنطلاقاً من قرب كوبري إمبابة إلى الكيت كات مقلداً داخلي صوت الجرارات والسيارات القديمة وفي حال خلو الطريق من الناس كنت لااستحي أن أكركر بصوتي كجرار داهم أو كعربة تهدد من يقف في طريقها

عندما كان أولاد الجيران في إمبابة يصنعون فريراتهم نتجمع ونجري سوياً وتصطدم عرباتنا ببعضها وسط صرخاتنا القوية
- حااااسسب
- عنننننن عنننننننن عنننننن وسع الطريق يااسطي
- أوعي رجلك

لم يكن ذلك الجرار أو تلك العربة أو ( الفريرة) آخر حيلي في ثروتي من غطاءات زجاجات الكازوزة فقد كان لي فيها منافع أخرى

كنت أقوم عن طريق الطرق بمهارة معينة على تلك الغطاءات واحدة بعد أخرى فأفردها تماماً كرغيف عيش حديدي مصغر ورقيق في أو مايشبه في الحجم والإستدارة العملة الفضية القديمة فئة القرشين أو ( النص أفرنك) كما كان يردد التجار من ذوي الأصول الريفية في إمبابة
وكنت أصنع منها عن طريق الثني المطبق بالطرق لبعضها أو اللي بزاوية قائمة في البعض الآخر كراسي وكنب وترابيزات وأسرة نوم فيصبح عندي أثاث منزلي كامل أقوم برصه في بلكونة المسكن أو على باسطة السلم لأتباهي بدقة ومهارة وإبداع ماصنعت يداي أمام أترابي من أولاد الجيران

هل من طريق لإستعادة ذلك الصبي الذي كان يجري مرحاً إلى عم منير الخردواتي الذي هو أمام مدرسة الجرن الإعدادية للبنات بإمبابة والجرن هو أسم الشهرة كنية عن المكان لكنني لاأذكر أسم المدرسة رغم أن بائعات الورد البلدي والقرنفل كن يجلسن بجوار سورها وأن البنات الجميلات بشعرهن المرسل وخدودهن الطازجة كالخوخ ذو الوبر الدقيق يخرجن منها فتشتبك عيناي بإبداع المشهد
ربما كان ذلك سبباً كافياً لكي لااهتم بقراءة الإسم المدون علي المدرسة حتى حان وقت ارتحالنا جميعاً كأسرة إلى مسقط رأس أمي ومكان قبر أبي في البحيرة

كنت أركض إلى عم منير لأشتري بماادخرت من مصروفي الزهيد ( النحلة خشبية) ثم اشترى منه القطان الذي سيلتف فيما بعد حولها بعناية كيما تدور على الأرض بخفة ورشاقة
وهذا ( القطان) لمن لايعرف عبارة عن دوبارة حمراء طولها متراً ونصف المتر أو متران
كنت استبدل سن النحلة المعدني بسن آخر انتقيه من بقايا ورش اللحام بالأوكسجين ليجعل النحلة تنزل على الأرض وتدور في ثبات لأطول وقت ممكن لأن من ستدور نحلته من بين الصبية الوقت الأطول ... سيكون هو الفائز

قطعاً خسرت كثيراً
وفزت كثيراً
لكن الخسارة الأكبر
هي ابتعاد الولد الذي كان اسمه أيضاً حمدي عبد العزيز والذي سرت كقطار سريع،
وتركته ورائي على رصيفي
بمسافات
أخشى أن تتسع أكثر من ذلك
فتكون الخسارة
خسارة لاتحتمل




#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن تنهض جدتي
- أربعة شروط عاجلة كي لانذهب إلى مالارجعة فيه
- قبل أن يغادرنا يناير
- حول مقولة شباب الثورة وعجائزها
- في ذكرى الإندلاع الشعبي الكبير
- شعب تونس وشعابها
- في انتظار أن تحضر الدولة
- في ذكرى إنتفاضة 1977 المجيدة
- تأملات كروية
- إسلام البحيري والثمن المدفوع
- تحالف إشعال الحرائق
- أستاذي وصديقي.. محمد خليل
- ياناطرين التلج .. ماعاد بدكن ترجعوا ؟
- على هامش صراعات الجماعة
- يسار داخل الصندوق
- في مسألة الموقف من حزب الله
- عملية القنطار
- سرب الأوز الطائر
- رؤية سياسية
- صفقة الدولة اللبنانية مع العصابات الأرهابية


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟