أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - سرب الأوز الطائر














المزيد.....

سرب الأوز الطائر


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5022 - 2015 / 12 / 23 - 08:54
المحور: سيرة ذاتية
    


وسرب الأوز الذي كان يرتفع صوته صياحاً قوياً متميزاً يعلو على أصوات الديكة والدجاجات وذلك البط المتنوع مابين السوداني والبكيني والبلدي والمجنس ذو الصوت المبحوح في الساعات الأولى من صباحات تلك الأيام التي كانت تبدأ عقب أن تنتهي جدتي القروية من وضع وجبة الإفطار لهم
وقبل أن توقظ كل من في الدار التي كانت أغلب قاعاتها مشيدة بالطين الممزوج بالتبن ؛
والبيوت المشيدة بهذه الخلطة من المواد الأولية البسيطة كانت تشيع الدفء في المكان إذا ماكان الجو سقيعاً وترطب المكان إذا ماكان صهد الحر صيفاً ؛
جدي كان قد شيد لجدتي قاعة للخبيز وقاعة لخزين الدار من الدقيق والأرز والبصل والثوم وجرار المش التي كانت تحوي خلاف الجبن المملح قرون من الترمس الأخضر والبشائر المبكرة للقتة والخيار التي تقطف قبل النضج وبعض حبات من الطماطم الخضراء أو أعواد اللفت لكنها لم تكن تخلو من قرون الشطة القانية الإحمرار التي كنت أكرهها في ذلك الحين ،
لكنني أحب جداً أن تخرج لي جدتي أعواد الترمس الخضراء مع المش وقطع الجبن القديم وكنت أعتبر ذلك مع رغيف البتاو هدية كبرى أستعد مبتهجاً لإلتهامها بطفاسة لا أنكرها
ضمن ما شيد جدي لجدتي من قاعات بتلك الخلطة الطينية قاعة واسعة لتربية الطيور فلم يكن بيتاً في القرية يخلو من قاعة للطيور حتى وإن خلا من غرفات نوم إضافية للأبناء
كانت القاعة في نصفها العلوي تحوي اقفاصاً للحمام القطاوي الذي لايطير بعيداً عن المكان وكان الجدار في نصفه السفلي يحوي تجويفات تشبه الكهوف الصغيرة للأرانب ثم تتكدس القاعة بأعشاش الدجاج وأخنان للبط والأوز بينما تتناثر هنا وهناك في تلك القاعة الجهنمية أقفاص يسمونها ( سباتيات) لمبيت الدجاج وحيث تبيض وثانية وثالثة لأفراخها من الكتاكيت وأخرى وغيرها لأفراخ البط والأوز
كانت هذه القاعة عالم عجيب من الطيور البرية التي كان يعمر بها الريف في ذلك الوقت ؛

كنت أصحو مبكراً على صوت تلك الجلبة التي تحدثها أصوات طيور جدتي بعد الفجر بقليل
الآن عندما أتذكرها وأنا ابن التمدن الحضري المولع بموسيقي تشايكوفيسكي وكورساكوف ورحمانينوف وشتراوس وشوبان وخانشادوريان وغيرهم
تبدو لي هذه الجلبة كعازفي الأوركسترا الذين قرروا في لحظة إستثنائية ممارسة حالة من العزف العشوائي المتداخل في غياب المايسترو

للغرابة لم أكن أنا الصبي حمدي أصحوا منزعجاً بهذا
على العكس كانت تشتعل في جسدي حالة من النشاط الممتزج بالحبور
لإقفز من سريري وقبل أن أقوم بأعمال النظافة الصباحية أو أن أغتسل اقفز مباشرة ً لحضور طقس خروج أسراب البط والأوز الصباحي إلى الترعة المقابلة لبيت جدي
لاشئ كان يعوضني عن مشاهدة حالة الطيور وهي تنطلق من محبسها إلى الفضاء الوسيع بعد تناولهم لوجبة الفطور التي تعدها لهم جدتي من الردة المبللة بالماء وأعواد البرسيم الخضراء إذا كان الأوان هو أوان البرسيم

يالها من لحظة لامانع لدى أن يتوقف العمر عندها
أسراب الأوز المتنوع الألوان مابين الأبيض الشاهق ومابين الأبيض المختلط بالرمادي ومابين الرمادي الخالص باستثناء شريط الرقبة الأبيض أو الأبيض الخالص باستثناء شريط الرقبة الرمادي أو ربما الأجنحة

هي اللحظة التي أريد لهذا الطفل ثم الصبي الصغير الذي هو أنا أن أقف عندها عمراً آخر
إنها لحظة اشتعال فرحة الأوز وتأججها ليشرع سرب كامل من الأوز أجنجته في آن واحد فيطير لبضعة أمتار فوق سطح مياه الترعة الصباحي الرقراق صائحاً
كما لوكان يصرخ مشتعلاً بالفرح
أنا البهجة
أنا البهجة

حمدي عبد العزيز
19 ديسمبر 2015



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية سياسية
- صفقة الدولة اللبنانية مع العصابات الأرهابية
- العدوان التركى على العراق
- العلمانية والصهيونية لايجتمعان
- الحك على المنخار الروسي
- صفقة وادي حميد
- من أجل ذلك خلق الله الندم .. ياسيد أردوغان
- عاجل إلى الضمير الأوربى
- أسئلة عن مستقبل الحياة السياسية والحزبية فى مصر
- لماذا انطفأ النور انتخابيا .. قراءة فى نتائج المرحلة الأولى
- عزاء للشعب الروسى الصديق
- تخلوا عن هذا الخاتم
- من إخوانى إلى سلفى .. ياقلبى لاتحزن
- إكسيليسيور .. لقاء الوداع
- ثلاث ملاحظات على هامش الوضع السورى
- وداعا خالد الصاوى
- على عبد الحفيظ .. سيرة ممتدة للفلاح الفصيح
- عيد الذبائح والدم
- نحو إصلاح وتتطوير الفلاحة المصرية (2)
- توحيد البنهاوى .. وداعا


المزيد.....




- بـ4 دقائق.. استمتع بجولة سريعة ومثيرة على سفوح جبال القوقاز ...
- الإمارات.. تأجيل قضية -تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي- إلى ...
- لحظة سقوط حافلة ركاب في نهر النيفا بسان بطرسبوغ
- علماء الفلك الروس يسجلون أعنف انفجار شمسي في 25 عاما ويحذرون ...
- نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
- حصانٌ محاصر على سطح منزل في البرازيل بسبب الفيضانات المميتة ...
- -لا أعرف إذا كنا قد انتشلنا جثثهم أم لا -
- بعد الأمر الحكومي بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل.. الجزيرة: ...
- مقاتلات فرنسية ترسم العلم الروسي في سماء مرسيليا.. خطأ أم خد ...
- كيم جونغ أون يحضر جنازة رئيس الدعاية الكورية الشمالية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - سرب الأوز الطائر