أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حمدى عبد العزيز - أستاذي وصديقي.. محمد خليل















المزيد.....

أستاذي وصديقي.. محمد خليل


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5030 - 2015 / 12 / 31 - 11:42
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ً لم أقابل في حياتي كثيراً من الأساتذة الذين علموني ممن هو في تواضع وخفة دم ووداعة المناضل اليساري العظيم محمد خليل

كنت أنا الشاب الذي تجاوز العشرين بقليل قد انضويت قبل أن أعرف الأستاذ محمد خليل تحت لواء حزب التجمع ،
كان محمد خليل وقتها أحد القيادات الهامة المؤسسة لحزب التجمع مع قائده التاريخي الأستاذ خالد محيي الدين
وكنت وقتها أنا الحديث العهد بالعمل السياسي أتململ من القواعد التنظيمية للحزب ولا أتعامل معها بقناعة كاملة وأراها ضرورية ولكنها واجب سخيف لابد من قبوله واحترامه باعتباره جزءاً مهماً في سياق النضال السياسي العام

لم أكن أدرك فلسفة التنظيم وأهميته ادراكاً يرقى إلى مستوى الإدراك المعقول
إلى أن بدأ الأستاذ محمد خليل يلف محافظات مصر محاضراً في أهمية التنظيم ومتابعاً لعملية بناء الهياكل التنظيمية للحزب وتدريب وثقل الكوادر الوسيطة للإعتماد عليها في خوض المعارك السياسية ؛

أذكر انه جاء إلى دمنهور في السبعينيات بقميص خفيف مفتوح الصدر مشمراً أكمامه عن ساعديه كشاب ذو قوام رياضي تجاوز الخامسة والثلاثين سائقاً لسيارته من القاهرة إلى دمنهور بدون أن يشكو الإرهاق أو حتى قليل من التعب وبدء - بتفاؤل وحماس - محاضرته التي كان يخال لي أنني سأستمع لها على مضض
ولكنني فوجئت بمحاضر على مستو عال من الرشاقة وخفة الدم في توصيل سيل من المعلومات المتدفقة بلغة بسيطة غير معقدة ويزيد من قدر التشويق فيها ماكانت تحتويه من أمثلة عملية تجسد كل موضوعاتها وتفسر أعمق وأعقد المسائل التنظيمية
بعدها قام بإدار نقاش لمدة أكثر من ساعة بعد أن ألقى المحاضرة في أقل من نصف ساعة
ووقفت أسأله شاكياً صعوبات العمل التنظيمي وثقل الاجتماعات التنظيمية وكره العضوية الجديدة للقواعد التنظيمية
ظل ينظر إلى وأنا القي سؤالي
كان لايبتسم فقط من فمه وهو يستمع إلى بل كانت الإبتسامة ملئ عينيه وجبينه وكل قسمات وجهه الضحوك
وافتتح إجابته بطريقة نثرت روح المرح على كل الحاضرين
( أنت اسمك ايه؟

- حمدي عبد العزيز

- طب أنت بس إيه اللي مزعلك قوى كده ليه ياعم حمدي
هوه التنظيم مضايقك للدرجادي ؟
بيني وبينك هو رخم وتقيل بس ذي الدوا المر لابد منه
طب اتفضل استريح ، وأنا هاجاوبك

، وأجاب واستفاض
كان أول حديث أسمعه حول أن الحزب وظيفة اتصالية وان التنظيم هو أن تعمل تلك الوظيفة الإتصالية جيداً ويساعد على تماسك وحيوية الحزب. أو التنظيم ويضمن ممارسة الديمقراطية وتدفق المعلومات وحيوية النقاش داخله

يومها أحببت هذا الرجل وأحببت فكرة التنظيم وبدأت ابحث عما تيسر لي من مواد وكراسات تنظيمية لدراسة التنظيم وساعدني كثيراً مجدى شرابيه الذي كان يمتلك موهبة تنظيمية كبيرة وقتها ثم أستاذي حسين عبد ربه الذي كان أحد أساطين العمل التنظيمي وعلم الحياة الحزبية وأحد القيادات اليسارية التاريخية الهامة

وما من محاضرة أو إجتماع كادر يكون محمد خليل أو حسين عبد ربه طرفاً فيه إلا وكنت أواظب على حضوره

وأصبح محمد خليل أستاذاً وصديقاً لي
لا أنسى قبيل مغادرتنا القاهرة إلى موسكو للمشاركة كوفد مصري في مهرجان الشباب العالمي في أغسطس 1985 جاءنا إلى مقر حزب التجمع في الإجتماع الذي عقده القائد العظيم خالد محيي الدين للوفد قبل المغادرة إلى المطار
جاءنا الأستاذ محمد خليل وقد صفف شعره على الطريقة الروسية
بادره الأستاذ خالد
- إيه الحلاقه الموسكوفي الحلوه دي يامحمد
رد هو
- آمال ياريس حلاقه تضامن أممي بقى

كانت النكتة دائماً حاضرة في وجهه وعلى لسانه لدرجة أنني لم أره يوماً غير مبتسم أو ضاحك

شكل دويتو رهيب هو وصديقي الحبيب محمد سعيد ما أن تقابلهم في مكان في موسكو إلا وانفجرنا من الضحك من النكات التي كانوا يلقونها تعليقاً على أي حدث وأي شئ وكان إذا ماانضم إليهما الخال الأبنودي الذي كان ضمن وفد المهرجان لأصبحت أمام مثلث برمودا العاصف ظرفاً وفكاهة ..

كان الجانب الإنساني لدى محمد خليل الذي ظل صديقي الحميم عبر عقود من الزمان نموذجاً من التواضع والطيبة الشديدة والإحترام الفائق لكل أصدقائه بغض النظر عن مدى المجايلة أو فوارق السن وكان مصدر إحترام ومودة من الجميع ؛

لم أره يتكالب على معركة من أجل انتزاع مقعد قيادي منذ أن انتهج التجمع نهج الإنتخابات الصندوقية المباشرة طريقاً لتحديد المواقع القيادية ،
كان يمكن أن نشاهد محمد خليل يتحدث بحماس في قضية ما لدرجة تنتفخ معها أوردة وشرايين عنقه لكنه مع هذا لايفقد الابتسامة ولا يبدل وجهه الضحوك ولا تنغلق مساحات الود في عينيه، ولا ينجرف إلى مخاصمة أحداً من المختلفين معه.. حتى وإن جار على شخصه أحدهم في نقاش ما
لم يكن يرد إلا وابتسامة الود الإنساني على وجهه وصادقة عميقة في عينيه ،
لم يكن يسلم على أحد إلا بانحناءة مؤدبة ووجه متهلل بالود والتحنان أياً كان مركزه بالنسبة له

آخر مرة تحدثت معه تليفونياً كان صوته متعباً لكن خفة ظله كانت لم تزل على حالها
لم يزل وده وحبه للآخر الصديق أو غير الصديق على حاله
عاتبني على تركي للتجمع في 2013 لكنه سرعان ما بادر بحب صادق قائلاً
- انت مارحتش بعيد برضه
يعني بالظبط كده أنت في الأوضه اللي جانبنا في بيت اليسار الكبير
وتمنى لي التوفيق أنا والحزب الإشتراكي المصري ورجاني المرور من وقت إلى آخر في التجمع ولقائه هو والرفاق

محمد خليل كان يمتلك سلاماً نفسياً هائلاً رغم توقده الشديد ورغم أنه كان مناضلاً من الطراز العنيد

لكن الجانب الأهم هو أنه ظل أستاذاً ومرجعاً للكثيرين في العمل الحزبي الداخلي والقواعد المنظمة للعمل السياسي وطريقة بناء التنظيمات السياسية
وشرفت - كنوع من حسن الحظ - بأن أكون تلميذاً من بين تلاميذه وظل هو أستاذاً للكثيرين

هذا الرجل كان قد لعب دوراً كبيراً في بناء حزب التجمع وخصوصاً في الفترات الحرجة التي تعرض لها الحزب أثناء الضربات البوليسية القوية والغاشمة التي كان يتعرض لها من قبل سلطة السادات وأضاف الكثير لحزب التجمع في فترة توليه مسئولية العمل التنظيمي في الحزب في أواخر السبعينيات وفترة الثمانينات من القرن الماضي

رحم الله صديقي وأستاذي الجميل محمد خليل الذي أراد أن يكون وداعه ضمن الوداع العام لسنة 2015 التي شهدت رحيلاً كبيراً للعديد من أحب الأصدقاء والرفاق والأساتذة في تيار اليسار المصرى

حمدي عبد العزيز
30 ديسمبر 2015



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياناطرين التلج .. ماعاد بدكن ترجعوا ؟
- على هامش صراعات الجماعة
- يسار داخل الصندوق
- في مسألة الموقف من حزب الله
- عملية القنطار
- سرب الأوز الطائر
- رؤية سياسية
- صفقة الدولة اللبنانية مع العصابات الأرهابية
- العدوان التركى على العراق
- العلمانية والصهيونية لايجتمعان
- الحك على المنخار الروسي
- صفقة وادي حميد
- من أجل ذلك خلق الله الندم .. ياسيد أردوغان
- عاجل إلى الضمير الأوربى
- أسئلة عن مستقبل الحياة السياسية والحزبية فى مصر
- لماذا انطفأ النور انتخابيا .. قراءة فى نتائج المرحلة الأولى
- عزاء للشعب الروسى الصديق
- تخلوا عن هذا الخاتم
- من إخوانى إلى سلفى .. ياقلبى لاتحزن
- إكسيليسيور .. لقاء الوداع


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حمدى عبد العزيز - أستاذي وصديقي.. محمد خليل