أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - اسماعيل خليل الحسن - رجعي.. محافظ.. تقدّمي














المزيد.....

رجعي.. محافظ.. تقدّمي


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 1376 - 2005 / 11 / 12 - 08:43
المحور: كتابات ساخرة
    


تسافر في سيارة أو حافلة تنهبك المسافات, تتوغّل في الفلوات, لا تتغيّر المناظر أمامك حتى تقطع مئات الكيلومترات, إنها البادية حيث الرمل وحده يدلّ على تحولات الزمن, تم فجأة تتغير المشاهد أمامك, يتغير المشهد في كل لحظة, يطالعك جبل شاهق وواد سحيق, أشجار باسقة, قرى متجاورة, هذه قرية تخترق مآذن مساجدها عنان السماء, تخرج نساؤها ملتحفة بالسواد, لكن اسمها يذكرك بكتب التاريخ و الوطنية حين مرّ رجال الثورة السورية في حواريها و خبأتهم في جفون عينيها, قرية أخرى تشهد عليها صلبان كنائسها, تتهادى فتياتها مطلقات لشعورهن العنان, يتبرجن بآخر صيحات الأزياء, وتاريخها حافل بالوطنيّة, وفي قرية أخرى بني مزار على ضريح, ولا يختلف تاريخها الغابر عن جارتيها, إنها الوطنيّة التي تحمل في بنيتها مضامين تقدميّة و العكس صحيح.
في عصر التعميمات المائعة سادت مفاهيم الرجعية و التقدمية و اختفى مفهوم الوطنيّة تماما, و جرى تسييس كل شيء ليخدم توجّهات هذا الحزب و هذا النظام, لقد كان عصرا مفلسا سمّم الحياة السياسية في الداخل المحلي و في المحيط العربي. و بما إن السياسة هي علم الفروقات فلم يفرق العقائديون بين ما هو محافظ و بين ما هو رجعي!. أليس الشعب الإنكليزي هو أكثر شعوب العالم محافظة, لكنّه قدم للعالم الثورة الصناعيّة و الحياة البرلمانيّة؟. وما زالت المرأة اليابانيّة تقدم طقوس الولاء و الطاعة لزوجها كخادمة, و مازال يمارس اليابانيون ما هو قديم و بال كثقافة " الجيشا " و " الساموراي" و " الناشيمنتو" وغيرها في تعايش و تصالح مع ما هو حداثتي كالديمقراطية السياسية والثورة التكنولوجية لا يقف الواحد من تلك المكونات في وجه الآخر عائقا أو صادما. و في القرب منّا في حيث يمارس العدو اليهودي طقوسا مضحكة أمام حائط المبكى, ثم يعود إلى رحلة عمله ليتفوّق علينا تكنولوجيا, و يقضم بالقوة آخر ما تبقى لنا من حقوق, و نحن نتفرّج عليه خانعين بتخلفنا و جهلنا التاريخي.
لقد مارس بعض التقدميّين, أحزابا و أنظمة, دورا رجعيّا و غيبيّا, في إعادة الشعوب إلى ما قبل الدولة و قبل الحداثة و قبل المجتمع, في تقدميّة شكلانيّة, وصلت إلى حالة عصابيّة إذا ما تذكرنا حملة سرايا الدفاع في سوريا لنزع حجاب النساء المتحجّبات في المدن السوريّة, فما علاقة ذلك بالتطوير و التقدم؟. إنّ ذلك يجعل الظاهرة المحافظة تتقوقع على موروثها و تتمسك به وتبني حالة عدائيّة بين ما هو موروث و بين من يريد اجتثاث هذا الموروث بلا سبب غير كونه موروثا, وليس من ضحية سوى العقل و العقلانية .
و في روسيا السوفيتية وقف لينين بالضد من مجموعة مايكوفسكي التي أرادت تحطيم كل ما يمت بصلة إلى القيصريّة, حتى لو كان كنوزا ثقافيّة أو فنيّة. إنّه الغلوّ يأخذ شكلا تقدميا, فما الفرق بينه و بين الاجتهاد الطالباني بتحطيم تماثيل بوذا, علما أن الفتح الإسلامي لمصر لم يمس آثار الفراعنة بسوء؟.
التقدّم, الحداثة, التطوير, صيرورة عميقة وطويلة و حلزونيّة, و ليس خفة و استخفافا, وليست مغامرة إنها عمليّة تحوّلات ديمقراطيّة لأنها تنبع من داخل الشعوب و بقناعة منها, لا بإخضاع و قهر و قسر عليها, عمليّة نهوض حقيقي تمسّ القطّاعات المجتمعيّة كافة, وبناء معرفة, وتراكم خبرات, إنها في النهاية جهد بشري أساسه شخصيّة الفرد كذات عالمة مفكرة, لا مجرّد مسوخ أو قطعان عدديّة, فمن أين ومتى و كيف نبدأ؟ ذلك هو السؤال.



#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحيى العريضي ومأزق البوليس الثقافي
- بأس فيأس ... فانتحار !!
- تلعفر تدفع تمن نيويورك
- اليعازرة يجتثون معارضيهم
- آن لوزير التقارير أن يرحل
- السطو على الإسلام باسم الإسلام
- جورج حاوي كان عليكم أن تؤمّنوا سيّاراتكم قبل أن تركبوا
- هيثم الخوجة, رضا حداد , جناحاي إلى قمة سيزيف
- سمير قصير لماذا لم تحفظ رأسك يا أخي العربي؟
- الذهنية الدينية العامية: الجزيرة السورية نموذجا
- انتبهوا الحرس القومي قادمون!
- الشعبوية و الديمقراطية
- هل نظام المجلسين هو الأفضل بالنسبة إلى العراق
- نريد أن ننسى و محمود جلبوط يتذكر
- سمة القائد السياسي أن لا تكون له سمة
- لماذا لا تعاد محاكمة سلمان المرشد؟
- البرلمان التونسي الجديد القديم
- عندما تكون 58أكبر من 99
- حركة التحرر الوطني أم الخيبات و الحظ العاثر
- النهضة بساطور الزرقاوي


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - اسماعيل خليل الحسن - رجعي.. محافظ.. تقدّمي