أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - اعترافات غير ثورية














المزيد.....

اعترافات غير ثورية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5047 - 2016 / 1 / 17 - 04:14
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


مع بداية ربيع الثورات أصبح عقلي أكثر انفتاحا على أي نقاش , و على مراجعة جذرية لكل أفكاري السابقة , آمنت يومها أنه يجب على تلك الأفكار أن تنتج نفسها من جديد مع تجربتنا الجديدة المثيرة أو أن تنقرض غير مأسوف عليها .. في تلك اللحظة التي كنت مستعدا فيها لتبني أي شيء يمكن أن يقنعني ككائن جديد يخلق نفسه من جديد وسط هذه التجربة اكتشفت أن أحدا لم يكن معنيا بأن "يقنعني" بأي شيء إلا بنفس وسائل القمع و التدجين القطيعية القديمة ذاتها , بقي العالم صارما في إصراره على تدمير أية إمكانية فردية للتفكير المنطقي و النقدي , تغيرت التابوهات و المحرمات لكنها أصبحت أشد قسوة و صرامة , بدلا من العروبة جاء الإسلام , بدلا من الوطن حضرت الطائفة , و بالنسبة للبعض : بدلا من الاستبداد حضرت "الثورة" , و بقيت الأجوبة المكررة المسبقة الجاهزة قيودا مفروضة على محاولات طرح أسئلة كبرى خارج السائد السلطوي و القطيعي , ما زلنا نبحث عن أنفسنا وسط هذا القطيع , و ما زال من الصعب جدا ألا تسير بكل غباء وراء الراعي كما يفعل الآخرون ..


لم تحتج الثورة السورية يوما لمن يدافع عنها على صفحات الجرائد أو على الفضائيات , و لا لإثبات أنها ثورة , لا تحتاج الثورات لأشياء كهذه .. لا تحتاج الثورات إلى أي شيء في الواقع , لكن إذا اصطنعنا الغباء يمكننا أن نقول أن "الثورات" "تحتاج" فقط لمن يصنعها , لمن يشارك بها , و كما هي العادة في كل الثورات : من صنع الثورة السورية أيضا كانت فئة محدودة جدا من البشر , و كالعادة أيضا : "صنعها" هؤلاء ثم "مضوا" .. ما تبقى اليوم من "الثورة السورية" هو فقط محاولات لإثبات أن أمراء الحرب و سادتهم ذوي البطون الممتلئة في سياراتهم و قصورهم الفارهة هم استمرار لغياث مطر و القاشوش و باسل شحادة أو ممثلين أو قادة أو إخوة لمضايا و كفرنبل , هذا كذب و وقاحة , حتى لو كانت تجارة رابحة للبعض

يمكن للبعض أن يعتبروا أن النحيب و التسول و الصراخ ( الذي "يمارسونه" باسم "الثورة" ) هو أيضا "سياسة" , بدلا من الصدور العارية في بداية الثورة أمام بنادق الشبيحة أصبح العويل والتسول و المناشدات و البحث عن ممول أو عن داعم هي القاعدة , تاريخيا البحث في لحظة هذا التحول ستساعدنا في تحديد لحظة انحطاط الثورة و موتها مع موت أو استسلام أو تبقرط من صنعها

قد تزعج كلماتي هذه أصدقائي من "الأقليات" , لكن ما يقلقني في الثورة السورية ليس كم الدم الذي سال فيها , ليس لأنه غير مهم , لكن حفلة الدم هذه لم ترعبني أو حتى لتهزتني طالما مارسها بكل عفوية فقراء أو مجانين أو حالمين , طالما مارسوها برغبة و وعي و استعداد كاملين لتحمل نتائج أفعالهم دون أن يحاولوا الاختباء خلف أصابعهم أو خلف فتاوى أو رغبات أو أوامر غيرهم أو وراء ممارسات العبيد التافهة الغبية من شكوى و تسول و توبة , ليس فقط أني حاولت أن أكون جزءا من تلك التجربة - الاحتفال الماجن , بل كنت مستعدا , كما أزعم لنفسي , أن أكون أحد ضحايا تلك العربدة , هذا الموت هو أيضا موت طبيعي كالسكتة القلبية أو تحت سيارة مسرعة أو برصاصة طائشة أو رصاص إنسان غبي آخر في حروب من أجل "الوطن" أو الله , لكن ما أن يصبح كرسي السلطة هو الغاية وراء تلك الدماء المسفوكة حتى يتغير عندها كل شيء : لا تستحق "ثورة" ينظر لها جمال خاشقجي أو عبد الله المحيسني , "ثورة" من أجل السادة , "ثورة" تخاض فقط من أجل زينب أو عائشة , أية قطرة دم أو أية "تضحية" , يملأ السادة و كلابهم الدنيا ضجيجا عن موتنا أو عن موت فقراء أغبياء مثلنا , لكن فقط كتجار دم , في الواقع هم و سادتهم من يجب أن يموت , و الأفضل أن يحدث هذا مرة واحدة و إلى الأبد ...

لم تعد الأمور بنفس وضوحها أو بساطتها الأولى , من الصعب علي اليوم أن أردد بنفس السذاجة أن المستعمرين ( بفتح السين ) , الزنوج , الأكراد , أو الفلسطينيين , سينجبون سادة جيدين أفضل من السيد الأبيض , وحده النفي المطلق صمد أمام كل الامتحانات المتلاحقة , رغم أن هذا النفي المطلق لا يجيب هو أيضا على كل شيء , ليس واضحا ماذا يمكن للنفي المطلق أن ينتج "سياسيا" و "اجتماعيا" , لكنه الوحيد الذي يبدو حقيقيا في عالم غارق في الزيف و الكذب و في مديح نفسه حتى الغباء و الموت , كل ما يزعم أنه "إيجابي" حتى اللحظة لا ينتج إلا سلطة جديدة و قهرا جديدا , ما زال كل شيء على حاله : خيارنا الوحيد و الأخير ما زال هو الاختيار بين "حياتهم" : الموت غباءا و قهرا و بين "موتنا" : الموت ثورة و كفرا ,

لسنا أوصياء على الجماهير , و لا على أي كان , هذا يعفينا ليس فقط من محاولات تلقينها و "قيادتها" , بل أيضا من الشعور القطيعي بضرورة "السير معها" أو انتظارها حتى تحرر نفسها من كل قيودها الداخلية لنبدأ بحثنا عن أنفسنا أو ممارستنا لحريتنا .. قد تهزم الثورات , أو "الجماهير" , لكن المتمردون يهزمون فقط عندما يبتلعهم الاستسلام و الغباء العام

إذا كان علينا أن نختار بين الانتحار الجماعي الساذج و الأبله من أجل الوطن أو الطائفة أي القطيع , و بين الانتحار الفردي في مواجهة القطيع , تبدو الميتة الثانية و كأنها الخيار الوحيد المتاح لمن يصر على أنه هو هو , كائن يبحث عن نفسه , يحاول خلق ذاته , و ليس أحد تلك الكائنات المذعورة حتى من أن تفكر , التي تبحث عن ملجأ مفترض من عالم يعج بالآلام و الأهوال المرعبة و الأكاذيب في أوهامها الخاصة



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأس نمر النمر كما يراه المثقف السوري المعارض
- -هم- و -نحن- , -تاريخهم- و -تاريخنا-
- فلسطين , سجننا المزدوج
- و الثورة السورية
- في ظاهرة المستبد أو الطاغية
- تعليق على مقال ياسين الحاج صالح : داعش و العالم
- دفاعا عن العدمية
- في البحث عن حسني مبارك فلسطيني أو كردي
- مجرمون أم ضحايا ؟
- الدكتور فيصل القاسم
- لماذا يحب السياسيون و المثقفون العرب الحروب الباردة ؟
- تحويل السوريين إلى شعب من الشبيحة
- هذا البحر لي
- حكاية أجدادي الطيبين
- الهوية
- في رثاء الثورة السورية , و -الشعب- السوري- : أيها الراحلون , ...
- عن الانشقاق عن الطوائف
- -فلسطين-
- تصحيح لكلمات سبارتاكوس الأخيرة لأمل دنقل
- حراك المندسين اللبنانيين و الإعلام و الزبالة


المزيد.....




- تجاهل محكمة العدل في تدابيرها الاحترازية الاضافية وقف اطلاق ...
- قلق أمريكي من تصاعد الحراك الشعبي الأردني وشعاراته
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - اعترافات غير ثورية