أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - مُجَرّد حوار مع الذات















المزيد.....

مُجَرّد حوار مع الذات


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 5038 - 2016 / 1 / 8 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد يتراءى ، لأول وهلة ، أني غيّرت مبادئي ، وكفرت بها ، وتحوّلت إلى داعية غير المعروف عني سابقاً . بثقة عالية أودّ القول أن ذلك لم ولن يحدث . أودّ إجراء مقارنة بين أحوال بعض الأوطان و الشعوب التي نهضت من اللاشئ أو التي نهضت بعد دمار شامل لحِقها بسبب الحروب ، وبين أوطان وشعوب أخرى تمّ تدميرها وكسر شوكة أهلها والإضرار بكرامتها .
كانت هناك ثمان جزر بائسة واقعة في المحيط الهادي يسكنها مجموعة من القراصنة يحكمهم رئيس ، تُسمّى الآن بجزر هَوايي . رست في أواسط القرن الثامن عشر ( عام 1778 ) في سواحل هذه الجزر سفينة تاجر إنكليزي ( جيمس كوك ) ، باع لهم بضاعته وإشترى منهم منتوجاتهم ، فكانت البداية لبناء علاقة صداقة بينه وبين الحاكم . وبتكرار زياراته أصبح مستشاراً له ، حيث تعلّم منه فن أخذ المشورة من أصحاب الخبرة والعلماء ، وكانت بداية نهضة البلاد . مرّت البلاد بعهد ملكي ، تم فيه إصدار بيان حقوق الإنسان ، ونظام فصل السلطات ، وإستقلال القضاء جنباً إلى جنب مع نشر الثقافة والعمران ، وتنوّع إقتصاد البلاد بمجيء جاليات من كافة الدول شرقية وغربية ، والتي إهتمت بالتجارة والصناعة والزراعة . وفي عام 1893 تم قلب نظام الحكم إلى نظام جمهوري ، كدولة مستقلة ولكن تحت نفوذ الولايات المتحدة ، حتى تمّ ضمّها إلى الولايات المتحدة الأمريكية كولاية ( تحمل الرقم 50 من نجوم العلم الأمريكي ) في عام 1959 .

إعتلى هتلر سدة الحكم في ألمانيا في عام 1933 وبذل أقصى الجهود لبناء القوة العسكرية الألمانية وبدأ حروبه في عام 1939 بالإستيلاء على الدول المجاورة ، الواحدة بعد الأخرى ، وبسبب الشعور بالخطر أقامت الدول الأوربية حلفاً عسكرياً بالإضافة إلى دخول الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في هذا التحالف لمقاومته فيما سُمّي بالحرب العالمية الثانية ، حيث تم تحطيم كامل القوّة العسكرية لألمانيا ، وإنتحار هتلر وتحطيم كامل للبنى التحتية للبلاد في نيسان عام 1945 . وقد فرض المنتصرون على ألمانيا الجديدة شرط عدم بناء جيش جديد يمكنه إعادة المحاولة للإعتداء على دول الجوار .

في شهر كانون الأول ( ديسمبر ) 1941 هاجمت الطائرات اليابانية القاعدة البحرية الأمريكية في پيرل هاربر الواقعة في جزر هوايي ، وبسبب هذا الهجوم وما خسرته الولايات المتحدة من جرائه من جنود وسفن وطائرات ، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب ضد ألمانيا واليابان وإيطاليا المنضوين في حلف عسكري إسمه المحور . وقد إنتهت الحرب بالنسبة إلى اليابان بالإستسلام بعد أن تم ضرب مدينتي هيروشيما وناگازاكي بالقنابل النووية وتم سحق القوة العسكرية اليابانية وتحطيم البنية التحتية للبلاد تحطيماً كاملاً . وقد فرض المنتصرون على اليابان ، أيضاً ، شرط عدم بناء جيش جديد يحاول الإعتداء على دول الجوار .

لا أريد الإطالة و الحديث عن التدمير الذي حصل في كوريا بسبب الحرب ، و تقسيم البلاد إلى دولتين متنازعتين منذ عام 1949 و لا التدمير الذي حصل في فييتنام بسبب الثورة الشعبية وتدخل الدول الكبرى عسكرياً ضد الثورة .

أودّ أن أربط ما ذكرته أعلاه بما حدث في بلدان أخرى ، ففي نفس السنة التي أصبحت جزر هوايي الولاية الخمسين من الولايات المتحدة الأمريكية ( 1959 ) إنتصرت الثورة الكوبية بقيادة فيدل كاسترو حاملة شعارات بناء الإشتراكية وتحطيم الرأسمالية العالمية ، وقبل ذلك التاريخ بسنة كانت ثورة العراق قد إنتصرت بقيادة عبد الكريم قاسم ، وتاريخنا لا زال حاضراً في عقول الجيلين الماضيين والجيل الحالي ، والأدوار التي مرّت علينا في المناداة بالإشتراكية ، ومعاداة الإستعمار الذي تقوده الولايات المتحدة ، وشعارات الوطنية أوالقومية ، وإنتهاءً بالدينية المذهبية المتلوّنة بين المنادية بالعداء والمهادنة وحتى المتحالفة تحالفاً إستراتيجياً معها .

نعود لنقارن بين ما آلت إليه أوطان وشعوب تلك الدول مع هذه الدول . المواطن في هوايي مواطن أمريكي يملك كامل حقوقه ويحمل جوازاً مقبولاً في جميع أنحاء العالم ، وله صوت في إنتخاب رئيس الولايات المتحدة والمجالس التشريعية والإدارية وحتى القضائية ، بدون تمييز ، له حقوق متساوية قانوناً في كسب العمل الذي هو مؤهلٌ له ، والتحصيل العلمي ، ولو أن البعض يحلو لهم الجدل في هاتين النقطتين . وتتوفر له كافة إحتياجاته الغذائية والمنزلية بأسعار متنافسة . ألمانيا نهضت من كبوتها ، بدون أن يكون لها جيش ، بموجب إتفاقية السلام التي فرضت عليها من قبل الحلفاء ، أصبحت أقوى قوة إقتصادية في أوربا وقائدة للإتحاد الأوربي ، المواطن فيها يحيا الحياة التي يحسده عليها مواطنو أكثر بلدان العالم لما تتوفر له من وسائل الحياة والكرامة ، اليابان التي واجهت أكبر مشكلة تلوّث بيئية بسبب القنابل الذرية التي أسقطت عليها ، أستطاعت أن تعمّر بلدها في جميع النواحي الصناعية والزراعية والعمرانية والتجارية وأصبح المواطن يعيش في سلام ورفاهية في بلد مُنع عليه إقامة جيش ، والعلماء اليابانيون يغزون العالم بنتاجاتهم وإختراعاتهم العلمية .

نرى في ذات الوقت الأوضاع التي وصلت إليها كوبا ، التي تحمل وسام السيادة الوطنية بفخر ، لكنها تعاني من تدهور الإقتصاد ، وخراب البنية التحتية والتخلف العلمي وإنتشار الأمية والمعاناة من الأمراض المتوطنة التي لا سعة للحكومة في معالجتها . إن مجرّد الحديث عن تكلفة سفرة سياحية للسائح الكندي إلى كوبا لمدة أسبوع شاملة بطاقة الطائرة والإقامة والأكل والشرب بضمنها المشروبات الكحولية بمبلغ سبعمائة دولار دليل على مدى إنهيار عملة البلد ، ومدى حاجة خزينتها إلى العملة الصعبة بحيث يتحمّل البلد كل هذه التكاليف لإقتنائها . المواطن الكوبي بالإضافة إلى عيشه تحت ضغط نظام بوليسي يعاني ضنك العيش والفقر والمرض وعدم توفر ظروف سكن مريحة تتناسب تكلفتها مع دخله . أما نحن ، بلد النفط ، وأغنى بلد في العالم ، حسب ما تردده وسائل الإعلام الرسمية ، وما أفرغوه في أدمغتنا ، سواء في المناهج الدراسية أو البرامج الإعلامية الموجهة ، فإننا إنشغلنا بالإقتتال ، فيما بيننا ، ووجدنا أو بالأحرى إختلقنا أسباباً لذلك ، فردحاً بالخلافات العقائدية بين وطني ورجعي ، أوبين شيوعيّ وبعثي أو بين قومي وبعثي ثم بين إسلامي وصدّامي ,أخيراً بين شيعي وسني حتى وصلنا إلى داعشي وإثنى عشري . تدعي حكومتنا السيادة الوطنية ، بينما لنا إتفاقية أمنية ، مهينة ، مع الولايات المتحدة ، وخبراؤها يصولون ويجولون في عرض البلد وطولها ، المواطن ، بعد معاناة لعقود ، في ظل عهود وحكومات من جميع الألوان والإنتسابات ، لا يزال يطالب بالخدمات الحياتية البسيطة من تحسين محتويات البطاقة التموينية وتوفير الماء والكهرباء . أكثر من ثلث مساحة البلاد محتل من قبل مجموعة إرهابية تمّ إستيرادُها من قبل الحكومة لتحقيق غرض رئيس الحكومة في فرض الأمر الواقع وتجديد ولايته للمرة الثالثة . أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء الشعب تم تهجيرهم قسراً من سكناهم من قبل المجموعات الإرهابية ، و لا تزال الميليشيات التابعة للكيانات السياسية تفعل في أبناء الشعب قتلاً وإختطافاً وتهجيراً ، بحيث أحيلت حياة أبناء العراق من المسيحيين والصابئة المندائيين والإيزيديين والشبك والأكراد الفيليين إلى وضع لا يطاق ، مما يدفعهم ، كما يدفع العلماء والأطباء والمثقفين إلى الهجرة إلى خارج البلاد كلاجئين يركبون الصعاب ويموت الكثير منهم غرقاً في البحار . العراقي الذي فقد هويته الوطنية بعد إنجرار الحكم إلى الطائفية فقد كرامته ، فلا جواز سفره مقبول في البلدان الأخرى و لا عملته التي فقدت قيمتها وأصبحت أقل من الواحد بالألف من الدولار بعد أن كانت يوماً ما يقارب الأربعة دولارات .

خطابي الموجّه إلى " الوطنيين " المنادين بالسيادة الوطنية والتحرر من الإستعمار، أنكم في رفعكم شعاراتكم ، طوال هذه العقود من الزمن ، والتي تسمّونه نضالاً تقدّميّاً ، إنما أضعتم على شعبكم وعلى وطنكم فرصة التقدم ، بل كنتم السبب في تخلفه بينما يسير العالم إلى أمام . يا ناس : إن التقدّم يعني العلم ، يعني الخبرة في الإدارة والبناء ، وفي عالمنا اليوم لا يأتي شيء بالمجان . فكما حاولت دول المنظومة " الإشتراكية " المنضوية في ظل الإتحاد السوفييتي كسر سياسة الغرب في عدم تصدير التقنية إليها ، نرى دولة الإمارات العربية المتحدة قد إستعانت بالعلماء من الغرب لبناء بلدها ، ونجحت ، في حين إنهمك قادة العراق في نهب أموال الشعب وإكتنازها في المصارف خارج البلد أو البذخ في الصرف على تشكيل الميليشيات وتسليحها وفرض سياسة الإحتقان الطائفي وخلق الفتن وتهميش كافة القوى السياسية الأخرى بقصد فرض هيمنة طائفة معينة على الحكم . يا ناس : لو زار منكم أحد مدينة هونولولو ( عاصمة ولاية هوايي ) لوجدها تضاهي أمهات المدن الأمريكية لا من حيث العمران فحسب بل من حيث مستوى معيشة الفرد وتمتعه بحريته الشخصية وحقوقه المدنية ، وكذا ، يقصر الكلام عن المواطن الياباني أو الألماني أو حتى الكوري الجنوبي ، بينما يستجدي العراقي لقمة العيش و لا يجد عملاً يوفر له الحياةة الكريمة مما يضطره لمنع أولاده عن المدارس ليساعدوه بأي عمل قد يحقق إيراداً للعائلة .

كما كلمة " الإستشفاء " تعني في اللغة العربية " طلب الشفاء ؛ أي طلب خدمة الطبيب وشراء الدواء ودفع أجور الطبيب وقيمة الأدوية ، كذا ، وبكل بساطة ، كلمة " الإستعمار " تعني ( طلب الإعمار ؛ أي شراء خدمات خبراء العمارة والتقنيات المتعلقة بها ، سواء الخبرة العلمية أو الإمكانيات التنفيذية ودفع أثمانها ) ولكن الظاهر أننا قاصرون عن حل المعادلة التي توفّق بين شراء ما يخدمنا وينفعنا ودفع الثمن الذي يحقق لنا الفائدة لا الخراب والدمار .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارطة طريق
- رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
- رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
- قانونُ البطاقة - الوطنية -
- قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
- إحذَروا المُتآمرين
- ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
- قصّتان ؟ لا... بينهما رابط .
- التَدَبُّر ومفتاحُ الحل
- هَل مِن رجالٍ لفجرٍ جديد ؟
- فَلِيَخسأ المُحَرّفون .. ولِيَنتَصر الشُرَفاء
- إمام أبو الخرگ
- إسگينا العَلگم
- رسالة إلى حيدر العبادي
- كَفى تساهُلاً
- أحداثُ تكريت مؤامرَةٌ وليست تصَرّفاً ذاتياً
- عُد إلى الشعبِ يا حَيدر
- حِفظ الأرض والعِرض
- حَدَثٌ و دَرسٌ
- العراقُ بحاجةٍ لثورة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - مُجَرّد حوار مع الذات