أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - أرقام حنا بطاطو ... الرقم سمكة














المزيد.....

أرقام حنا بطاطو ... الرقم سمكة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 14:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أرقام حنا بطاطو ... الرقم سمكة
جعفر المظفر
تاسيس النظريات على أرقام مجردة من زمانها ومكانها غالبا ما يؤدي إلى نتائج خاطئة, بل وكارثية أيضا, فالرقم كالسمكة ما أن تخرج من مائها حتى تموت وكذلك الرقم حينما يخرج من زمانه ومكانه.
العقليات التي تدعي العلمية وتعتمد الأرقام المجردة لتأسيس حقائق دون العودة إلى زمان الرقم ومكانه, هي عقليات ساذجة. إنها تؤسسس لنظريات جديدة على أرقام منقطعة الجذور.
في العهد الملكي مثلا كانت عودة حنا بطاطو الرقمية لقراءة تاريخ العراق على ضوء المقارنات الرقمية بين عدد الوزراء الشيعة مقارنة بعددهم من السنة قد جعلته يعتمد نتيجة تلك المقارنة الرقمية المجردة من مجمل ظروفها المكانية والزمانية لتأسيس نظرية ساذجة إن لم تكن مضللة. نظرية بطاطو في كتابه المعنون (العراق) والذي تبناها حسن العلوي في كتابه المعنون (العراق والدولة القومية)تعتمد على تلك المقارنات الرقمية العابرة لزمانها ومكانهاللتأكيد على أن العراق كان تحت الهيمنة السنية دون توقف محايد للبحث في عموم الظاهرة الطائفية وعقدها وأنواعها المتداخلة.
ليس بوسع أحد أن ينكر ابدا ان تركيبة السلطة كانت عدديا تميل بوضوح لصالح السنة, واللفظة هنا, سنة .. شيعة, لا تعني بطبيعة الحال ما هي عليه الآن من معاني سياسية, بل نجد ان الأغلبية المطلقة من سنة السلطة أو شيعتها كانوا علمانيين أو غير فاعلين أو مفعلين طائفيا, كما ولم تكن لهم صلة بمرجعيات دينية ساندة مما يعطل القيمة الطائفية الحقيقية لمسألة النسب تلك ويبطل فاعليتها الطائفية على عموم الدولة العلمانية. مع ذلك فإن الأمر كان يجب أن يتجاوز الوصف إلى التفسير حتى نجيب على سؤالين هامين في ذات اللحظة : لماذا وكيف.
الإجابة على (لماذا) ستعطينا قدرة إستيعاب الحالة على ضوء متابعة اسبابها, فإن كان ما يهمنا هو البحث عن الحل الذي يجب ان يمر من خلال فهم حقيقي لمعطيات الماضي, فستكفل القدرة على الإقتراب من الـ (كيف) تقديم بديل إيجابي يتجاوز حالة رد الفعل السلبي إلى حالة تقديم فعل إيجابي.
لكن المشكلة تبقى أن لا أحد إلا القليل جدا الذي يهمه الحصول على إجابة تتعدى حدود التوصيف إلى مساحة التفسير التي تتطلب الإحاطة التامة بالمشهد الموصوف, كما أن الأغلبية تنظر إلى الحقيقة كما تحبها وليس كما هي عليه, وهي لن يهمها بكثير متابعة خلفيات تلك الحقيقة ومجمل الظروف التي ساهمت بتصنيع مشهدها الناتئ, فربما يجعلها ذلك في مواجهة حالة تقنعها, ليس لضرورة تغيير التوصيف, وإنما تغيير الإستنتاج الذي يتأسس على ذلك التوصيف. مثلا هناك المشهد السابق الذي يتحدث عدد الوزراء الشيعة بالمقارنة مع اقرانهم السنة. الوقوف امام المشهد, كما هو, والإعتماد عليه للحصول على إجابة تحدد وجود طائفية الأنظمة السابقة من عدمها يخلق لنا مشكلة خطيرة, ليس على صعيد نوع الإجابة وإنما على صعيد طريقة الحصول عليها, وسيجعلنا ذلك فرحين بالحصول على أجوبة سهلة لأسئلة معقدة.
من ناحية ثانية فإن التأكيد على غياب كل أنواع الطائفية عن العراق قبل إحتلال عام 2003 هو نوع من أنواع الدفاع السلبي المنفعل الذي يوظف التنقيب لصالحه.
إن أصل الخلل هنا هو سياسي, فما من جهة سياسية إلا ويهمها التنقيب عن الحقائق بالصيغة التي تمكنها على الوصول إلى أجوبة هي بطبيعتها منحازة, كما أن الجواب المعد سلفا غالبا ما يضبط عملية التنقيب عن الحقائق بإتجاه خدمته فيكون التركيز على بعضها وإهمال البعض الاخر قد جرى بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة الإجابة المعدة سلفا وليست المستحصلة لاحقا.
من ناحية ثالثة هناك الدور المعطل لطبيعة المقارنات نفسها, فما أن تجري مقارنة العهود العراقية السابقة بالعهد الذي اقيم بعد إحتلال العراق حتى تكون النتيجة واضحة, وهي نتيجة تنفي وجود طائفية سياسية في العهود السابقة بعد التأكيد على علمانية تلك العهود.
نتيجة كهذه, ومن خلال مقارنة غير عادلة تجعل عملية الحصول على الإجابة عملية سهلة لكنها لا تجعل تلك الإجابة صحيحة وعادلة بالضرورة, إنها مثل المقارنة التي تجعل من كل لون غير معتم أبيضا بالضرورة, في حين أن تفحص ذلك اللون بمعزل عن تلك المقارنة سوف يدلنا على أقدار متفاوتة من العتمة فيه.
من ناحية رابعة نرى أن أغلب الإستنتاجات التي تؤكد على طائفية الأنظمة السابقة لم تكن تميز بين هوية النظام والإنتماء الطائفي التقليدي لأصحابه. هذا الأخير لا يمكن بكل سهولة إسقاطه على هوية النظام, ولو إننا تابعنا النشاط الطائفي السياسي والمهني لممثلي الأنظمة السابقة لوجدنا أن أغلبيتهم لم تكن لهم صلات حقيقية بالدين أو بقضايا الطائفة.
إن الدول العربية ومنها تلك التي تأسست بعد إنهيار الدولة العثمانية قامت كنقيض للدولة الدينية التي كانت ممثلة بدولة الخلافة العثمانية ولذلك فهي لم تحمل على مستواها القانوني والأخلاقي بصمات الدين السياسي المذهبي, بل ويلاحظ أن الدول التي تأسست على يد (السنة .. سوريا والعراق إنموذجا) كانت قد نتجت من ثورة ل (علمانيين سنة) ضد سلطة دين سياسي عثماني سني, بما يجعلها على مستوى التوصيف القانوني والأخلاقي والمهني بعيدة عن الطائفية السياسية نفسها.
إن العودة لقراءة التاريخ العراقي السابق على الدولة الطائفية الحالية إعتمادا على أرقام مجردة ومستقطعة من زمانها السياسي ستكون عودة غير موفقة إن لم تكن ذات أهداف تضليلية.
بكل الأشكال سوف لن يكون ممكنا أرخنة التفعيل السياسي للمسألة الطائفية الحالية دون الوقوف أمام الثورة الإيرانية على الشاه التي كانت حدا فاصلا بين مرحلتين, واحدة علمانية وثانية دينية طائفية, كما ولا يمكن دراسة الطائفية السياسية على حقيقتها, وخاصة في العراق, دون التمييز بين الطبيعة السياسية لإحتلالين : البريطاني الذي كان يهمه بدرجة أولى القضاء على دولة الخلافة الدينية العثمانية وإمتداداتها من خلال بناء دولة ذات طبيعة علمانية سياسية وقانونية, والأمريكي الذي كان يهمه بناء ما يسمى بدولة المكونات.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا والعراق .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي
- هل يتحول القيصر إلى شيخ قبيلة كذلك الذي كان عندنا في بغداد
- قضية المهاجرين المسلمين إلى الغرب
- الله ليس جنرال حرب
- القضاء علىى الإرهاب بالطائرات أشبه بالقضاء على الإيدز جويا.
- شهداء باريس .. الرقم سمكة
- البكاء عند أسوار سنجار
- نقلا عن فلان
- السيدة (العاصي) الزوجة الثانية أو الثالثة للجلبي .. حروب الم ...
- الشعب .. ما هو الشعب
- معركة الجوامع لا الشوارع . عائدية الإسلام لمن : للمعتدلين أم ...
- من أجل أن لا نفشل أمام الأغراب
- غدا تبدأ الهجرة المعاكسة
- سوريا واليمن .. بين الشرعية الأخلاقية والشرعية الدستورية
- لماذا (علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية)
- علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية
- الطائفية في العراق .. فصل الخطاب
- الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.
- صراع الحضارات .. فخ منصوب فلا تقعوا فيه
- في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - أرقام حنا بطاطو ... الرقم سمكة