أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية في العراق .. فصل الخطاب














المزيد.....

الطائفية في العراق .. فصل الخطاب


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 16:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الطائفية في العراق .. فصل الخطاب
جعفر المظفر
لم تختفِ الطائفية من العراق في أية فترة, فهي نشأت مع نشوء المذاهب وتناوب السياسة على أن تجعلها إحدى وسائل تكريس السلطة. إنما المهم أن نميز بين طائفية إجتماعية وبين طائفية سياسية, بين طائفية دولة وطائفية فرد, وقبلها بين معنى المذهب ومعنى الطائفة, وبين معنى المذهبية ومعنى الطائفية. النصر في المعركة ضد الطائفية هو في واحدة من أهم مشاهده يتجلى في القدرة على التمييز بين هذه المفردات. القوى الطائفية يهمها في الدرجة الأولى إدخال الكلمات في بعضها والحيلولة دون وضع تعريفات دقيقة لها وحدودا فاصلة بينها. والمعركة في الأساس هي معركة ثقافية. إذا إستطعنا أن نكسبها ثقافيا سنكسبها سياسيا. وإلا سيقى الغموض والتداخل والإرتباك المفاهيمي وعدم القدرة على إستيعاب هذه الظاهرة الخبيثة, ثقافيا, هو السلاح الأمضى بيد القوى الطائفية.
يوجد لدينا الآن نظام طائفي ودولة طائفية بإمتياز. قبلها لم تكن هناك دولة طائفية بالمعنى السياسي والقانوني والدستوري كما هي حال الدولة الآن. بإمكانك أن تقول عن صدام حسين ما تريد: دكتاتورا, قامعا, متغطرسا, مغامرا, مجرما, إلا أن تقول طائفيا, فالوصف في النهاية لا يعتمد على الحب والكراهية أو الميل والهوى السياسي. وقد يكون وصفك للحالة نابعا من عداء سياسي أو إرتباك ثقافي أو إقتراب خاطئ أو حتى جهالة في التوصيف, أو قد يكون إسقاطا لما بِكَ عليه.
إن تاريخ الصراع المذهبي في العراق كان على درجة كبيرة من عنف التسييس وعقم الموروث وجاهلية التفكير بحيث كان متعذرا أن تنجو الثقافة من عبء أخطاء التوصيف. لكن ذلك لم يعدم وجود أفراد طائفيين في جهاز السلطة سواء في عهد صدام أو في العهود التي سبقته. أما الخلل فهو أن نؤسس نظرية طائفية مقابلة على وجود أولئك الأشخاص. وسوف تستمر الطائفية قائمة ومتفاوتة في الحجم والتأثير بعلاقة طردية أو عكسية مع طبيعة الدولة ذاتها.
إن التبشير بغياب كل أشكال الطائفية عن الدولة العلمانية الديمقراطية الموعودة إنما هو تفكير يقوم على أمنية تائهة. غياب الطائفية عن قوانين الدولة ومناهجها وسياقاتها وثقافتها لا يعني غيابها بالكامل عن المجتمع كما أن بقاءها عبر مشهدها الإجتماعي أو الفردي لا يكفي لتأسيس نظرية طائفية سياسية مضادة.
بهذه المنهجية يجب دراسة تاريخ العراق السابق: القول بغياب كل اشكال الطائفية سابقا عن العراق هو قول خاطئ ولا يخدم القوى المضادة للطائفية في شيء, بل أنها ثقافة إرباكية ومرتبكة لأنها تعطي الطائفيين القدرة على المطاولة وتأكيد الحجة من خلال إقتطاعهم لمشاهد طائفية إجتماعية أو فردية وتأسيس نظرية طائفية سياسية عليها. ولعل هذا هو ما حصل في العراق وما نعاني منه في الوقت الحاضر.
عندما سقط النظام السابق إستبشر بعض الشيعة بأن ذلك سيكون فاتحة عهد جديد إعتقادا منهم بأن الدولة السابقة كانت دولة (سنية). لا أنكر مطلقا وجود أشخاص طائفيين في تلك الدولة ووجود ممارسات طائفية أيضا. أخبرت واحدا من أخوتي الشيعة المستبشرين بالعهد الجديد بأني لو كنت (سنيا علمانيا) في الدولة السابقة لما نجوت من ردة فعل طائفية سنية يؤسس لها سلوك وثقافة طائفية (شيعية) مقابلة تتصاعد بتغذية من إيران وبتآزر معها.
لفتُ إنتباهه إلى ان الدولة العراقية الحديثة تأسست على يد ("سنة" وطنيين) كانوا قد تحالفوا مع الإنكليز في وقت وقف فيه بعض علماء الدين الشيعة ليساندوا الدولة العثمانية بحجة أنها دولة مسلمة ولا يجوز الوقوف مع الإنكليز الكفار ضدها. بمعنى الفقه الإسلامي ربما لم يكن أولئك العلماء مخطئين, ولكنهم كانوا مخطئين حتما بمعنى الفقه الوطني, إنظروا: بداية تأسيس الدولة المدنية العراقية الحديثة كان على يد رواد "سنة" علمانيين وطنيين ضد حكام سنة مسلمين عثمانيين. في المقابل رفض الفقه الشيعي السياسي الدخول في رحاب هذه الدولة المدنية متحالفا مع الدولة الإسلامية العثمانية التي طالما إتهموها بالطائفية. صحيح أن الملك كان سنيا, ولكن هل يكفي أن تكون سنيا لكي تكون طائفيا, وصحيح أيضا أن أغلب رجالات تلك الدولة كانوا من السنة لكن السؤال يبقى: هل كان من اللائق النضال من داخل هذه الحالة لتغييرها إنسانيا ووطنيا, أم كان حلا أن يجري العمل لتغيير المعادلة من خلال الإنتصار لدولة طائفية بزعم أنها ستكون حلا لائقا لمشكلة مذهبية.
العالم الحديث هو عالم الدول الوطنية وليس عالم الدول الدينية, ولقد كان على من يريد الدخول إليه أن يتبع الفقه الوطني لا الفقه الديني السياسي. لكن كثيرا من فقهاء الشيعة لم يكونوا مستعدين أبدا للدخول إلى هذا العالم الجديد وحاولوا أن يحجروا على طائفتهم الشيعية معهم في عالمهم القديم. وبالتأكيد فإن هذا الحديث لا صلة له برواد الوهابية التكفيرية والسلفية المتحجرة, إذ نحن لا نتحدث هنا عن أهل الكهوف.
كثير مما لدينا الآن هو نتيجة هذه المواجهة.. بين عراقيين أرادوا الإنتماء إلى العالم الجديد وعراقيين أرادوا البقاء في العالم القديم. وما لدينا الآن هو إنتصار العالم القديم ومقاومة لدخول العراق عالم الدول الوطنية .. قلت لصديقي ذاك. لا تتصوروا أن الحل لما تسمونه (مظلومية الشيعة) سيكون عبر قيام دولة (مكونات) طائفية أو قومية بل لعل حلا كهذا سوف يزيد من مظلوميتهم لأنه نصر يقوم على غلبة طائفية وليس على غلبة إنسانية أو وطنية, ومن يكن بغلبة غير إنسانية لن يكون نافعا لوطنه ولن يكون إنسانا حتى مع طائفته. وهذا ما إكتشفه صاحبي بعد ذلك



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.
- صراع الحضارات .. فخ منصوب فلا تقعوا فيه
- في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن
- الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة
- شرف ما بين النهرين وشرف ما بين الفخذين
- ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة
- العبادي ليس راسبوتين العراق وعصاه ليست قادرة على أن تخلق الم ...
- في مشيغان ... من أجل أن لا يسيل الأحمر العراقي
- عن الحشد الشعبي .. حذاري من التعميم والتعويم ومطلقات التقييم ...
- دوار الفئران وقصة الإصلاح العبادية.
- شهيد الجرف المالح
- الدعوة لتشكيل قيادة موحدة وعلنية للتظاهرات
- علمانية طهران ضمانة لعلمانية بغداد
- في الدين والسياسة والميكافيلية
- تقرير لجنة الزاملي الخاص بضياع نينوى
- رسالة من الجماهير العراقية في فرجينيا وواشنطن العاصمة
- المالكي في ضيافة خامنئي
- الإصلاح , إيمان به أم من أجل منع الإنفجار.
- حينما يدخل الميل في المكحلة ستثبت الرؤيا ويقوم الدليل
- أزمة الكهرباء هل هي أزمة تقنية أم أزمة سياسية


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية في العراق .. فصل الخطاب