أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - في الدين والسياسة والميكافيلية














المزيد.....

في الدين والسياسة والميكافيلية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4906 - 2015 / 8 / 24 - 20:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الدين والسياسة والميكافيلية
جعفر المظفر
السياسة هي فن بناء الدولة بمجمل علاقاتها الداخلية والخارجية لذلك فإن من الخطأ وصفها وكأنها حالة متقاطعة مع الأخلاق, إلا إذا كانت الدولة التي تبنيها متقاطعة مع الأخلاق, وكذلك كان شأن بناتها.
والقول أن السياسة هي ميكافيلية بطبعها ووسائلها يحمل كثيرا من السذاجة, أما الصحيح فهو القول أن هناك سياسيون ميكافيليون وسياسيون غير ميكافيليين.
لكن كلا الحالتين قد يجتمعا معا في دولة واحدة, إذ قد تكون هذه الدولة بعلاقات داخلية غير ميكافيلية لكن بعلاقات خارجية ميكافيلية. وأفضل مثال في عصرنا الحالي هو مثال الدولة الأمريكية, فهي على صعيد الداخل تحترم إلى حد كبير حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي, لكنها على صعيد الخارج تعتمد اساليب وسلوكيات ميكافيلية حفاظا على مصالحها الإستراتيجية بدرجة أولى.
والمسألة ليست خاصة بالنموذج الأمريكي فقط. الإتحاد السوفيتي كان قد مارسها في السابق حينما حافظ على علاقات إيجابية مع أنظمة دكتاتورية في العديد من دول العالم الثالث يوم كانت هذه الأنظمة تذبح الشيوعيين وتحرم عملهم السياسي. والتبرير كان جاهزا وكان يقول إن مصلحة الشيوعيين في العالم هي جزء لا يتجزأ من مصلحة دولتهم الأم, اي الإتحاد السوفيتي, ومصلحة هذه الأخيرة تتوقف على إنتصارها على العالم الرأسمالي. ولما كان العالم الثالث, بعد توازن الرعب النووي, هو الذي اصبح ساحة المواجهة الحقيقية بين النظام الإشتراكي والنظام الرأسمالي, فإن مصلحة الأول قد يضمنها التحالف مع النظام في دولة عالمثالثية, مهما كان الإختلاف مع عقيدته الإجتماعية, قبل ان يخدمها التحالف مع الحزب الشيوعي في تلك الدولة. لذلك سكت السوفيت عن ذبح الشيوعيين في العراق وعن قمعهم في مصر وعن إذلالهم في سوريا, مثلما يسكت الأمريكيون عن المساخر في السعودية ومثلما هو تحالفهم مع الأنظمة الإسلاموية في العراق وفي مصر محمد مرسي العياط.
أما على على صعيد علاقة الدين بالسياسة أقول : إذا هما إجتمعا معا خربا معا.
والأفضل لكليهما أن يبقيا بعيدين عن بعضهما.
إن أفضل وسيلة لتخريب الدين هي إدخال السياسة عليه.
وأفضل وسيلة لتخريب السياسة إدخال الدين عليها.
من ناحيته يقوم الدين على ثقافة المقدس ومنهج التقديس وعلى فلسفة المطلق وفكرة الثابت وعلى التسليم بالغيب. أما السياسة فهي معكوس كل ذلك, فلا مقدس فيها ولا تقديس لأنها إنسانية التصنيع ولا ألوهية فيها, وهي أيضا علم المتغيرات وليس علم الثوابت, وهي تتعامل مع المنظور لا مع المُتَخَيل, وحتى الأخلاق في السياسة فهي مخرج قيمي لمقترب مادي عماده الإقتصاد والثقافة.
الدين هو ثقافة المقدس والسياسة هي ثقافة اللا مقدس, واللامقدس هنا لا يعني اللااخلاقي وإنما يعني المتغير لأن علم الأخلاق نفسها هو علم متغير وخاضع للمتغيرات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ومتأسس عليها في وقتها.
مثلا في الأزمنة الغابرة كان نظام الرق معمولا به, شائعا ومتعارف عليه, وليس هناك مجتمع لم يمارسه, وهذا لا يعني أن من كان يمارسه في تلك الأزمنة لم يكن صاحب أخلاق, وإنما كانت الأخلاق مفهوما يتحدد بمعايير أخرى. أما اليوم, وفي ظل مفاهيم الحرية والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان فإن وجود الرق والعمل به هو بمثابة جريمة كبرى ضد الإنسانية, ولا يغير من هذه الحقيقة عدم وجود آية تحرم الرق, لأن مناقشة عوز كهذا سوف تكون على حساب الدين نفسه لا على حساب السياسة. وإذ لا أمل هناك بنزول آية تحرم الرق فإن العمل بنظامه سيبقى مسموحا به بحكم الثابت الديني الذي ليس من صفاته الرضوخ للمتغير السياسي بل أنه هو الذي يرتب رضوخ السياسة له. وما ينطبق على نظام الرق ينطبق أيضا على ثقافة التعامل مع المرأة. أن من العبث أن نقول أن الأديان قد ساوت بين الرجل والمرأة في حين يخبرنا الثابت أن السياسة في عصرنا الراهن, بمقدار علاقتها ببناء الدولة والمجتمع, لم تعد تفرق بينهما.
إن الدساتير العربية هي دساتير جبانة ومنافقة لأنها تتردد عن فصل الشأن الديني عن الشأن السياسي ونرى أن أغلبها يؤكد في مادته الأولى أو الثانية على أن الإسلام هو مصدر التشريع. ليس معنى هذا أن القيم الدينية بمعناها العام ستكون غائبة لزوما عن روح الدستور لكن معناه أن التشريعات القانونية الخاصة بمفاهيم الوطن وحقوق الإنسان وعلاقة الحاكم بالمحكوم وكثيرا من النشاطات العلمية والثقاقية هي مفاهيم إنسانية متغيرة ومتطورة ومتأسسة على حاجات مادية وموضوعية ولا معنى ثابت للإخلاق فيها إلا لكونها, اي الأخلاق, نتاجا قيميا سلوكيا لتلك الحاجات ومحكوم بظروف زمانها ومكانها.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير لجنة الزاملي الخاص بضياع نينوى
- رسالة من الجماهير العراقية في فرجينيا وواشنطن العاصمة
- المالكي في ضيافة خامنئي
- الإصلاح , إيمان به أم من أجل منع الإنفجار.
- حينما يدخل الميل في المكحلة ستثبت الرؤيا ويقوم الدليل
- أزمة الكهرباء هل هي أزمة تقنية أم أزمة سياسية
- الطائفية الرقمية
- المالكي والسعودية
- العدو الآجل والعدو العاجل .. تركيا وداعش إنموذجا
- نووية إيران
- الصفوية إيرانيا .. الصفوية عراقيا
- الصفوية .. فارسية المولد عراقية بالتبني
- علي غيدان وتبرئة المالكي من وزر إحتلال نينوى .. (عصفور كفل ز ...
- البحث عن قاتل علي بن أبي طالب
- علي بن أبي طالب .. شر القتلتين هي الثانية
- مصطفى الصوفي في رحلتة الى ايران .. قراءة أولى
- دوا كحة
- يا للعجب, أنا طائفي شيعي دون أن أدري .. من رسالة إلى صديق شي ...
- كما في الطبيعة, كذلك في السياسة : الوباء وباء
- ثورة سنية ضد الشيعة .. هذا ما قاله المالكي


المزيد.....




- هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي ...
- أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
- الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى ...
- -ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات ...
- إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب ...
- صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو ...
- طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ ...
- أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي ...
- مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر ...
- أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - في الدين والسياسة والميكافيلية