أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة














المزيد.....

الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 14:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة
جعفر المظفر
ليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها الإسلام معضلة حقيقية, وتلك هي صفة الأديان جميعها بحكم انها تحمل تشريعات ثابتة لأزمان متغيرة, غير أن الإسلام يتميز عنها جميعها في كونه يواجه اليوم حتمية البحث عن الحل التأريخي المؤجل لقضايا ربما لم تضعه الظروف سابقا في مساحة البحث اللاهث عنها.
في الأزمان السابقة كان ممكنا لدين أن يتسابق مع آخر من واقعية وجودهما في مساحة لاهوتية واحدة, غير ان عالم اليوم الذي بدا يركض سريعا نحو الحداثة سرعان ما كشف عن أن أمر كهذا قد يقتضي إعادة ترتيب لأسبقية الأزمنة حسب (تراتبيتها الظرفية القيمية) وليس حسب (تراتبيتها الوقتية الزمنية المجردة), اي توقيت المراحل فكريا على ضوء معطياتها الأخلاقية والثقافية بدرجة أولى وليس زمنيا على طريقة الأسبقيات بالمعنى التقليدي.
هذا سيمنحنا قدرا أعلى من المناورة لإعادة ترتيب المراحل زمنيا من خلال مشهدها الإخلاقي المرتبط اساسا بهدفها القيمي , أي تعريف المرحلة وفق ظرفها وخاصة بما يخص اساليب نشر الدعوة, فثمة إدعاء مفتوح على أن الإسلام لم يدعو إلى العنف كوسيلة لنشر الدعوة وتطبيق الشرع وإنما دعا إلى ذلك بالموعظة الحسنة. اما التخلي عن اسلوب اللاعنف في نشر الدعوة فقد جاء متأخرا بعد يأس من إمكانية تراجع العدو المتمثل بتحالف قريش عن مجابهة الإسلام ومحاربته بالقوة والإكراه.
هذا يعني بالضبط أن إلتزام الإسلام بالعنف كان خيارا للحاجة المتأسسة على ظرفها, بمعنى قيمته الميدانية كإجراء تنفيذي نبع من حالة إضطرارية رتبته حتما في خانة رد الفعل لا في خانة الفعل, وثمة ما يدعو بإستمرار إلى تفحص الإشكالية الأخلاقية والقانونية التي يؤسس لها عدم التقيد بالأسبقيات بين رد الفعل والفعل.
من الناحية الأخلاقية, وحتى تحديدا ضمن إطارها القانوني, فإن العودة عن رد الفعل حينما يزول ضغط الفعل هو المؤشر الحقيقي نحو وجود محروس لثبات الهدف الإخلاقي على حساب وسيلة التنفيذ وأداته كمتغير ليس من حقه إستلاب قيمة المضمون الإخلاقي للهدف الثابت, فالمتغير الميداني التنفيذي لا ياكل من الثابت الأخلاقي وإنما هو يجب أن يوضع دائما في خدمته.
هذه المسألة أراها على درجة عالية من الاهمية بحيث انها تصبح مقياسا لتفحص صدق الإدعاء بان الإسلام كان قد اضطر لسلوك طريق العنف كرد فعل على فعل الإضطهاد ولم يلجأ إليه كخيار أول بالضرورة. ولو أنا ذهبنا إلى العكس من ذلك, اي أن العنف كان وسيلة أساسية لنشر الإسلام خارج إطار الضرورة المضغوطة بظرفها فسنقع حقا في المحضور الذي يقتادنا عنوة إلى حالة من المغالطة المفضوحة, اي تلك التي تشير إلى وجود حالة من الإدعاء الكاذب الذي يؤكد على ان العنف في الإسلام لم يكن مجرد رد فعل وإنما كان خيارا مؤجلا إلى حين إستكمال أدوات ووسائل وظروف نجاح العنف كوسيلة إقتدار وليس كإجراء إستثنائي يمكن العودة إليه حال زوال ظرفه وموجباته.
إن التاريخ السياسي للإسلام, اي ذلك الذي يدور على طريقة نشر الدعوة يمكن إعادة تفحص صدقيته على اساس قدرته على عبور هذه البوابة. فأما أن تكون هناك صحة للقول بأن الإسلام هو دين سلام ولم يكن قد أضطر إلى العنف إلا من موقع رد الفعل كإستثناء, أو أن يكون دين عنف لم يكن قد اضطر إلى إتباع السلام إلا مواربة وتقية.
وليس مقدرا لتفحص كهذا أن يمر لصالح الإسلام إن لم يجرِ تغيير فعلي على قاعدة الناسخ والمنسوخ بالإتجاه الذي يجعل الفقه قادرا على إخراج التشريع من أزمة اخلاقية حقيقية. وفي إعتقادي أن ذلك لن يحصل ما لم يجر تغيير قاعدة الناسخ والمنسوخ, وبما يخص طريقة نشر الدعوة, لكي تتبع الثابت الأخلاقي بدلا من المتغير الزمني, اي أن تكون للآيات المكية حق إسنساخ آيات المدينة الخاصة بطريقة نشر الدعوة.
خلاف ذلك فإن قاعدة الناسخ والمسوخ, بحكم أن الجديد يلغي القديم أو يستبدله, خلافا لقاعدة الثابت الأخلاقي, سوف تكون في خدمة التكفير والإرهاب وليس في خدمة الإسلام المعتدل



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرف ما بين النهرين وشرف ما بين الفخذين
- ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة
- العبادي ليس راسبوتين العراق وعصاه ليست قادرة على أن تخلق الم ...
- في مشيغان ... من أجل أن لا يسيل الأحمر العراقي
- عن الحشد الشعبي .. حذاري من التعميم والتعويم ومطلقات التقييم ...
- دوار الفئران وقصة الإصلاح العبادية.
- شهيد الجرف المالح
- الدعوة لتشكيل قيادة موحدة وعلنية للتظاهرات
- علمانية طهران ضمانة لعلمانية بغداد
- في الدين والسياسة والميكافيلية
- تقرير لجنة الزاملي الخاص بضياع نينوى
- رسالة من الجماهير العراقية في فرجينيا وواشنطن العاصمة
- المالكي في ضيافة خامنئي
- الإصلاح , إيمان به أم من أجل منع الإنفجار.
- حينما يدخل الميل في المكحلة ستثبت الرؤيا ويقوم الدليل
- أزمة الكهرباء هل هي أزمة تقنية أم أزمة سياسية
- الطائفية الرقمية
- المالكي والسعودية
- العدو الآجل والعدو العاجل .. تركيا وداعش إنموذجا
- نووية إيران


المزيد.....




- المرشد الأعلى الإيراني يعين مسئولين سابقين في مجلس الدفاع ال ...
- على خلفية رفض تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.. الزعيم الروحي لل ...
- قوات الاحتلال تعتقل 12 مواطنا من محافظة سلفيت
- أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
- أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
- عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع) ...
- خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم ...
- رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال ...
- الاحتلال يبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
- دمشق.. انطلاق مجالس سماع -موطأ الإمام مالك- بالجامع الأموي


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة