أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة














المزيد.....

ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4933 - 2015 / 9 / 22 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة
جعفر المظفر
نحن مسكونين ب (دولنة) ثقافتنا السياسية وذلك لأن مؤسسة الدولة عندنا تتقدم على كل شيء, بل لا شيء يضاهيها من حيث الحجم أو التأثير. وأقصد ب (الدولنة) هنا إسقاط ظل الدولة على طبيعة تقييم المواقف. ولا أقصد به مفهوم التدويل الذي ينقل القضية من ساحتها المحلية إلى الساحة الدولية.
تتحول الدولة ذات الإقتصاد الريعي, والتي يتراجع فيها إلى حد كبير نشاط القطاع الخاص, إلى دولة موظفين, بينما تتضاءل إلى حد التصفير قيمة أي نشاط من خارجها.
واقع كهذا لا يؤثر فقط على طبيعة النشاط الإقتصادي وقدرة المبادرة والإبتكار والإختراع, بل يتعدى ذلك إلى طبيعة النظام السياسي والثقافي, إذ لا شيء يمكن أن يتحرك على سطح النظام بعيدا عن بنيته. سلوك المجتمع وثقافته ليست منعزلة أبدا عن الشكل المؤسساتي للدولة والمجتمع وطبيعة النشاط الإقتصادي لهما والعلاقة الحجمية والنوعية بينهما.
كثير من المشاهد يمكن الوقوف أمامها وهي تتأسس على طبيعة تلك العلاقة, لكن الذي يهمني هنا هو أثرها على تركيب توصيفنا لسلوك المجتمعات الغربية الذي ياتي بسبب ثقافة "الدولنة" بمعزل عن إدراك الفرق الجوهري بين التركيبتين الإجتماعية والرسمية للبلد الآخر وما يتأسس عليها من أنشطة أخلاقية وسياسية.
لنضرب مثالا على ذلك .. موقف الأوروبيين من قضية المهاجرين, وخاصة النمسا وألمانيا, أسقطنا عليه طريقتنا في (دولنة) توصيف المواقف, وهذا ما نسميه بمرض التعويم الذي يشحن المشهد العام بكل تفاصيله في قارب أحد مشاهده ويهمل جملة المشاهد التي تتفاعل لتركيب الموقف العام, رغم أن بعض قواربها قد تكون أوسع وأمتن.
في محاولة البحث عن تفسير لموقف ألمانيا والنمسا من قضية المهاجرين السوريين والعراقيين لم نتردد أبدا عن (دولنة) سلوك هاتين الدولتين. صار الموقف الإنساني الألماني بنظرنا كله (ميركلي) التصنيع: نسبة إلى المستشارة الألمانية, حتى أننا إعتبرناها ولية من أولياء الله, بينما رأينا على الجانب المعاكس كيف إنطلق آخرون من نفس (ثقافة الدولنة) لتفسير الموقف النمساوي والألماني وفق نظرية المؤامرة, فأشاروا إلى أن كلا الدولتين تهدفان من خلال إحتضان المهاجرين إلى سد النقص الذي تجابهه على صعيد المواليد والحاجة إلى الأيدي العاملة الأمر الذي لا ينعزل عن وجود مخطط حقيقي يستهدف مجتمعاتنا لإفراغها من طاقاتها الشبابية وإستثمار كوادرها العلمية والمهنية المهيئة والجاهزة للزج بها في سوق العمل.
في النهاية كلا الموقفين, الإيجابي والسلبي, أي (نبونة ميريكل : جعلها نبية من أنبياء الله) أو شيطنتها (وفق نظرية المؤامرة) ينطلقان من ذات النقص الثقافي الذي يعبر عن نفسه عن طريق إسقاط ثقافة لدولة ومجتمع على ثقافة أخرى تختلف كليا من جهة العوامل الخاصة المتفرقة التي تسهم في تركيب المشهد العام.
"دولنة" التقييم من قضية المهاجرين, سلبا أو إيجابا, معناها هنا إقصاء تأثير كل ما هو إجتماعي, ثقافي وسياسي, وحصرالحديث بالموقف الرسمي الصادر من مؤسسة الدولة ممثلة بمستشارتها. وموقف كهذا لا يفتش عن إمكانات أن يكون هناك تأثير حاسم للرأي الشعبي العام على بناء الموقف السياسي للحاكم, لذلك سرعان يتم اللجوء فورا إلى "دولنة" الموقف سلبا أو إيجابا وتنسيبه لرأس السلطة أو مؤسسة الدولة.
إن الدعوة إلى حساب تأثير التركيبة الإجتماعية الثقافية والسياسية على القرارات النهائية للدولة لا يبخس حق الحكومة أو الحاكم الذي يصدر القرار النهائي, أو يضعف من دوره القيادي في تحديد الصيغة النهائية للقرار, بل أراه هنا متفاعلا مع كل ذلك, فالحاكم المقتدر هو الذي يضع عينا على الرأي الوطني العام وعينا على قدرته لتشذيب إهتمامات ذلك الرأي عند صياغة القرار الرسمي في نهاية المطاف, فيحسب القرار على اساس هذه التفعيلة له ولشعبه في ذات اللحظة.
"ميركل" لم تصدر قرارا "ميركليا" بل أصدرت قرارا "ألمانيا" وكذلك فعل رئيس وزراء النمسا فقد أصدر قرارا نمساويا, وهو لا شك قرار إعتمد على الرأي المتغلب للشارع الألماني في تلك اللحظة, مضافا عليه بصمة المسؤولية الإنسانية والوطنية للحاكم نفسه, وهو لا شك قرار كانت الغلبة فيه لثقافة التيارات الإنسانية التقدمية على حساب التيارات اليمينية العنصرية ذات المواقف المعادية لقضية المهاجرين.
لا يعني ذلك أن قادة هذه الدولة ليست لهم بصمتهم الخاصة على طبيعة القرارات التي تتخذها الحكومة, بل أن رأسها لم يكن قد تم إختياره للزعامة من بين كل الرؤووس الزعامية الأخرى من غير تقدير لبصمته الخاصة, غير أن حسن الأداء غالبا ما يرتبط بالقدرة على قراءة الرأي العام المتغلب والمساهمة في صناعته ومن ثم صياغة القرارات التي تعبر عن ذلك الرأي أو تتناغم مع معانيه. وإن من الطبيعي أن تفتش الدولة عن ما يفيدها أيضا ولا يربك مسيرتها وأداءها ولا يؤثر على طبيعة المجتمع, لكن المستوى الإنساني الذي بلغه المجتمع غالبا ما يكون له النصيب الأوفر في تركيبة القرار الحكومي النهائي.





#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبادي ليس راسبوتين العراق وعصاه ليست قادرة على أن تخلق الم ...
- في مشيغان ... من أجل أن لا يسيل الأحمر العراقي
- عن الحشد الشعبي .. حذاري من التعميم والتعويم ومطلقات التقييم ...
- دوار الفئران وقصة الإصلاح العبادية.
- شهيد الجرف المالح
- الدعوة لتشكيل قيادة موحدة وعلنية للتظاهرات
- علمانية طهران ضمانة لعلمانية بغداد
- في الدين والسياسة والميكافيلية
- تقرير لجنة الزاملي الخاص بضياع نينوى
- رسالة من الجماهير العراقية في فرجينيا وواشنطن العاصمة
- المالكي في ضيافة خامنئي
- الإصلاح , إيمان به أم من أجل منع الإنفجار.
- حينما يدخل الميل في المكحلة ستثبت الرؤيا ويقوم الدليل
- أزمة الكهرباء هل هي أزمة تقنية أم أزمة سياسية
- الطائفية الرقمية
- المالكي والسعودية
- العدو الآجل والعدو العاجل .. تركيا وداعش إنموذجا
- نووية إيران
- الصفوية إيرانيا .. الصفوية عراقيا
- الصفوية .. فارسية المولد عراقية بالتبني


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة