أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - هَدْرُه علَّمَ الجشَع














المزيد.....

هَدْرُه علَّمَ الجشَع


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 23:41
المحور: حقوق الانسان
    


التجار جشعون. طماعون. يبيعون السلعة التي ثمنها جنيه بثلاثة جنيهات وأربعة وعشرة. ويجدون دائمًا مَن يشتريها. فيزدادون جشعًا، وثراءً، ونزدادُ فقرًا وجوعًا. مَن الذي علّم التاجرَ الجشَعَ؟ نحن، ولا أحد غيرنا. وراء كل تاجر جشِع، مستهلكٌ غير واع. الهَدرُ آفةُ المجتمعات الرجعية. الهدرُ قرينُ المجتمعات الشكلانية التي فيها يعمل المواطنُ ألف حساب "لصورته" أمام الآخر، دون أن يعبأ بجوهره. تذهب إلى الفكهاني وتخجل أن تشتري كيلو برتقال، رغم أن احتياجك في ذاك اليوم لا يتعدى نصف الكيلو. "ماذا سيقول عني البائع إن اشتريتُ أربع ثمرات؟ وماذا سيقول جاري الذي يقف يراقب عدد الأكياس التي سأحملها لأهلي؟ سيقول إنني رجلٌ بخيل يشحُّ على أطفاله وزوجته؟ إذن أشتري خمسة كيلوجرامات، ومش هايخسّروا.” هكذا تقول لنفسك وأنت تشتري ما لا تحتاج وتدفع من قوت يومك ما تحتاج إليه مُرًّ الحاجة. لا يا سيدي! “هايخسّروا"! وسيكون مآلها سلة القمامة بعدما تتحنّط في درج الثلاجة مع غيرها من فاكهة وخضروات وعلب زبادي وعصائر عفّت نفوسُ أسرتك عن أكلها لأنها زائدةٌ عن الحاجة. ثم تشكو من العَوَز وضيق ذات اليد. وتنشأ معاركُ بينك وبين زوجتك لأنك لا تُلبّي احتياجات أخرى أساسية لا تجد في جيبك ثمنَها. وتلعن الفقر وجشع التجار والعيشة واللي عايشينها والمجتمع والناس. ولا تعترف أبدًا أنك أحد أسباب الغلاء وجشع التاجر والتضخم وعجز الموازنة. ولا تفكر أن تنظر يومًا إلى سلة مهملات بيتك قبل أن يحمل عاملُ النظافة ما بها من صنوف طعام مغدورة لم تؤكَل!
تقول الإحصاءاتُ الدولية والمراقبون الاقتصاديون إن الدول الأكثر فقرًا هي ذاتُها الدولُ الأكثرُ هدرًا. بينما الدول الغنية لا تعرف تلك الثقافات الشكلانية المرضية المقيتة. مَن سافر إلى دول أوروبا وأمريكا وغيرها من دول الغرب "الكافر" يعرف أن المواطن هناك يذهب إلى السوبر ماركت فيشتري عدد واحد ثمرة برتقال، دون خجل، وعدد واحد عنقود عنب وعدد 2 شريحة بطيخ ملفوفة في غلالة بلاستيكية شفافة أنيقة، دون خجل، وثلاث حبات من ثمر الخوخ دون ان ترتعد فرائصه وهو يفكر في نظرة الكاشير وماذا سيقول عنه. لن يقول عنه شيئًا لأنه مثله ينتهج السلوك المحترم نفسه، ولا يشتري إلا ما يحتاج إليه، وفقط.
راقت لي كثيرًا تلك المبادرة المحترمة التي أطلقتها وزارة التموين بالتعاون مع القوات المسلحة في توفير وجبات مدعومة، بسعر رمزي، تتكون من اللحوم والدجاج والخضر والأرز ومكونات السلاطة تكفي أربعة أفراد. أعجبتني الفكرةُ ليس فقط لأنها ستساعد الفقراء على الحياة الكريمة، وليس فقط لأنها وجبة بها كافة ما يحتاج إليه الجسمُ البشري ليتغذى غذاءً صحيًّا من بروتين وڤ-;-يتامين وأملاح معدنية ونشويات، وليس فقط لأنها سيفٌ مسلّط على عنق التاجر الجشع بحيث تُكسِّد بضاعتَه وتقتل جشعَه، ولكن أيضًا لأنها تعلّم المواطنَ المصريّ ثقافة التدبر والاقتصاد والتعقّل وشراء ما يحتاج إليه، وفقط، وشيئًا فشيئًا يتدرّب على مكافحة غريزة الهدر المتجذّرة فينا بحكم التقليد الموروث جيلاً بعد جيل.
وأنا أكتب هذا المقال رحتُ أفكّر في عنوان جذاب غير مباشر على غرار "الهدر والمجتمعات الشكلانية"، أو "قاوموا الهدر بالاقتصاد"، وغيرها من العناوين الصحفية التي لا أميل إليها كثيرًا، فقفز إلى عقلي العظيمان بشارة الخوري ومحمد عبد الوهاب في أغنية "جفنُه علّم الغزل"، فنسجتُ عنوان مقالي على نسقها، فيما أفكّر أن أطلب من صديقي الموهوب وليد فكري أن يكتب كلمات تكافح الهدر على وزن الأغنية الوهابية الخالدة، ليغنيها صديقي الموهوب محمد زهيري بصوته الآسر على عوده الساحر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل الحدوته
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني
- قانون مكافحة التجهيل العمدي
- هكذا الحُسنُ قد أمر
- ما العلمانية؟
- سجينة طهران
- السلطان قابوس والاستنارة
- حزب النور سنة 1919


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - هَدْرُه علَّمَ الجشَع