أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر














المزيد.....

مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4987 - 2015 / 11 / 16 - 20:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشيطانُ مازال يرعى. يجولُ في أرجاء الكوكب المرزوء بالمحن والنوازل، ينثرُ الرصاصَ ويغرسُ بذور الموت وينتزع الصرخاتِ من الصدور المطمئنة. كل ما يحتاجُ إليه الشيطان، لكي يحقق الانتصار على بني الإنسان، هو أن يجلس الأخيارُ دون أن يفعلوا شيئًا، كما قال الفيلسوف إدموند بِرك، في القرن الثامن عشر، وكأنه يقصد بها لحظتنا الراهنة البائسة التي نحياها في القرن الواحد والعشرين. شهداءُ جددٌ، وجثامينُ تغطي أرض عاصمة النور والفنون والتشكيل والموسيقى، باريس. نساءُ كنّ زوجاتٍ وأمهاتٍ حتى البارحة أمسين أراملَ أو ثكالى! أطفالٌ كانوا يلعبون في حديقة البيت في النهار، سوف يرقدون الليلة في أسرّتهم بعدما يعرفون معنى اليتم والجزع! داعش يقهقه، كما يفعل الشيطانُ دائمًا بعد كل جريمة ناجزة من جرائمه، وعالمٌ صامت لا يتحرك إلا حينما يقترب الخطرُ من بيته! وإن أكمل الشيطانُ داعش خُطتَه، وإن ساندناه نحن بصمتنا، سننكص إلى عصر الهمجية الأول حيث كان الإنسان ينهش لحم أخيه، ويصنع من عظامه سكينًا ينحر بها أبناءه. فنخسر آلاف السنين كافح فيها الإنسان ليتحول من الهمجية الوحشية إلى الرقيّ المتحضر، الذي فيما يبدو، نخسره يومًا بعد يوم، حتى أوشك على النفاد. أتساءل أين الرأي العام العالمي وهيومان رايتس ووتش من تنظيم داعش الإرهابي القميء؟! يكتفون بالشجب والتنديد، مثلما تكتفي منابر مساجدنا بالتنديد والشجب وإنكار انتماء "أفعال" داعش للإسلام وتبرئة ساحتنا من دم ضاحياهم، وفقط. لكنهم لا ينكرون إسلامهم لأن من نطق الشهادتين مسلمٌ، وإن سفك دماء البشرية جمعاء!
يقولون "الله أكبر" وهم يجهزون على ضحاياهم، هي ذاتها "الله أكبر" التي نقولها ونحن نُسلم وجوهنا إلى القِبلة لنصلّي ونُسلم أرواحنا لله في عليائه، ونحن آمنون على ظهورنا من طعنة خنجر مسموم قد تقطف أرواحنا قبل أن نتشهّد وننطق التسليمين عن اليمين وعن اليسار. ومازال هناك من أسمعه يقول: “اللهم احمِ مسلمي فرنسا!” الرصاص أشرفُ من أولئك لأنه لا يمارس العنصرية حين يحصد الأرواح دون تفرقة بين مسلم وهندوسي ومسيحي وبوذي ولا ديني. الرصاصةُ التي تقتلنا أشرفُ مّنا حين نمارس طائفيتنا حتى في لحظات الفجيعة والموت. متى نتعلم أن نرحم "الإنسان" دون التفتيش في قلبه وعقيدته؟! وهل مسلمون أولئك الدواعشُ السفاحون؟ هل قرأوا يومًا ما قاله الإمام علي بن أبي طالب: “الناس قسمان، أخٌ لك في الدين، ونظيرٌ لك في الخَلق، فاعطِ كلاًّ منهما حقَّه"؟ فبأي حقٌّ يقتلُ إنسانٌ نظيره في الخلق والإنسانية، محتميًا ببندقية سفيهة وسيف حقير أبكم، وقلب بهيمي وعقل بليد؟!
ما حدث في باريس قبل أيام رسالة غاضبة قاسية شديدة اللهجة إلى ضمير العالم تقول ضمنًا إن الإرهاب يهدد البشرية كلّها، ويقوض أعمدة الإنسانية كلّها، وليس في شرم الشيخ وحدها، ولا في سيناء وبقية مدن مصر وحدها. ومَن منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر. لا بديل ثمة عن أن تتوحد البشرية جميعها، ضد هذا التنظيم الدموي القميء الذي رسم على كل بقاع الأرض شريطًا أسود وزرع في كل بيت قلبًا يبكي عزيزًا. أيها العالم الصموت، تحرك واقتص من هذا التنظيم المجرم. أيها المصري الطيب، إن قبضت على نفسك متلبسًا بشيء من الشماتة في ضحايا باريس، فاعلمْ أن الهمجيَّ داخلك بخير وإنك بعد لم تتطور لتغدو إنسانًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني
- قانون مكافحة التجهيل العمدي
- هكذا الحُسنُ قد أمر
- ما العلمانية؟
- سجينة طهران
- السلطان قابوس والاستنارة
- حزب النور سنة 1919
- السيف والرمح والقرطاس والقلم
- المراجعات على نهج ناجح إبراهيم
- أرجوحةُ الخَدَر ودولةُ الحاجة
- الأوغاد لا يسمعون الموسيقى


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر