أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - ما وراء احداث باريس















المزيد.....

ما وراء احداث باريس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف لنا ان نـتعاطف مع محاربة اخواننا في القومية و الدين؟ الحقيقة ان الاسلام السياسي تمكن من شق اسفين كبير في ما يسمى وحدة القومية والدين و التاريخ و الارض. اليس الحديث اليوم عن امة اسلامية و عربية واحدة هو مجرد هراء؟ اليس الامر في حقيقـته الجوهرية عملية انـتـقال تاريخي هام على مستوى الواقع و الثـقافة و الرؤيا و المصالح السياسية و الاقـتصادية من القرون الوسطى الى الحداثة على المستوى العربي العالمي؟ اليس الامر بهذا الوضوح على المستوى العربي و عودة عالمية الى فلسفة التـنوير و العقلانية الحداثية القائمة على الصراع ضد المؤسسات الدينية و ضد منطق استغلال الانسان للإنسان الذي كرسته الرأسمالية و الامبريالية لتصل الامور الى نفس النـقطة مع الشعوب العربية التائـقـة الى النهضة الحضارية التحررية الإنسانية؟ ألم يكن القرن العشرون هو تـقاطع صراع القوى العربية الحداثية في صراعها ضد الاستعمار و تماهيها مع قيم التـنوير الاوربي في نفس الوقت، و في صراع داخلي مباشر مع قوى الرجعية الدينية و الاسلام السياسي المتحالف سرا مع القوى الاستعمارية و الرافض لمشروعها الحضاري التـنويري في نفس الوقت؟ اليست الاحداث اليوم تشهد قمة التـقاطع بـين القوى التـقـدمية و الشعوب العربـية نحو التحرر مع قوى الظلام الاسلامي في توازي و تـقاطع مباشر مع عملية الانـتـقال الدولي من سيطرة امريكية صهيونية الى احلال قوى جديدة هي روسيا و الصين و اوربا و ربما دولة عربـية ديمقراطية تـقدمية؟
هذه اللحظة التاريخية تـتـكـثـف اليوم اكثر فأكثر بعد الاحداث الارهابية في باريس يوم 13 نوفمبر 2015. فإلى حد هذه اللحظة افرزت تحولا فرنسيا استراتيجيا اكثر منه تكتيكي آني، و هو انضمام فرنسا الى روسيا في محاربة الارهاب الداعشي. من المؤكد ان حجة الحرب قوية جدا في كامل ارجاء اوربا. صحيح ان الابواق الاسلاموية بدأت تروج لمقولة الحرب الصليـبـية لان هذا الوصف يخدمها، و لكن الاغلبـية يعلمون ان وجود فرنسي اصلي بين المنـفـذين للعملية الارهابية و وجود جنسيات عالمية مختـلفة من شيشانيـين و اوربـيـين اصليـين بين الدواعش من شانه ان يجعل هذا التوصيف اضحوكة لقائلها و المروج لها، ناهيك عن فضيحة الاسلاميـين في حفظهم لأمن اسرائيل و تبضيعهم للدين الاسلامي و جعله مجرد مطية يركبونها لغاياتهم المنفعية الدنيوية.
الحقيقة المروعة ان المسلمين هم اكبر ضحايا هذا الارهاب مثلما كانوا ضحايا القنابل الامريكية و الصهيونية في العراق و فلسطين. الحقيقة المروعة الاخرى هو ان فرنسا تجر اوربا بأكملها خلفها. و ان كان لوصف الحرب الصليـبـية ضد المسلمين من معنى فهو فقط في اتجاه تـقديم التبرير الكافي لشق الحلف الاطلسي اذا تماهينا في النظر اليه بكونه حلفا صليـبـيا و ليس حلـفا امبرياليا.
فالنتيجة المباشرة للتحالف الفرنسي الروسي، الذي اعلن عنه الرئيس الروسي من مقر وزارة الدفاع في شكل امر الى قائد الاسطول البحري الروسي على الشواطئ السورية بالتعامل مع الاسطول الحربي الفرنسي القادم الى المنطقة تعامل الحليف، هو التساؤل عن مدى امكانية استمرار الحلف الاطلسي الامريكي الاوربي.
هل ستـنظم الولايات المتحدة الى هذا التحالف ام انها ستـقوم بدورها بإنشاء تحالف اخر يضم تركيا و دولا متخلفة اجتماعيا و علميا كالسعودية و الأردن؟ في هذه الحالة هل سيتم الصراع بين القطبين برغم الفوارق الشاسعة في القوى العسكرية و المالية ام المناورة و الاتـفاقات الوقتية بين الحين و الاخر. المهم ان انفصالا اوربـيا عن امريكا سيحدث اخيرا لان اوربا واعية تمام الوعي ان امريكا لا تـنظر اليها إلا كقارة عجوز و انه توجد تناقضات صارخة بين الكيان الاوربي ثـقافيا و حضاريا و اجتماعيا و بين الكيان الامريكي المتوحـش.
ان اوربا اليوم مقـتـنعة ان وجودها اصبح مهددا حضاريا و واقعيا. انها ستـفيق على الحقيقة القائلة ان امر نمو اوربا الحقيقي لا يكون راسخا إلا بنمو المنطقة العربـية. ان التمشي السابق مع الاجندة الامريكية ذات التوجه الصهيوني التفـتيتي للمنطقة اصبح من الواضح انه اكبر مهدد لأوربا نفسها، و بالتالي فان الصدمة الاوربية من الارهاب الاسلامي هو في عمقه تخوف من مسألة اكبر يشمل ضرورة التغيـير الاستراتيجي الكامل في التحالف. فالأجندة الامريكية هي اجندة الفوضى و الحروب الممتدة عبر البحر الابيض المتوسط في شماله و جنوبه و غربه و شرقا مع الامتداد و التوغل الداخلي اكثر فأكثر. و حين نـتحدث عن امريكا اليوم فهي عائلا مافيوية مجنونة. و يعرف الاوربيون انهم لا يمكن ان يستمروا اكثر في مجارات المجانين في جنونهم.
هناك دراسات اوربية عديدة قد ظهرت في السنوات الاخيرة. كلها تـنطلق من الارتباط الانعكاسي بين شمال البحر الابيض المتوسط و جنوبه. مجمل هذه الدراسات قامت بالتحليل و المقارنة. جلها يؤكد العلائق السياسية و السيكولوجية التاريخية بين الشعوب الاوربـية و الشعوب العربـية. و جل هذه الدراسات تدور حول معطى اساسي ان المنطقة العربية تمثل محور الصراعات العالمية في النفوذ و تـقاسمه، بل ان هناك من يرجع سقوط الاتحاد السوفياتي الى فشله في الدخول الى هذه المنطقة.
الشعوب العربية في غالبيتها الساحـقة تكره أمريكا و لكنها لا تكره اوربا برغم التاريخ الاستعماري الاوربي الذي تم تجاوزه نسبـيا، نظرا لكون الشعوب العربية برغم كل ما فيها من عاهات فإنها ذات عمق حضاري انساني و لها انشداد الى المعطى الحضاري المتمثـل في اوربا اليوم.
اما من ناحية روسيا فالشعوب العربـية لا تـكن اي حقـد تجاهها بما انها لم تكن في يوم من الايام قوى استعمارية او مثلت تهديدا خارجيا. هناك من ينعـق اليوم في اتجاه توصيفها بالتهديد الخارجي لكن نعيق البوم مكروه عند العرب. ما نعلمه تاريخيا ان صراعا عسكريا طويلا كان بين روسيا القيصرية و اسطنبول العثمانية حول منطقة القرم و البوسفور و دويلات اوربا الشرقية، اما مع العرب فلا يذكر التاريخ و المخزون الثـقافي العربي اي صراع مع روسيا. اضافة الى ذلك فان عديد الضباط العسكريـين في عـديد الجيوش العربية قـد تمدرسوا في الاكاديمية الروسية. زيادة على ذلك العلائق الثـقافية بين الادب الروسي و الايديولوجية الشيوعية و بين النخب الثـقافية و السياسية العربية و التي خلقت مناخا نخبويا عربيا متعاطفا في مجمله مع روسيا.
و التدخل الروسي في سوريا ينظر اليه عربيا بشكل عام حاسما ضد الهجمة الاسلاموية الرجعية الوهابية التي تريد قـتـل اللحظة النهضوية التحررية التـقـدمية الحضارية العربية. عند هذه النـقـطة بالذات يمكن لأوربا ان تلتـقي مع تـنويريتها في خط مضاد لامبرياليتها الاستعمارية التي تـتوج اليوم بالهجوم الداعشي الصهيوني على أمنها و مكـتـسباتها الحضارية و الثـقافـية.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمال صفاقس يؤكدون الثورة
- اتحد يا يسار العالم
- الاحتمال المفقود في هجمات باريس
- - حمه الهمامي- ، الزعيم النبيل
- اللحظات الحتفية على عتبات المطلق
- العنف و العاطفية
- بؤس الغد على وجوه الأطفال
- ورطة اسرائيل
- حكمة الزعيم بورقيبة
- العداء التركي للعرب
- حلم العراق
- جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
- لامعقولية الأبد الدموي السوري
- ما أتعس المحرمات
- المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
- الوساخة اللذيذة
- وهم الموت
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - ما وراء احداث باريس