أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الإنسحاق العربي الآتي















المزيد.....

الإنسحاق العربي الآتي


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4932 - 2015 / 9 / 21 - 17:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


و هكذا يتوغل المشهد العربي في الغموض و التيهان أكثر فأكثر. ثلاث أحداث جديدة تضاف لتضعنا أمام انعطاف آخر في الرؤيا، وسط مناخ نخبووي يوغل هو الآخر في الاستهزاء إن لم نـقـل الطعن في كل ما هو عربي و مسلم. هناك إيديولوجية جديدة هي بصدد الانبناء و هي ربما اخطر الإيديولوجيات التي ظهرت حتى الآن في المشهد العربي المعاصر. نقول المشهد لان الإيديولوجية في العالم العربي ضلت إضافة تعويقية و تـزيـيـفية للواقع الاجـتماعي و الثـقـافي و ليس تـثـويرية إلا في بعض المظاهر. إيديولوجية جديدة هي بصدد هيكلة نـفـسها و هي لم تحمل إسما بعد و لكن فكرتها الأساسية هي اهانة الذات العـربية و المسلمة بل شيطنـتها.
لقد تم الاستـناد إلى الظاهرة الداعشية لتمرير هذه الإيديولوجية نـفـسها. كان الأجدى للبحث العـلمي أن يفكـك الظاهرة و يحللها ثم يصدر الحكم عليها. إن القـفـز إلى امتهان التاريخ العربي و اختـزاله في مظاهر العنف و الدم و العنصرية لهو أمر يجافي الحـقيقة.
من جهة أخرى فان سحب الأعمال الداعشية على الإسلام و على التاريخ الإسلامي بمجمله هو إقرار ضمني بمشروعية الإسلام الداعشي، و هو الأمر الذي من شانه أن يـبلغ هذه الرسالة إلى المواطن العادي و بالتالي يهيئ له نـفـسيا الاستعداد الأولي للتـداعـش.
لكن إذا كان الأمر متعلقا فعلا بصورة نجحت دوائر معينة في تـثـبـيتها فانه من العار على النخبة العربية أن تـنساق وراء الصورة الامبريالية. طبعا سيرفع أصحاب نظرية ضد المؤامرة عقيرتهم، لكن لا يمكن أبدا التسليم بالاعـتـقاد الساذج أن لا شان للصهيونية و الامبريالية بما يحـدث. جرحى مقاتـلي جبهة النصرة في سوريا يتـداوى بعـضهم في إسرائيل.
إن الأحداث الثلاث الأخيرة التي يتوجب الوقوف عندها، هي زحف اللاجئين السوريين على أوربا و الترحيب الأوربي بهم و هو أمر ينافي تماما القرارات الأوربية الأخيرة في التحرك لأجل صد الهجرة غير الشرعية. يقولون أن السوريـين شعب له حضارة. هذا صحيح و لكن أليس مستغـربا هو التعامل بمنطق الحضارة للامبرياليات؟ صحيح أن المجتمع المدني الأوربي في صورته التـنويرية و اليسارية يـبحث عن المعـطيات الحضارية، لكن رسم السياسات الحكومية تستـند إلى منطق النفوذ الاستعماري الأوربي. و الغريب في المسألة هو لماذا سرحت تركيا اللاجئين الآن؟ و كيف يتم تصوير اللاجئين في البحر بذاك الوضوح لولا وجود عـدسات كاميرا قريـبة؟ ألا تـثير المسألة تساؤلات جـدية؟ من الغباء و السذاجة الاعـتـقـاد في طيـبة الامبـريالية و خيريتها، و حتى ان صدرت منها بعض الأعمال الخيرة فانه من الأجـدى عـدم الوقـوع في سذاجة الاعتـقاد في ذلك، لان الحكم يجب ان يستـند على التوجه العام الذي تحكمه بنية معرفية و إيديولوجية معينة، أما الانـفـلاتات الخيروية فهي لا تعبر عن المعـطى الجوهري للمسالة. أليس في الأمر ضخ عرقي و تـشبـيب للعنصر الأوربي بدماء حضارية مثـلما اعترف بعـضهم، خاصة و ان السوريين هم تاريخيا مزيج بين العنصر الاوربي و العربي؟ من جهة أخرى ألا ينطوي الأمر على اتـفاق مع الصهيونية في إفراغ جزء من سوريا ليسهل بعـد ذلك تـقـسيمها و احتلال أجزاء منها؟ و تطرح عـديد السيناريوهات المفـترضة هنا و لكن أليس في الأمر إيغال في تمرير صورة الأوربي المسيحي الخير الذي يستـقبل لاجئين سوريـين في أراضيه و بالتالي أفضليته على العرب المسلمين؟ هناك تعتيم إعلامي كبير على اللاجئين السوريـين اللـذين استـقبلتهم الأردن منذ بدء الصراع الدموي، و كذلك مصر استـقـبلت أعـدادا منهم و كذلك الأمر في تونس إضافة إلى لبنان. لم تأخذ المسالة حينها هذا التصوير الإعلامي الذي يحيك دراما الغرقى و الخلاص في الوصول إلى سواحل الجنة الأوربية. اللاجئون الذين ذهبوا إلى تركيا تم إحاطتهم إعلاميا و ذلك طبعا لشرعنة التـدخل التركي السافر في الشأن السوري، و ها هي تركيا تـدفع فاتورة تـدخـلها الإجرامي في سوريا مثل البقية التي ساهمت في تـدمير هذا البلد الجميل.
الحدث الثاني هو الاحتلال الصهيوني العلني للمسجـد الأقـصى، و هو الأمر الذي لم يكن ليمر لولا أزمة اللاجئين المنصرف إليها الوعي العربي العام، و لم يكن ليمر لولا مناخ الاهانة الذي استبطنه العربي لذاته، و بالتالي كسر عوامل المقاومة داخله لما ينـتهك مجاله العـربي، بما فيه المجال المقدس لديه، و عن قريب سيصيب صاروخ عابر للقارات مكة ليمسحها من الخريطة و سترتـفع بعض الاصوات العربوية مهللة بسقوط النواة المشعة للمقـدسات الاسلامية. في الوقوف عند هذه الكلمات ستـرتـفع عـقيرة بعض النخبويـين الانـفعاليـين الجزعين بطبعهم عن الفعل في ارض الواقع، للارتياح عند وصف الأمر بإرجاعه إلى مبناه الإيديولوجي القومي العربي. و طبعا من السهل إلصاق تلك الكليـشيهات على كل ما هو اعتـزاز عـروبي بكـونه شوفيني إقصائي مجرم. إلحاق النازية و كأن "هتلر" عربي بالإيديولوجية القومية، و اختـزال التجربة القومية في بعض الجرائم التي تـقـتـرفها أي سلطة و خاصة سلطة لها مشروع وطني يستـنـفر عـداء الامبريالية العالمية و الرجعيات الداخلية المختـلفة. كيف لمحاصر من الذئاب أن لا يصيب خطأ حملا توسط بينه و بينها؟
الحدث الثالث هو الاتـفاق الأمريكي الروسي على محاربة داعـش في سوريا. هل هو خطة أمريكية لتوريط روسيا في حرب برية في سوريا و العراق؟ فروسيا تـتحرك بمنطق الضرورة الدفاعية لأنه ما ان يتم القضاء على النظام السوري حتى تصعـد إلى السلطة القوى الاسلاموية و السيناريو الأكثر سوادا هو سيطرة "داعش" على سوريا بمجملها. طبعا حينها سيتم ضخ صورة أخرى لداعش تمكنها من إنشاء سلطة سياسية علنية.. داعش في سوريا ستكون امتـداد لانـفـتاح آفاق الإمبراطورية العثمانية الاردوغانية الجديدة، و التي سيكون من السهل عـليها التوسع نحو جنوب روسيا خاصة في الشيشان، و سيكون من السهل التوغل حتى في موسكو و بالتالي تـتـمكن الامبريالية الأمريكية من القضاء على الدب الروسي الذي يقض مضجعها. من هنا تحركت روسيا بشكل حاسم، و الآن أصبح التحرك بوتيرة تصاعـدية أكثر حيث بدأت أعـداد من المقاتـلين و البوارج الروسية تحط في سوريا، كما أعلنت القيادة الروسية نيتها في التدخل المباشر في سوريا. حين وجدت أمريكا الجدية البالغة و التصميم انـقـلب موقـفها إلى التـنـسيق مع القيادة الروسية. فسوريا أصبحت الآن على مشارف موسكو.
هذه الأحداث الثلاث الكبرى نظرا لتـداعياتها المستـقبلية القريـبة، إضافة إلى الإمعان في إحباط الروح العربية الثورية بكل الأشكال و الألوان هنا و هناك، سيفـتح أبواب مستـقـبل يخـرج فيه العرب من التاريخ رسميا. العـرب بإسلامهم و عروبتهم و مسيحيتهم و يساريتهم و رجعيتهم. سيتم رميهم في بحر الظلمات. فالتاريخ هو صراع القوة، و قد يتـفـق الأمريكان و الروس مع إيران و تركيا، و تعاد صياغة المنطقة جعرافيا و سياسيا بل حتى حضاريا. الرجعيات القائمة الآن بدورها ستـنـدثر و هي قد وجدت نفسها مجبرة على البدء في الدخول المباشر في الصراع العسكري في اليمن، و لكن لا يمكن أبدا ان يقـتصر الأمر على اليمن. فمثلما وجدت لعنة العراق فالآن أضيفت إليها لعنة سوريا.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين
- مدينة العشق
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة
- مطرقة النقد لفتح ابواب المستقبل العربي
- الجسد المقبور
- رؤية في تحديد مسار الثورة
- إنتصار الموت في تطاحن الأموات
- المفكر التونسي -يوسف صديق- يدعو الى الغاء وزارة الشئون الدين ...
- حديث الباب
- مقهى الشعب
- في ذكرى اغتيال الحاج -محمد البراهمي-


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الإنسحاق العربي الآتي