أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - مدينة العشق














المزيد.....

مدينة العشق


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4900 - 2015 / 8 / 18 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


ـ لماذا أحبك ؟ بربك قـولي لي لماذا أحبك. لماذا أحبك و أنت تـتـلهين بقلبي كما المارد يلهو بالنار؟
النار هناك في المدفئة الغارقة في ذاك الجدار الرمادي اللون، يتآكل فيها الحطب بالنار وسط تلك الطقطقات المطربة للوجدان.
اللون الازرق الخافت يضيء من خلال تلك الاباجورة البلورية الزرقاء. بعض خيوط العنكبوت تـتـدلى من الاباجورة و السقف الرمادي الباهت.
ـ امازلت مقـتـنعة بأن الحب معركة ضارية يكون فيها أحد الاطراف منـتـصرا أم مهزوما؟
ستار بني اللون يغـطي نصف تلك النافذة التي يترائى من خلالها منظر نـتـف الثلج الكـثيفة المتساقـطة. انها فتاة ذات انـوثة متوقدة جالسة فوق طاولة خشبـية عريضة واضعة ساقا على ساق. اسنـدت يدها اليسرى الى الوراء، مسترخية قليلا.
غرفة رمادية اللون على شكل شبه منحرف. جمال انثوي رقيق شبه عاري ينظر اليه بعينين ذات سواد متوقـد. تطفئ سيجارتها بأصابع رقيقة طويلة مرتعشة بين أعـقـاب السجائر الكـثيفة في تلك المنفضة الحديدية رمادية اللون . تمسك قارورة النبـيذ بيمناها و تلصق فوهتها بشفـتيها الصغيريتين ذات الحمرة الطبـيعية.
ـ انتم الرجال ذئاب ترتدي رداء النساك. هكذا عرفتكم منذ بدأت أتـطلع الى رجل يفهم انوثـتي. مشكلتي ايها العاشق الولهان ان الرجل يعـتبرني ملاكا ثم بقرة ثم قـذارة منسية في هوة العـدم. هل أدركت الآن مكمن تعاستي؟
النار في المدفئة تـلتهم الحطب ام هو الحطب بالنار يتـدفأ و يدفئ؟
الغرفة الرمادية خالية من اي اطار او صورة. جدران ذات نتوءات مختلفة الاحجام و الاركان تملؤها خيوط العنكبوت و البلاط تعلوه طبقات من الغبار، اما السقف الخشبي فقد كان يتململ لشدة عصف الريح التي تـزمجر في الخارج و مستوى الثلوج بدأ يناطح عتبة النافـذة.
كان صامتا دون تعقيب. تـشعل سيجارة و تجذب انفاسا عميقة و متسارعة و متـلهفة. ترمقه بنـظرات حادة. فيما كانت تـفكر يا ترى؟
كاتب لا استحضر اسمه قال: " تـنظر النساء الى الرجل على انه ليس مجرد وسيلة لاشباع حاجاتهن الجنسية، بل لتحقيق كمال انوثـتهن".
يقـترب اليها و يتجرع شيئا من النبيـذ ثم يلمس خصلة من شعرها و يمرر سبابته على خدها الأسيل فشفتيها. لاحت من وجهها شبه ابتسامة. قال:
ـ لا ادري ماذا اقول او ماذا افعل لتصدقي نبضاتي الحارة؟ ربما يصعب التعبير عن المشاعر الكبيرة و العميقة. ربما تكـونين مجرد صورة كانت نائمة في اعماقي اللاواعية. و لكن، ذاك لا يهم كثيرا فما ادركه تمام الادراك اني مقـتـنع بك. لا تهمني كثيرا التعاليم القديمة. انا جئـتـك هاربا من الـقمع الذي يمارس على الروح و الجسد. هارب من القبح و الكره و الحقد بين بني البشر. أرنو الى عالم يملؤه الحب دون ضجر... يا لعنفـوانك الكبير. انت بركان يطفح بالحياة. احببت تمردك على مدن الكبت و الخوف و النفاق...
... كأنها الربة المتوجة. الروح تـذوب في الروح وسط غـليان بركاني محموم لجسدين يتـذوبان في بعـضهما.
العاصفة تـشتـد و تـقوى رياحها المزمجرة.. السقف بدأ يتـقـلقـل.. ثم تـنـفـلت خشبة فيهجم الثلج من الفتحة في السقف الذي تراكمت على سطحه الثلوج فأثـقـلت كاهله المتهالك. تـنـفـلت خشبة اخرى و اخرى. تبدو غريزة البقاء في الحب أقـوى من مثيلتها في الحياة ، و ربما ساعتها فـقط حين كان الثلج الابيض البارد يتهافت على جسدها العاري المشتعل المحموم بحمم الجسد الاخر الذائب فيها قد أدركت كمال انوثـتها و توهجها الطاغي على الموت. لم ينفصلا عن بعضهما و انما زاد الثلج التحامهما المحموم الساحر اللذيذ الشديد العذوبة. العذوبة في منتهاها التي تكاد تـقـطع الانـفاس...
ربما اراد الثلج ان يقـتل الحب و لكنه احياه من حيث اراد ان يميته.. بعد ايام ثلاث هب الى المكان المحطم غرباء. نبشوا تحت الثـلج الذي مازال متراكما، و الذي لازال يتساقط و ان كان بوتيرة هادئة جدا تبدو مداعبة. يبحثون بين اطلال البيت المهدم علهم يجدون شيئا ذا قيمة. وجدوا جسدين عاريـين ملتحمين. تمثال ابيض وضاء لجسد هو رجل و انثى ملتصقين. رأسها تحت عنقه و ذراعاه تحيطان خصرها الرقيق. كانا مبتسمين يستهزئان بالموت.
نحت نحات تمثالا يحاكي ما انبهرت به وجداناته لما رآه في واقع اغرب من كل خيال. قام القوم الغرباء بدفنهما مثلما هما ملتصقين في نفس المكان، و نصبوا التمثال بجانب قبرهما..
بعد سنوات، اصبح المكان مدينة كبرى تضج بالحياة و الزهو و الفرح و التآلف بين القلوب. مدينة تحكمها النساء. مدينة بلغة الغرباء و التي تعني بلغتنا العربية "مدينة العشق"..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة
- مطرقة النقد لفتح ابواب المستقبل العربي
- الجسد المقبور
- رؤية في تحديد مسار الثورة
- إنتصار الموت في تطاحن الأموات
- المفكر التونسي -يوسف صديق- يدعو الى الغاء وزارة الشئون الدين ...
- حديث الباب
- مقهى الشعب
- في ذكرى اغتيال الحاج -محمد البراهمي-
- المنبتون يهددون الثورة
- السؤال النووي
- الله و الانسان
- الموت المعقول
- شكري حي
- من الفن ينبثق العالم
- إمرأة -المترو-
- فضيحة العرب


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - مدينة العشق