أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - الإشفاق على الذات














المزيد.....

الإشفاق على الذات


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4891 - 2015 / 8 / 9 - 05:37
المحور: الادب والفن
    


كيف يمكن للحياة في ديناميكيتها و جريانها أن تـقـول نـفـسها ؟ نـتـساءل دوما عن معنى الأشياء التي تحدث فجأة و تصير وجودنا إلى سؤال، و من ثم تـنـفـتح مغارة من الكلمات التي تـنبثـق من الحـدث الذي يغـدو كاللغـز. هذا اللغز يثير فينا رغبة في الإجابة عن سؤال قـد يطرحه أقـرب الناس إلينا. أقـرب الناس الذي كان مألوفا جدا لدينا وفجأة يتحول إلى لغـز.
يتعلق الأمر بحـدث ساقت إليه عـوامل عـدة. لكن العـقـل حين يفكر و يـؤشكـل حـدثا ما ويصيره جرثومة متـضخمة و هو ما يعبر عنه بالأزمة أو المشكلة، فانه يقوم بذلك عبر الاختـزالات التي تمكنه من إيجاد تعبـير تراجيدي مأساوي يؤسس لأحقية ما لديه تجاه الآخر الذي وضعه في مرتبة الآخر الغـريب. ما أقصر الطرق التي تغـوي العـقـل لتغـريب الآخر و تحويله إلى غريب. إنها اللحظة الفاجعة حين يتعـلق الأمر بصديق او صديقـة أو أخ أو أب أو أم أو ابن أو زوج أو زوجة.
لكن و بطبـيعة الأمور فان نهر الحياة لا يتوقـف عن الجريان. تلك اللحظة التي يتحـول فيها الوجود إلى أنا و هو، ما هي إلا لحظة الانكـشاف للشيء المخبوء و الذي يعـرب ساعـتها عن الدهـشة من وجوده. في الحـقيقة لا يمكن لأي إنسان أن يتملك إنسانا آخر مهما كانت درجة التـقارب. هذه الحـقيقة تـزعج كثيرين و خاصة العشاق و الأزواج، بما أنها تحدث قـلقا نـاتجا عن تكـشف الفردية و اضمحلال التماهي و بالتالي الوقـوف على هوة الغـربة و الاغتراب. ذاك الاغتـراب الذي يؤسس لواقع الوحشة في القـلب و ما هو متـصل بالإحساس بضآلة الأنا، لأن الأنا يبحث عن تـضخيم نـفـسه دوما بالتواشج و التعالق مع الآخرين.
الأمر لا يتعلق بغـريزة حفظ البقاء و إنما هو متعلق بذاك الرابط الخفي في الأعماق بين جميع البشر المنحدرين من جنس واحد، و المنبعث من روح العالم.. أي تلك الوحدة الأصلية في الأعماق. تلك الوحدة مع الكون، بل الكون تعبير عني و أنا تعبير عنه و أننا شيء واحد في النهاية.
و طبعا جل هذه الأفكار و غيرها التي تسابق جريان نهر الحياة لتـقول الحياة نـفـسها تـتساوق دوما عند الذهن المفكر، أما بالنسبة لمن لم يحترف التـفكير و من لم يمسك بلغة العالم ليجعل العالم يقول نفسه فانه يتموضع في التيه. ذاك التيه الذي يـرميه في القرارات الخاطئة. القرارات التي تـنطلق من مقـدمة خاطئة لأنها تخـتـزل الحياة في عنصر واحد و هو جعل العالم يعترف بي و إن لم يعترف فاني أنـفـصل عنه. و من ثم إن تم الانفصال الذي يبدو في لحظة ما تـرياق النجاة لحفظ الأنا الضائع، فانه يـرمي بك في هوة المأزق الأعـظم و هو مواجهة الـذات. و تكون الطامة العـظمى حين تعجز عن مواجهة ذاتـك بل تغـدو الذات جحيما و نارا لا يكون أمامك سوى الهرولة في اتجاه الهروب منها. الهروب من الذات يوقعك في وضع نـفـسك في الجاهزيات الموضوعة سلفا اجتماعيا و سياسيا و ثـقافيا، و بالتالي فان حرقة الإحساس بنكران الآخر و عـدم اعترافه بك تـؤدي بك إلى نكرانك أنت لنـفـسك عبر وضعها فيما هو خارج عنها دوما. أي فيما هو مؤسس خارج عنك لـتبني وهم تماهيك معه و تعبيره عن ذاتـك، و ما أنت في نهاية الأمر إلا و قـد قـذفت بنفـسك في عالم نسيان الذات و عزاؤك الوحيد هو الاشفاق على الـذات.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة
- مطرقة النقد لفتح ابواب المستقبل العربي
- الجسد المقبور
- رؤية في تحديد مسار الثورة
- إنتصار الموت في تطاحن الأموات
- المفكر التونسي -يوسف صديق- يدعو الى الغاء وزارة الشئون الدين ...
- حديث الباب
- مقهى الشعب
- في ذكرى اغتيال الحاج -محمد البراهمي-
- المنبتون يهددون الثورة
- السؤال النووي
- الله و الانسان
- الموت المعقول
- شكري حي
- من الفن ينبثق العالم
- إمرأة -المترو-
- فضيحة العرب
- أزمة المثقف
- التفاحة الساقطة


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - الإشفاق على الذات