أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - وهم الموت














المزيد.....

وهم الموت


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4938 - 2015 / 9 / 27 - 19:26
المحور: الادب والفن
    


رواية قديمة، قديمة بمقياس زمن القراءة نسيت اسم كاتبها و عنوانها، تـتحـدث عن مربي للماعـز. كان يشتري عـددا منها و يسجنها في زريـبة. بعد مدة زمنية تموت كمدا. الكاتب يصف نظرات الموت الكئيـبة في العيون. تلك العيون التي يتحول صفاؤها إلى قـتامة تحاكي قـتامة المكان الكئيب. تلك العيـون التي تخبو اشراقـتها شيئا فشيئا إلى أن تخبو شرارتها. تـنطفئ شرارة الأمل في الخلاص فتموت كمدا. يصور الكاتب حزن الراعي. بعدها قرر شراء ماعز وحيد ليجرب معه تجربة جديدة. اهتـدى إلى ربطه بحبل طويل جدا يصلها بالزريـبة و لكنها تـتـمتع بمساحة شاسعة من الحركة في العراء. وصف دقيـق لركضها المشوب بالانقطاع و لنظراتها المطولة إلى الجبل الأخضر غير البعيد أمامها. أتـذكر أن للكاتب عبقرية في وصف عـينيها و جعـلها تـتحدث من خلال ذلك الوصف. كأنـك تستمع إلى كائن إنساني يتحدث. نظرة الشوق ذات الاشراقة الحزينة. من الممكن ملاحظة تلك النظرة عند أي كان، و لكن وضعها في محيط استـنطاق الحيوان، و استـنطاق لفكرة جوهرية أعمق توحد بين جميع الكائنات في الأرض، هو ما يعبـر فعلا عن استـثـنائية الراوي و إبداعه و أصالته. في الأخير، يتمكن الماعز من فك الحبل و بالتالي الركض في اتجاه الجبـل...
يا للوصف العظيم لذاك الركض المتواصل المتجه في كل صوب و المعانق للأعـشاب الخضراء الكـثـيفة و للأشجار الشاهقة و للرائحة المسكرة اللذيذة لأوراق الشجر. يستـنطق الكاتب كل ذلك من خلال وصفه للركض المرح المتسارع المجنون للماعـز و للاشراقة العـظيمة الطافرة من العـينين. حين أتعـبها الركض توقفت و جلست. حينها هاجمها ذئب فارتعـبت العينان و انـقـض الذئب عليها. لكن،تعود اشراقة عظيمة في العينين أتـذكر انه وصفها بالضوء المنير منبعثا منهما، و أنياب الذئب منغـرسة في عـنـقها..
اشراقة الحياة الأبدية. مات الموت باشراقة تـلك النظرة السعيدة المتوهجة بالحياة.
قال الكاتب أن الحياة لا تكون حياة إلا بالحرية. قال أن الحرية تحـقـق الاستهزاء بالموت و الإقبال على الحياة بأقصى ما لدينا من قـوة. قال الكاتب، أن الموت السابق لسجناء الزريـبة رغم الأمن و الحراسة هو موت يعاش يوميا في حياة باهتة عـقيمة تمر كأنها ساعة في نهاية الأمر، لأنها انطفاء متواصل للحياة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا حين ينطفئ الأمل نهائيا في الحرية. لكنه موت كـئيب و حزين. موت بـيـولوجي و روحي..
قال الكاتب أن الحياة الحرة و إن كانت تعترضها المخاطر فهي الحياة الحقة و هي الحياة الأبدية التي لا يكون فيها للموت أي اعتبار. الموت مجرد تهديد سخيف للوجود. الموت هنا هو وهم الأوهام بمنطق بصيرة القـلب، تلك المعبرة عن حـقيقة الوجود برمته، الوجود الأرضي و السماوي، الوجود الطبيعي و الروحي.
و من هنا يتـكـشف بهتان السلطة المانحة للحرية او الضامنة لها، فهي كالراعي الذي يربطك بحبل طويل. الحرية لا يمكن ان يمنحها لك أي كان سوى ارادتك و رغبتـك في الحياة الحـقة. اما أهل الزرائب فـقد ماتوا و انهم ميتون. العربي اليوم اختار ان يركض بحرية و ان اعترض سبيله الذئاب.. كل سلطة سياسية او برنامج سياسي او نظام سياسي لا يضع امامه هذه الحقيـقة فهو فاشل لا محالة و ستـدوسـه الاقـدام المهرولة بحرية و ان كان بلا هـدف محـدد. انـتهى عـصر احزاب الديكور و الزعيم الراعي، و انه عربـيا عصر الركض بحرية الى ما لانهاية..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين
- مدينة العشق
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة
- مطرقة النقد لفتح ابواب المستقبل العربي
- الجسد المقبور
- رؤية في تحديد مسار الثورة
- إنتصار الموت في تطاحن الأموات
- المفكر التونسي -يوسف صديق- يدعو الى الغاء وزارة الشئون الدين ...
- حديث الباب


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - وهم الموت