أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - حلم العراق














المزيد.....

حلم العراق


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4957 - 2015 / 10 / 16 - 07:47
المحور: الادب والفن
    


كان المكان محاصرا باللصوص. لسبب أجهـله لم يتـقـدم مني احد. كنت في مقهى الطلبة العرب على مشارف باب المعظم في بغداد. المقهى مفـتوح طيلة ايام الحرب برغم وجود معـسكر قبالته و الذي استهدفـته الطائرات الامريكية عـديد المرات ليلا.
ملتحـفة بعبائتها السوداء و عيناها النجلاوان الواسعتان تخدران مكامن النفـس. اقـتربت حيث كنت جالسا لوحدي في تلك الساعة من الصباح اترشف استـكانة شاي، أرقـب الاوضاع العامة بحذر دون ان أجازف بخطوة غير محسوبة. قالت :
ـ هل لديك سيجارة ؟
ـ هذه السجائر و انا و كل ما تريدين تحت امرك يا العيون الجميلة في زمن الموت.
جلست بجانبي فطلبت لها كأس شاي. اشعلت سيجارتها و قالت:
ـ الجماعة يسألون عنك.
رمقـتها بدهشة و انـتابتـني قـشعريرة مفاجئة. أعـلم ان كل انسان في هذا البلد مراقب، و أعلم ان الجماعة يعلمون اني شخص مخـضرم و لكني صافي النية و وطني و ذو اتجاهات فكرية عـديدة تعصف بوجداني، و لكنهم لم يـيأسوا من استدراجي الى كهنوتهم الحزبي.
أتى ابراهيم المغربي ذو اللحية الكاستروية باستكانة الشاي. أشـك دوما في كونه احد رجال المخابرات العراقية، و لكن هذا لا يهم كثيرا. الابتسامة الهادئة الطفولية المعتادة تبزغ من عينيه و تـنبئ ان شيئا لم يتغير و ان العواصف و المصائب مهما كبرت فإنها سترحل يوما. يقول الكاستروي دوما:
ـ الانسان كائن كوني. الحياة الاخرى المختبئة و التي تـتجلى في الموت هي الحقيقية و المفعمة بلذة ايروسية عظيمة. لذلك يجدر بنا ان لا نحزن. فكل ما يجري امامنا مجرد هراء هو صدى لحديث الالهة البابلية مع بعضها. اننا في محفل التاريخ هنا. التاريخ هنا لا ينتهي. شلمناصر يأتي كل غروب ليشرب استكانـتي شاي. منذ بضعة ايام جائني سكرانا و معه بندقية و مسدس. كان سعيدا بما اعتبره عودة المهرجان العظيم و كان التاريخ يعزف لحنا عسكريا.
سألتـني العينان الساحرتان:
ـ ألا تـفكر في حمل السلاح؟
ـ لما لا؟ أفكر كل ليلة في البندقـية الى جانبي و لكن عـقـلي يقول لي أني أفـكر في البندقية لان امرأة لا تـشاركني الفراش..
ابتسمت إلا انها وقـفـت بصورة فجائية. رحلت او بالأحرى ذابت.
غاب ابراهيم و انتهى المعسكر الى صورته القديمة حيث كنت اعرفه سنة 1998. اشجار النخيل الشامخة تـغـطي كل شيء.. ثم أجـد نـفـسي مع "زبير اليمني" الاسمر الظريف في شكله و روحه ،و هو صديق حميم لشكري بالعيد الذي عرفني عليه في اول يوم لي في مدينة الحلة مع شكري. غرفة مربعة الشكل مطلية باللون الوردي و معنا شباب اخرون كل منا يمتـشق بنـدقيته نـدخـن السجائر. الزبير بروحه الامبالية الغريـبة يقول:
ـ يا معود.. انا لم افهم شيئا. يقولون ان العملية تسمى غيـبة المهدي.. اي مهدي و اي لحى هذه؟
ركب لحيته الاصطناعية، فضحك عزت الزعبي الاردني و قال:
ـ يا زلمة انت صدق قرد حقيقي.. استغـفر الله..
إلا ان الاستغـفار لم يمنعه من مواصلة الضحك و الاستهزاء. ضحكت و قلت:
ـ الامريكان يرقصون في شوارع بغداد و الاخر يقول لي غيـبة المهدي؟؟
ثم قلت بنبرة جادة:
ـ هناك فخ كبير وقعت فيه الجماعة. هناك تـشويش او تحيـيد عن موضوع التحدي الاساسي. نحن هنا من اجل من نحارب؟ من اجل غيـبة المهدي ام من اجل ازاحة الامريكان؟
ضحك الزبير ثم فجأة نكون في خندق. الزبير الى يميني و عزت الزعبي الى يساري. نترقب بخوف و نتسلل بين الحين و الاخر على رتل الدبابات الامريكية التي لا تبعد عنا كثيرا و لكنهم عاجزون عن ملاحظة وجودنا. نثـق دوما في التكـتيكات العسكرية الجهنمية للحزب مثلما نشك دوما في تكتيكاته السياسية. فهل هي دبابات الامريكان ام دبابات المهدي؟ يقطع الزبـير اجواء الرهبة تلك هامسا:
ـ المهدي سيظهر الليلة.
ثم نسمع اطلاقات الاربي جي المنـتـظرة و عند الاطلاقة الثالثة قمنا من مخابئـنا لنطلق النار في اجواء انتحارية غـصنا فيها في الحياة المختبئة وراء الحياة السطحية المعتادة. ثم كان عزت الاردني ذو البشرة البيضاء الآخذة الى الحمرة يردد بيت الشعر الذي لا يمل من ترديده:
ـ اريدك و اريد اشرب من عرق طيزتـش..
ثم قـفـز عزت الى جامعة بابل يتحدث مع العينين الساحرتين امام باب الجامعة. رمقـتـني بنفـس نظرتها العسلية و ابتسمت، ثم سألتـني:
ـ ما رأيك في البندقية؟ امازلت تحلم بالنوم معها؟
ابتسمت و اقـتربت اليها و همست في اذنها قائلا:
ـ اصبحـت احلم بالنوم معك..
كانت الجامعة مكتـظة بالطلبة. يبدو ان كل شيء قد رجع الى ما كان عليه. لكن الحزن الكبير الذي كان في العيون يبدو انه قد انـقـشع. اني ارى ضحكة حقيقية و عراقيون يرفلون بازهى الالوان. غابت الملابس الداكنة الالوان و الحزينة.
لم يسعفني الحلم لرؤية رد فعلها..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
- لامعقولية الأبد الدموي السوري
- ما أتعس المحرمات
- المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
- الوساخة اللذيذة
- وهم الموت
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين
- مدينة العشق
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - حلم العراق