أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم بن محمد شطورو - العنف و العاطفية














المزيد.....

العنف و العاطفية


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4971 - 2015 / 10 / 31 - 00:55
المحور: المجتمع المدني
    


عادة ما تـتهم الشخصية العربية بكونها عاطفية. هذا الحكم ملغـم من عدة أوجه منها ان الحكم ينطوي على ادماج قـصري للمجتمعات العربية في قالب واحد. ان هذا الامر فيه كثير من المغالطة من هذه الزاوية. فعلى أقـل تـقـدير هناك فارق واضح في الوصف العام في المغرب العربي الذي يتصف بشيء من الجفاف العاطفي مقارنة بالمشرق. و من جهة اخرى فان المجتمعات العربـية مختـلـفة جوهريا.
اولها اننا حين نـتحدث عن المجتمعات العربـية فـذلك ينسحب على الاقـليات فيها و التي تمثـل تمازجا مع محيطها برغم الاختلافات. فأكراد العراق مثلا يتـشابهون كثيرا مع بقية العراقيـين في طريقة التـفكير و في البنى الاجتماعية و المعتـقدات الدينية. و البربر في المغرب العربي بما انهم السكان الاصليـين إلا انه لا نجد فوارق تـذكر حتى انهم يتكلمون اللهجات العربـية المطعمة بكثير من المفردات البربرية، كما ان اكـلة الكسكسي البربرية هي الاكلة الرئيسية لجميع سكان المغرب العربي. فالتوصيف العربي لا يعني بتاتا توصيفا جامدا و واضحا لما هو عربي. و الحقيقة انه من المستحيل بناء هذا التوصيف النقي الهووي لأنه لم يكن موجودا في يوم من الايام. و ان جل ما تحصلت عليه الوصفة العربـية ما هو إلا تـفاعـل لغوي و سلوكي و اندماجي أصلا حتى انه يصعب حقيقة التحدث هنا عن العربي و الآخر بحكم التمازج الكبير الحاصل.
لذلك فانه من المستحيل الاطمئـنان الى اي تصنيف اذا ربطنا التحديدات بالواقع الحي و ليس بنزعات ايديولوجية متـناقضة. فالعروبي يجهد نفـسه لتحديد هوية عربـية سامية رفيعة عصية عن الرذائل الأخلاقية و الواقع الحي يثبت ان هذا الامر مجرد هراء و هذيان ناتج عن واقع الاضطهاد، و من جهة اخرى تجد ارادة في تميـيز البربر و كأنهم نزلوا من المريخ أو أنـتجوا آدابا و حضارة ذات عنوان بارز مثل الفارسية، التي تمكنت من الافلات من الاستحواذ العربي الاسلامي بفعل نشاطها الثـقـافي اللغـوي المتميز. فالبربر و الاكراد اظهروا براعة في الاندماج في المعطى اللغوي و الثـقافي و التاريخي العربي اكثر بكثير مما قـدموه في مناخاتهم الاصلية.
العقلية الذكورية بما انها ترسانة من المفاهيم العدوانية ليس تجاه المرأة فقط بل تجاه الذات و العالم هي التي تؤسس التـفكير العنفي المتأصل و هو ما يشكل نـفسه فيما يوصف بالعاطفية. فالعاطفية هي نتاج العقلية الحربية ان صح الوصف، ذاك ان الانسان في حالة مواجهة دائمة مع الاخر و بالتالي مع الموت و بالتالي جـيشان عاطفي يتـزين بالمقولات الدينية و الاسطورية و الخرافية المختـلـفة. ذاك ان الاصل ليس في كون الامر شخصية عاطفية و انما عـقـلية عامة محكومة بمنطق الحرب و الموت و ان كانت تعيش فعليا في حالة سلام. ذاك ان ما يؤسس التصورات و المنهجية العامة هو الاتـفاق غير المتـفـق عليه حول منطق الحرب. دليل ذلك ان ابسط التعبـيرات تدلل على صحة ما ذهبنا اليه. فمثلا حين تـنـقـد شخصا ما في فكرة لديه او سلوك، فانه لا يناقـش على اساس تحليلي و انما يباشر الى مقارنة ما ذهبت اليه بتصرف قمت به انت او كلمة قـلتها ذات مرة او فكرة. المهم ان طريقة التـفكير قائمة على المقارعة و المواجهة مع الاخر و ليس على التحليل المنطقي العقلاني لها و مدى صحتها و خطئها في ذاتها و ليس مقارنة بما سلكه الآخـر.
من هنا انبنت جميع المذاهب و الافكار الكبرى. جل هذه الافكار لا نقول انها تحيل الى العاطفية في الشخصية العربـية، و انما تحيل الى اثبات وجودها من خلال الحرب مع الاخر. منطـق الحرب الذكوري الذي يحتـفي بالعنف و ينـكر المحبة. منطق الحرب الذي لا يـؤسس للتعايـش الفعلي و انما التجاور القصري. هذا المنطق لا يمكن ان يؤسس لمواطنة حقيقية و لا يمكن ان يرتـفع الى مستوى الكلي الانساني. هذا المنطق لا يؤسس لفلسفة جمالية و ابداع اصيل في الفكر و السياسة و بناء مجتمعات جديدة.
لكن افضل ما جادت به اللحظة التاريخية الثورية العربية هو الزلزال السياسي و الفكري و الاجتماعي. جميع البنى السابقة تـتـهاوى. اللحظة التاريخية ترميك في المجهول قصرا عنك. لذلك لا بديل عن الخروج من الكهف حسب التوصيف الافلاطوني.. لا بديل اذن عن العقلية التحليلية القائمة على الوعي و المعرفة العلمية.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بؤس الغد على وجوه الأطفال
- ورطة اسرائيل
- حكمة الزعيم بورقيبة
- العداء التركي للعرب
- حلم العراق
- جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
- لامعقولية الأبد الدموي السوري
- ما أتعس المحرمات
- المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
- الوساخة اللذيذة
- وهم الموت
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم بن محمد شطورو - العنف و العاطفية