أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - المحنة السورية والعدالة الدولية














المزيد.....

المحنة السورية والعدالة الدولية


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة ظاهرة راهنة لا يستطيع المراقب والباحث المدقق أن يتجاهلاها، وتتمثل في أن الحدث السوري أخذ في البروز بصفة كونه قد تحول إلى معيار غير مسبوق للعدالة الدولية. فكما هو معروف، بدأ الحدث المذكور قبل أربع سنوات ونصف السنة تقريباً. وظل منذ بدئه حتى مرور نصف عام متسماً بالسلمية والحضارية الهادئة، يطرح شعاراته وأهدافه وبرامجه بصيغ سلمية وعقلانية، وبكثير من الحكمة، ودون الإساءة السياسية أو الأخلاقية للأطراف الأخرى. وقد عبّر عن ذلك فعلاً بطرق حضارية راقية، حيث أعلن عن ضرورة الإصلاح الشامل للمجتمع السوري، بعد أن تحوّل إلى ساحة للاستبداد والفساد والإفساد، بحيث تحولت سوريا إلى «دولة فاشلة»، تقودها «قوى بوليسية» عمّمت آلياتها ومطامحها واستراتيجياتها، وذلك على نحو أنتجت فيه الهدف الأكبر، الذي وضعنا يدنا عليه، وهو المتمثل في المطلب التالي: يجب أن يُفسد من لم يُفسد بعد، بحيث يصبح الجميع فاسدين مُفسدين، ومُدانين تحت الطلب! وبهذا، فإن دولة القوى المذكورة ربما كانت أكثر فاعلية وشمولية من الأخرى التوتاليتارية.


لقد كان خروج جموع من الشعب السوري إلى الشارع لفتاً حكيماً للسلطة البوليسية ورأسها بضرورة القيام بحدود ما مقبولة من الإصلاح في الاقتصاد والسياسة والتعليم، إضافة إلى الحقل المالي ومعه نظام العمل مع تخفيف أعباء الدولة البوليسية، وغيره. وسأذكر مثالين اثنين، الأول مستمد من الحقل الماضي ويتمثل في مشهد جرى بثه، في حينه، عبر التلفزيون الرسمي، ويظهر بصيغة «قاعة طويلة مليئة بالعملة أو بالعملات»، يملكها أحدهم وكان موظفاً ذا شأن في مصلحة الجمارك! لقد قُدم ذلك المشهد ليستفز الفقراء والمفقرين والمذلين، ولم نعلم حتى الآن أن صاحب الشأن المذكور عُرض أمام محكمة أو أخرى. والمثال الثاني يتمثل في أن شعار نجاح الطلبة الجامعيين أصبح متمثلاً في المطلب التالي: ادفع، أو ارفع، ولم ينتبه المعنيون حالئذ أن قضية الإصلاح تعادل الحفاظ على سوريا مستقلة متقدمة حداثية. وأشرنا في حينه إلى ضرورة القيام بذلك اليوم وليس غداً، لأن الغد لا يحتمل ما مرّ عليه دون معالجة، بحيث يلتفت إلى ما جدّ من قضايا!

وللأسف العميق، العميق جداً، لجأ إلى العنف في وجه سوريا والسوريين، الذين يمثلون شعباً حضارياً ومتسامحاً بكل أطيافه وطوائفه، بقدر ما يمثل وريثاً شرعياً لأكثر من سبعة آلاف سنة من التطور بمختلف أطواره ومشكلاته: وأصبح القتال سيد الموقف، والدمار هو المشهد الشامل، والبؤس مأساة غير مسبوقة.

وقياساً على القول الشعبي العربي القائل إن «المال الحرام، يُعلّم الناس السرقة»، فقد راح آخرون في الخارج يتسابقون في التهام كل ما تطاله أيديهم وأسلحتهم وطائراتهم، ليصير الحال إلى مشهد لا نهاية له من الجنازات: كل فريق وكل دولة أو حزب هنا وهناك، الكل بدءاً بالولايات المتحدة «المرائية» مروراً بإيران وروسيا وبريطانيا، يسعون إلى «اكتشاف» مصالحهم في سوريا. وقد وصل البعض إلى القول إن الطريق إلى القدس يمر بالزبداني، أو حمص، أو دوما، أو اللاذقية، في حين أن من سلّط طائراته الوحشية عرف مسبقاً أنها تضرب أطفالاً ومسنين ونساءً، ولتهدم ما بقي من «الدولة السورية».

وتبدأ عملية المؤتمرات واللقاءات الدولية والمحلية، لتُضفي طابعاً عالمياً على القضية السورية، التي تظهر والحال هكذا كأنها قادمة من وراء «سور الصين العظيم» لا نراها ولا نملك أدوات وضوابط للإمساك بها، وهكذا، غابت وغُيّبت العدالة عن الأعين ولا سبيل إلى معالجتها. والحق، أن ذلك إنْ هو إلا سحْق لحق الشعوب في تقرير مصيرها. وهكذا تتحول «العدالة الدولية» شأناً متصلاً بهذا أو ذاك، ولكن دون سوريا!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «داعش» ووحوش العولمة
- سوريا ومسيرة «الإنسان»
- «داعش» وفوكوياما و«الربيع العربي»
- يوم حشر سوري عالمي!
- الإرهاب يواجَه بالفكر
- من «البعث» إلى الفاشية الدينية
- ثورة الجياع في «الرستن»!
- مشروع عربي توحيدي
- جريمة صهيونية نكراء
- التنوير والأزمة العربية
- أرقام اللاجئين ومحنة السوريين
- وثيقة شرف وكرامة للسوريين
- سوريا: الحل السلمي والسياسي
- سوق «السُنّة»..المضحك المبكي!
- بيان في النهوض العربي
- هل هي «سايكس- بيكو» جديدة؟
- أربع سنوات هزت العالم
- «الربيع العربي».. الدين والسياسة
- نكون.. أو لا نكون!
- أدونيس.. مستسهِلاً ومختزِلاً


المزيد.....




- -مازلت أسمع أصواتكم-.. نانسي عجرم تشارك متابعيها لحظات من حف ...
- قطر: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران أنتج -زخما- لاستئناف ...
- البرلمان الإيراني يمهّد لقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطا ...
- الحكم الثاني على القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي بالسجن عشر س ...
- كيف انتهت مواجهة الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل؟
- أطفال سيفورا ـ الهوس بمستحضرات العناية بالبشرة رغم المخاطر
- الجيش الإسرائيلي يقتل المزيد من الفلسطينيين المحاصرين والجائ ...
- البرلمان الإيراني يوافق على مشروع قانون لتعليق التعاون مع ال ...
- ضبابية موقف ترامب بشأن الالتزام ببند الدفاع المشترك يلقي بظل ...
- مدينة تبريز موطن الأذريين شمالي غربي إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - المحنة السورية والعدالة الدولية