أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دوافع المقاومة في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة















المزيد.....

دوافع المقاومة في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4972 - 2015 / 11 / 1 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


دوافع المقاومة في رواية
"أحلام بالحرية"
عائشة عودة
قبل اكثر من خمس سنوات قرأت هذه العمل وكتبه عنه بشكل موجز، إلا أن حصول الكاتبة على جائزة مؤسسة بن رشد لأدب السجون جعلني اتقدم من جديد لهذه ألرواية ومما دفعني ايضا لقرأت الجزء الثاني "ثمن ألشمس هناك العديد من الروايات العربة التي تناولت موضوع ألاعتقال لكن ولا واحدة منها ـ إذا ما استثنينا رواية "أمهات في مدافن الأحياء لوليد الهودلي نكون أمام أول رواية نسائية عربية تتحدث عن ألاعتقال وهذا ما يحسب للكاتبة، وإذا ما أضفنا ألى هذا الامر حقيقة/واقعية، اضافة الى قدرة الكاتبة على تحويل تلك المأساة وقسوتها إلى عمل أدبي، فيه المشاعر الإنسانية وما تحمله من خوف وفرح من شعور بالانكسار والانتصار وتحدثنا عن حالات الانكفاء على الذات ثم التقدم في المواجهة، حضور هم الاسرة والأم ثم تغليب الهم الوطني عليهما، قسوة السجان وعظمة الارادة التي تكسر بطش وعنجهية ألجلاد قدرة الكاتبة على التصوير الفني رغم غلاظة ألموقف وضع مجموعة من المقولات تعبر عن خلاصة تجربتها اللغة السردية التي تمتع وتسهل على المتلقي هضم هذا العمل، حضور الشخصيات على طبيعتها دون تدخل من السارد، مما جعلها تظهر لنا على حقيقتها، إن كنا معها او ضدها، الموضوع الوطني الفلسطيني الذي لم يكن يتخيل بأنه سيكون طول عمر الاحتلال بهذا المقدار من السنوات، في كل المقاييس نحن أمام رواية تستحق منا أن نتقدم منها ونتوقف عند الكثير من تفاصيلها.
الزمن الذي تتحدث عنه الرواية هو ما قبل 1969، من هنا سيكون هناك جانب مختصر تحدثنا عنه الكاتبة يتناول واقع فلسطين في العهد الأردني وكذلك أهمية الساحة الاردنية في تدعم مقومات المقاومة الفلسطينية فهي كانت المورد للعديد من الاحتياجات التي تتعلق بفعل المقاومة، أما مكان الحدث فهو تحديد دير الجرير قضاء رام الله ومدينة القدس التي حدثت فيها العملية الفدائية، والسجون والمعتقلات المتفرقة على الجغرافيا الفلسيطينية.

مجزرة دير ياسين
بداية سنتحدث عن الدوافع التي جعلت بنت فلسطينية تقدم على فعل صعب ليس عليها وحسب بل على الرجال أيضا، تنقل لنا الكاتبة تفاصيل واقع مجزرة "دير ياسين" على الأقرباء، وتقدم لنا احد المشاهد من تلك المجزرة فتقول عن "زينب" البت صاحبة الخمسة عشرة عاما كيف كان حالها في تلك العملية البشعة، "واستطاعت زينة ان تخبئ خلف الحطب وترتجف خوفا، ثم شعرت بسائل دافيء يسري تحتها ويرنخ ثيابها، في تلك اللحظة التي ادركت أنه دم، هربت روحها، غابت عن الوعي، وبقي جسدها هناك مدفونا بالحطب غير مدرك لما يجري حوله،... أتعقدوا انها اسيرة، وعند ابحث عن اسمها بين قوائم الاسرى لم يكن بينها، بدأت الضنون التي تغدت من الخوف البالغ حدوده القصوى على مصير فتاة جميلة في الخامسة عشرة من عمرها، تنهش كينونة الأهل، تسلل أخوها وكان يعمل مدرسا في المزرعة الشرقية الى القرية ليلا بعد يومين، بحث عن زينب في ادق المخابئ التي يحتمل أن تتواجد فيها، دخل المخبز، سمع أنينا، كان أنين زينب، ولم تكن قادرة على النطق، حملها ونقلها الى مستشفى في القدس." ص42 هذه الحدى القصص الكثيرة التي تناقلها الناس حول هول المجزرة، فمن نجى منها لم يكونوا في قارة أخرى، بل بين أهليهم وأقربائهم، من هنا كان وقع الحدث/القصة اشد واعمق في النفوس، فما بالنا أن كان المستمع طفل؟، من المؤكد سيكون مثل هذا الحدث وشما لا يمحى ابدا الدهر، فهو راسخ في الذاكرة كما هي الروح، لن ينتهي من الذاكرة إلا مع صعود الروح الى بارئها.
ومن مشاهد تلك المجزرة تحدثنا ايضا عن أم وطفلها الرضيع "قصة مريم الطبجي" وقد حفظت الاسم لاعتقادي أن له علاقة بالطبيخ! رويت القصة على أن اليهود ذبحوا زوجها أمامها، وكان طفلها الصغير على حضنها، وحين أرادوا ذبح طفلها أخذت تبوس اقدامهم من أجل إلا يمسوا الطفل بسوء، لكنهم اخذوا يساومونها، فقدمت لهم ما لديها من ذهب وأموال ليبقوا على طفلها، أخذوا كل شيء وتركزها مع طفلها وزوجها القتيل" ص42، إذن ذاكرة الطفل خصبة وتتلقي الحدث/الفكرة وترسخ فيها لكي تنمو وتزدهر، فهي تكون في أمان، لا شيء سيمحوها او يغير فيها، وهذا ما ستؤكده الكاتب ـ في العقل الباطن ـ عندما تجعل من هذه المذبحة مبرر لما اقدمت عليه، فهي تذكرها لنا وللعدو سبع مرات، وهذا مؤشر ودليل على شدة وقع المجزرة على الطفلة الفلسطينية.
فأثناء التحقيق نجدها تستحضر هذه الواقعة من جديد لتؤكد وحشية وقذارة وعدم إنسانية المحتل، الذي يظهر البراءة وفي داخله وحش مفترس يتربص بالضحية، فتحدثنا عن هؤلاء القتله الذي خانوا جيرانهم ومن تسامح معهم واستضافهم، "..قلن أن العلاقة جيدة كانت تربطهم بجيرانهم اليهود من (كبانية تل بيوت) كانوا يأتون لزيارتنا وشرب القهوة في بيوتهم وشاركوهم أفراحهم وأتراحهم، لكن اهل دير ياسين تفاجأوا من أن العديد ممن كانوا يتزاورون معهم، هم أنفسهم من قاموا باقتحام القرية ونكلوا بهم يوم المذبحة، "كوهين اقتحم مع أذان الصباح هو مسلح ويلبس ملابس جيشية، بيت محمود جودة حين تعرف عليه محمود صرخ به ،ماذا جرى يا كوهين" ألم تشرب القهوة الليلة عندي كصديق؟ أم كنت تشرب قهوتي وتخطط لقتلي والاستيلاء على بيتي؟" ص74و75، بهذه المشهد تؤكد لنا الكاتبة طبيعة الصهاينة فهم لا يحفظون ودا لأحد والخيانة والغدر يسري بدمهم من هنا وجدنا هذه الحادثة تستحضرها الكاتبة أثناء التحقيق لكي تتقوى بها، ولا تأخذ بالشكل الإنساني الذي يظهره الجلاد، فهو ذئب بهيئة حمل، وعليها أن تكون أكثر حظرا من أولئك الذي يظهرون على حقيقتهم.
تعترف لنا الكاتبة عن تأثير هذه المجزرة عليها، بحيث تجعلها هو المحرك الرئيسي لما أقدمت عليه، فتحدثنا بما يلي: "هو لا يدرك أن أحدا غيرهم لم يرسلني لعمل شيء، ولكنهم هم منذ طفولتي فعلوا ذلك، منذ تفتح وعيي، ومنذ رأيت أسرة خالتي وأهالي "دير ياسين" في الأيام الأولى من تشردهم، وأنا أحلم بالقتال لإعادتهم الى قريتهم وإعادة اللجيئن الى بيوتهم وقراهم" ص78، أذن هذا هو الدافع الأهم الابرز الذي نما وكبر في تلك الطفلة، وكأنه جنين في رحمها، حافظة عليه حتى نضج وأصبح قادرة على التكيف مع الحياة، فغذته بالعديد من المقويات ليكون اكثر قوة وديمومة، ويستطيع التكيف مع كافة الظروف، فهو كائن حر، لا يعيش إلا في حرية، يرفض السكون، يحارب الخنوع، هو فكر لا يخضع للتطويع او تقبل الواقع، من هنا ستكون عائشة عدوة نموذج فريد في المواجهة.
تعود الكاتبة الى محاججة المحقق حول العملية التي اقدمت عليها فيصفها بالعملية الإرهابية فترد عليه "وهل قرية دير ياسين كانت ثكنة عسكرية وكان أطفالها ونساؤها جنودا؟" ص104، استخدم الذاكرة والدافع في المواجهة يجعل صاحبها اكثر قوة، فهو بذلك يستطيع المحاججة وتقديم حقائق ووقائع تدعم فكرته وتزيد من صموده.
وتستحضر الكاتبة "دير ياسين" كعامل صمود ومواجهة عندما تستذكر عملية الاعلام الموجه التي استخدمها المحتل ليزيد حالة الهلع والخوف عند الفلسطينيين مما جعلهم يتسرعون ويخرجون هاربين من وطنهم نحو المجهول، "تذكرت ما كان يتم تداوله عن فعل الاشعات التي رافقت مذبحة دير ياسين عن الاغتصاب وقتل الاطفال وبقر البطون" ص153، إذن ذاكرة الطفلة أثمرت واستطاعت أن تستخدم الحدث "مجزرة دير ياسين" كدافع ومحفز عقلي للفعل المقاوم، وأيضا أن تكون تلك الفكرة أداة للتقدم اكثر من الهدف، ومواجهة الجلاد ومحاججته، ويضاف الى كل هذا الاستفادة من تلك التجربة/الحدث وجعلها لا تتكرر، أن لا يستخدمها العدو مرة أخرى لتحقيق أهدافه.
بهذا الشكل نكون أمام فعل/حدث روائي متنامي ومتصل ومترابط في ذات الوقت، وهذا ما يحسب للكاتبة التي استطاعت أن توحد فكرتها وتنثرها على كافة أجزاء الرواية، جاعله من "دير ياسين" ليس محفز/دافع لعمل المقاومة، بل قدمتنا منها، وجعلتنا نشعر بحجم الجريمة التي اقترفها المحتل، فهي أنعشت ذاكرتنا بما يجب أن لا يمحى منها أبدا، وأيضا جعلتنا نستفيد/نستخدم ذاك الحدث بشكل يخدم قضيتنا، نعري المحتل، ونعرف طرقه الخبيثة لكي نتجنب الوقوع بالخطأ مرة أخرى، نستطيع أن نحاجج من يدعي وداعة ومسالمة هذا المحتل.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخب العربية
- الطاعون
- التعريف والتنوع في ديوان -طقوس المرة الأولى- باسم الخندقجي
- مجموعة -امرأة بطعم الموت- أماني الجنيدي
- إلى من يتجنى على مفتي فلسطين
- دفاعا عن مفتي فلسطين
- الصراع في مسرحية -بيجماليون- توفيق الحكيم
- بجامليون في رواية -العطر- باتريك زوسكيند
- حل المشلكة اليهودية
- الشاعر منصور الريكان وألم المخاض في قصيدة -الأماني الضائعة-
- الواقع الفلسطيني بعد أوسلو في رواية -آخر القرن- أحمد رفيق عو ...
- التجربة الأولى في ديوان -سجينيوس- جمعة الرفاعي
- إلغاء الأخر في رواية -أمهات في مدافن الأحياء- وليد الهودلي
- هيمنة الثقافة الشخصية في رواية -الشعاع القادم من الجموب- ولي ...
- عبور الزمن والجغرافيا في رواية -بلاد البحر- احمد رفيق عوض
- الهروب من الماضي في رواية -القادم من القيامة- وليد الشرفا
- الابداع النثري في -من طقوس القهوة المرة-
- مسرحية -الهنود- أرثر كوبيت
- تألق الشاعر فراس حج محمد في ديوان -وأنت وحدك أغنية-
- قصيدة -في حضرة الإمام- منصور الريكان


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دوافع المقاومة في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة