أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصراع في مسرحية -بيجماليون- توفيق الحكيم














المزيد.....

الصراع في مسرحية -بيجماليون- توفيق الحكيم


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


الصراع في مسرحية
"بيجماليون
توفيق الحكيم
هذا العمل الثالث الذي بخوض فيه توفيق الحكيم الصراع/الخلف بين معسكرين/جهتين، فنجد في هذه امسرحية الصراع بين الآلهة من جهة وبين البشر من جهة أخرى ونجد ايضا الصراع بين الفن وبين الحياة، فالكاتب تعمد أن يكون حياديا، ولا يقف مع ايا من الطرفين، وهذا الحياد منح القارئ حق الاختيار والتفضيل بين وجهتي ألنظر وهذا الأمر يحسب الكاتب الذي لم ينحاز لأي جهة، وخيرنا فلم يحدد لنا الجهة الافضل.
المفاضل بين الانسان وبين الآلهة تكمن بما قاله الإله "أبولون"
"هؤلاء البشر يمتازون عنا ـ نحن معشر الآلهة هذا ـ ألامتياز في طاقتهم أحيانا أن يسموا على أنفسهم، أما نحن فلا نستطيع أن نسمو على أنفسنا... إن قوة الفن او ملكة الخلق عند هؤلاء لقادرة أحيانا أن توجد مخلوقات جميلة ليس في إمكاننا نحن الآلهة أن نأتي بمثلها أو نجاريهم في شأوها... لأنهم أحرار في السمو، ونحن سجناء في ألنواميس ص35، بهذا الكلام يفتح "أبولون" لنا ابوابا من التألق والتفوق على ليس على ذاتنا وحسب بل على الآلهة، فكأنه يدعونا إلى العمل المبدع وعدم التوقف عند حد معين، فالإنسان كائن يمتلك خاصية نادرة لا تجود عن الآخرين، وتتمثل بقدرته على الإبداع والتفوق.
أما وجهة نظر بيجماليون حول الفرق بين الإنسان والآلهة فكانت بهذا الشكل:
"...هأنذا أقول لك إني تعب ... لا استطيع أن امضي في هذا السبيل... أخلق الجمال وأخلق الحب.
... كلا لقد تعبت .. أريد الآن أن أشعر أن هناك من يخلق لي، يعطيني، يحدب علي، ويمنحني. ... ما أن الضعف أحيانا .. الضعف ! .. هذا الشيء الإنساني الجميل، الذي حرمتم إياه أنتم أيتها الآلهة" ص46، الكلام في نجد أن هناك معنى للألم، للتعب، فهو شيء جميل، يجعلنا نشعر/نحس بمتعة طلب ألعون متعة ألراحة متعة الانجاز الذي تحقق، فنحن نمتلك مشاعر وهذه بحد ذاتها متعة متعلقة بالبشر فقط على النقيض من الآلهة التي لا تشعر ولا تحس بأي متعة، فهو اشبه بالآلة، تقوم بعملها دون أحساس بالتفوق، بأهمية ما تقوم به، بينما نجد الإنسان يتمتع بعمله، يطلب العون بعد ألتعب إن كان جسديا أم نفسيا.
وبعد أن تستجيب "فينوس" لطلب "بيجماليون" وتجعل من تماثله امرأة حية "جالاتيا" ومن ثم تتعامل معه كأي زوج، كأي إنسان، يتكلم الصواب والخطأ، فتهجره بعد أن رفض الإجابة عن سؤالها: أيهما أحب إليه التمثال أم هي، فيأخذ في المقارنة بين ما قام به هو من إبداع خلاق، وبين ما قامت به "فينوس" من تخريب/تشويه ذلك التمثال الرائع:
"..لقد صنعت أنا الجمال فأهانوه هم بهذا الحمق الذي نفخوه فيه!... كل ما في جالاتيا من رواعة وبهاء هو مني أنا، وكل ما فيها من سخف وهراء هو منكم أنتم يا سكان أولمب" ص70، بهذا الشكل يقدم لنا الحكيم افضلية البشر، فهم يصنعون الجمال المجرد، البعيد عن أي تشويه، بينها الآلهة تصنع اشياء غير محببة، قبيحة، تجعل الإنسان يمقتها.
وبعد الهجرة تعود إليه زوجته "جالاتيا" بأفكار جديدة، فتكون المرأة النموذج/المثل بطيبتها وإخلاصها لزوجها، فنجد "بيجماليون" تأخذه حالة من الصراع والمقارنة بين ما صنع هو وبين ما أوجدته اللآلهة في "جالاتيا" فيقول:
"... بما يكاد يمزق نفسي قطعتين.. ويشطرها شطرين.. ،نعم... أنتما الاثنان تتجاذبان قلبي.. أنتما الاثنان تتصارعان.. هي بارتفاعها وجمالها الباقي .. وأنت بطيبتك وجمالك الفاني.. هي الفن، وأنت الزوجة!!
أيتها الآلهة .. لقد أخذتم من فني، وأعطيتموني زوجة.
نظراتك جميلة... نعم ... ولكن فيها شيئا محدود المعنى.. أما نظراتها فكانت كأنها تشرق على عوالم غير محدودة، لفتاتك رائعة، لكن تفسدها أحيانا حركة طائشة، أما لفتاتها فكانت دائمة الروعة والجلال.. بسمتك حلوة، لكن أعرف ما تنطوي عليه!... شفتال رقيقتان، ولكن أعرف ما تفرج عنهما من حديث، وما يمكن أن ينطبع من قبلات. أما شفتاها فكانتا تنفرجان عن كلمات لم تقلها قط، ولن تقولها أبدا، ولكن لها صدى بعيد، يتغلغل في كل قلب إلى الأغوار التي لا يدرك لها قاع" ص128 – 130، بهذه المفارقات يهيش "بيجماليون" حالة من الصراع، صراع بين الحياة/الزوجة والفن، فلكلا منهما حسنات، فالعاطفة والحب والنعومة التي تتمتع بها "جالاتيا" تجعله يعود الى إنسانيته، وعندما يتذكر تماثله يجعله يتخيل روعة الجمال وما قام به من إبداع.
بعد هذا المصارحة بين الزوج وزوجته، تقرر أن تختفي من حياته نهائيا، فهو رجل يعشق فنه كما يعشق زوجته، وبطبيعة حال المرأة الغيورة، والتي يثيرها أي إهتمام من الزوج بأي مسألة أخرى غيرها، وأيضا معرفتنا لطبيعة البشر الفانين، الذي سيهرمون ويختفي منهم الجمال بعد قضاء سنوات ألشباب وأيضا حبها الكبير لزوجها الذي يهمها أن يبقى سعيدا على مدى ألحياة كل هذا جعل "جالاتيا" تخاطب زوجها قائلة:
"أني لن أتحمل عينيك وهما تنظران إلى جسمي بعد سنوات، جنبني هذا الإذلال، ووفر على هذه الصدمات.
ألم تفكر في ذلك يا بيجماليون؟ أليس شعري معرضا للشيب ووجهي للتجاعيد، وجسدي..." ص133، بهذا الكلام تكون "جالاتيا" قد توصلت الى ضرورة أن تختفي من حياته، وأن يعود "بيجماليون" إلى تماثله، إلى فنه، فهو بذلك سيكون أسعد.
وبعد أختفاء/عودة التمثال إلى ما كان عليه نجد "بيجماليون" يعاني من حالة من الصراع مجددا، فيقول:
"أيهما الأصل وأيهما الصورة؟ أيهما الأجمل وأيهما أنبل؟ الحياة أم الفن؟ " ص151، بهذا الكلام يجعلنا الحكيم نتفكر فيهما، فهو لم يقدم لنا فكرة واحدة، فكرة تجعلنا نميل لهذه الجهة أو تلك، بل جعانا نحتار، أيهما كان أفضل لبيجماليون التمثال/الفن أم المرأة/الزوجة الصالحة؟
المسرحية من منشورات مكتبة ألآداب بدون سنة نشر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بجامليون في رواية -العطر- باتريك زوسكيند
- حل المشلكة اليهودية
- الشاعر منصور الريكان وألم المخاض في قصيدة -الأماني الضائعة-
- الواقع الفلسطيني بعد أوسلو في رواية -آخر القرن- أحمد رفيق عو ...
- التجربة الأولى في ديوان -سجينيوس- جمعة الرفاعي
- إلغاء الأخر في رواية -أمهات في مدافن الأحياء- وليد الهودلي
- هيمنة الثقافة الشخصية في رواية -الشعاع القادم من الجموب- ولي ...
- عبور الزمن والجغرافيا في رواية -بلاد البحر- احمد رفيق عوض
- الهروب من الماضي في رواية -القادم من القيامة- وليد الشرفا
- الابداع النثري في -من طقوس القهوة المرة-
- مسرحية -الهنود- أرثر كوبيت
- تألق الشاعر فراس حج محمد في ديوان -وأنت وحدك أغنية-
- قصيدة -في حضرة الإمام- منصور الريكان
- -لا شيء يشبه المسيح- سعيد حاشوش
- الاعتذار من الأستاذ سامي لبيب
- تقمص شخصية المراهق في -رسائل إلى شهرزاد- فراس حج محمد
- سامي لبيب ملكي أكثر من الملك
- العقل العربي والردة
- الهم الاقتصادي للمواطن العراقي في رواية - خسوف برهان الكتبي- ...
- كتاب كبار صغار


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصراع في مسرحية -بيجماليون- توفيق الحكيم