أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - اللحظات الحتفية على عتبات المطلق














المزيد.....

اللحظات الحتفية على عتبات المطلق


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4972 - 2015 / 11 / 1 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


يتدفـق الوجود عبر معـنى الخـلود. الخيط الرابط بين الوجود الحي و المعنى الأبدي هو ما يمكن صياغته عبر مساحات الوعي النـقدي لمجمل تمظهرات الحياة. فكر بكل شفافية مع نـفـسك و ستجد ان الحقيقة داخلك. انك تسير حتما نحو حتـفـك و لكن ما هو الحتـف ان لم يكن النـقطة الزمكانية التي تـتحقـق فيها عملية الانـتـقال القصوى من النسبي الملتبس بالمحـددات المادية الى المطلق الرحب خارج فـضاءات الزمكان التي تـتخللنا.
انظر اليه في ساعاته الاخيرة مسجونا في البدن المتهاوي المسجون بدوره بين الآلات الطبـية في قاعة الانعاش في المستـشفى. اي انعاش في لحظات الحتـف سوى في كونه تحديدا لمجال رؤيا جديد يتجه بالعينين الزائغـتين في اتجاه الامام المتعالي، في اتجاه العالم الآخر. اللحظة الحتـفية تـنبؤ بشعور يتماوج بفعل الدفاعات الدماغية عن مبدأ الحياة بين ذكريات الطفولة المنسية التي تـتـلاحق صورها آنـذاك. الشيخ الهرم المنـتهـية صلاحية جسده المادي و الذي تعتـب روحه عالم المطلق تـتـدفـق حياة اخرى تبتدئ بملاقـاة أبـيه و أمه و أخوانه الميتين يتراقصون امامه بوجوه نورانية تختـلط مع لحظات مسترسلة من الحياة السابقة. لحظات الطفولة. لماذا الطفولة؟ لأنها وحدها زمن النـقاء الروحي قبل ان تـنغـمس الحياة في الاحتجابات عن الروح الكلي..
انها لحظات الصراع القصوى بين مبدأ غريزة حفـظ البقاء التي تجعل من الصرصار يهرول هاربا من ضربة حذاءك و بين مبدأ الوعي الذي هو الروح الانهائية. انها اللحظات الحتـفية لعنصر الطبيعة و لكنها لحظات الرجوع الحتمي الى الروح المطلق، روح العالم.
"يا نـفـسا عـودي الى ربك راضية مرضية". انها النفـس التي جاهدت في حياة وعيها للالتـقاء بروح العالم. النفـس السائرة نحو الحقيقة المطلقة. النفـس المناضلة ضد اشكال الزيف التي تعترضها. النفـس التي فكرت في الآخر كما تـفـكر في نـفسها باعتبار الآخر و أنا إلا نحن جميعا كانسان وحيوان و طبيعة و وجود و كل ما عليها فان إلا وجه ربك الدائم الأبدي. النـفـس الواعية بوحدة الوجود و ان عمق الوعي و عمق الحياة لا يتمثـل إلا في النضال في طريق المساواة بين البشر و المساواة مع الحيوان و النبات و حتى مع طفيليات البحر. اننا مبدأ واحد و ان الاتجاه نحو الروح ما هو إلا اتجاه في الاحاطة بكل الوجود بالعمل على خيريته و اسعاده. الانسان وحده بما انه نـفـس اي اضافة الى الروح المشتركة مع الكون فهو نفس مفكرة و شاعرة مثلما اوضح ذلك الفيلسوف العظيم ابو حيان التوحيدي في كتابه "المقابسات".
و ربما هذا ما يطلبه الرب من الانسان حيث جعله خليفة له في الارض. خليفة على اي مستوى ان لم يكن على مستوى الرحمة و الاحاطة الرحيمة بالوجود و الوقـوف موقف المسؤولية تجاهه. الرحمان الرحيم الذي ليس لرحمته حدود هل يخلف غير الرحمة؟
هذا الشيخ في لحظاته الحتـفية اتجهت عيناه الى الامام المرتـفع في ثاني ايام وجوده في الانعاش الاخير. انعاش اللحظات الدنيوية الغائبة تعدادها و مللها عنده لأنه بكل بساطة شعور يتماوج في اللذة الكونية التي لا تكون إلا في الجسد المتهاوي في لحظاته الحتـفية. اقصى درجات الوعي لا تظهر إلا في اللحظات الحتـفية. الشيخ المناضل ضد الامبريالية و الصهيونية و الجهل في حياته. الشيخ العاشق للفلسفة الحامل طيلة حياته هموم الانسانية في الواقع التشيـيئي الشيطاني للبشر من اجل استغلالهم باسم الرب و المسيح و محمد. الشيخ ذو التـفكير الارسطي الرشدي الهيغلي المناضل ضد زمن القهر العربي.. انه في لحظات حتـفية الجسد و تعـلق العينين بالأرفع و الاتجاه الى العالم الأرحب. عالم الحرية المطلق و عالم الاستـهزاء الكلي بفضاعات البشر و حـقارته و غروره و جهله. انه يتحد مع روح العالم..
"يا نفس عودي الى ربك راضية مرضية".



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف و العاطفية
- بؤس الغد على وجوه الأطفال
- ورطة اسرائيل
- حكمة الزعيم بورقيبة
- العداء التركي للعرب
- حلم العراق
- جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
- لامعقولية الأبد الدموي السوري
- ما أتعس المحرمات
- المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
- الوساخة اللذيذة
- وهم الموت
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد


المزيد.....




- ساحة الاحتفالات تحتضن حفلاً فنياً وطنياً بمشاركة نجوم الغناء ...
- تهنئة بمناسبة صدور العدد الجديد من مجلة صوت الصعاليك
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم
- مزكين حسكو: القصيدة في دورتها الأبدية!
- بيان إطلاق مجلة سورياز الأدبية الثقافية
- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - اللحظات الحتفية على عتبات المطلق