أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - حكمة الزعيم بورقيبة














المزيد.....

حكمة الزعيم بورقيبة


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4964 - 2015 / 10 / 23 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السياسي البارع هو الذي يستغـل الفجوات في الوقـت المناسب لتمرير بـرنامجه. كان الزعيم بورقيـبة بارعا في اقـتـناص اللحظة. نافـذ البصيرة في الفهم العميق و الواضح للبديل الحقيقي المطلوب. الثورة على المجتمع التـقـليدي المتخـلف المتـكـلس الضعيف الغارق في الجهالة. كان بورقيبة على رأي التوحيدي في أن التـناقض الرئيسي هو بين الوعي و الجهل. و إن سخريته من الأمة العربية و الإسلامية كإيديولوجيات و واقع متساوق مع قول المتـنبي : يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.
هاجم الزعيم بورقيـبة المؤسسات التـقـليدية بسرعة و نـفـاذ بصيرة و حسم. لـقد أودع التعليم الديني المتمثل في جامع الزيتـونة إلى المقبرة في مقابل نشر التعليم العصري. انطلق بورقيـبة في سباق مع الزمن في معركة الوعي حيث أسس أكثر ما يمكن من المسارح و دور الثـقـافة و دور الشباب بشكل لا يتوفر في أي دولة عربية. كان بورقـيـبة واعيا بدوره في خلق نموذج متـقـدم و ثوري على الأوضاع العربية البائسة. لقـد كان واضح الرؤية من حيث تحديد مكمن الداء في المجتمع التـقـليدي برمته، لذلك اتجه إلى إلغاء تعـدد الزوجات بما هو ضرب للوعي التـقـليدي أكثر منه تغيـيرا للواقع الحي لان نسبة اثـنين في المائة فـقط من التونسيـين جمعوا أكثر من زوجة حينها.حصول المرأة على الحق في طلب الطلاق و إزالة التهـديد الذكوري بإلحاق زوجة أخرى مثـل دفعا قـويا لتحرر المرأة و بالتالي الانـتـقـال من واقع الانحطاط المجتمعي و الهمجية إلى واقع التهذيب و التــأنـسن .
و أهم ما تـفـردت به تـونس مقارنة بجميع الدول العـربية هو تـدريس مادة الفلسفة في التعـليم الثانوي، رغم أن تدريسها اقـتصر على السنة النهائية و رغم أنها عرفت في العهد النوفمبري إضعافا كبيرا في مادتها.
من يتـوقـف في مسيره فانه يتأخر، لذلك يجب أن لا تـلـتـفـت تونس كثيرا إلى الأوضاع العربية البائسة حولها و إنما أن تـتـطلع إلى اعـتبار نـفـسها مولـدة لعالم جديد. يجدر هنا أن تـنعـم المناهج التعـليمية العـقـل اليافع منذ السادسة عشر باليـقـظـة الفكرية و التـدرب على انتهاج مسار الالتـقاء مع الذات و بهجة خلق الكينونة بوعي و تـفرد. ان الأمر لا يتعلق بمجرد تعليم و إنما بتوفير الصحة العـقـلية و البدنية على المستوى الفردي الذي سينعكس اجتماعيا في خلق مجتمع جديد معافى من النـفاق و الانـتهازية و الوضاعة الأخلاقية. هذه الحالة الاجتماعية الحضارية وحدها كـفيلة بخـلـق التـقـدم و تأسيس مسارات الحرية الفعلية، أي الحرية المسئولة ذاتيا، أي الالتـزام الذاتي الحر وفق التصور الكانطي العميق للواجب الأخلاقي.
العـقل المتـفـلـسف عـقـل شاب حيوي يخلق قيمه و يلتـزم بها بحرية و يبدع الجديد في كل مجال. الفلسفة بما أنها اشتغال على المفاهيم و على الحقيقة فإنها تخلق روحية تأبى الزيف و الكذب. إن الجسد المتـفـلسف نحيل عامة متخلص من مسببات عـديد الأمراض، و عيون فيها بريق و ملامح وجه يشع بالحـرية و الإرادة و الثـقة في النـفس.. الذهنية المتـفـلسفة ثورية و لكنها منظمة تـتعلق بالكلية و مداها إنساني منـفـتح بلا حدود. فلنجعل من الفلسفة مفتاح وجودنا.
هكذا يمكننا الالتـقـاء مع صميم التصور البورقيبي للارتـقـاء و النهوض و السعادة المجتمعية. الرياضة الفكرية و البدنية. جرعات أقـوى من الفـلسـفة و التربية الموسيـقية و المسرحية و التـشكيلية و الرياضة البدنية. و أي إصلاح في التعـليم لا يتجه في اتجاه مضمونه الحيوي الروحي هو مجرد ضحك على الذقـون متساوق مع المثل القائل "ترى جعجعة و لا ترى طحينا"..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العداء التركي للعرب
- حلم العراق
- جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس
- لامعقولية الأبد الدموي السوري
- ما أتعس المحرمات
- المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم
- الوساخة اللذيذة
- وهم الموت
- الزعيم العربي الجديد
- الإنسحاق العربي الآتي
- الطبيب المريض
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين
- مدينة العشق
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات


المزيد.....




- ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟ إليك أهم نصائح الخبراء
- هاريس تهنئ المسلمين في عيد الأضحى: عددكم في إدارتنا أكبر من ...
- الحجاج يواصلون رمي الجمرات في مشعر منى
- حدث استثنائي... ولادة توأم فيلة في حالة نادرة في تايلاند
- باحثون من جامعة هارفارد يفترضون وجود كائنات فضائية بين البشر ...
- معهد سيبري يُحذر من تعاظم دور الأسلحة النووية في التوترات ا ...
- -روستيخ- تعلن عن تسليم الدفاع الروسية دفعة دورية من قاذفات - ...
- حصاد مؤتمر سويسرا حول أوكرانيا، مخيّب للآمال
- الولايات المتحدة تمنح أوكرانيا ضمانات وهمية
- ما خطوة روسيا التالية بعد اقتراح بوتين السلام؟


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - حكمة الزعيم بورقيبة