أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فهد المضحكي - سلمان














المزيد.....

سلمان


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 11:20
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


قبل ان يتمكن منه داء الاكتئاب، ويفترسه الحزن والخوف والقلق، وتقتله الوحدة والعزلة في بيت العائلة المتهالك، كان قلبه ينبض بالحيوية والمرح والفرح والتفاؤل، هناك في حالة بوماهر الواقعة في جنوب المحرق، راح يصرخ.. كل شيء يبدو مختلفاً.. وجوه غريبة تثير الذعر، يهز راسه مستنكراً.
حالة بوماهر المكتظة باحلام الفقراء والوجوه المتسكعة والامل وابتسامات البحارة الذين قهروا اسماك القرش على انغام «الهولو واليا مال» لا تختلف عن فرجان البحرين الأخرى الفقيرة، كل المنازل متلاصقة متداخلة، وكل الازقة ضيقة تفوح منها روائح البخور وعرق العمال ومشاعر البسطاء الصادقة، ولم تجد فيها في الصباح الباكر سوى خطوات البحارة وهم متجهون نحو مصائد الاسماك.
في سبعينيات القرن الماضي، كان مندمجاً ومنسجماً مع ذاته والمجتمع، كان كل شيء فيه سوياً لا يعاني من وساوس ورؤى تفقده السيطرة على نفسه في ذاك الزمن الجميل الذي لم يتلوث بلعنة الطائفية والتفاخر بالاصول القبلية وبعقائد تقدس العنف والتكفير ووأد العقل والمرأة وقتل كل ما يعبر عن ثقافة التقدم، كان قريباً من هموم الوطن والوطنيين الذين وان اختلفوا فيما بينهم، فانهم لا يختلفون مع الوطن.
ما أجمل الوطن، وما اشد خوفنا عليه من عبث لا يدرك أهمية الحرية، ومن عبث يقود البلاد إلى نفق مظلم!.
سلمان الذي يحلم بزوجة وابناء وبيت صغير يملكه، التصق بقضايا العمال عندما كان يعمل بين ارصفة السفن العملاقة وصفائح الحديد وتطاير شرار لحام «الاوكسجين».. كان واثقاً بان النصر حليف العمال اينما كانوا.
كنت على علاقة وطيدة به، وكلما التقى به يتحدث كثيراً عن الوحوش الطاغية، وعن الفقر الذي يهدد حياة المحرومين، وعن معارك الحياة الصعبة المثقلة بطقوس السحر والخرافات وتحصينات لم تنسجم ابداً في ان تحجب ضوء الشمس.
عندما كانت القوى الديمقراطية واليسارية والشيوعية تعمل جاهدة لاسقاط قانون أمن الدولة السيء الذكر!
سألت: ثمة عريضة احتجاج على قانون يصادر الحريات ماذا عن توقيعك؟ هل سينظم إلى باقي التوقيعات الرافضة للمشهد السياسي المظلم جراء هذا القانون؟
نظر إلي في هدوء، شعر بالخوف ورغبة بتأجيل ذلك، وتحت وطأة حرارة الحديث بأهمية تلك العريضة لاسقاط ذلك القانون، فما كان منه الا ان وافق.
هناك في تلك البيئة العمالية الرافضة للقهر والاستغلال ووحشية رؤوس الاموال ونفوذ المحتالين والدجالين والمفسدين، كانت (...) في اصلاح السفن من تراه فوضوياً، وقد تكون هذه التهمة كافية لفصل العمال، كان ذلك في مطلع الثمانينات عندما شارك في الاضرابات العمالية التي انظمت إليها العمالة الوافدة – من شرق آسيا – في حينها لم يتراجع او ينكسر وكان اغلب العمال هناك يفعلون ذلك، كان رغم تردده كثيراً من الاقتراب من العمل السياسي الذي اصر ان تكون مسافة بينه وبين هذا العمل، الا انه لم يرفض يوماً ما في ان يكون بيته مخبأ لكتب سياسية ممنوعة، وكنت اتوقع ان يعارض ذلك نظراً لمخاطر أمنية غير متوقعة، الا انه فعل ذلك برغبة وفي صمت.
ويعني هذا ان الوطن يزخر بالاوفياء الذين يقتحمون المخاطر من اجل ان ينتصر الوطن وتنتصر قضايا الفقراء واحلام المستقبل.
ومع اشتداد الاضرابات المدافعة عن الحقوق العمالية والنقابية بدأت اعراض الهلوسة تظهر عليه، وبدأ حديثه مع نفسه يعلو بصوت مسموع، وكانت الصدمة كبيرة عندما قال أحد العمال: سلمان ساءت حالته النفسية على اثر جرعة غير معروفة اعطيت له بالخطأ في مستشفى (...) ما أدى إلى فقدان توازنه النفسي!.
وهكذا، لما أخذت حياته منحى آخر، وبدأ يخوض صراعاً نفسياً، يؤرقه الخوف، ويتحدث عن اشياء غير مفهومة، اندفعت الاسئلة: ما الذي حدث له؟ كان رجلاً يملك طموحات ومشاريع للمستقبل اسوة بغيره من رجال الحي، ترى ما الذي اوصله إلى هذا الحال؟ من الذي ادخله هذا القبر المظلم وصار كل شيء في عينيه مطلياً باللون الأسود!.
مضى على هذا الحال اكثر من عقدين من الزمن، وكلما التقى به ينظر إلي بفرح يصاحبه ألم وارهاق وموجات ارتعاش في اطراف يده، في حينها اندفع إليه واضمه وانا اقاوم دموعي كي لا تخرج!.
منذ بضعة اسابيع مات سلمان في صمت وفي قلبه غصة وحزن دفين.. مات في عزلته النفسية والاجتماعية حزنت عليه كثيراً، وحزن كل من عرفه عن قرب من ابناء وبنات حالة بوماهر.. عزاء لاسرته ولنا



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب قانون مستنير للصحافة
- يوسف عبدالله يتيم والنقد الأدبي مخابرات الجماعة!
- مخابرات الجماعة!
- قانون الحماية من العنف الأسري
- محاربة الإرهاب والإصلاحات الداخلية!
- المجتمعات العربية والتعددية السياسية!
- إيران بعد الاتفاق النووي!
- مبادرة الغرير دعماً للتعليم والابتكار
- الدولة والدين في الاجتماع العربي الإسلامي
- نحو وحدة وطنية راسخة!
- خطاب الكراهية وتجديد الخطاب الديني
- أمريكا والتفرقة العنصرية!
- أشباح الماضي في الحاضر الإسلامي
- عن واقع القراءة في المجتمعات العربية!
- الإرهاب وإزدواجية المعايير
- وجهة نظر واضحة وصريحة
- الدين العام
- متى يصدر للصحافة قانونها المستنير؟
- قضايا عمالية
- كوبا قلعة الصمود


المزيد.....




- أداة ذكاء اصطناعي تتنبأ بـ-موعد استقالة الموظفين- من عملهم
- مبروك يا موظفين.. النواب يتدخلون لحل أزمة رواتب الموظفين.. ز ...
- “موقع الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz“ تجديد منحة البطالة 20 ...
- فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية ...
- تِلك هي خطوات تسجيل في منحة البطالة 2024 للحصول على مبلغ 15 ...
- رابط التقديم على منحة البطالة للسيدات المتزوجات في دولة الجز ...
- “صندوق التقاعد الوطني بالجزائر عبـــــر mtess.gov.dz“ موعد ت ...
- الآن من خلال منصة الإمارات uaeplatform.net يمكنك الاستعلام ع ...
- بشكل رسمي.. موعد الزيادة في رواتب المتقاعدين بالجزائر لهذا ا ...
- شوف مرتبك كام.. ما هو مقدار رواتب الحد الأدنى للأجور بالقطاع ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فهد المضحكي - سلمان